الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأردن وفلسطين .. قصة توأمة ووحدة شعبين

ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)

2011 / 4 / 14
السياسة والعلاقات الدولية


ما يجمع بين الأردن وفلسطين من قواسم متداخلة ووحدة مصير وتاريخ مشترك وحتمية جيوسياسية، أسست فعلياً وواقعياً ، بمنطق التاريخ والجغرافيا، قصة توأمة حقيقية ووحدة شعبين يكملان بعض في جسد واحد وبينان "أردني- فسطيني" مرصوص وروح قيادة هاشمية ساهرة على تحقيق أماني البلدين والشعبين في الوحدة والأمن والاستقرار، حتى باتت عرى العلاقات الأردنية – الفلسطينية الشعبية والرسمية، نموذجا يحتذى به للوحدة العربية الشاملة .
تلك الحقيقة ، يشير اليها الفصل السابع من الميثاق الوطني الأردني تحت عنوان "العلاقة الأردنية الفلسطينية" بقوله: " إن حقائق العلاقة التاريخية والجغرافية الوثيقة بين الأردن وفلسطين خلال العصور، وانتماء الأردنيين والفلسطينيين القومي وواقعهم الثقافي والحياتي في الحاضر والمستقبل جعلت من هذه العلاقة حالة خاصة متميزة، تعززها طبيعة الروابط وقوة الوشائج وعمق المصالح المشتركة بينهما ..".
حتمية الجغرافيا والتاريخ :
لقد ظلت الاردن وفلسطين ولعصور طويلة تعامل معاملة واحدة وتخضع لظروف متماثلة الى حد بعيد، ويكون الأردن وفلسطين القسم الجنوبي من المنطقة التي عرفت تاريخياً وجغرافياً في العهود الإسلامية باسم بلاد الشام، واسماء عديدة منها: سورية الكبرى ، الهلال الخصيب ، المشرق او الليفانت .
وبالإضافة إلى الوحدة التاريخية بين الأردن وفلسطين ، فقد خضع هذان الإقليميان الى حالات وظواهر تاريخية متشابهة إلى حد بعيد ، فقد كانت هاتين المنطقتين مأهولتين بالسكان قبل نصف مليون عام ، وظهرت فيهما مؤشرات الحضارة في أوقات متقاربة جداً .
كما خضعت الأردن وفلسطين معاً الى موجات بشرية واحدة كالموجة الامورية – الكنعانية في الألف الثالثة قبل الميلاد، ونتج عن ذلك التماثل في الظواهر العمرانية كظهور المدن المسورة المحصنة التي كانت كل منها تشكل دولة ، كما أن كلا الاقليمين كانا يعاملينِ معاملة واحدة من حيث الغزوات العسكرية والاستعمارية .
وظلت تعرف جغرافية البلدين كوحدة طبيعية واحدة بأرضها وسكانها حتى نهاية الحكومة العربية التي شكلها الملك فيصل في سوريا بعد انتهاء الثورة العربية الكبرى. ومع مطلع عام 1920م، بدأت الحكومات الاستعمارية تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ لم تعهدها المنطقة من قبل، وكان قد سبق ذلك التقسيم القرار الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا بلفور عام 1917م، القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، هذا التحدي الذي قاومه الشعب العربي الفلسطيني من خلال ثورات عديدة، سانده فيها الشعب الأردني الذي مد يد العون والدعم البشري والمادي للشعب العربي الفلسطيني لمساندته ضد الاستعمار وتحرير الأرض والانسان.
ورغم قلة امكانيات الأردن وشعبه آنذاك، إلا ان الشعب الأردني قدّم طلائع الشهداء في سبيل حرية فلسطين العربية، وكانت باكورة الدعم الأردني للفلسطينيين مساندة القبائل الأردنية للشعب الفلسطيني في مهاجمة المستعمرات اليهودية عام 1920م ، وكان كايد مفلح العبيدات من كفرسوم أول شهيد أردني على ثرى فلسطين.
وعندما أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين العرب واليهود في نوفمبر 1947م رفض الفلسطينيون ذلك، وكان الأردنيون في طليعة المتطوعين العرب الذين لبوا نداء الواجب لنصرة أشقائهم الفلسطينيين لمنع تنفيذ قرار التقسيم. وخلال حرب عام 1948م شارك الجيش العربي الأردني في معركة تحرير فلسطين، واستطاع أن يحافظ على الغور الأردني ومدن القدس ورام الله واللد والرملة.
وحدة ومصير مشترك :
وبعد الحرب، وعلى إثر توقيع هدنة دائمة، اتفقت قيادات فلسطينية وأردنية على حقيقة أن خير ضمان للمحافظة على الأراضي الفلسطينية، هو توحيد ما تبقى من الأراضي الفلسطينية مع شرق الأردن. فعقد على الفور مؤتمران احدهما في عمّان والأخر في اريحا، وخرجا بنتيجة واحدة مفادها مبايعة الملك عبدالله بن الحسين حاكما على فلسطين والأردن، فوافق مجلس الوزراء الأردني على قرارات مؤتمر أريحا، ورفع مشروع القرار لمجلس الأمة الأردني الذي قدّر عاليا جهود الملك عبدالله الرامية لتحقيق الوحدة العربية، فأصدر المجلس قانون خاص للادارة العامة يتم بموجبه وحدة الأردن والضفة الغربية وبحق الشعب الفلسطيني المشاركة في الحكم، فكانت أول حكومة أردنية عام 1949م بعد الوحدة تضم ثلاثة وزراء فلسطينيين لتمثيل الضفة الغربية.
ورغم المصاعب التي واجهت وحدة الضفتين ، إلا أنه قدّر لهذه الوحدة أن تظهر لحيز الوجود عام 1950، لتكون أول وحدة عربية تعبر عن آمال وطموح الشعب العربي الكبير بتحمل الشعبين الأردني والفلسطيني مسؤولية الدفاع عن فلسطين وتقاسم الأدوار الأردنية - الفلسطينية ضمن نسيج اجتماعي ووطن واحد ومصير مشترك.

بحكم ما سبق باتت العلاقة الأردنية- الفلسطينية واهتمام الأردن بالقضية الفلسطينية، استنادا للتقاسم الجغرافي والتاريخي المشترك، تمثل في الواقع علاقة لا نظير لها في العالم العربي ولا تتوافر أركانها وقوة وشائجها بين أي طرفين عربيين آخرين ، والسبب في ذلك يعود الى: الهجرات الفلسطينية أثناء الحروب العربية- الإسرائيلية إلى الأردن عام 1948 ثم عام 1967م؛ والاختلاط الاجتماعي والتقارب من خلال صلات القرابة بالنسب والوراثة ، الأمر الذي جعل علاقة الشعبين علاقة أحادية موحدة، والحديث عن فصلها ما هو إلا ضرب من ضروب الخيال ، وارتباط الأردن بالضفة الغربية منذ عام 1950م ما جعل القضية الفلسطينية محوراً رئيسياً ومؤثراً في سياسة الأردن الداخلية والخارجية، كما زاد من توطد وشائج المصالح الوطنية لكلا الطرفين وعمّقها .
إن خصوصية هذه العلاقة التي تتجاوز كل التسميات ، فرضت على الأردن أن يكون في خط المواجهة الأول للدفاع عن ثرى فلسطين، كما فرضت عليه ان يجنح للسلام بعد ان جنحت منظمة التحرير الفلسطينية للسلام عام 1993م .
علاقات رسمية .. وصيغة أخوية :
وعلى اثر اعلان الاردن فك الإرتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية المحتلة في عام 1988م ، ثم اعترافها بعد ذلك باعلان الإستقلال الصادر عن منظمة التحرير الفلسطينية وافتتاح سفارة لدولة فلسطين في عمّان. بدأت العلاقات الأردنية الفلسطينية تأخذ شكلا رسميا، وجرى الحديث أكثر من أي وقت مضى، عن الحاجة إلى تنظيم العلاقة الأردنية- الفلسطينية وعن ارسائها على أسس جديدة من التكافؤ والتعاون والمصالح المشتركة، وتصاعد الحديث بعدها عن العلاقة الأردنية- الفلسطينية ، وخصوصا بعد اتفاق الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية على تشكيل وفد مشترك إلى مباحثات السلام في مؤتمر مدريد.
وفي مطلع التسعينات، كثر الحديث المتعارض، عن وجود مبادرة لدى هذا الطرف أو ذاك لصياغة وبلورة علاقة كونفدرالية بين الأردنيين والفلسطينيين، وفي هذا السياق فُتح ملف العلاقة الأردنية- الفلسطينية على نطاق واسع من جديد، وباتت هذه العلاقة وفكرة الإعلان المبكر عن الكونفدرالية، محور اهتمام البلدين بداية العقد التاسع من القرن الماضي.
ومنذ عام 1995 شكل التعاون والتنسيق المظهر العام للعلاقة الأردنية - الفلسطينية واستثمرت السلطة الوطنية الفلسطينية ، المكانة الدولية والإقليمية للأردن ولشخص الملك حسين، من أجل دفع المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية التي كانت تتعثر بسبب التعنت الإسرائيلي في معظم الأحيان، واستمرت -وما زالت- زيارات ولقاءات المسؤولين الأردنيين والفلسطينيين للتشاور والتنسيق في مختلف شؤون القضية الفلسطينية وتطورات عملية السلام.
ومنذ بداية التسوية السلمية وحتى ما قبل اندلاع انتفاضة الأقصى في أيلول 2000م إمتازت العلاقة الأردنية – الفلسطينية، على المستويين الرسمي والشعبي، بأعلى درجات الترابط والقوة والمتانة، فالأردن كان الداعم والرافد المهم والأول للفلسطينيين في قضية استرجاع حقوقهم الشاملة وإقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف ، كما كان المشارك الأول لكل مفاوضات الجانب الفلسطيني مع الإسرائيليين طيلة العقد الأخير من القرن العشرين .
وكان الأردن أولى الدول التي شاركت السلطة والشعب الفلسطينيين أحزانهما بوفاة الرئيس عرفات ، فبعث الملك عبد الله الثاني برقية تعزية الى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المؤقت روحي فتوح أعرب فيها عن بالغ التأثر وعميق الحزن والأسى برحيل الرئيس عرفات ، واعلن الحداد في البلاط الملكي الهاشمي لمدة أربعين يوماً.
علاقات تحالفية رسختها الزيارات الرسمية :
وفي اللقاءات الرسمية التي جمعت بين القيادة الأردنية وعلى أعلى المستويات بدءً من الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء ووزير الخارجية وباقي هرم السلطة السياسية في الأردن، وبين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء ووزراء في الحكومات الفلسطينية المتعاقبة، تعهد جلالة الملك أن يكون الملف الفلسطيني أولى القضايا المطروحة على اجندة سياسته الخارجية، وهو ما بدا واضحاً في جولات الملك عبد الله الثاني الأمريكية والأوروبية والأسيوية منذ عام 2004م، حيث كان الملف الفلسطيني متقدما على المصالح الوطنية الأردنية في محادثات جلالة الملك مع المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين، بل ووظف الاردن سياسته الخارجية لخدمة المصالح الفلسطينية في اقامة دولة فلسطينية مستقلة والدفاع عن الشعب الفلسطيني .
وعلى إثر فوز الرئيس محمود عباس بمنصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 2005م، كان الأردن أول المهنئين بصفة رسمية من خلال زيارة وزير الخارجية الأردني هاني المقلي الى رام الله، حيث وجه على أثرها الملقي الدعوة للرئيس محمود عباس لزيارة الأردن رئيسا لأول مرة ، رغم أنه أقام بالأردن مطولا خلال السنوات الماضية، وتربطه علاقات قوية جدا مع شخصيات سياسية ومسؤولين بارزين في الأردن.
وشهد الطرفان سلسلة زيارات رسمية متعددة خلال العقد الاول من الالفية الجديدة، فلا غرابة ان قلنا ان عشرات بل ومئات الزيارات الرسمية تتم بين البلدين خلال العام الواحد، دلالة على حجم الترابط والتشابك والتداخل في المصالح الأردنية الفلسطينية التحالفية، خاصة وأن الاردن في خط الدفاع الاول عن الدولة الفلسطينية في المحافل والمنابر الاقليمية والدولية، وخلال السنوات الخمس الاخيرة التقى جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس عشرات المرات، وكان محور تلك اللقاءات دراسة اخر تطورات القضية الفلسطينية وسبل دفع المفاوضات لتحقيق المصالح الفلسطينية.
وطالما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال تصريحاته ومقابلاته الاعلامية وخطبه الرسمية، أن الأردن هو التوأم لفلسطين، وبوابتها. وأن ما بين فلسطين والأردن علاقات تاريخية وأخوية وجغرافية لا يستطيع احد أن يفصلها .
وخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس محمود عباس الى الأردن في ديسمبر 2010م ولقائة بجلالة الملك عبدالله الثاني، بحث الطرفان أخر المستجدات في الجهود المبذولة لإزالة العقبات، التي تحول دون استئناف مفاوضات فلسطينية إسرائيلية جادة وفاعلة، وأكد جلالته والرئيس عباس ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي من أجل تقديم مقترحات عملية وواضحة لكسر الجمود في الجهود السلمية لضمان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني .
وفي اكتوبر 2010م استقبل جلالة الملك عبدالله الثاني الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واستمع منه إلى تفاصيل الموقف الفلسطيني إزاء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة. وأكد جلالة الملك، خلال اللقاء، استمرار دعم الاردن للأشقاء الفلسطينيين في جهودهم من أجل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين. وأكد جلالته والرئيس عباس على استمرار عملية التشاور بين القيادتين والتنسيق مع جميع الدول العربية والمجتمع الدولي من أجل تلبية الحقوق الفلسطينية المشروعة، وخصوصا حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة.
وبحث جلالته الملك والرئيس الفلسطيني عباس في يونيو 2010م آخر التطورات في الجهود المبذولة لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني وفي سياق إقليمي شامل. وأكد الزعيمان ضرورة التحرك بشكل فاعل لإيجاد الظروف التي تسمح بالانتقال لمفاوضات مباشرة وفق مرجعيات تضمن انتهاء تلك المفاوضات بقيام الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة منذ عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
كم أكد جلالة الملك خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في نوفمبر 2009م دعم الأردن الكامل للسلطة الوطنية الفلسطينية في سعيها لتلبية حقوق الشعب الفلسطيني خصوصا حق إقامة الدولة المستقلة القابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني. وبحث جلالته مع عباس ، اخر التطورات في الجهود المبذولة لإطلاق مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.
وفي ديسمبر 2008م بحث جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس الخطوات التي يجب اتخاذها لوقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وانهاء المعاناة الانسانية التي يمر بها ابناء الشعب الفلسطيني في القطاع باسرع وقت ممكن.
واكد جلالته ان الاردن يقف بكل قوة الى جانب الشعب الفلسطيني في هذه الظروف وسيستمر في تقديم جميع اشكال الدعم له وارسال المساعدات الطبية للقطاع وتجهيز المستشفيات العسكرية لارسالها الى هناك.
التبادل التجاري والاستثماري .. بحاجة للتعزيز :
إن حجم العلاقات والروابط المتميزة التي تربط الأردن وفلسطين سياسيا واجتماعيا لم تترجم على الصعيد الاقتصادي، لظروف ليس لها علاقة بنوايا ورغبات البلدان بقدر ما هي مرتبطة بواقع المعوقات التي تعاني منها حركة الاقتصاد الفلسطيني ونموه المتباطىء بسبب القيود السياسية وتعثر عملية السلام في السنوات الاخيرة، ما انعكس سلبا على التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، وقربهما الجغرافي وسهول حرة النقل والمرور تحتم عليها استثمارها لجلب المزيد من المنافع الاقتصادية والتجارية للشعبين الأردني والفلسطيني، بما يعود عليهما بالخير والفائدة.
وتشـير إحصاءات التجارة الخارجية الأردنية إلى أن حجم التبادل التجاري بين الأردن وفلسطين، يعتبر متواضع للغاية في الاتجاهين: الاستيراد أو التصدير، فقد بلغ الاستيراد خلال الشهور السـبعة الأولى من عام 2010م (15) مليون دينار، فيما بلغ التصدير (25) مليون دينار، وسجل الميزان التجاري فائضاً قدره (10) مليون دينار لصالح الأردن، وكلها أرقام جدا ضعيفة مقارنة مع حجـم التجارة الخارجية للأردن تحديدا.
ولا نذيع سرا حينما نقول أن معيقـات الإجراءات الإسرائيلية المعقدة على الجسور والمعابر بحجة الأمن هي السبب الرئيس في ضعف التبادل التجاري بين البلدين، كما أن اتفاقية باريس الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وانعدام الحدود الدولية الحرة بين فلسطين والأردن. وضعف قنوات التمويل المشتركة الطويلة الأمد بين البلدين، من الاسباب الأخرى التي أدت الى ضعف التبادل التجاري بين البلدين .
وخلال اجتماعات اللجنة الفنية للجنة التحضيرية للجنة العليا الأردنية الفلسطينية المشتركة التي عقدت في عمان في نوفمبر 2010م اتفق الأردن وفلسطين تشكيل لجنة فنية مشتركة ثلاثية (أردنية - فلسطينية - إسرائيلية) وممثلين عن الوزارات والجهات المعنية لدى الأطراف الثلاثة تهدف إلى بحث كافة المعوقات التي يضعها الجانب الإسرائيلي التي تحول دون التبادل التجاري بين الاردن وفلسطين وإيجاد الحلول لها.
وبما أن التجارة مع فلسطين –بالنسبة للأردن- ليست عملية اقتصادية فقط، بل قومية وسياسية أيضاً، فسياسة الأردن تدعم صمود التوأم الفلسطيني وتثت هويته وحقوقه في أرضه. ويتجلى هذا من خلال تمكين فلسطين من التصدير –كفكرة- ما يشكل إحدى أهم الوسائل العملية لدعم صمود الشعب الفلسطيني، والأردن لا ينظر الى هذا التبدال بمنظار الخسارة والربح، وانما بمقياس الدعم الأردني القومي للشعب الفلسطيني وحقوقه .
وبلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن وفلسطين في العام 2006 تقريبا (65) مليون دولار. وبلغت الصادرات الفلسطينية إلى الأردن بنحو (30) مليون دولار، والمستوردات منه بنحو (35) مليون دولار. وهذا الرقم رفع من حصة التبادل التجاري بين الطرفين مقارنة باعوام 2004/2005م بزيادة بلغت (20) مليون دولار عن التبادل السنوي بينهما.
وتحسن حجم التبادل التجاري بين الأردن وفلسطين خلال السنوات الأخيرة بشكل مضطرد مع ارتفاع وتيرته خلال العامين الماضيين 2007 و 2008 بعد ان أصبح الأردن المنفذ الرئيسي للصادرات والمستوردات الفلسطينية. فقد ارتفعت الصادرات من الأردن الى فلسطين من (24.5) مليون دولار في عام 2000 الى أعلى مستوى لها في عام 2007 عندما بلغت (35.5) مليون دولار يضاف لها المعاد تصديره حوالي 4.4 مليون دينار.
وبلغت الصادرات نحو (35.7) مليون دولار في نهاية سبتمبر من العام 2008 بحسب بيانات نشرة التجارة الخارجية على موقع دائرة الإحصاءات العامة الفلسطيني . وبلغت المستوردات للأردن من فلسطين (28.5) مليون دولار في عام 2007 بارتفاع من (13) مليون دولار في عام 2000 فيما وصلت الى (24.5) مليون دولار لنهاية سبتمبر من عام .2008م.
وصادرات فلسطين للاردن زادت بنسبة (195%) في عام 2007 عما كانت عليه عام 2003 حيث سجلت ما يقارب (28.5) مليون دولار أمريكي. وخلال هذه السنوات كانت الصادرات الفلسطينية تسجل نموا تدريجيا سنة بعد اخرى فقد زادت عام 2004 بما نسبته (23.8%) عن عام 2003 و (51.8%) و (123%) للعامين 2005 و 2006 على التوالي.
اما بالنسبة لواردات فلسطين من الاردن فانها تنمو ولكن بشكل غير مشابه للصادرات الفلسطينية بالرغم من بقاء الميزان التجاري في صالح الاردن. وفي حين كانت واردات فلسطين من الاردن عام 2003 حوالي (22.1) مليون دولار ارتفعت للسنوات الاربع اللاحقة لتصل (35.1) مليون دولار عام 2007 اي بنسبة زيادة (61.2%) عن عام 2003م .
وفي عام 1995م وقعت الأردن السلطة الوطنية الفلسطينية، اتفاقات تعاون اقتصادي وتجاري، وقد ركزت الإتفاقية التجارية إلى جانب الإتفاق المعدل في نفس العام، على الإلتزام بمبدأ التجارة الحرة واعتمدت مبدأ القوائم السلعية المعفاة من الرسوم الجمركية والضرائب بين الجانبين، ولم يشمل الإتفاق على أية معاملة تمييزية للبضائع الفلسطينية.
ولم تنجح اللجنة المشتركة بين البلدين في تنفيذ الإتفاق، كما لم تشمل القوائم السلعية على سلع فلسطينية مهمة كانت تصدر قبل ذلك إلى الاردن، واهملت الإتفاقية تجارة الترانزيت ذات الأهمية القصوى للأقتصاد الفلسطيني، ولم تساهم التعديلات على الإتفاقية المذكورة في العام 1995 في أحداث تغيير جوهري في النشاط التجاري بين الطرفين.
ويعتبر الاردن اهم النوافذ التجارية لفلسطين كونها تمثل اتصالا بريا آمنا في ظل المتغيرات الأمنية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية. والصادرات والمستوردات الفلسطينية تجد في الاردن ممرا آمنا ومستقرا تضمن من خلاله دخول المستوردات التي تعتبر عصب الصناعة الفلسطينية. ورغم الترابط العميق بين الشعبين والبلدين الشقيقين، إلا أن الأردن لا يعتبر ابرز الشركاء التجاريين لفلسطين بسبب المتغيرات التي تفرضها الظروف الامنية والسياسية.
ولتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، فلا بد من بذل المزيد من الجهود المشتركة لزيادة هذه الأرقام بما يتناسب مع الإمكانيات الكبيرة المتوفرة في إطار اتفاقية التعاون في مجال الشؤون التجارية الموقعة في العام 1995 والاتفاقية المعدلة لها، والبرنامج التنفيذي لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري الحر بين الدول العربية لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. وكذلك ايلاء اهتمام خاص لتعزيز دور القطاع الخاص في البلدين لزيادة مساهمته في التبادل التجاري وإقامة المشاريع الاقتصادية والاستثمارية المشتركة.
اللجنة العليا المشتركة .. مزيدا من التفعيل :
اجتمعت اللجنة العليا الأردنية الفلسطينية المشتركة منذ توقيع أول اتفاق تجاري عام 1995م بين البلدين بعد تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية خلال الفترة 1995-2010م في سبع دورات فقط، الدورة الاولى كانت في رام الله عام 1997م والأخيرة في عمان عام 2010م.
وخلال الدورة السابعة والأخيرة التي عقدت في عمان في نوفمبر 2010م، وقع الأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية خلال اجتماعات اللجنة التحضيرية للجنة العليا الأردنية الفلسطينية المشتركة التي عقدت في عمان في نوفمبر 2010م على (17) اتفاقية ومذكرة تفاهم حول زيادة التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
وشملت الاتفاقيات عدة مجالات منها : إقامة منطقة للتجارة الحرة وتشجيع الاستثمار، إضافة إلى مذكرة تفاهم في مجال إقامة المعارض بين المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية ومركز التجارة الفلسطيني، وبروتوكول تعاون في مجال اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
وتم الاتفاق على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال المنافسة وبرنامج فني للتعاون في مجال الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة وعلامة الجودة، إضافة إلى مذكرة تفاهم حول إنشاء مركز لوجستي لتسهيل التجارة على جانبي الحدود، ومذكرة تفاهم للتعاون الصناعي وبرنامج تنفيذي لمذكرة التفاهم للتعاون الصناعي. إضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون بين وزارة الصناعة والتجارة ووزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني.
وأكد الجانبان خلال اجتماعات اللجنة الوزارية أهمية الاستمرار في التنسيق في مجالات تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري على المستوى الثنائي والعربي والدولي، والتنسيق فيما يخص مشروع ممر السلام (Peace Corridor) والعمل على توفير التمويل اللازم له لتفعيله، وضرورة عقد اجتماعات تنسيقية ثنائية قبل اجتماعات اللجنة الرباعية المعنية بهذا المشروع بهدف تنسيق المواقف والتصورات.

وخلال أول دورة عقدت بين الطرفان عام 1997م في مدينة رام الله، أكدت المشتركة اللجنة الجانبين ضرورة الرقي بالعلاقات الاقتصادية والتجارية الى مستوى طموحات القيادتين والشعبين الشقيقتين، وتحقيق مصالحهما المشتركة. كما استعرضت اللجنة ما تسببه العوائق الإسرائيلية من تدني مستوى وتيرة العلاقات الاقتصادية والتجارية الفلسطينية مع العالم العربي. وفي هذا الصدد أكد الجانبان على أهمية وضرورة تشجيع القطاع الخاص في البلدين على توطيد العلاقات الاقتصادية بينهما من خلال تشجيع الاستثمار وتطوير التبادل الاقتصادي والتجاري.
وخلال الدورة الثالثة التي عقدت في عمان عام 1999م اتفق الطرفان بأن الرؤية المستقبلية للعلاقات التجارية الأردنية الفلسطينية تؤكد على الالتزام بالعمل بمبدأ التجارة الحرة لانتقال السلع والخدمات ذات المنشأ الوطني بينهما بما في ذلك السلع الزراعية، واتفق الطرفان ايضا على العمل على تطوير الاتفاق التجاري الموقع بين البلدين خلال عام 1995م .
واتفق الجانبان، خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة في دورتها الرابعة التي عقدت في عمان عام 2001م، على رغبتهما المشتركة بالوصول إلى منطقة تجارة حرة بين البلدين كأحد الأهداف المستقبلية وبما يتفق مع أهداف اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية وبرنامجها التنفيذي واقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
وفي ابريل 2008م التقى البلدان في عمان خلال اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة، وأكد الطرفان أن التجارة بين الأردن والمناطق الفلسطينية ليست قضية ثنائية فإسرائيل طرف رئيسي في علاقات البلدين التجارية.
واتفق الجانبان على عقد اجتماع ثلاثي يضم مسؤولين إسرائيليين خلال الفترة القادمة لبحث المعيقات سواء في مجال النقل آو مجال المواصفات التي يفرضها الجانب الإسرائيلي على حركة التبادل التجاري بين الأردن وفلسطين والتي ساهمت في تقليص حجمها لمستويات متدنية لا ترتقي لحجم طموحات وإمكانيات البلدين.
وأعلن في عمان في اكتوبر 2009م، خلال اجتماعات اللجنة التحضيرية للجنة العليا الاردنية الفلسطينية المشتركة، عن توقيع اتفاقية لاقامة منطقة تجارة حرة بين الاردن وفلسطين الى جانب انشاء مركز لوجستي لتسهيل حركة التجارة بين البلدين. وشمل الاجتماع التوقيع على محضر الاجتماع الذي وضع الصيغ النهائية لـ 16 اتفاقية وبروتوكول تعاون ومذكرة تفاهم.
ومن اهم الاتفاقيات التي تم التباحث حولها مذكرة تفاهم للتعاون الصناعي، البرنامج التنفيذي لمذكرة التفاهم للتعاون الصناعي، بروتوكول تفاهم للتعاون والتكامل الزراعي، بروتوكول للتعاون في مجال الطاقة برنامج تنفيذي في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، بروتوكول معدل لتأسيس مجلس الأعمال الأردني الفلسطيني المشترك بين جمعية رجال الأعمال الأردنيين واتحاد رجال الأعمال الفلسطينيين.
وأكد الأردن خلال الاجتماع حرص الحكومة على إيجاد السبل الكفيلة بتعزيز وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الجانب الفلسطيني ووضع التصورات المستقبلية لها ورفع مستوى التعاون الاقتصادي والتنسيق بين البلدين على المستوى الثنائي والعربي، واكد الطرفان أن مسؤولية رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين تقع على القطاعين العام والخاص .
لعل أفضل توصيف لطبيعة وحجم الأخوة والتوأمة بين الأردن وفلسطين، هو حديث جلالة الملك حسين بن طلال -رحمة الله- في إحدى خطبه، إذ يقول : "إن القضية الفلسطينية هي حجر الزاوية في سياسة الأردن الداخلية والخارجية ولئن كانت القضية مقدسة بالنسبة للأمة العربية ، فهي مسألة حياة أو موت بالنسبة للأردن" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟