الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب: خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف

زكرياء الفاضل

2011 / 4 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المغرب: خطوة إلى الأمام و خطوتان إلى الخلف
منذ عقد زمني مشى المغرب، بلدا وشعبا، الثطا نحو المجتمع الديمقراطي مما جعلنا نعتقد أن العهد الجديد سيكون عصر الالتحاق بركب الأمم الحضارية والمجتمعات المدنية وسيميزنا عن باقي دول العالم العربي بل وسيجعلنا قدوة لها في مجال حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير واحترام كرامة الإنسان والمواطن. هذه الأحلام الوردية لم تكن من إبداع خيالنا بل وليدة ما عرفته الصحافة الوطنية من قفزة معينة في مجال الحريات حيث أسقطت عددا من الطابوهات التي كانت في الماضي تؤدي بأصحابها إلى دور ضيافة المخابرات والأمن لمجرد التفكير فيها دون الحديث عنها، كما أن إقالة الملك الجديد لجلاد المغرب رقم 1 الراحل إدريس البصري عن منصبه اعتبرناها رسالة إلى الشعب تعبر عن قطيعة النظام مع الماضي الدامي، فاستقبلنا هذه التحولات، في مجتمعنا، بارتياح وسذاجة الأنتليجينسيا المعهودة واستبشرنا بها خيرا. وقد أسكرتنا حرية التعبير، رغم إطارها المحدود، حتى ثملنا فلم ننتبه لما هو أهم وأعظم أي بنية النظام وعقده الاجتماعي معنا. وهذا شيء طبيعي فبعد عقود من عهد الرصاص الذي تميز في تاريخنا بقمع الحريات واضطهاد الفكر الحر ومطاردة كل من سوّلت له نفسه رفض وضع الببغاء المردد وراء أبواق النظام ملحمات الكارتون المخزنية وإقباره في مطامر تزمامرت وغيره. لذلك لم ننتبه لمؤشرات واضحة المعالم على نوايا النظام الحقيقية ولم نتخذ الحذر اللازم في التعامل مع المرحلة التاريخية الجديدة وغطسنا في بحر أوهامنا الوردية معتقدين بأننا فعلا على أبواب مرحلة نيّرة وأنّ الدهليز المظلم توارى للخلف وأوليناه ظهرنا. فقد غاب عنّا أنّ النظام يتفاعل مع التحولات التي يشهدها العالم، منذ انهيار المعسكر الاشتراكي وعلى رأسه الاتحاد السوفياتي، بذهاء وخبث وكل ما سمح به من حريات جاء مراوغة سياسية للمعطيات التاريخية الجديدة وليس نتيجة لفكر راقي ونظيف على غرار القيصر الروسي بطرس العظيم، فشتانا بين هذا وذاك.
للأسف كل أحلامنا انهارات وتلاشت كما ينهار ويتلاشى السراب أمام التائه في الصحراء. فالمطالبة بملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم أبانت الصورة الحقيقية للعهد الجديد حيث اتضح جليا أن النظام لا ينوي التخلي عن سياسة الوصاية وتماديه في اعتبار الشعب قاصرا لا يرقى لمستوى الرشد وتحمل المسؤولية. فنظام المغرب المخزني الطبيعة وآبوسي الفكر ينطلق من كون البلاد ملكه الخاص بما حوت وشملت أي أنّ الوطن بكامله مجرد عقار وورشة استثمارية والشعب فيه عبد لا صوت له ولا حقوق غير تقبيل اليد والإجابة بنعم دون قيد أوشرط. وهذا ما يفسّر تجاهله لصوت المغاربة المطالبين بملكية برلمانية وتعيينه للجنة مراجعة الدستور المكونة من أشخاص لا مصداقية لهم لدى الجماهير الشعبية المناضلة، الشيء الذي يدلّ على نفاقه واحتياله وعدم رغبته في التغيير.
إنّ لجنته هذه ينطبق عليها المثل الشعبي المصري القائل: هبلة ومسّكوها الطبلة، لأنّ أعضاءها عوض أن يصبوا اهتمامهم على الفصل 19 توجهوا إلى الفصل 20 مباشرة ليضيفوا إلى الملك ملكة ويجعلوا منّا أول شعب تحكمه أميرة المؤمنات إلى جانب أمير المؤمنين "قالو: آش خاصك ألجيعان؟ قالو: خاصني أميرة المؤمنين أمولاي". إنها السخرية بعينها من إرادة الشعب الثائر حتى هذه الساعة بهدوء، ومن يدري ما ستؤول إليه الأوضاع في ظل تجاهل النظام المطلق لمطالب المغاربة؟
إنّ تضاجع النظام عن إرادة ومطالب الشعب إلا الطينة بلة ولهيب سخط الجماهير اشتعالا مما قد يجعل الأمور تسير في اتجاه شعار "ارحل"، لأنّ سياسة التجويع والتفقير قد أرهقت عبء الكادحين وثعبت غضبهم بما يكفي لاستيقاظ البركان الشعبي من سباته ولن يضجع في الانفجار الذي لن تنفع معه محاولات الخداع البئيسة التي تحاول اللجنة المعينة لمراجعة الدستور القيام بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يهدد بإيقاف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل ما تبعات هذه الخ


.. أسو تتحدى فهد في معرفة كلمة -غايتو- ????




.. مقتل أكثر من 100 شخص.. برازيليون تحت صدمة قوة الفيضانات


.. -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال




.. تحديات بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية في تشاد.. هل تتجدد