الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع التنظيم في حزبنا الشيوعي اليوم (1)

محمد نفاع

2011 / 4 / 14
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


لسنا راضين قطعا عن مستوى التنظيم الحزبي، ولا نعزي انفسنا ابدا بان كافة الاحزاب وجدت نفسها في هذا الواقع واسوأ بكثير، ولا يجدر بنا ان نتسلح ولا ان نستظل بالمثل القائل: من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته.
إن احد المسببات المباشرة كان انهيار الاتحاد السوفييتي وما سبقه من خائن حزبه وخائن الاشتراكية والشيوعية غورباتشوف وما دلقه من افكار حقة يراد بها باطل مثل اعادة البناء والعلنية والتعددية، واكثر دمقراطية تعني اكثر اشتراكية ورأينا ماذا كانت النتيجة، ليس بسبب هذه التعابير والمقولات ومضامينها، بل بالهدف منها ومن استعمالها كتغطية لطريق الخيانة وبشكل تظاهري حقير رخيص، بمساعدة عدد من اقطاب الحزب آنذاك مثل يلتسين وياكوفليف وشفرنادزه وغيرهم، بعد ان صفّي اكثر من نصف اعضاء اللجنة المركزية – في الواقع صفى الثلثين – وهم كما يبدو من الاوفياء للشيوعية، كل ذلك بحجة انهم حجر عثرة في طريق اعادة البناء وتحديث ودمقرطة الاشتراكية والحزب الشيوعي الذي كان تعداده آنذاك 23 مليونا من الاعضاء.
والسؤال الذي يسأل: اين كان التنظيم الحزبي في الحزب الشيوعي السوفييتي في تلك الايام والاشهر وحتى في ساعات ولحظات حسمت فيها امور وقضايا مصيرية!! ناهيك عن سؤال! ماذا كان مستوى التثقيف الفكري في الحزب!!
طبعا جرى كل هذا باستغلال العديد من الاخطاء الخطيرة التي تراكمت في ادارة شؤون الدولة وخاصة في القضايا الاقتصادية وفي طليعتها الزراعة، ومختلف نتائج البيروقراطية التي كانت تضرب اطنابها في حياة هذا القطر الغني جدا بالاراضي والمياه والمعادن الضرورية للتطور، وثبت ذلك في الماضي.
ونحن نقصد العامل الذاتي بالذات، مع ان فرض سباق التسلح من قبل الولايات المتحدة وغيرها بتكاليفه الهائلة، هذا التسلح المدعوم بقوة الولايات المتحدة الاقتصادية ونمطها الاستغلالي وتسخير ثروات الشعوب مثل النفط العربي وغيره، وبالاعتماد على نظم عميلة لامريكا وخائنة لمصالح شعوبها والتي كانت ولا تزال وبضغط امريكي تحارب الشيوعية الملحدة وتتاجر فقط مع امريكا المؤمنة جدا، صعّب على الاتحاد السوفييتي، وبودي ان اذكر هنا وللامانة والتاريخ والعرفان، ان الرفيق توفيق طوبي كان من بين القلائل جدا الذي حذر من الثقة والايمان بادعاءات غورباتشوف، واذكر انه بعد خطاب غورباتشوف التاريخي، والذي حمل السم في الدسم، قال الرفيق توفيق طوبي: "لقوّي تستعجلوا يا رفاق الايد على القلب مما يحدث" هذه الكلمات انقلها حرفيا في مركز الحزب شارع مازه 61 في تل ابيب. قالها مقابل الحماس الكبير الذي سيطر على غالبية قيادة الحزب وكوادره.
كان هذا قبل جملة: "ضُللنا وضَلّلنا" لرفيق قيادي آخر هو الرفيق ماير فلنر.
هنا حدث الانهراق الفظيع تجاه ما اطلق عليه الشفافية والدمقراطية والتعددية واعادة البناء وحتى النقد الظالم لكل اساليب عملنا وتفكيرنا وكأنها من مخلفات الماضي المظلم الدكتاتوري. وانتشرت بحماس صورة غورباتشوف وهو يكتّ السجادة العتيقة الملوثة بالغبار والاوساخ، هذه الصورة التي تصدرت يومها مجلة الغد، ولا اريد الخوض في تفاصيل اكثر وهي عديدة.

هكذا كانت الاجواء يومها، وبدأت التغيرات عندنا.



وأنا لا اقول ان كل التغيير كان سلبيا، بالعكس هنالك امور ايجابية مثل توسيع الاطار الذي يتخذ القرارات في مواضيع حساسة وليس فقط حصره في المكتب السياسي. لكن مأساة هذا التغيير انه لم يكن تدريجيا ومع دراسة معمّقة، بل كان على وجه السرعة دون استنفاد النقاش الهام والضروري في القواعد والقيادات الحزبية على المستوى المركزي والمحلي والمناطقي.
بدأت طلائع فقدان الثقة او ضعفها في الهيئات القيادية من قبل رفاق في القواعد والقيادة، ووجهت كلمات تحريضية حادة الى عدد من الرفاق القدامى بالاساس، ووجه اتهام عنيف الى المبدأ الاساسي في التنظيم، المركزية الدمقراطية، وبدأت تطلق تعابير: هذا املاء من فوق!! وصارت الحداثة تعني فيما تعني رفض بعض توصيات الهيئات المركزية ليس فقط في امور محلية مثل انتخابات المجالس البلدية، بل حتى في اقتراح تركيب الهيئات المركزية قبيل المؤتمرات القطرية، رفضت لانها فُسرت املاءات من فوق، واهالي مكة ادرى بشعابها....



بعد الانهيار احبط العديد من الرفاق وتركوا صفوف الحزب من منطلقات اليأس وخيبة الامل، وكانت هذه ضربة مؤلمة للحزب، وشمل الخروج من صفوف الحزب عددا من الرفاق المركزيين، في المكتب السياسي واللجنة المركزية.
يومها انطلق نعيق النظم والاحزاب الرأسمالية والبرجوازية: ماتت الشيوعية!!
وواجه الرفاق في الفروع تساؤلات المعادين للشيوعية، وشحادي ومتسولي احزاب الحكم: هل بقي حزب شيوعي!! اصبح النقاش دفاعيا حتى امام عملاء احزاب الحكم. وانضمت الى جوقة الشامتين قوى قومية وقومجية.



خفَت اسم الحزب الشيوعي ايضا للاسباب التالية:
* ارتأى البعض في قيادة الحزب تغيير اسم الحزب والابتعاد عن كلمة الشيوعية، لانها انهارت واستبدالها بكلمة اشتراكية او حتى عدالة اجتماعية لم يقبل هذا الرأي لكنه اورث نقاشا وبلبلة. وارتأى البعض ازاحة كلمة اللينينية والاكتفاء بالحزب الماركسي، لان اسم لينين مرتبط به الاتحاد السوفييتي المنهار، وروسيا. لكن البعض عمليا استهدف "تخفيف وطأة" التنظيم الحزبي القاسي، لان اسم لينين ارتبط ايضا بالتنظيم الحزبي وليس فقط بالمجال الفكري. في الواقع ان العديد من الاحزاب اكتفت بالماركسية وشطبت اللينينية او غيرت اسماءها كليا وهو من انماط الحداثة.
* طغى اسم ودور الجبهة في الاعلام والذاكرة والتعاطي خاصة وان الاطر الجبهوية وبقرار من الحزب هي التي تشكل قوائم الانتخابات للكنيست والهستدروت والسلطات المحلية. حتى عندما بدأ تنفيذ قانون تسجيل الاحزاب اقترح عدد من الرفاق في اللجنة المركزية: اما دمج الحزب الشيوعي والجبهة في اطار واحد ويكون هو الحزب – طبعا مع تغيير الاسم والتنظيم – او تسجيل الجبهة كحزب والغاء الحزب، ولم يُقبل هذا الاقتراح لكنه اورث نقاشا، واشغل الحزب كثيرا على حساب النشاط، ولولا العمل والنشاط لسحقتنا الافكار الحزينة عن الانهيار.



في هذا الجو، وفي مثل هذه الظروف بدأ الضعف يدب في التنظيم الحزبي ولم يكن النقاش بين حزبين وجبهويين غير حزبيين، بل كان النقاش اساسا بين الشيوعيين. كان هنالك جبهويون غير حزبيين ابدوا غَيرة وتمسكا بالحزب الشيوعي اكثر من بعض الرفاق وبلا اية مبالغة.
طبعا علينا الا ننسى ان النظام الرأسمالي الذي رأى في الانهيار نعمة، لم يكتف بذلك بل دأب على إضعاف الاحزاب، كل الاحزاب مع جهود مستميتة لاقامة بدائل للاحزاب تمثلت في العديد من الجمعيات والتي اصبحت تأخذ دور الاحزاب تدريجيا كأسلوب نشاط وفعاليات دون انتقاص الجوهر النضالي للعديد من الجمعيات، نحن نتكلم عن دور النظام الرأسمالي في الانتقاص من التنظيم الحزبي، كذلك وجهت ضربة مؤلمة للنقابات. وهنا يسأل السؤال الصعب عن دور الفرد في التاريخ، ودور الفرد في الحزب، خاصة اذا كان في مركز قيادي!!
كيف استطاع غورباتشوف مثلا، "وهو مثل سيئ ورديء" ان يجر وراءه ملايين الشيوعيين!! وهل كانوا شيوعيين بكل معنى الكلمة، ام ان العضوية كانت شكلية الى حد ما، بل الى حد كبير!!
وأين القول ان الشيوعيين كانت لهم امتيازات خاصة في النظام الاشتراكي، امتيازات مادية، لماذا لم يحافظوا على امتيازاتهم ومصالحهم الشخصية على الاقل عندما اعلن غورباتشوف عن حل الحزب الشيوعي السوفييتي وبدأ بتفكيك الاتحاد السوفييتي الى دول ودويلات طار لها الاستعمار والنظام الرأسمالي فرحا!!



إن توقف لقاءات الاحزاب الشيوعية والذي بدأ بالكومنترن عمليا وقبله الاممية الاولى ثم الثانية والثانية والنصف كما اسموها – ان توقف هذه اللقاءات والذي كان آخرها سنة 1969 بسبب الخلاف الحاد في الحركة الشيوعية خاصة مع الحزب الشيوعي الصيني ومعه الالباني والاندونيسي والكمبوتشي آنذاك ان هذا التوقف حرم الاحزاب الشيوعية من اهمية نقل وتعلم التجربة المتبادلة، كذلك توقفت مجلة الحركة الشيوعية: قضايا السلم والاشتراكية التي كانت تصدر في براغ.



في السنوات الاخيرة توجهنا الى الحزب الشيوعي الصيني – وبناء على قرار من المكتب السياسي – مرتين للمبادرة لعقد لقاء للاحزاب الشيوعية واحياء الحركة الشيوعية بعد الانهيار، ورفض الرفاق الصينيون ذلك، هذا مع معرفتنا مدى المعايير الاشتراكية وتطبيقها في جمهورية الصين الشعبية.
واليوم تنعقد سنويا لقاءات قارية او مناطقية للاحزاب الشيوعية والعمالية – في المكسيك واليونان والهند وقبرص وجنوب افريقيا وغيرها. وهي مناسبة للتعرف على طبيعة تنظيم وعمل الاحزاب الشقيقة، الامر الذي يساعدنا ايضا في تمتين العلاقات معها والافادة من خبراتها مع الاخذ بعين الاعتبار خصوصية عمل وظروف كل حزب.



في الحلقة القادمة نتطرق الى العوامل الذاتية والخاصة بحزبنا الشيوعي – بهدف تقوية التنظيم الحزبي، خاصة ونحن مقبلون على انعقاد المؤتمر السادس والعشرين لحزبنا الشيوعي الماركسي اللينيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المعظلة عامة
حسين الناصري ( 2011 / 4 / 14 - 18:18 )
تحية للاخ محمد على تحليلاته العلمية وأقول ان المسألة عامة والمشكلة هي هي في كل الحركات الشيوعية .لذا أقول يجب أن يكون الرد ثوريا وليس أستسلاميا ...يجب تثقيف الشارع بماهية الماركسية والنضال الطبقي ,كذلك العمل على التنسيق مع كل الشيوعيين في العالم وخاصة الطبقة العاملة من ان مشروعا للكفاح والنضال يجب ان يتقرر الان .لذا ادعوا المخلصين والمثقفين في كل العالم الى توحيد الجهود من اجل اعلاء الفكر العلمي المتمثل بالماركسية سيما ان العالم يتجه الان الى الخلاص من سلاطين رجعيين يدورون في فلك الامبريالية لايهمهم سوى مصالحهم الشخصية بعيدا عن هموم شعوبهم رسالتي هذه من مدينة كانت مولد الشيوعية في العراق الا وهي مدينة الناصرية


2 - نقد النقد
فؤاد النمري ( 2011 / 4 / 14 - 23:23 )
النقد أعلاه مشوب بعدم المعرفة وبعدم الأمانة
يقول نفاع ان غورباتشوف صفّى أكثر من نصف أعضاء اللجنة المركزية !! كيف تم ذلك والأعضاء ينتخبهم الهيئة العامة للحزب
يقفز نفاع عن الإنقلاب العسكري الذي قام به خروشتشوف وجوكوف في حزيران 1957 حين تم طرد جميع البلاشفة من المكتب السياسي خلافاً لكل الأنظمة والقوانين وهم مالنكوف ومولوتوف وكاغانوفتش وشبيلوف ثم فورشيلوف وبولغانين وكان سبب الطرد المعلن هو معارضتهم اقتراح خروشتشوف بإصلاح الأراضي البكر والبور
الزعم بأن سباق التسلح هو سبب انهيار الاتحاد السوفياتي فيه تضليل كبير حيث تسلح السوفييت كان أضعاف التسلح الاميركي. كان التسلح السوفياتي هو الطريق الوحيد لانهيار الإشتراكية وهو هدف البورجوازية الوضيعة، العسكر والفلاحين
حزباً شيوعياً حقيقياً لا يمكن أن يوصل شخصا مثل غورباتشوف إلى مركز قيادته
عندما وصل غورباتشوف إلى مركز القيادة كان الخراب والتهروء قد اعترى كل البنى بما في ذلك الحزب
عيب كل نقد في انهيار مشروع لينين هو تناسي الصراع الطبقي، محرك التطور الإجتاعمي
بالرغم من قصور النقد إلا ان قيام نفاع بفتح الموضوع يستوجب الشكر

اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | علي حجازي - الأمين العام لحزب البعث العرب


.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا




.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا


.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2




.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع