الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد الكيلاني يكتب: شكراً بن علي ... شكراً مبارك!!

خالد الكيلاني

2011 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ربما تشابهت البدايات ... لكن النهايات سوف تكون مختلفة، فساد بن علي وفساد مبارك ليس أقل من فساد القذافي ولا فساد علي عبد الله صالح ولا فساد بشار الأسد، بل إن القمع في الدول التي يحكمها الطغاة الثلاثة الأخيرين أكثر بكثير من القمع الذي كان يمارسه بن علي ومبارك خاصة إذا ما قورن بقمع نظام القذافي أو قمع نظام بشار الأسد، وفيما يتعلق بالنهب المنظم لثروات البلاد وتجريف موارد ومقدرات الشعوب فإن القذافي ومبارك يأتيان على رأس القائمة ... وبعدهما بمسافة ما يأتي بن علي وصالح والأسد.
وتقريباً فإن نفس السيناريوهات التي استخدمها الطغاة المخلوعين (مبارك وبن علي) هي نفس السيناريوهات التي يستخدمها – بحمق وجهل – الطغاة الذين في طريقهم للخلع، فزين العابدين بن علي أطلق على الثائرين في تونس تعبير المخربين، ثم استخدم فزاعة الإسلاميين محذراً من الفوضى التي سوف تعم تونس والمنطقة، وظل يراوغ لمدة أربعة وعشرين يوماً عاثت خلالها قوات أمنه و"وبلطجية" حزب التجمع الدستوري الحاكم في الشعب التونسي قتلاً وترهيباً دون جدوى، فلم يزد هذا الشعب التونسي إلا إصراراً على المضي بثورته إلى نهايتها ... بادئاً بخلع زين العابدين الذي أعلن في خطابه الأخير أنه "أخيراً" قد فهم شعبه وبعد ساعة واحدة كان على متن الطائرة الرئاسية يبحث عن مقر آمن يقبل رئيساً مخلوعاً تطارده لعنات شعبه، وتطارده جرائم قتل وتعذيب وفساد وإفساد ونهب وتربح وغيرها من الجرائم.
ذهب بن علي تاركاً المستفيدين من بقائه واستمراره في الحكم، هؤلاء القابضين على السلطة والثروة في تونس يعيثون قتلاً ونهباً وترويعاً في المدن التونسية حتى يضعون البسطاء من الناس أمام اختيارين لا ثالث لهما ... الحرية أو الفوضى، أو بمعنى أخر الحرية أو الأمن، ورغم عصابات النهب والترويع اختار الشعب التونسي الحرية وانهزمت فلول المنتفعين وعصابة الفاسدين وانتصر الشعب في تونس وبدأ في استكمال ثورته.
في مصر حدث نفس السيناريو تقريباً فبعد مراوغات مبارك واتهام نظامه أحياناً للقلة المندسة وأحياناً أخرى لتيار الإسلام السياسي بإشعال نار الثورة، وبعد سلسلة من التنازلات لم ترضي الثوار خرج مبارك في اليوم السابع عشر للثورة ليقدم أخر تنازل كان يملكه وهو تفويض اختصاصاته لنائبه وطرح عدة تعديلات دستورية مؤكداً في الوقت نفسه استمراره في السلطة حفاظاً على الأمن والاستقرار ومنعاً للفوضى وهو الأمر الذي استفز المصريين جميعاً وأضطر مبارك إلى التخلي عن السلطة بعد أقل من 24 ساعة، وبعد أن أصبحت جماهير الثائرين على بعد أمتار قليلة من قصر العروبة.
ولأن عدد المستفيدين في مصر وعصابة المنتفعين من النظام أكبر بكثير وحجم الفساد والإفساد في مصر كان كبيراً وشاملاً والحالة المصرية في عهد مبارك لا يمكن مقارنتها بأي حالة أخرى، فقد كانت الثورة المضادة قوية ومؤثرة وأطرافها يمسكون بخيوط السلطة ومصادر القوة في أكثر من موقع فاستخدموا العديد من السيناريوهات، وخيروا الشعب المصري بين عدة خيارات منها الاختيار بين الحرية والأمن والاختيار بين الحرية والجوع والاختيار بين الحرية والفوضى ... إلخ. ولكن الثورة انتصرت في النهاية، وبدأت جرذان الثورة المضادة تتساقط واحداً تلو الأخر حتى وصل الخيط إلى مبارك نفسه الذي تم حبسه أخيراً على ذمة التحقيق، لتستكمل الثورة تحت حماية الجيش المصري أهدافها.
نفس السيناريوهات تقريباً يستخدمها القذافي وعلي عبد الله صالح وبشار الأسد، القذافي لأنه ليس طاغية فقط ... ولكنه مجنون أيضاً – وبعد أن جرف هو وأبنائه ثروات الشعب الليبي على مدي أربعة عقود - فقد وصف الثائرين في ليبيا بالجرذان مستجدياً أمريكا وأوروبا بالوقوف معه بعد أن استخدم الفزاعة المجربة لدي الطغاة العرب حين اتهم الثوار في المنطقة الشرقية بانتمائهم لتنظيم القاعدة وزعم تحول درنة والبيضاء وطبرق إلى إمارات إسلامية، ولما لم ينفع هذا السيناريو هدد بحرب أهلية شاملة مطلقاً ميليشياته من المرتزقة والكتائب التي تدين بالولاء لأبنائه على السكان الآمنين قتلاً وترويعاً ونهباً واغتصاباً للنساء مقدماً أول تجربة في تاريخ البشرية لحاكم يقوم بالإبادة الجماعية لشعبه محاولاً محو مدن كاملة من على وجه الخارطة ... حاول ذلك في البداية مع مدينة بنغازي في الشرق ولم ينجح لحسابات لوجيستية وعشائرية وقبلية ولانفراط عقد الولاء له في الجيش النظامي، وفعل هذا مع مدينة الزاوية في الغرب التي قصفها من الجو والأرض والبحر باستخدام المرتزقة الأفارقة وطيارين من الصرب وبيلاروسيا، ثم فعله مع مصراتة وإجدابيا في الوسط ومازال يمارسه في الزنتان ونالوت وزوارة وغيرها من مدن الجبل الغربي مستخدماً كل الموارد التي يملكها الشعب الليبي من عائدات البترول في إبادة هذا الشعب.
ونفس السيناريوهات والمراوغات يستخدمها صالح في اليمن والأسد في سوريا، الأول يفزع الغرب ودول الجوار باستيلاء القاعدة على اليمن والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر ويستخدم من يطلقون عليهم هناك "البلاطجة" - ممن تؤجرهم الأحزاب الحاكمة في تلك الدكتاتوريات المتخلفة - لقتل الثوار في ساحات التغيير في صنعاء وتعز وعدن وإب. أما الأسد فبعد أن استخدم تعبير المخربين والعناصر المندسة عاد ليستخدم الفزاعة التقليدية التي يخيفون بها الداخل والخارج وهو اتهام الإخوان المسلمين بالثورة، ولكنه زاد عن رفيقه اليمني علي صالح أنه استعار بعضاً من ممارسات شقيقه الليبي معمر القذافي في درعا وبانياس التي حاصرتها قوات أمنه وجيشه وقطع عنها الماء والكهرباء والهواتف، وأرسل "قبضايات" نظامه يعاونون قناصة أمنه في القتل والترويع.
تشابهت البدايات إذاً... ولكنها سوف تختلف النهايات، لم يستطع بن علي ومبارك أن يفعلا ما يفعله الآن القذافي والأسد وصالح في شعوبهم... ولو استطاعا لفعلا، ولكن الأمر مختلف فالجيش في مصر وتونس هو جيش الشعب لا جيش الحاكم أو نظامه، فضلاً عن وجود مؤسسات مستقرة إلى حد ما في مصر وتونس، كما أن ظروف الشعبين المصري والتونسي وغياب الإصطفافات القبلية والعشائرية يحرم الطاغية في أي من البلدين من أي تأييد شعبي يزيد من عمر نظامه، وهو الأمر الذي قرأه زين العابدين وحسني مبارك فغادرا مقاعد الحكم مبكراً دون إراقة المزيد من الدماء ... وهو الأمر الذي ربما قد يستحقان الشكر عليه في يوم من الأيام رغم كل الجرائم التي ارتكباها!!.
أما القذافي وبشار الأسد وعلي صالح فسوف يكون مصير أي منهما إما القتل – وهو المصير الأقرب بالنسبة للقذافي – أو الاعتقال والمحاكمة كما يحدث مع مبارك حالياً، وكما حدث مع لوران باجبو في ساحل العاج رغم كل القوات والأسلحة التي كانت معه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في