الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الويفي مطلب شعبي!!

محمد المراكشي

2011 / 4 / 14
كتابات ساخرة


الويفي اختراع بارع..و الذي اخترعه أبرع منه ..نحن مدينون له بذكره بالخير إلى أن ينام القمر و يطلع نور الشمس في صباحات أوطاننا..
تصوروا أنه بمجرد أن تبدأ في استخدام جهازك المحمول إلا وتتبوأ مكانتك اللائقة بك في عالم الانترنيت،دون عذابات الاشتراك أو كذبات شركات الاتصال التي لا تنتهي !!
تبحر في سماوات الفن و الثقافة و السياسة و اليوتوب ،وتوصل كلامك الثقيل إلى الآخرين في أقصى البلاد دون عناء ومن كرسيك في المقهى الذي تخشبت فوقه ساعات طوال !!
أرى صديقي ،يوميا، حاملا محفظته الجامعة لدروسه و مواهبه و أحلامه ومحموله ،مسرعا في خطوه كي لا يحرمه زبون شاي من مقعده المفضل في مقهاه..ومدة طويلة و أنا أتساءل عن هذه السرعة و ذاك الابتعاد عن المقهى الذي لطالما جالسنا بعضنا فيه..
وحين تنازلت قليلا عن كبرياء اللاسؤال ،كانت إجابته أن الويفي متوفر هناك وبسرعة صبيب خيالية !!
منذ أن غزا هذا الاختراع بلادنا ، هجر معظم الناس مقاهيهم الشعبية أو قليلة التبرجز إلى مقاه كبرى ،أغلبها تحمل على ظهورها إقامات أو فنادق سياحية.. وذاك هو السبب المبطل للعجب..ففي بلادنا نفضل السياح إلى درجة التقديس ، وبلغ بنا التقديس ذاك أن وفرنا في فنادقنا و مقاهينا خدمة حديثة عالية الاستخدام لأناس أغلبهم أتى حاملا سنين عمره التي قضاها في مصانع أوربا مبتغيا دفء البلاد وعذرية الأمكنة..أغلبهم لا يحتاجون الويفي الذي يظن صاحب الفندق أنه مهم إلى تلك الدرجة،فهم في أغلبهم لا يأتون إلى بلادنا كي يتواصلوا بالانترنيت التي نظن أنها التصقت بجلودهم..هم يحملون معهم على الأكثر آلة تصوير كي يصطادوا بدويا مسكينا يركب حماره قاصدا سوق المدينة.. !
ماذا كانت ستخسر دولنا لو أنها اشترت جهاز ويفي كبير جدا ، ووضعته على قمة أعلى جبل في البلد و مكنت الناس، كل الناس، من خدمة الانترنيت.؟ ! ولأن الفكرة ستكون مغرية للناس فإني أتوقع أن شبان الوطن و شيوخه سيقومون بحمله على ظهورهم و الصعود به إلى الأعلى حتى لا تتحجج الدولة بقلة الامكانيات ! و نظن بما لا يدع مجالا للشك أن عباقرة "درب غلف"بكازابلانكا قادرون إلى حد الاعجاز أن يخترعوا جهازا أشبه بالاختراع ووفق خصوصيات البلاد ،إن تحججت الحكومة بقلة ذات اليد لشرائه !!
وبذلك ، تكون قد أسدت خدمة للوطن وبسطائه ووفرت لهم قدرة الاطلالة من نوافذ النت على بيوت الآخرين في العالم ،وتكون قد محت تلك الصورة التي تسوقها كل يوم بطرقها الخاصة على كون الناس في أوطاننا لا يستحقون تغييرا يشبه ما للآخرين في البلاد المتحضرة.. وستزول الأمية المعلوماتية و الفكرية و السياسية إلى درجة لا تصدق...
يحملني التصور السريالي هذا حول الويفي دوما إلى فكرة غريبة ،ترى هل لهذا الويفي تأثير لا ترغبه الحكومات مما يجعلها ممعنة في إغفال إمكانية إتاحته للمواطنين بدل تشجيع رجال الأعمال على توفيره لسياح أغلبهم في العقد الأخير من مئويته الأولى يحمل فقط حلم الطفولة في امتلاك آلة تصوير بنيكاتيف؟
لقد أصبح لدينا نوع آخر من زبائن المقاهي تلك ، يجلس ساعات طوال فاغرا فاه في صور النت و مقالاته ، متسمرا في مكانه لا يفارقه إلا لقضاء الحاجة الطبيعية الملحة أو بعد انتهاء بطارية التشغيل..اما السائح الذي تظن وزارات سياحتنا أنها ترضيه بخدمة رائعة فهو غير مهتم بهذه الخدمة الأسطورية ،لأنه بعد الانتهاء من استلقائه اليومي على رمال الشاطئ وبعد استحمامه الساخن في الفندق ،يشتري قارورة ماء رخيصة من بائع متجول و يحمل بعضه إلى اقرب سيبركافي و يكتري ساعة انترنت بدرهمين ليرسل عبر الايميل صورة البدوي ممتطيا حماره أمام إشارة المرور لصديقته القديمة في عيد ميلادها الثامن و التسعين !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات


.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة




.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها


.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-




.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق