الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل السلطة لخدمة الناس أم وسيلة للنفوذ والاستبداد؟

محمد الياسري

2011 / 4 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


محمد الياسري

هل السلطة غاية او وسيلة؟
هل السعي لهذه السلطة واكتسابها الهدف منه خدمة الناس ام التسلط على رقابهم؟
وهل يعني امتلاك السلطة الغاء وجود الدولة بمؤسساتها الدستورية والاحتكام لنفوذ صاحب السلطة؟
وكيف بمقدورنا الفصل بين ادارة الدولة والتسلط المعتمد على الاستبداد والنرجسية والادران الشخصية؟
وهل السلطة وسيلة يستطيع بها الإنسان حيازة كل شيء ؟
بدءاً لنحدد للقارئ الكريم مفهمي السلطة والدولة حتى يتسنى لنا فهم ما يحدث من متغيرات شبه استبدادية في العراق الجديد يمكن وصفها بالتسلط الجمعي وليس الفردي بمعنى ان المستبد والمتسلط الان ليس شخص بعينه وانما مجموعة اشخاص.
تشير الموسوعة الفلسفيّة إلى أنّ السلطة، مفهوم يشير إلى النفوذ المعترف به كليّاً لفرد أو نسق من وجهات النظر أو لتنظيم مستمدّ من خصائص معيّنة أو خدمات معيّنة مؤدّاة. و قد تكون السلطة سياسيّة أو أخلاقيّة أو علميّة. و ينضوي تحت هذا المفهوم السلطة النفسيّة: وهي ما يطلق عليها اسم السلطان الشخصي، و التي تتمثّل في قدرة الإنسان على فرض إرادته على الآخرين.
و يعرّف جان وليام لابيار السلطة قائلاً: "السلطة هي الوظيفة الاجتماعيّة التي تقوم على سنّ القوانين، وحفظها،
و تطبيقها، و معاقبة من يخالفها، وهي التي تعمل على تغييرها و تطويرها كلّما دعت الحاجة: إنّها الوظيفة التي لا غنى عنها لوجود الجماعة ذاته، لاستمرارها، و لمتابعة نشاطه، كما ان هناك تعاريف اخرى مختلفة للسلطة ، إلا أن أكثرها شيوعاً هما التعريفان التاليان :
التعريف الأول : وهو الذي قدّمه المفكر الفرنسي ريمون آرون ، وقال فيه : السلطة هي المقدرة على الفعل أو التدبير . ويتخذ هذا المفهوم بعده الحقيقي عند ممارسة الأفراد سلطتهم على الآخرين.
فيمااعتبر برتراند راسل السلطة هي عبارة عن القوّة والمقدرة ، قائلا : (يمكن تعريف السلطة بأنها عبارة عن إيجاد التأثيرات المنشودة، إذاً فهي مفهوم كمي ) ، و يفهم من هذا التعريف أن السلطة هي العلاقة التي يسعى من خلالها كل فرد أو مؤسسة إلى تسخير الأفراد والمؤسسات الأخرى للعمل طبقاً لإرادتهم.
ويرى ماكس فيبر: ((السلطة هي الفرصة المتاحة أمام الفرد أو الجماعة لتنفيذ مطاليبهم في مجتمع ما في مواجهة من يقفون حائلاً أمام تحقيقها)
لنعد ونطرح السؤال مجدداً: هل السلطة بذاتها تستجلب الفساد؟
أجاب الكثير من المفكرين عن هذا السؤال بالإيجاب، واستدل بعض ذوي النظر المسلمين بالقرآن الكريم والأحاديث الشريفة لتأييد وجهة نظرهم هذه ، ومن جملة ذلك أنهم استدلوا بالآية الكريمة: ( إن الإنسان ليطغى إن رآه استغنى ) .
واستدلوا أيضاً بقول أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام: ((من ملك استأثر)) .ومن هنا يفهم أن الإنسان يميل إلى تسلم السلطة .
اذن ازاء هذه المفاهيم للسلطة تجعلنا التوقف بروية لما يحدث في العراق من تغييرات سياسية شهدها بعد 2003 والى الان وما افرزته من ظهور شخصيات واحزاب سياسية سعت وتسعى الى السلطة بمفهومها النفعي الاستبدادي الاستئثاري حتى بات من يتصدى للسلطة في بلادنا لايفكر بما عانى طيلة سنوات طويلة مريرة من استبداد الحاكم الواحد الطاغي الذي فعل ما فعل بالنخبة السياسية التي تقودنا الآن.
ان مفهوم الاستئثار الذي ورد في تعريف السلطة يتجلى بصورة واضحة عند القادة والكتل السياسية المتواجدة في الساحة العراقية بحيث جعلوا من السلطة وسيلة للفساد بمختلف اوجهه اضافة الى كونها وسيلة للاستبداد ومحاربة المنافس بطرق لا شرعية بغية اسقاطه من اجل التفرد بمزايا السلطة التي سخرها البعض له دونما النظر الى ابناء الشعب ومصالحه وتطلعاته.. ان الانفراد بقيادة الدولة بمسميات مختلفة وباستئثار المنافع دون غيرهم، وتنفيذ ما يمتلكون من مطاليب في المجتمع حتى لو واجهوا من يقفون حائلاً أمام تحقيقها، حتى وان ابتكروا وسائل جديدة لتحقيق هذا الاستئثار والغنى اللامشروع.
ان الوصول لدفة السلطة وادارة الدولة بمفهومها السيادي الذي تطرقنا له ينبغي من يتصدى له ان يسمو فوق مسألة الاستئثار والطمع والاستبدادية ، ويتبنى مفهموم الدولة ذات السيادة والمؤسسات والمفاهيم الدستورية والانظمة التي تساوي بين الافراد جميعا حقوقا وواجبات لافرق بيم حاكم ومحكوم بين راع ورعية وحينها يبتعد السياسي عن مفهوم السلطة الاستبدادية ليصل الى مفهوم الدولة العصرية ذات المشاركة للجميع في ارساء دعائمها.
اما الدولة فقد اختلف فقهاء القانون الدستوري في تعريف الدولة الا أنهم أجمعوا فقهيا حول عناصرها ومكوناتها. فقد عرف فقيه القانون الدستوري العميد (كلسن) الدولة بأنها ( التشخيص القانوني لأمة ما). وذهب آخرون وفي مقدمتهم الفقيه (ديجي) في تعريفهم للدولة استنادا علي عناصرها ومكوناتها. (الأرض، السكان، السلطة).
وفي تعريف اخر فهي تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة.و بالتالي فإن العناصر الأساسية لأي دولة هي الحكومة و الشعب و الإقليم ، بالإضافة إلى السيادة و الاعتراف بهذه الدولة، بما يكسبها الشخصية القانونية الدولية ، و يمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة لاسيما الخارجية منها.
في هذا التعريف المقتضب للدولة نرى ان احد اهم العناصر الاساسية لها هو الشعب وهو مصدر السلطة وداعمها ومحركها الفاعل كما ان مفهوم الدولة لايستقيم دون الشعب ومن هنا يكون لزاما على من يتصدى للسلطة وضع هذا الاعتبار الاساسي نصب عينه اذا ما اراد ان يكون حاكما عادلا لا مستبدا وغير ساع للاستئثار السلطوي والطغيان، وبالتالي ان يسعى الراغب بالسلطة الى ارضاء اهم اركان بناء دولته وربما بدونه لاوجود لهذه الدولة وهو الشعب الذي ان رضى عن سلطان ارتقى به وان غضب عليه رماه مزابل التاريخ.
ان نظرة سريعة للمتابع السياسي في العراق بعد 2003 يكتشف نوعاً جديدا من الاستبداد السلطوي وطغيان الحكام، فبدل الحاكم الواحد الديكتاتور الطاغي يظهر في العراق مجموعة سياسيين يتحكمون في الخريطة السياسية للبلاد والبقية من السياسيين يلعبون دور الادوات المنفذة لسياسة الحفنة الحاكمة التي لا يتجاوز عددها اصابع اليد لا يتغيرون ويلعبون دور المحرك السلطوي للبلاد دون اتاحة المجال لغيرهم من ابناء هذا الشعب ان يأخذوا فرصتهم للاسهام في تشكيل الرؤيا المستقبلية للدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون