الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضروريات التدخل العسكري في ليبيا

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2011 / 4 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تدخل الثورة الليبية شهرها الثالث وهي دونآ عن بقية الثورات في ربيع الديموقراطية العربي أخذت منحى تصاعدي عسكري نتيجة الأسلوب العسكري المقيت الذي تعامل به القذافي مع الثورة السلميه التي استلهمت نسيم الحريه من جارتيها تونس ومصر ، ومدفوعة بظلم وطغيان وفساد أكثر من أربعين عامآ هي مدة حكم القذافي .

ان المشاهد والمتابع لأحداث الثورة اليومية على شاشات الفضائيات يهيل كثرآ من الهول والذهول على عيون وعقول المتابعين من هول الفقر وتردي الخدمات ومستويات التنمية والتطور والماثلة أمام العيون في أشكال البنايات والقرى والمدن والطرقات ، كما وأن اثنين وأربعين عامآ وعوم ليبيا على بحر من النفط المتميز الخفيف والقريب من من سطح الأرض ناهينا عن الموقع الجغرافي المتميز والقرب من أوروبا أحد اكبر أسواق التجارة النفطيه وغيرها، كل ذلك لا يكفي لتطوير بلد ودفعها نحو مستويات عليا من النمو والتقدم على كافة المستويات على مدار أكثر من أربعين عامآ .

فان أضفنا الى ما سبق أن قوات القذافي تتعامل في معركتها التي أقل ما توصف بانها دونية فانها تتعامل مع الثوار ومع الشعب الليبي المنتفض ضد الظلم والفساد والديكتاتوريه القذافيه كما ولو أنهم ثلة من الأعداء القادمين من الخارج وقاموا باحتلال ليبيا ونهبها وترويع أهلها شبر شبر دار دار بيت بيت ، حيث تخلوا معارك القذافي ضد الثوار الليبيين من أدنى اعتبار لمعايير الانسانيه واحترام حقوق الانسان بل تحفل بكل مظاهر التنكيل والترويع والقتل الجماعي لمواطنين ليبيين وقطع للكهرباء والماء والغذاء والدواء ، ذلك لأن كل ذنبهم أنهم قالوا لا للطغيان لا للفساد وما حدث ويحدث في مصراته والزنتان ومدن الجبل الغربي وأجدابيا وغيرهم من مدن وقرى ليبيا .

وفي الناحية الأخرى لابد من الاعتراف بمسألة غاية في الأهمية ألا وأن الثوار الليبيون ما هم الا مجموعة من المهندسين والمحامين والأطباء والمدرسين والمحاسبين أي شئ فيما عدا أن يكونوا عسكريين محترفين ، ولا يجب الوقوف عند مجرد الاعتراف بذلك بل ليكون هذا الاعتراف نقطة للانطلاق نحو بناء مخططات جديدة تراعي هذا الظرف الدقيق الذي تواجهه ليبيا المنقسمة بين معسكرين معسكر الخير والحرية والذي نال اعترافى عالميآ بمشروعية مطالبه وأهدافه الذي يضم ثوار ليبيا الشرفاء والغير عسكريين ، ومعسكر الشر والطغيان الذي يواجه يوميآ بنداءات دوليه بضروية التنحي هو وحاشيته وأسرته وأركان نظامه حقنآ لدماء الليبيين والخارج عليه مجموعة من أقرب معاونيه سابقآ كعبد الرحمن شلقم مندوب ليبيا في الأمم المتحدة وموسى كوسا وزير الخارجية اللليبي السابق والذي فر الى لندن وذلك المعسكر يضم كتائب ومرتزقة القذافي وهم من العسكريين والمرتزقة المأجورين .

ان مجرد شن ضربات جويه ضد كتائب القذافي وتزويد ثوار ليبيا بالسلاح لن يكفي لمواجهة جبروت الآله العسكريه القذافيه لن يكفيان خاصة في ظل تغيير الكتئب لاستراتيجيات وتكتيكات تحركها من واقع استبدال الدبابات والمجنزرات والمدرعات الثقيله بعربات خفيفه كتلك التي يستعملها الثوار مع فارق الخبره والامكانيات والعدد والعتاد الذين يصبون في صالح الكتائب بل وتسبب ذلك باحداث لبس لدى طائرات النيتو التي ما فتئت تقذف قوات الثوار ظنآ منها أنها كتائب القذافي مما أوقع خسائر لا نقول كبيره بقدر ما هي مؤثرة على الناحيه المعنوية للثوار ومعززة لمثيلتها لدى الكتائب ، هذا اضافة الى أن التكتيكات الجديده لكتائب القذافي تجنح نحو الدخول في حرب شوارع وعصابات داخل المدن والالتحام بالأبنية السكنيه مما يعيق عمل طائرات النيتو التي لن تستطيع قصف المدنيين وستكون بالتالي بموقف طيور العقاب المتفرجه دون ان يكون لها دور جدي أو مؤثر ، اضافة الى ان هذه التكتيكات القذافيه توقع المزيد من الضحايا المدنيين على الأرض ولكن منذ متى كانت أرواح الليبيين ذات أهمية لدى القذافي وأسرته .

فالسلاح الذي يحتاجه الثوار لا يجب ان يقتصر على السلاح الدفاعي (هذه مع الاخذ في الاعتبار المخاوف الغربية من سقوط هذا السلاح في أيدي القاعده التي تنشط في منطقة الصحراء الكبرى وتتمتع بحماية بعض القبائل هنا وهناك )والا فانهم سيظلون في حالة دفاع مستمر لا في حالة هجوم وتحرير للأراضي الليبيه الواقعة تحت نير الاستعمار الظلامي القذافي ، مما يعني اطالة أمد الحرب وسقوط مزيد من الضحايا المدنيين أو حتى من الثوار ، واستمرار سيناريو الكر والفر الذي نشهده الآن ، خاصة وأن الثوار ينقصهم التدريب الكامل والجدي على استخدام هذا السلاح أو ذاك ولا يمكن لعاقل تخيل ان تدريبآ لعدة أسابيع او حتى شهور يمكن أن يعادل تدريب أناس امتهنوا العسكرية والحرب أو على الأقل فان تكلفة النصر ساعتها ستكون عالية جدآ من ناحية الأرواح والدماء حتى تلك التي ستسقط بفعل حصار الكتائب البشع لمدن الثوار في الغرب الليبي خاصة .

واستمرار الحال على هذا المنوال سيرفع من امكانيات حدوث انفصام للوطن الليبي الواحد ، ويعني أيضآ مزيدآ من الارتفاع لأسعار النفط العالميه مما يعيق التعافي الهش للاقتصاد العالمي وهو أمر تعاني منه الدول المتقدمه بشده وستدفع ثمن ذلك بقوة ، اضافة الى ارتفاع معدلات ووتيرة الهجره الغير شرعيه الى الضفة الأخرى من المتوسط وقد بدأت نذر ذلك تلوح في الأفق خاصة وأن القذافي سبق وهدد بذلك ، كما أنه من المعلوم ان الوضع الليبي لو استمر لوقت أطول فانه يهدد بتحول ليبيا الى البيئة المناسبة لترعرع وازدهار تنظيم القاعده وتحو ليبيا الى صومال جديده مع الفارق في هذه الحالة هو ان الصومال الجديد سيكون بالقرب من أوروبا ودول الجوار العربي المؤثره مما يعني مصدرآ كبيرآ لكوارث قادمه سواء للدول العربية المجاوره ولأوروبا وحتى أمريكا التي يرابط أسطولها السادس ومقر قيادته في نابولي القريبة من السواحل الليبية .

ان الحظر الجوي والحصار الاقتصادي الذي يقيمه المجتمع الدولي ضد نظام القذافي من المؤكد أنه يسهم في اضعاف اللا نظام القذافي ولكنه لا ينهيه لاعتماد القذافي على كميات هائله من الأموال المخزنة في ليبيا ولا يعنينا تصريح أحد المسؤولين الليبيين حول التأثير السلبي لهذه العقوبات فهو يعد نوع من المناورة السياسيه بغية عدم تغليظ تلك العقوبات أو نقلها الى مستويات أعلى من التدخل العسكري الخارجي الذي يرتعب منه القذافي ، ناهينا عن العلاقات الأفريقية المتشعبه للقذافي والتي تمكنه من الحصول على بعض المساعدات من هذه الدولة الأفريقية أو تلك ، كما وأن مسألة الحصار الجوي والاقتصادي ليست جديدة على نظام ارهابي امتهن وتعود على الحياة طيلة حوالي عشرين سنة في ظل ما يعرف بالحصار على مختلف أشكاله .

وعلى أساس كل ما سبق (اضافة الى حماية أرواح المصريين في ليبيا الذين يفوق عددهم المليون) فقد طالبنا المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصريه في رسالة الكترونية أرسلتها اليه متمنيآ عليه ضرورة التدخل العسكري الحاسم في ليبيا منذ الأيام الأولى للثورة الليبيه تجنبآ لما نشهده اليوم أو حتى ما قد نشهده غدآ ، ان ما تشهده ليبيا اليوم يحتم علينا الانطلاق نحو مقاربات تعامل جديده مع الملف الليبي من خلال تشكيل تحالف عسكري للتدخل في ليبيا لمعاونة ثوار ليبيا ويضع في الاعتبار عدة أمور :

1- الحفاظ على وحدة التراب الليبي .

2- الاعتراف والتسليم الفوري للسلطة الى الليبيين الأحرار وتحقيق آمال الشعب الليبي في الحرية.

3- تشكيل تحالف بري بقياده عربيه وممثلآ فيها قيادات عسكرية ليبيه ، وغالبية من القوات البريه العربيه وبمسانده جويه من النيتو ومن سلاح الجو العربي ، من خلال جامعة الدول وفي اطار الحفاظ على أرواح شعب عربي من الابادة الجماعيه العربية دون اشتراط الاجماع فهناك دول عربية من المؤكد أنها ستكون رافضه لمثل هذا التدخل وعلى رأسها سوريا البعثيه .

4- منعآ لاطالة أمد الحرب وحصرآ للتكاليف لابد من عدم الدخول في أية نزاعات جانبيه قد تنشأ هنا او هناك تحت أي مسمى من المسميات كمحاربة القاعده أو محاربة بقية صغيرة من فلول النظام البائد الا بموافقة صريحه ومشروطه وذلك من قبل السلطات الليبيه الجديده اذا ما ارتأت هي وجوب ذلك وبمشاركة عسكريه ليبيه ولمدة محدده لا تتجاوز العام الواحد .

يجب أن ندرك تمامآ وبا لا يدع مجالآ للشك أننا بصدد التعامل مع عقلية ديكتاتورية ونظام حكم (اذا تجاوزنا وسميناه نظامآ) مغاير لما سبق وتعامل معه المجتمع الدولي ، وأن استمرار الوضع على هذا المنوال يزيد من فرص عدم الاستقرار واشاعة الفوضى والاضطراب لا في أنحاء حوض البحر المتوسط فقط (على أهميته الاستراتيجية العالمية) بل في العالم كله ، ان اعتبارات التدخل العسكري في ليبيا تفوق تلك الخاصه بالتدخل في يوغسلافيا السابقة في منتصف التسعينات ، لابد من تعامل حاسم وباتر مع ديكتاتور غريب ومدمر فائر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كبد الحقيقة
طلال محمد ( 2011 / 4 / 15 - 20:48 )
يدل المقال على وضوح و نضوج الرؤيا حول الثوره الليبيةعند الاخ احمد حمدي سبح. كنت اتمنى ان يكون صاحب المقال احد المتنفذين المصريين او العرب ليكون ذو تأثير في اتخاذ القرارات المناسبة في التحرك لمساعدة وانقاذ الاخوه الليبيين من ظلم و استبداد القذافي و عائلته و زبانيته. ان المطاليب الاربعة التي تضمنها المقال هي- بالضبط- مايحتاجه الشعب الليبي الابي في هذا الوقت من اجل انتصار الثورة الشعبية


2 - والشئ بالشئ يذكر
سعد الخير ( 2011 / 4 / 15 - 21:09 )
اليس الحال هو هو ماحدث في العراق عام 1991 بعد طرد صدام من الكويت ولم يتحرك العرب بل حرضوا الامريكان ضد الانتفاضه وسمح الامريكان بالتالي لصدام بسحق الانتفاضه وأدخل الغرب الشعب العراقي في حصار دام 13 عاما سانده الاخوة العرب وهم يعلمون ان صدام لن يصيبه شئ منه وعندما دخلت امريكا اخيرا للقضاء على عميلها المتمرد لطم العرب والمسلمون الوجوه وشقوا الجيوب ونعتوه بالشهيد عندما نفق ونعتوا الشعب المسكين بالكفر والخيانه وسلطوا عليه سياراتهم وبهائمهم المفخخه ومات العراقيون بالالاف ضريبة تفريطهم بطاغيتهم فلماذا ياسيدي ترجو وتتوقع ان يقف العرب والمسلمون والغرب موقفا احسن مع ليبيا انا مثلك اتمنى ولكني لا اعتقد

اخر الافلام

.. شبكات| فيديو يظهر شجاعة مقاومين فلسطينيين في مواجهة جيش الاح


.. شبكات| مغاربة يدعون لمقاطعة مهرجان موازين بسبب غزة




.. عمليات البحث عن الرئيس الإيراني والوفد المرافق له


.. خبيرة بالشأن الإيراني: الدستور الإيراني وضع حلولا لاحتواء أي




.. كتائب القسام: استهداف قوات الاحتلال المتموضعة في محور -نتسار