الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصير مبارك .... الغامض!

سعد هجرس

2011 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


عندما طلب مني الزميل العزيز محسن حسنين تحليلا سياسيا عن حملة ما يسمي بـ "الوفاء لمبارك" التي بدأت تتناقلها مواقع الاتصال علي شبكة الإنترنت منذ فترة والتي أعلنت عزمها تنظيم مظاهرة مليونية يوم 25 أبريل الجاري للمطالبة بـ "عودته".. كتبت رؤوس أقلام سريعة بهذا الصدد تفضل بنشرها في العدد الصادر يوم الأحد الماضي، الموافق 10 أبريل وهو نفس اليوم الذي أذاعت فيه قناة "العربية" الرسالة الصوتية الشهيرة للرئيس السابق حسني مبارك والتي استمع فيها المصريون لصوته لأول مرة منذ تنحيه عن السلطة.
ورغم أن تحليلي لحملة ما يسمي بالوفاء قلل من شأنها واستهان بها علي اعتبار أن عودة مبارك إلي حكم مصر مجرد خرافة وضرب من ضروب الخيال، فإنني حذرت من أنها معبرة عن تلمظ لتلمظ "الثورة المضادة" للانقضاض علي ثورة 25 يناير ومحاولة إعادة عقارب الساعة إلي الوراء، حتي ولو بدون مبارك وولده.
وقلت بالنص أن هذه الدعوات "أضغاث أحلام مريضة.. ومع ذلك فان مجرد اللت والعجن فيها ولو حتي من باب النميمة والثرثرة يجب ان يكون جرس إنذار لحكومة الدكتور عصام شرف: كفي ترددا.. كفي بطئا.. وكفي تسامحا غير مبرر مع من قتلوا المئات من شهداء ثورة 25 يناير وأصدروا الأوامر بإطلاق الرصاص الحي علي الآلاف المؤلفة من الثوار".
وقلت كذلك أن نتيجة هذا التردد وذاك الافتقار إلي الحسم هي "انتقال فلول النظام السابق من الدفاع إلي الهجوم. وبدلا من أن يعتذروا للشعب المصري علي جرائمهم.. ها اهم يتبجحون ويكادون يطلبون من الشعب الاعتذار عن الثورة والإطاحة برأس النظام السابق".
وفي نفس اليوم الذي نشر فيه هذا الكلام أذاعت قناة "العربية" التسجيل الصوتي الذي أرسله حسني مبارك وهدد فيه المصريين بالثبور وعظائم الأمور لأنهم تجاسروا وشككوا في ذمته المالية.
اي أن المسألة تجاوزت "الاعتذار" الي "التهديد" بالملاحقة القانونية لكل من سولت له نفسه انتقاد حسني مبارك، اي ملاحقة 99.9% من المصريين!
خروج مبارك عن صمته الذي دام شهرين منذ تنحيه عن السلطة، وبصرف النظر عن تضمنه أخطاء استراتيجية فادحة، لا يمكن تناوله بمعزل عن عدد من الأمور.
من اهمها الاحتكاك الخشن، والدامي، الذي رأيناه في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضية وهو الاحتكاك الذي رأي فيه عدد معتبر من المحللين محاولة غير بريئة لضرب العلاقة الودية بين الثوار والجيش، وزرع الفتنة بين الجانبين.
ولم يكن صعبا اكتشاف الايدي الخفية التي تلعب في هذه المنطقة الحرجة، وتحديد المستفيد الاول من اثارة هذه القلاقل.
انها الثورة المضادة وزعانف حسني مبارك.. ولا احد آخر.
****
هذا الاحتكاك الدامي في ميدان التحرير ليس مبتوت الصلة هو الآخر عن سلسلة الحرائق والاضطرابات والقلاقل التي شهدتها البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك حتي الان.
وهذه القلاقل وتلك الاضطرابات قد استفادت من الفراغ الامني العجيب الذي مازال مستمرا في البلاد، كما استفادت من التردد والبطء في اتخاذ اجراءات حاسمة ضد اركان نظام مبارك الذين لايزالون في مقاعدهم ويمسكون بمفاتيح صنع القرار في المؤسسات والجامعات والمحافظات وشتي المجالات وكأن البلاد لم تحدث فيها ثورة من الأساس.
بل ان وضع مبارك نفسه مازال محاطا بالغموض، وهو ما اشرنا إليه في تحليلنا ذاته بالتساؤل: هل هو يعيش في شرم الشيخ ام يغادرها كما تزعم الشائعات؟ وكيف يعيش؟ ومن أين ينفق؟ وبمن يتصل؟ وهل هؤلاء الذين يتصل بهم من داخل مصر ام من خارجها؟ وإذا كانوا من الخارج فمن اي دول؟ وعلي اي مستوي؟ وهل تجري هذه الاتصالات بعلم حكومة عصام شرف والمجلس الاعلي للقوات المسلحة ام من وراء ظهورهم؟ واذا كانوا من الداخل فهل هم من داخل دوائر الحكم ام من خارجها؟ وهل لهذه الاتصالات طبيعة سياسية ام انها مجرد ثرثرة اجتماعية؟
هذه التساؤلات بدت ممجوجة وغير منطقية لدي البعض لكن الرسالة الصوتية جاءت لتثير ما هو اكثر منها.
فكيف يكون مبارك خاضعا للإقامة الجبرية ويكون بمقدوره في نفس الوقت إجراء اتصالات بفضائية عربية، دون علم مكتبها بالقاهرة، ودون علم المجلس الاعلي للقوات المسلحة، او حكومة الدكتور عصام شرف؟
واذا كانت هذه الاتصالات قد أسفرت هذه المرة عن ترتيب إذاعة تسجيل صوتي، فماذا يمكن ان يكون مضمونها في مرات أخري، وما هو الضمان ألا تتضمن تآمرا علي الثورة مثلا؟!
ولماذا يلجأ مبارك أصلا الي مثل هذا الأسلوب الذي يشبه أسلوب أسامة بن لادن وايمن الظواهري وقادة تنظيم القاعدة إذا كانت نواياه بريئة؟!
لماذا لم يلجأ مثلا إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة أو يشكو للنائب العام من التشكيك في ذمته المالية وذمم إبنيه جمال وعلاء؟
ولماذا لا يتحمل نقدا لفترة لا تزيد علي شهرين بينما ظل يتمرغ في حملات النفاق وكيل المديح لمدة ثلاثين عاما؟!
****
هذه الأسئلة ليست استفهامية وانما هي اسئلة استنكارية بالمطلق، وهي لا تستهدف مجرد استنكار التسجيل الصوتي للرئيس السابق وما تضمنه من غطرسة وغرور وخداع.. وانما تستهدف الحث علي وضع حد لهذا "التسامح" غير المبرر مع من مارسوا إفساد الحياة السياسية وتزييف إرادة الأمة وتزوير الانتخابات وتكبيل حرية الجزء الناطق من الامة وممارسة تعذيب بشع للمئات والآلاف من النشطاء السياسيين ثم قتل المئات من أبنائنا شهداء ثورة 25 يناير.
هؤلاء جميعا.. وفي مقدمتهم الرئيس السابق.. مكانهم السجون التي بنوها وتصوروا انها ستحميهم من ساعة الحساب.
كفي ترددا.. وكفي تسامحا.. بعد أن ألقي حسني مبارك القفاز في وجه الجميع واخرج لسانه لكل المصريين.
قبل الطبع:
بعد كتابة هذه السطور، قبل دقائق من إرسالها للطبع.. صدر القرار التاريخي للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود بحبس مبارك ونجليه علاء وجمال 15 يوماً على ذمة التحقيقات.
وهذا تطور خطير، ونقطة تحول تاريخية فى مسار ثورة 25 يناير، وخطوة هائلة نحو تحقيق أهدافها.
تحية للنائب العام المحترم، وتحية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى احترم إرادة الشعب ومطالب الثوار ومقتضيات القانون. فكتب فصلا جديداً فى سفر مآثر الجيش المصرى، وبرهنته للمرة الألف على أن "الشعب والجيش يد واحدة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نفس المسلسل
سعد الخير ( 2011 / 4 / 15 - 20:49 )
نفس المسلسل حصل في العراق بعد سقوط الصنم فقد دخلت فلول البعث الى الجحور مخافة الانتقام وسرعان ماتبين عدم جدية الامريكانفي محاسبتهم وانشغال الساسه العراقيون بلعبة الكراسي وتسلل البعث من جديد الي مفاصل العمليه السياسيه وتم تخدير الشعب بالدين حتى اصبح محاسبة المجرمين اقصاء وتهميش وطائفية واصبح اجتثاث البعث جريمة يجب الاعتذار عنها ونسيت جرائم البعث واعدم صدام وزبانيته بمحاكمة سلق بيض عن جريمة لاتشكل قطرة في بحر بل محيط جرائمه وجرائم البعث وعادت ريمه لعادتها القديمه واصبح لدينا صدام وبعث بمسميات جديده فالحذر الحذر ايها الشباب من ابتلاع ثورتكم وهضمها فتخرج شيئا اخر لاصلة له بعطر الثورات وربيعها تخرج كائنا عفنا من بطون مبتلعيها ولا حول ولا قوة الا بالعقل ...مع خالص تحياتي

اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف