الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشهدان مختلفان في حي إمبابة

أمنية طلعت

2011 / 4 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أكانت مصادفة تلك التي حدثت في إمبابة منذ أيام؟ أم أن من حقنا قليل من سوء الظن؟ أم أنه علينا أن نتعاطف مع المجلس العسكري، الذي ينوء كاهلة بحمل ثقيل لشعب تم تجريف ثرواته وحريته وعلمه ومعرفته بدأب ونظام على مدار ثلاثين عاماً؟ أعترف بأنني احترت تماماً في فهم المشاهد التي يتم أدائها على مسرح الشارع المصري الآن، ربما لأن هذا الأمر، طبيعي أن يحدث عقب كل الثورات، فالثورة ليست خياراً جيداً للشعوب، ولكنها تأتي غالباً عندما لا يكون هناك حل آخر، وهذا على ما أعتقد، ما أوصلنا إليه حكم مبارك.
نعود إلى المشهد أو ما قد يكون مصادفة بقليل من حسن الظن، والذي وقع في الحي المصري التاريخي " إمبابة". عقد مركز هشام مبارك الحقوقي بالتعاون مع بعض عناصر التيارين اليساري والليبرالي، مؤتمراً لرفض المحاكمات العسكرية للمدنيين، وذلك في أحد قاعات أرض عزيز عزت بإمبابة، لم يكن يتوقع القائمين على المؤتمر أن يحضره الكثيرون، لكنهم فوجئوا بتوافد الناس على المؤتمر بكثافة ملحوظة، وكذلك بالتفاعل معهم والاستجابة لما يتم طرحه. لم تكتمل فرحة القائمين على المؤتمر إلى نهايته، فلقد اخترق القاعة ضابط من الشرطة العسكرية، وأخذ يهذي بكلام غريب، مؤكداً أن ما يقومون به ضد مصلحة مصر، وأن المطالبة بعودة الجيش إلى ثكناته خيانة، فبقاء الجيش في الحكم هو صمام الأمان الحقيقي للبلد، ومن ثم بدأ يتحدث عن أن هناك أجانب في القاعة، مشيراً نحو مراسلي القنوات الفضائية مثل تلفزيون بي بي سي، وأن هذا يعد جاسوسية ! عندما تأهب الحاضرون للرد على اتهامات وإدعاءات الضابط العسكري، انسحب من القاعة بعد أن اطمأن لاقتحام اثنين من الرجال، أحدهما من السلفيين والآخر من البلطجية الذين كان الحزب الوطني يستعين بهم في الانتخابات، ليكملوا باقي المهمة، حيث صاح السلفي بأن هناك نساء عاريات داخل القاعة وأن الناس الموجودون جواسيس وضد الإسلام وضد محاكمة حسني مبارك، في حين تولى البلطجي أمر تكسير المقاعد وإثارة الرعب في المكان. أعتقد أن ما سردته كافي بالنسبة لكم، كي تكملوا المشهد بأنفسكم، فلقد انقلب أهل المنطقة على المؤتمر، معتقدين تماماً بوجود جواسيس وأناس يعارضون الثورة المصرية ويناصرون مبارك، وهكذا انتهى المؤتمر ليخرج الناس مذعورين، بينما أصيبت مراسلة البي بي سي في ذراعها برقبة زجاجة مكسورة.
التقطوا أنفاسكم، ومع قليل من الموسيقى الهادئة، بإمكاننا الانتقال إلى المشهد الموازي في شارع آخر من شوارع حي إمبابة، حيث مؤتمر آخر، من نوع مختلف تماماً، نظمه وقام عليه الإخوان المسلمون. المؤتمر بكل بساطة يدعو إلى قيام الدولة الدينية في مصر، بعد أن يتمكن الإخوان من الأرض، والمعني بالأرض هنا مصر، وعندما تقوم الدولة الدينية، سوف يتم تطبيق الحدود الاسلامية، حيث قطع يد السارق ورجم الزانية، بالتأكيد دون الزاني فهذا دأب كل الدول الاسلامية التي تقوم في الأساس من أجل قهر المرأة، وبالطبع لم يصرح المتحدثون بالمؤتمر بباقي سيناريو الدولة الدينية، حيث سيقومون بهدم كل الآثار المصرية لأنها أوثان طبعاً أو لأنها تماثيل والتماثيل في الإسلام حرام، وكذلك سيجبرون غير المسلمين بدفع الجزية، والله أعلم بقيمة الجزية اليوم مع الغلاء في الأسعار وانخفاض قيمة الجنية، وإن كان المسيحيون سيدفعونها باليورو أم الدولار، عموماً هذه حسبة أخرى سنرجئها حالياً لحين تمكُن الإخوان من الأرض.
بالطبع يجب أن أقول هنا، إن الإخوان لم يستطيعوا الصبر على إدعاءاتهم التي ملأوا الأسماع بها منذ قيام الثورة، فأبطلوها بأنفسهم قبل حتى أن ينقضي عليها ستة أشهر، ولكن ليس هذا هو المهم هنا، لكن المهم هو؛ عقد مقارنة بسيطة جداً بين المشهدين، مؤتمر الإخوان المسلمين الذي ينادي بالدولة الدينية، يمر بسلام وهدوء وعصافير تزقزق في الخلفية، وبين مؤتمر مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان، والذي رعاه ليبراليون ويسار، ودعى لرفض المحاكمات العسكرية للمدنيين، وانتهى بـ "كرسي في الكلوب" رماه ضابط من الشرطة العسكرية، بمساعدة سلفي وبلطجي حزب وطني.
هل يجب علينا أن نحسن النية ونقول أنها مجرد مصادفة بحتة، غير مقصودة بالمرة؟ أم أنه لزاماً علينا أن نشعر بالرعب، لأنه بنظرة بسيطة على أحداث متفرقة في جميع أنحاء مصر، يمكننا أن نتخيل والعياذ بالله، أن هناك اتفاقية غير معلنة بين المجلس العسكري والجماعات الدينية على اختلافها للسيطرة على حكم مصر. هل تجرأت وكتبت الجملة السابقة؟ لا، أنا أعلن أنني أتراجع عنها الآن وفوراً، فالجيش هو صمام الأمان لمصر، وهو الذي حمى الثورة المصرية، والجيش والشعب إيد واحدة.!!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشواهد كثيرة
إيمان المصرية ( 2011 / 4 / 17 - 07:04 )
سيدتي الفاضلة. لقد إتضحت الصورة من يوم إختيار المجلس العسكري للجنة التعديلات الدستورية برئاسة طارق البشري,,ولا أعرف لماذا لم تخرج أي مليونية للمطالبة بدستور جديد قبل البدء بإنتخابات برلمانية سوف يكتسحها الإخوان.. وستكون فرصتهم لوضع دستور جديد يخدم مصالحهم و يؤكد حكمهم وتحكمهم في المحروسة...لك الله يامصر


2 - خيارات الشعوب
رعد الحافظ ( 2011 / 4 / 17 - 13:13 )
رؤيتكِ أستاذة أمنية طلعت للمشهدين واضحة صادقة رغم التشاؤوم
لكن بالطبع من سيتفائل بوجود السلفيين والإخوان سيكون محض ساذج أو حالم بأحسن الأوصاف
أنا فقط أريد إضافة مشهد قادم في مصر ( هو من خيالي كمراقب لمصر الغالية )
الظلاميّون ربّما سيصلون الحكم , لكن حتى لو حدث ذلك , فشباب الإنترنت لن يسكتوا طويلاً عليهم
لن يستمروا أكثر من دورة أو دورتين لينفضح أمرهم وظلاميتهم
وسيضطر الشعب الى الشرّ الذي لابّد منهُ , من جديد .... الثورة
تحياتي لجهدكِ الكبير
رعد الحافظ


3 - المحترمه امنيه
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 4 / 17 - 14:29 )
تحيه
هذا متوقع وهو من امنيات مخرجي الحدثين ولكن المشكله برهط ثالث يرى ما لم يراه قبل ليقف اليوم متفرج يحرض على ترك المتخاصمين يفعلونها ليرى النتائج ليخرج لنا بافكاره التنويريه وحدسشه فائق البعد لسبب بسيط وهو لنه فارغ من قيم ولا يدفع الثمن لأنه يتلصص وينتضر النتيجه وهنا خراب الديار
فرحوا كثيرا لان من كان في الميدان لم يرفع اصبعه الى السماء او لم يردد الأسلام هو الحل او لم يحرق علم امريكا وغيرها
لأنهم يأخذون من المشهد ما يدغدغون به خلايا ادمغتهم الضيقه وهناك من يزمر لنهاية المد الأسلامي وانها نهاية عصر اراد الأسلاميين ركوبه وهو يسميهم الأسلامويين
الخوف كبير على مصر وفوزهم في المستقبل القريب حتى لو لفتره قصيره سيعني تمسكهم الى ما لانعرفه من وقت لأنهم سيسحقون السباب اما قتلاً بالدم او بالفكر او هروباً من البلد وعندما يمسكونها لن يعطوها وسيخونون من يفوز وسيعيدون الكره
تحيه لك


4 - لازالت العقول المغيبه تصدر إلينا بكثره
فتحى غريب أبوغريب ( 2011 / 4 / 17 - 17:26 )
الامخاخ فيها ملوخيه سعوديه وهابيه ..متعرفش حاجه إسمها مصر..ودا عيب الفقر الى طحن المصريين لحد ماراحوا لكفيلهم سيدهم العربى القديم الجديد ..فى السعوديه والخليج .. يلقنهم فكر الواهبيه الدموى مقابل لقمه العيش وبعد مانفخ نافوخهم صدرهم لينا حباً فى مبارك وأيامه


5 - رأى
عادل الليثى ( 2011 / 4 / 17 - 21:20 )
نعود إلى الثورة ... من أنجحها ؟؟ ... الإخوان والجيش
الوضع الراهن ... الجيش يضحى بكل شئ ويكظم غيظه ... تفسيره شيئان :
1 - المهادنة حتى تزول حالة الثورة والإحتجاجات تحت غطاء من دستورجديد وإنتخابات ورئيس منتخب ووجود الإسلامويين كشريك سياسي وبقاء الجيش بموقف سيادى تنتمى إليه رئاسة الجمهورية .
2 - إرتباك المجلس العسكرى فيما يخص العلاقات الخارجية وتبعياتها وبخاصة أمريكا و إسرائيل والسعودية و( قطر ) بفرض انها ضليعة بإشعال مواقف معينة ... أو أنهم فى حالة شد وجذب للوصول لأرضية محددة تبنى عليها سياستنا الخارجية والتى يمكنها أن تملى علينا سياسات داخلية أو تعضد أيدولوجيات المجلس العسكرى دونما تصعيد يقلق أو يمنح أمريكا على وجه التحديد حق التدخل فى شئون البلاد .

ما يحدث على الهامش من مظاهر محاربة الفساد وسجن رموز محددة وتوسيع دوائر الشبهات بألية واحدة تجاه رجال النظام السابق ليس إلا ألية لقتل أى فكر جديد قد يظهر وخاصة أن الثورة لم تاتى بأى فكر وصال الناس وجالوا بأفكارهم القديمة ولذلك لم يعلو إلا الأصوات الإسلاموية حيث أنها الثقافة السهلة المتمكنة من كل الناس والمحكوم عليها سلفاً بالفشل .

اخر الافلام

.. هل دخل الاتحاد الأوروبي في مواجهة مع الجزائر؟ • فرانس 24 / F


.. الاتحاد الأوروبي يدين القيود الجزائرية المفروضة في حقه على ا




.. هانتر بايدن. ما صحة مزاعم تتهمه بالعنف والتحرش لجنسي؟ • فران


.. هل تقف مدريد وراء إطلاق الاتحاد الأوروبي إجراء بحق الجزائر؟




.. ما موقف الجزائر من إطلاق الاتحاد الأوروبي إجراء بحقها؟