الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيتوريو إبن فلسطين, فلترحلوا يا إرهابيين

خالد أبو شرخ

2011 / 4 / 17
القضية الفلسطينية


تتعدد الاسماء والمسميات, وتتعدد الذرائع والمبررات, وتتعدد الشرائع والعقائد, وتتعدد الشعارات والرايات, ولكن يبقى الارهاب هو الأرهاب, لاتفرقة به, ولا هوية أخرى له, والقتل هو القتل, لاتمييز به, ولا تبرير له, والمجرم هو نفس المجرم, والضحية هي نفس الضحية , فالقاتل أيا كانت جنسيته وأفكاره وتوجهاته, خرج من مفرخة رفض الاخر, وإضطهاده وإمتهان كرامته, ونفي حقه المقدس في الحياة, والضحية أيا كانت هويتها, خرجت من رحم المعاناة, لتحمل قيم السلام الحرية والعدالة والمساواة وتآخي الإنسان مع أخيه الإنسان, ولتدفع ثمن هذه القيم.

أيا كانت هوية قتلة المتضامن الأممي فيتوريو اريغوني وأيا كانت معتقداتهم الفكرية والعقائدية ومهما كانت دوافعهم وغاياتهم, إلا أنهم لم يخرجوا إلا من نفس المفرخة التي انتجت سائق بلدوزر الإحتلال الإسرائيلي الذي داس المتضامنه الاممية راشيل كوري ( يهودية الأصل) وأزهق روحها أثناء تصديها لسياسة هدم بيوت الفلسطينين من قبل الإحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح. والأيادي التي لفت حبل المشنقة حول رقبة فيتوريو أريغوني هي نفس الأيادي التي أطلقت رصاصات الغدر على الكونت برنادوت, وجوليانو خميس, وناجي العلي, وشهداء أسطول الحرية بل ومن قبلهم وبعدهم مئات القوافل من الشهداء الذين خضبوا أرض فلسطين, والتي لم تعرف ومنذ انعقاد مؤتمر بازل (المؤتمر الصهيوني الاول) إلا لغة الحروب والإرهاب والعنصرية والفاشية والاحتلال وأصبحت المثال الساطع لظلم الإنسان لأخيه الإنسان.

كُثُر الباكين والمتباكين على شهيد الإنسانية فيتوريو أريغوني فمنهم من بكاه بحق ومنهم من جعل من دموعه موازيناً جديدة تضيف له رصيداً في ميزان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أو في ميزان الإنقسام الفلسطيني الفلسطيني, فيتوريو الذي كان يكرر دائما " كن إنسانا " بكاه من أراد أن يكون إنسانا, وذرف دموع التماسيح عليه, من تقنع بالإنسانية لتمرير سياسات الإحتلال وبرامج الإنقسام

باستشهاد فيتوريو تباكى أصدقاء إسرائيل وأنصارها ومحبيها وعاشقي سياستها العدوانية, ووجدوا ضالتهم في توجيه سهام حقدهم على الشعب الفلسطيني وتشويه صورة نضاله العادل من أجل حريته واستقلاله, ووجدوا ذريعة جديدة لتبرير الحصار الظالم على القطاع, وأي عدوان جديد سواءاً على غزة أو على قوافل المتضامنين معها, وتقديم قطاع غزة للعالم على أنه مفرخة للإرهاب والجماعات المتطرفة وجزءاً مع معسكر الشر والإرهاب العالمي, ويستحق أكثر من حصار وأكثر من عدوان, وان قوافل المتضامنين معها, إما مضَلَله أو متواطئة مع بؤرة من بؤر الإرهاب في العالم.

باستشهاد فيتوريو تباكى أمراء الإنقسام الفلسطيني,ولم يرُ في إستشهاده سوى حادثة تقدم لهم التبرير الكافي لتشديد قبضتهم الامنية وسياسة الإستعلاء والتسلط على قطاع غزة, والاستمرار بنهج نفي الاخر وتكفيره وتخوينه, ورفض أي مبادرة للمصالحة الوطنية, وإعادة اللحمة إلى أبناء الشعب الواحد والقضية الواحدة, متجاهلين أن ثقافة التكفير والتخوين, واستخدام لغة العنف بدلا من لغة الحوار في حل الخلافات الداخلية, وسياسة رفض الآخر جملة وتفصيلا, والتحريض عليه بفتاوي دينية, وتسيس منابر المساجد وحلقات الوعظ الديني, وتكريس الإنقسام الفلسطيني وعرقلة قطار المصالحة والوحدة, علاوة على ممارسات الاحتلال, هي من خلق المناخ المناسب والبيئة الصالحة لنمو جماعات التطرف والعنف والإنغلاق الفكري في المجتمع الفلسطيني.

سواء بكينا على فيتوريو أم تباكينا عليه تبقى الأسئلة الذي لابد من الاجابه عليها, لماذا فيتوريو في غزة؟..... ما الذي يفعله هناك؟..... هل هو في رحلة إستجمام؟..... ومن هو المستفيد من قتله؟.... من صاحب المصلحة في إسكاته إلى الأبد؟
لم يأت فيتوريو إلى غزة للسياحة أو الإستجمام أو الراحة, لقد أتى غزة وأقام بها متضامنا مع شعبها, أقام بها ليعيش همومها وأحزانها, أقام مع أهلها ليشاركهم معاناتهم وصمودهم, أتى نصيرا لأهداف الشعب الفلسطيني في التحرر والإستقلال, أتى مشاركا الشعب الفلسطيني نضاله العادل والمشروع, فاستنشق الغاز المسيل للدموع في مسيرات بلعين ضد جدار الضم العنصري, وإخترق حصار غزة, , ليغرز العلم الفلسطيني في الحزام الأمني في وجه جنود الإحتلال وتحت زخات رصاصهم, وليبحر مع صيادي غزة متضامنا معهم ضد ممارسات البحرية الإسرائيلية تجاههم, وقضى أيام الحرب الأخيرة على غزة شاهدا على جرائم الجيش الإسرائيلي, مسجلا شهاداته لصحيفة مينافستو الإيطالية اليسارية, فهو لم يكن مجرد متضامن عادي, بل كان شاهدا على العصر لجرائم إسرائيل, كان ذلك المتضامن الاممي الذي لا يكون إلا حيث يوجد الظلم ليقف إلى جوار المظلوم, لم تثقل كاهله الحياة القاسية في غزة, ولا المعاناة من معاملة جنود الإحتلال على المعابر والحواجز التي تمزق أشلاء الوطن الواحد, ولا الخوف من قصف طائرات الإحتلال اليومي لأحياء غزة السكنية, بل أثقل كاهله وفاؤه لتراث أجداده الذين كانوا من الانصار الذين قاوموا الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية, فقد عاش واستشهد يحمل هذا الإرث العظيم وفيا ومخلصا له, من عرفه من سكان غزة يؤكدون انه كان دائما مرحا وفرحا وفخورا بما يقوم به, معتزا بنسبه المناضل, كان دائم التكرار لكلماته التي ارتبطت به واصبحت علامته المميزه " كن إنساناً ".
بكلمتان فقط إختزل فيتوريو سيرة حياته وتراث أجداده وأسباب إستشهاده
في سيرة فيتوريو نجد الإجابة على تساؤلاتنا السابقة, ففي سيرته نجد الإجابة على من يريد إسكات شاهدا على عصر جرائم الإحتلال, نجد الإجابة على من لا يريد وجود فيتوريو وأمثاله في فلسطين.
فلو لم يكن هناك إحتلال لم تسقط راشيل كوري شهيدة في رفح
فلو لم يكن هناك إحتلال لم يعد فيتوريو أريغوني لأهله جثة هامدة
فلو لم يكن هناك إحتلال لم نفقد مبدعا مثل جوليانو خميس
الإحتلال هو مفرخة الإنغلاق الفكري والتطرف والعنف والإرهاب في كلا الشعبين.

بالدموع والشموع ودعت غزة جثمان الشهيد فيتوريو أريغوني, ولم يعكر صفو قدسية لحظات وداعه سوى أزيز طائرات الإحتلال تجوب سماء غزة باحثة عن فريسة تصطادها لإشباع غريزة القتل عند هيئة أركان جيشها, ولم يكن رد المودعين سوى صيحات قلوبهم " فيتوريو إبن فلسطين فلترحلوا عنا يا إرهابيين "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لك استاذ خالد
مكارم ابراهيم ( 2011 / 4 / 17 - 08:04 )
سلمت يداك على هذه المقالة استاذ خالد والمجد لكل الشهداء الذين سقطوا من اجل غزة وفلسطين
خالص احترامي وتقديري


2 - مقال رائع
ريم العراقية ( 2011 / 4 / 17 - 12:49 )
رؤية منطقية واعية ونظرة تحليلية صائبة للواقع المزري .
اهنؤك على كلماتك التي اصابت كبد الحقيقة .
تحية لك استاذ خالد بعد غيبة طويلة . المهم ان يقرأ المتصفح
ويلتهم شعاع الحقائق المغيبة , وليس التعليق على المقالات بذات اهمية
بقدر الاطلاع والقراءة .
تحية خاصة للاعلامية الاستاذة مكارم
تحية لكل الشهداء والمقهورين


3 - محاكمة القتلة
رعد الحافظ ( 2011 / 4 / 17 - 15:02 )
أخي الكاتب العزيز / خالد
لقد فرحتُ بقراءة عنوان مقالكَ
ولا أخفيكَ سراً إستمرت فرحتي بقراءة متن المقال وإدانتكَ للقتل والإرهاب بكل أنواعهِ ومصادره
لكنّي حتى نهاية المقال لم أعثر على إدانة للفاعلين على الأرض وهم معروفين وسوف تعتقلهم حماس حسب التصريحات , بل لقد إعتقلت إثنين منهم
أنا أتفهم طبعاً إشارتكَ للمتسبب الأوّل لما يجري حالياً على الأرض
لكن ألا ترى معي بأنّ ذلك لايُبرّر قتل متطوّع جاء لنصرتنا ( لو سمحت لي بالتكلم بإسم شعب غزّة الصابرين ) أليس من حقّهم أن يشهدوا محاكمة عادلة للجناة ؟
من يدري أنّهم لايمثلون أجندة الأعداء ؟ أليس هذا وراداً ؟
لماذا أغفلتَ مطالبتكَ بتحقيق العدالة والإقتصاص منهم وذكرهم علناً ؟
أرجو تقبّل ملاحظاتي بصدرٍ رحب , فأنا فعلاً أقصد ما كتبته


4 - اذا سئلت اين نجد القتلة
علي احمد الرصافي ( 2011 / 4 / 17 - 15:37 )
تحية للكاتب
رغم ادانتك للعمل الارهابي وتعميمك الغامض لمصدر الارهاب لكن مع هذا يبقى خطوة في الموقف المتقدم لادانة هذة الجريمة
انا اعتقد الكل يعرف اي يختفي هوءلاء المجرميين
اذا سئلت اين اجدهم ساءخبرك بدون تردد ستجدهم في الجامع واذا صعب عليك تحديدهم فابدء بكبيرهم وسيخبرك بتواجدهم


5 - حكم الذمي في شرع حماس
يوسف روفا ( 2011 / 4 / 17 - 17:11 )
قتلة الشاب رامي عياد المسيحي الفلسطيني مدير المكتبة المعمدانية في غزة عام 2007 وجليانو خميس و فيتوريو إبن روما قتلتهم العقيدة الفاشية للجماعة ال سلفية اصدقاء خالد بن الوليد,عقيدة غاندي الهندوسي لم تقتل المحتل البريطاني وعقيدة مارتن لوثر كينج المسيحي زعيم السود في امريكا لم تقتل الأبيض العنصري استاذ خالد أبو شرخ بل كفاحهم كان سلمي لقضيتهم


6 - السيدة مكارم إيراهيم المحترمه
خالد أبو شرخ ( 2011 / 4 / 17 - 17:59 )
بعد التحية
جزيل الشكر على مرورك وتعليقك الذي أعتز به, والمجد كل المجد لكل من سقط على مذبح الحرية في العالم أجمع


7 - إلى الأخت ريم العراقية
خالد أبو شرخ ( 2011 / 4 / 17 - 18:02 )
بعد التحية
شكرا على مرورك الكريم , وبالفعل المهم هو قراءة السطور وما بينها جيدا لمعرفة الحقيقة دون مواربه


8 - الزميل / رعد الحافظ المحترم
خالد أبو شرخ ( 2011 / 4 / 17 - 18:19 )
بعد التحيه
شكرا على مرورك الكريم وتعليقك ,اتفق معك تماما على ضرورة محاكمة الجناة بشرط ألا تخضع المحاكمة لاعتبارات تنظيمية وفئوية لحكومتي غزة ورام الله او لهذا التظيم او ذاك , بل يجب ان تكون محاكمة وطنية عادلة ونزيهة وشفافة وتكون بداية ونقطة انطلاق لخطة وطنية شاملة لمحاربة واجتثاث بؤر التطرف والعنف وسياسة التحريض والتخوين والتكفير من مجتمعنا
اما لماذا لم اذكر ذلك بمقالتي , فالهدف من المقاله هو ادانة الأرهاب أيا كان مصدره وهويته وأيا كانت الضحية بغض النظر عن جنسيتها أو دينها او عقيدتها وليس تحديد جماعة بعينها بل ادانة الأسباب الرئيسيه لدوامة العنف التي نعيشها في فلسطين


9 - الاخ علي الرصافي المحترم
خالد أبو شرخ ( 2011 / 4 / 17 - 18:22 )
بعد التحية
اعتقد أخي الكريم أنني تطرقت لتسيس المساجد واستغلالها في خلق مناخا للعنف والتطرف والارهاب, ومرة اخرى الهف ليس تحديد جهة معينه بل ادانة الارهاب واسبابه الرئيسية


10 - الاخ يوسف روفا المحترم
خالد أبو شرخ ( 2011 / 4 / 17 - 18:27 )
بعد التحية
عد الى ردودي للسيد رعد الحافظ والسيد على الرصافي فقد اوضحت هذف المقاله, بالنسبة لاشكال واسليب النضال التي اتبعها الغير أؤكد عليها مع تاكيدي على ان كل ثورة لها خصوصياتها وظروفها الموضوعية والذاتية التي تفرض اشكال واساليب النضال التي يجب ان تتبعها

اخر الافلام

.. شبكات| فيديو يظهر شجاعة مقاومين فلسطينيين في مواجهة جيش الاح


.. شبكات| مغاربة يدعون لمقاطعة مهرجان موازين بسبب غزة




.. عمليات البحث عن الرئيس الإيراني والوفد المرافق له


.. خبيرة بالشأن الإيراني: الدستور الإيراني وضع حلولا لاحتواء أي




.. كتائب القسام: استهداف قوات الاحتلال المتموضعة في محور -نتسار