الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أضواء على خطاب الرئيس السوري

نارت اسماعيل

2011 / 4 / 17
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


لقد فرحنا كثيرآ لأن الرئيس بشار الأسد لم يكثر من الضحك هذه المرة كما فعل في خطابه المشؤوم السابق أمام مهرجي مجلس الشعب، كما فرحنا أيضآ لأنه قام بتصحيح بعض الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها في خطابه السابق، فهو أعاد هذه المرة الاعتبار للشهداء واعتبر كل من قتل في الاضطرابات الأخيرة بمنزلة شهيد وليس مندسآ أو عميلآ، وكذلك تأكيده على ثقته بالشعب السوري وأنه شعب حضاري وناضج ووطني وأخيرآ اعترافه بأن هناك تقصيرآ من الحكومة تجاه الشعب وأن هناك فجوة بينهما ويجب ملؤها.
بعد ذلك أخرج الرئيس السوري من جيبه بعض الوعود ومشاريع الاصلاحات مثل طلبه لمجلس الوزراء الجديد إعداد قانون لرفع حالة الطوارئ، وقانونآ آخر للأحزاب السياسية، وقانونآ لإعلام عصري، وكذلك تكلم عن ضرورة محاربة الفساد وتطوير قانون الإدارة المحلية.
المشكلة أن هناك ثلاث قضايا لم يتم توضيحها بشكل كاف من قبل الرئيس أو أنها قدمت بشكل ملتبس وبشكل مقصود لإفراغ هذه القوانين من مضمونها
القضية الأولى: وهو موضوع حق التظاهر، فمن جهة أكد الرئيس أن الشعب له الحق بالتظاهر وأن هذا موجود في الدستور السوري، وأكد أن دور الشرطة هي حماية المتظاهرين وحماية الممتلكات العامة والخاصة من التخريب، ولكنه بالمقابل قال أنه وبعد أن تنفذ الحكومة الجديدة حزمة الإصلاحات التي حددها هو فإنه لن تكون هناك حجة لتنظيم التظاهرات وأن على وزارة الداخلية أن تمنع هذه المظاهرات بقوة وبكل حزم وبدون أي تساهل.
كيف يستقيم الأمر؟ من جهة يقول أن الشعب له الحق بالتظاهر ومن جهة أخرى يطلب من وزارة الداخلية قمع أي تظاهر بعد تطبيق الاصلاحات التي قررها هو بمزاجه، ومن يقرر أن تلك الاصلاحات كافية أو أنها نفذت بشكل مقبول؟ مع العلم أن وزير الداخلية المكلف هو اللواء محمد إبراهيم الشعار وهو رجل سيء الصيت و كان مديرآ لسجن تدمر وقت وقوع مجزرة تدمر الرهيبة والتي راح ضحيتها حوالي 700 سجين سياسي عام 1980، كما أنه كان مديرآ لسجن صيدنايا وقت وقوع مجزرتها هي الأخرى عام 2008، الرئيس السوري باختياره لهذا الشخص في هذا المنصب بدا وكأنه تأبط شرآ، بدا وكأنه يريد أن يقول لشعبه وبعد تلك الجمعة العظيمة والتي عمت فيها المظاهرات أرجاء سوريا بتحد قوي لحكمه ولجبروته، حسنآ أيها الملاعين لقد كسبتم هذه الجولة وسأعطيكم بعض الوعود والاصلاحات ولكن إن خرجتم مرة ثانية للتظاهر فسأكسر رأسكم وها أنا اخترت لكم وزيرآ للداخلية يعرف كيف يتعامل معكم.
القضية الثانية: هي موضوع قانون الأحزاب، فالرئيس طلب من الحكومة أن تبدأ بدراسة هذا الموضوع وأن تقدم دراسة وافية حوله وقال أن يفضل أن يكون هناك حوار وطني حول الموضوع لتحديد النموذج الأفضل لهذا القانون والذي يتناسب مع المجتمع السوري.
برأيكم كم سنة ستمر لإصدار هذا القانون؟ وكم كديشآ سوف يعيش حتى يطلع الحشيش قبل أن يرى هذا القانون النور؟ فالحكومة سوف تدرسه أولآ ثم تطرحه للحوار الوطني لمناقشته ثم ترفعه لآية الله الرئيس والذي هو من يقرر ما إذا كان مناسبآ للمجتمع السوري أم لا!
عن أي حوار وطني يتكلم الرئيس؟ ومن الذي سيقرر أسماء المحاورين الوطنيين؟ وأرجو أن لا يكون مهرجو مجلس الشعب هم المقصودون بالمحاورين الوطنيين، وهل سيسمح للمعارضين السياسيين بالمشاركة في هذا الحوار الوطني مع العلم أن جزءآ منهم موجود في السجون وجزء آخر موجود في المهجر ولا يستطيعون العودة لبلدهم.
القضية الثالثة: وهي موضوع محاربة الفساد حيث طلب الرئيس من الوزراء أن يصرحوا عن ممتلكاتهم الشخصية قبل تسلمهم لمهامهم وبعد انتهاء مهامهم، الرئيس يعرف وكذلك أصغر تلميذ مدرسة في سوريا يعرف أن الفساد الحقيقي ليس فساد الوزراء ولا المسؤولين الحكوميين حتى الكبار منهم، وإنما هو فساد حاشيته وأقربائه والرئيس يعرفهم واحدآ واحدآ، وهل يستطيع أحد الاقتراب منهم؟
إن جوهر القضية ما بين الرئيس وشعبه هي أن الشعب لم يعد يقبل أن يخاطب الرئيس الناس بلغة الإملاءات، سواء كان خطابه لأعضاء الحكومة التي يعينها هو نفسه وعلى مزاجه أم خطابه لشعبه، ولا يقبل الشعب أن يعتبر الرئيس نفسه حاكمآ أبديآ وأنه الحاكم بأمره وهم المغلوبون على أمرهم.
الناس لم تعد تريد رئيسآ أبديآ فهم لن ينتظروا خمسين سنة أخرى حتى يموت الرئيس بالسكري أم بالسرطان ، أو يصاب بالوهن والعته والزايمر مثل فيدل كاسترو
الناس لم يعودوا يقبلون أن يخرج الرئيس من جيبه حزمة وعود وبعض قطع الغيار وكأنها مكرمة من عنده، ولا يفعل ذلك إلا مضطرآ تحت ضغط الشارع
الشعب صار يريد تغييرآ جذريآ حقيقيآ وليس ترقيعات.
الشعب يريد أن يقرر مصيره بنفسه، يريد أن يختار ممثليه بحرية.
باختصار، الشعب صار يرى مستقبله بدون بشار الأسد، ليس كرهآ فيه لشخصه ولكن لأنهم أعطوه الفرصة تلو الفرصة واختبروه لمدة 11 سنة وفشل في الاختبار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ت 1 / تراخي القبضة
رعد الحافظ ( 2011 / 4 / 17 - 14:15 )
عزيزي د. نارت إسماعيل
أنا متفائل بمستقبل الثورة السورية ونجاحها رغم التضحيات الكبيرة المتوقعة نظراً للقوة الغاشمة لطغيان السلطة , وسأوضّح لكَ سبب تفاؤلي
أولاً / الوقت الراهن ليس كجميع العصور التي مرّت على البشرية
هذا أوان حقوق الإنسان وعالم الإتصالات والصورة السريعة والإنترنت والفيس بوك ورقابتهم
ثانياً / هناك حقيقة يقررّها علماء الإجتماع وكبار مفكري السياسة هي التالية
عند إرتخاء قبضة الطاغية ( بعد طول شدّة وقسوة ) فإنّ الأمور سوف تخرج من بين يديه وتتسرب تدريجياً خارج نطاق سيطرتهِ وسوف يفقد قدرتهِ على إحكام وغلق قبضتهِ من جديد
وربّما حتى عضلات قبضة اليد ينطبق عليها نفس الوصف وأنتَ طبيب وتعرف مايحدث عند تعب اليد نتيجة الشدّ الطويل
ثالثاً / تناقضات بشار التي يدركها حتى الأطفال ويضحكون منها هي نتيجة منطقية لطريقتهِ وأفكارهِ وخطاباتهِ , فهي مليئة بالأكاذيب , وكما تعلم عزيزي فالأكاذيب تتصارع فيما بينها حسب وبستر , فينتج بعدها فضائح هي أقرب للمسرحية السمجة وبعيدة عن منهج للإصلاح والتغيير , ولو كان بشار صادقاً مقدار ذرّة واحدة لسمحَ للإعلام بالوصول الى الحدث ونقلهِ للعالم جميعاً , يتبع


2 - ت 2 / مصير الطغاة
رعد الحافظ ( 2011 / 4 / 17 - 14:36 )
رابعاً / الطغاة عادةً يستعينون بالقساة وفاقدي الضمير
وتكليفهِ للشعّار / محمد إبراهيم حسب تأريخهِ الأسود الذي ذكرتهُ
يكون نتيجة منطقية متوقعة منه لمزيد من التخبّط
فهو يرخي القبضة ( نظرياً ) من جهة ويحكمها عملياً على الأرض
وهذا في ظنّي لن يُسكت الشعب الثائر , لكنّهُ فقط سيزيد أعداد الضحايا والأبرياء ممن يُطالبون بالحرية والكرامة وليس لقمة الخبز , فحسب
خامساً / جواباً على سؤالك , كم سوف يستغرق نقاش قانون الأحزاب ؟ أقول
ربّما 40 سنة أخرى لو تبقى الأمور بيد بشار
وربّما سيرحلها الى إبنهِ لو شاء
بينما الأمر لايستدعي سوى ثواني لقراءتهِ إعلان يلغي فيه حالة الطواريء ويسمح بقيام الأحزاب الوطنية ويُطلق الحريات بجميع أنواعها
لكنّه لن يفعل , لأنّ في ذلك نهايتهِ , وليس خراب سوريا كما يُعلن المؤدلجون
بل سعادة الشعب السوري وتقدمهِ , إذ لا كرامة بدون حريّات , فلماذا يتشدقون بالجولان وهم من أضاعها قبل 44 عام وبإسمها صادروا حياة الشعب وحريته ؟
***
أخيراً هناك مقوله رائعة
السياسيون مثل الحضينة تحتاج الى تغيير مستمر
بينما بشار يريد أن يبقى حضينة دائمة مثل أبيه والقذافي و كاسترو, وباقي الطغاة


3 - فرط الكلام
جواد أبو منقل ( 2011 / 4 / 17 - 17:44 )
كان عليك يا نارت ألا تفرط في الكلام فكاسترو عاش على الكفاف ولم يتكسب من شعبه دولاراً واحداً . عاش رئيساً خمسين عاماً ولم يسكن قصراً ولم يأخذ راتباً


4 - معلومات خاطئه
محمد عاقل ( 2011 / 4 / 17 - 19:26 )
يرجى التصحيح اللواء محمد ابراهيم الشعار لم يكن مديرا لسجن تدمر في عام 1980

ومن المعيب ان تكتب معلومات خاطئه
تمس اشخاص موجودين بيننا


5 - ردود
نارت اسماعيل ( 2011 / 4 / 17 - 21:14 )
الأخ العزيز رعد الحافظ، أشكرك على تعليقك الوافي، النقطة الأساسية هي أن الشعب السوري بمجمله لم يعد يريد الرئيس بشار في الحكم ولا تصدقوا تلك المسيرات المؤيدة التي يجبرها على الخروج من حين لآخر
مللنا من لغة الإملاءات التي يعاملنا بها وكأننا عبيد عنده ومللنا من تلك الطريقة التي يتفضل بها علينا بمنحنا ( حزمة إصلاحات)، ومن سيشرف على تنفيذ تلك الإصلاحات؟ أليست أجهزته الفاسدة؟
أليس من حق الشعب أن ينتخبوا رئيسهم وممثليهم بحرية؟
شكرآ أخ رعد وتقبل تحياتي الخالصة

الأخ جواد أبو منقل، لا أدري إذا كان كاسترو قد عاش على الكفاف ولكن المؤكد أنه جعل شعبه يعيش هو الآخرعلى الكفاف في بلد من أجمل البلاد وعندها كل الإمكانيات لكي تصبح جنة من جنان الأرض، ليس المطلوب أن يعيش الرئيس على الكفاف ولكن المطلوب أن ينهض ببلده، شكرآ لك

الأخ محمد عاقل، بالحقيقة أنا نقلت المعلومة من مصادر بالانترنت وأنا أعتذر إذا كانت غير صحيحة، تحياتي لك


6 - قطع غيار عتيقة لم تعد تنفع
الحكيم البابلي ( 2011 / 4 / 18 - 01:24 )
مقال جميل أخي نارت
لا اعرف ماذا يرى الناس في خطاب ( العتوي ) المسمى الأسد ؟
شخصياً المس كل الضعف في موقفه وخطابه ، والظَلَمَة لا يتنازلون عن انجٍ واحد ما داموا يملكون الوسيلة للإحتفاظ بكل غنائمهم ، وبشار اليوم يحاول كسب الوقت عن طريق المساومة التي لا تخلو من الحيلة والغدر والمواغدة ، كونه يعرف اكثر مِنا جميعاً بان ديمومة التظاهرات وسقوط عدد أكبر من القتلى سيستدعي الضمير العالمي للتدخل عاجلاً أو آجلاً ، وهذا لن يكون في صالحه
أعجبني قولك : الناس لم يعودوا يقبلون ان يخرج الرئيس من جيبه حزمة وعود وبعض قطع الغيار وكأنها مكرمة من عنده ، ولا يفعل ذلك إلا مضطراً تحت ضغط الشارع

حتى قطع الغيار لم تعد صالحة للسفينة التي اكلها الصدا وتكسرت اشرعتها وعاثت بها فئران الزمن
الشعب بحاجة لسفينة جديدة يحس في داخلها بالأمان ، ولقبطان جديد يعرف يقيناً أنه يؤدي واجبه الوطني فقط ، ولن يكون مالكاً للسفينة إلى أبد الآبدين
يقول الشاعر أحمد مطر
إثنانِ في أوطانِنا
يرتعِدانِ خيفةً
مِن يَقظةِ النائِمْ
اللصُ .. والحاكِم
تحياتي أخي نارت


7 - ردود
نارت اسماعيل ( 2011 / 4 / 18 - 04:13 )
اليوم حدثت مجازر جديدة في عدة مدن سورية مع أن الشعب يملك حق التظاهر كما قال الرئيس نفسه، يومآ بعد يوم يفقد الناس ثقتهم بالرئيس ووعوده وحزمه الإصلاحية وأعتقد أنهم وصلوا إلى نقطة اللاعودة، شكرآ أخي الحكيم البابلي على مشاركتك وتأييدك، تحياتي لك

اخر الافلام

.. داعش يتغلغل في أوروبا.. والإرهاب يضرب بعد حرب غزة | #ملف_الي


.. القرم... هل تتجرأ أوكرانيا على استعادتها بصواريخ أتاكمز وتست




.. مسن تسعيني يجوب شوارع #أيرلندا للتضامن مع تظاهرات لدعم غزة


.. مسؤول إسرائيلي: تل أبيب تمهل حماس حتى مساء الغد للرد على مقت




.. انفجار أسطوانات غاز بأحد المطاعم في #بيروت #سوشال_سكاي