الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاذهم نصب الحرية فقط حتى تُسمعْ أصواتهم

هادي الخزاعي

2011 / 4 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لايضايق أحد أن تدعوا قيادة عمليات بغداد أو الداخلية أو مجلس محافظة بغداد ، جمهرة من الناس الى ملعب رياضي لمشاهدة لعبة بكرة القدم ، او بطولة رياضية وطنية ، وحتى وليمة عشاء أو غداء ، ولكن أن تدعوا هذه الجهات ، الى أن تكون التظاهرات أو الأعتصامات الجماهيرية المطالبة بتوفير الخدمات ومحاربة الفساد في ملاعب كرة القدم ، فتلك هي العلة يا نفسي كما قال هاملت في تراجيديا شكسبير الشهيرة .. هاملت .

أسأل هنا ، عن جدوى أن يتجمهر ناس في ملعب لكرة القدم كي يعرضوا معاناتهم ، ولكن على من ؟! على المدرجات أم على أنفسهم ! تلك الدعوة الغريبة ، وتحت أي مبرر تختلقه الجهات التي دبجت الأمر ، والتي رمت الكرة في ملعب قيادة عمليات بغداد كي لا تواجه الجماهير وتشطح مثلما شطح قبلها مجلس محافظة البصرة .

شخصيا لم أسمع مثل هذا الهراء إلا من الرئيس المخلوع حسني مبارك حينما أمرت قوات شرطته أن تكون أعتصامات الطلبة أو تظاهراتهم داخل جامعاتهم فقط ، وأيضا من علي عبد الله صالح الرئيس الذي ينتظر أن يُخلعْ قريبا من حكم اليمن، إذ فضل أن تكون اعتصامات المتظاهرين في ملعب كرة القدم بدلا من ميدان التغيير أو التحرير ، بسبب المضايقات التي يعاني منها سكنة المنطقة ، وكأن قيادة عمليات بغداد قد أستعارت مبررات منع التظاهر في ساحتي التحرير والفردوس من علي عبد الله صالح بحجة إن التجار قد شكو من تظاهرات جُمَعْ الغضب في ساحة التحرير . وكلنا يعلم إن التجار يغلقون مكاتبهم أيام الجمع . أما المحال وأصحاب البسطات من الفقراء فيزداد كسبهم في زحمة هذه التجمعات . فليس هناك من داع للخوف عليهم .
أم انه الخوف من تأييد الجماهير للمعتصمين أو الألتحاق بهم . بعد أن فشلت أجهزة الداخلية والأمن والرصاص الحي ورشاشات الماء الساخن والهراوات ومن ثم الأعتقال والتعذيب من أن توقف ذاك الحراك المتميز للجماهير .
لم يُرهبْ المتظاهر ولم يتوقف دعم الشارع له ، رغم كل إجراءات الترهيب التي مورست ضد المعتصمين .

هل يعلم السيد قاسم عطا اوالسيد الزيدي أو السيد صلاح عبد الرزاق أن تمثال اللاعب جمولي المنتصب أمام بوابة ملعب الكشافة قد طلب صاحبه اللاعب جمولي من أمانة بغداد قبيل وفاته برفع التمثال من مكانه ؛ لأنه يعاني من الأهمال التام ، وقد شكل له ذلك أهانة فضل فيها أن لا يرى النصب بذلك الأبتذال .
ومثله يعاني أيضا ضريح اللاعب الفذ عمو بابا المسجي في ملعب الشعب من ذات الأهمال ، وتريد أن يهتم مسؤول بتظاهرات الجماهير وهم يتظاهرون داخل أقفاص ملاعبنا اليتيمة .

كما لم اسمع يوما أن حكومة وطنية وديمقراطية وحضارية ـ مثلما توصف الدولة العراقية ـ أن طلبت من مواطنيها الذين يريدوا التعبيرعن مطالب محددة لهم ، أن ينفذوا ‘عتصامهم أو تظاهرهم داخل اسوار الملاعب الرياضية ! فإن حدث ذلك ؛ فلابد إن حاكم تلك الدولة أكبر دكتاتور ، لكنه يتصنع أن يكون ديمقراطيا .

وفي تداعيات ما يحدث ، لم تبخل علينا عقلية اللواء (قاسم عطا ) الذي تسلل ألينا كتركه من النظام السابق ، أن يأمر في أن تكون ظاهرة حرية التعبير عن الرأي التي حرم منها العراقيين طيلة حكم البعث ، أن تكون في أقفاص ملاعب الكشافة والشعب والزوراء ، حتى لا تتأثر حركة سير المركبات في الباب الشرقي أيام الجمع . وكأن سير المركبات لا تعرقلها مواكب السادة المسؤوليين وسيارات حماياتهم رباعية الدفع التي تجوب الشوارع بكل دقائق النهار .
والعجيب إن مجلس محافظة بغداد بعقولهم التي يفترض إنها مرتبطة بمصالح الناس ، تتوافق مع عقل اللواء بهذا الأجراء التعسفي والمتخلف ، والذي يخالف الدستور المتوافق على مواده من قبل الجميع .

ما هذا التخبط يا محافظ بغداد صديقي العزيز أبو جعفر الذي تظاهرنا معا مرات ومرات في أرض لجوئنا ، وتحديدا في العاصمة دان هاخ التي نسميها (لاهاي) ولا أقول عن مدن أخرى .
هل تذكر يوما يا أبا جعفر إنا قد مُنعنا من التظاهر أو الأعتصام في ذلك البلد ، وهو بلد حضاري تميزه بهذه الصفة كل بلدان أوربا ، والتي نلت شهادتك العليا منه ، او إن بلدية تلك العاصمة أو شرطتها كانتا قد رفضتا لنا واحدا من طلباتنا المتكررة بالتظاهر والأعتصام من أجل قضايانا الوطنية التي ناضلنا معا من أجلها ، وحتى بعد أن ضربنا السفارة الأمريكية بالحجارة قبيل الأحتلال لم يمنعوا تظاهراتنا. هل تذكر إنهما أمرونا يوما ، بالتظاهر في ملعب لكرة قدم ، أو إنهما أمرونا مرة أن نتظاهر في واحد من باركات ذلك البلد التي تعج بالخضرة والزهور ، تحت حجة أن نكون حضاريين ، أو حتى لا نعرقل سير المركبات كما يشير أمر منع التظاهر في ساحة التحرير !

أعرف أن ذاكرتك وفية للتداعيات يا أبا جعفر ، فحتى عندما كانت تحين ساعة الصلاة ونحن في ساعات الأعتصام أمام بوابة محكمة العدل الدولية من أجل قضايا شعبنا ، كان عدد من المتظاهرين أو المعتصمين يسجدوا للقبلة وهم يؤدون فرض الصلاة ، وحينها لم يقل لنا أحد ، سواء من المارة او الشرطة التي كانت تحرسنا بلا أسلحة ، ولا بصاصين من الشرفات أو النوافذ : ماذا تفعلون ؟!
بل إنهم كانوا يتركونا حتى يكمل الشيخ ، أو رجل الدين وجماعة المصلين كل صلاتهم وصلواتهم في عرض الشارع أمام محكمة العدل الدولية .

أعجب أن توافق يا أبا جعفر ، يا محافظ بغداد الذي مهد لهذا التعسف ، أن يقال عن الذي يحتضنهم نصب الحرية كل جمعة ، وعلى قلتهم ، بإنهم غير حضاريين أو أوصاف مبتذلة أخرى، وهم الذين لم تنسيهم مسؤوليتهم الأخلاقية أن يجمعوا حتى أعقاب السكائر من الأرض في أكياس القمامة التي جلبوها معهم لهذا الغرض عندما تنتهي ساعات أعتصامهم .

لذلك فليس لكم من سبيل آخر يا من تريدون من الناس التظاهر في ملاعب كرة القدم ، غير أن تتركوا الناس ونصب الحرية ، فليس هناك من مكان أجدر بالمعتصمين غير ساحة التحرير كي تُسمعْ أصواتهم المطالبة بوقف الفساد وتوفير الخدمات وإيجاد فرص العمل للشباب ووووو... فكرة الثلج تكبر كلما استمرت تتدحرج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت