الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان المنسى وسط الثورات العربية

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الثورات العربية المتلاحقة والحرب الدائرة فى ليبيبا تطرح من جديد موضوع دعم وحماية المدنيين العزل المعرضين للقمع والبطش من جانب الأنظمة الأمنية والإستبدادية الحاكمة فى واقعنا العربى .

وممالا شك فيه أن معضلة أتساق الموقف الأممى وأزدواج معاييره مازالت تطل برأسها داخل هذا المشهد الإنسانى – فعلى سبيل المثال كان هناك صمت وتواطؤ من الدول الكبرى والمنظمات الحقوقية عن أدانة وشجب ما حدث للمواطنين المدنيين بمملكة البحرين على يد آل خلفية .

والثابت أن تحديات حماية المدنيين من جانب الأمم المتحدة وشركاؤها الدوليين تجد مصدرها فى " لغة المصالح الإقتصادية والسياسية القائمة والمحتملة " التى ترسم فى النهاية أوجه وحدود التدخل الدولى فى هذا الإطارالإنسانى .

المثال الليبى وقرارمجلس الأمن الدولى بفرض منطقة لحظر الطيران من أجل تحجيم الفعاليات العسكرية لكتائب القذافى – يطرح تساؤلآ حول دور المنظمة الأممية فى حماية المدنيين بمنطقة دارفور المجاورة للأراضى الليبية .

فالأنباء الواردة من السودان تقطع بأن حكومة البشير تشن غارات جوية منتظمة على الأقليم كان آخرها فى 26 مارس الماضى وتسببت فى تدمير أربعة منازل و أصابة العشرات من أبناء الأقليم مستغلة فى ذلك أنشغال المجتمع الدولى بالحدث الثورى العربى .

وفى 17 مارس الماضى أفاد منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية أن العنف والقصف الحكومى تسبب فى تشريد نحو 70 ألف مواطن سودانى , ونزوح أكثر من 2 مليون من أهالى دارفور منذ ديسمبر 2010 , و فى ظل غياب هيئات الغوث الإنسانى والتغطية الإعلامية المناسبة .

ويكشف الصراع الدائرفى الأقليم عن حتمية تحرك الجماعة الدولية لحماية المدنيين بدارفور , لاسيما بعد الإخفاق المستمر لبعثة الأمم المتحدة فى تحقيق التزاماتها الإنسانية و السياسية تجاه أبناء الأقليم على مدار أكثر من عشر سنوات .

رؤية اليسارلمفردات القضية الإنسانية فى دارفور تعتمد فى تقدير موقفها على معطيات الواقع الإجتماعى والسياسى السودانى العام , والذى يرتبط بجدل المصالح على الأرض , ويضع الجمهور وحق تقرير مصير هؤلاء البشر فى مقدمة أولوياته .

فهناك تركيبة أجتماعية و أقتصادية قبلية معقدة سائدة فى الأقليم , وتنتمى لعلاقات انتاج تنمى معطيات الصدام الطبيعى ( البيئى – الجغرافى ) بين الفلاحين الفقراء والبدو الرحل على موارد الثروة الطبيعية ( الأراضى الخضراء و مصادر العشب و المياه ) وعلى مصادر تنمية كثافة رأس المال الحيوانى و الزراعى .

ثم تدثر هذا الصراع الإجتماعى والطبقى فى شكل نزاع ( عرقى ) بين العرب والأفارقة من الزنوج , وأتخذ صيغة المواجهة المسلحة بين قبائل وعشائر وعائلات السودان الغربى , وحيث حلت الوشائج المناطقية والأثنية ( كسند لروابط الجماعات الأولية ) محل الأساس السياسى والإجتماعى المرتبط بفكرة الأمة والدولة الحديثة .

كما أن أنحيازات نظام حكم بشيرعمقت تفاوتات وأختلالات توزيع الثروة القومية بين أقاليم السودان وبما ألقى بدوره على بنية الإندماج القومى بدارفور , فصعدت تلك العصبيات التقليدية لتعبرعن نفسها وعلى خلفية تآكل قيم المساواة والعدالة الإجتماعية وتراجع أفكارالحداثة السياسية والقانونية .

وهكذا ساهمت زمرة الحكم " العسكرى – الدينى " فى الخرطوم – والتى أحتمت بشعارات أسلاموية وطبق قوانين قمعية أسماها بقوانين الشريعة – فى تكريس شكل من أشكال الوعى الجماعى الإنقسامى بين السودانيين , وأصبح تحالف " البشير / الترابى " منتجآ بمرور الوقت لأوجه التمييز بين المواطنيين وفق الدين والعرق والأنتماء الجهوى .

فكما أنفصل الجنوب المتعدد الديانات , تباعد الغرب الدارفورى المتعدد العرقيات , وتبدت مظاهر الفوضى والتمزق كحصاد لسياسات حكومة الإنقاذ التى تجاهلت موزاييك الواقع السودانى , وأستبعدت عمديآ فئات مذهبية وعرقية وثقافية موجودة ومؤثرة من فضاء المشاركة السياسية .

ولذلك يؤكد اليسار دومآ على " الحل الديموقراطى / العدالى " لقضية دارفور الذى يرتكز على ضرورة أحترام ومراعاة أوجه التعدد الدينى والأثنى وعدم جواز فرض الوحدة القسرية داخل الأقليم , وأحترام حق تقرير المصير .

كما أن الأغلبية القومية والدينية هى من يتحمل العبء الأكبر فى أستنساخ الحلول اللازمة التى تطرحها " أشكالية الأقليلت " , وبما يضمن التوافق الطوعى لفكرة العيش المشترك فى سياق وحدة التراب الوطنى وكفالة حقوق المواطنة بين أبناء الوطن الواحد .

كما أن المدخل الملائم لإعادة اللحمة يظل فى أيجاد روابط أقتصادية وعلاقة مشتركة بين الأقليم والمركز وبين المواطنين السودانيين تدفع نحو المساواة فى عدالة توزيع الثروة والناتج القومى والقضاء على أوجه التمايز الإجتماعى والطبقى .

ولكن يظل أخفاق نظام البشيرعن حل أزمة الأقليم حاضرآ , كما أن هناك تعثر دائم لمفاوضات السلام بين الفصائل المتناحرة , فضلآ عن العجز الدولى المستمر عن حسم فكرة اقامة منطقة الحظر الجوى بدارفور والتى جرى أثارتها منذ العام 2006 .

هناك حاجة ماسة لحماية المدنيين فى دارفور ولخلق السبل الكفيلة بتحقيق تضامن دولى أنسانى لإنقاذ ملايين البشر من دوامة هذه الكارثة الإنسانية .

موجات الثورة المتلاحقة هنا وهناك يجب الآ تعمينا متابعة وتحقيق الوضع المأساوى فى دارفور , كما أن خيارات التدخل الدولى الإنسانى لحماية المتظاهرين والمنتفضين فى المدن العربية يتعين أن تكون محل أعتداد بشأن الملف السودانى المهمل سياسيآ وأعلاميآ و أنسانيآ .
عماد مسعد محمد السبع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه