الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شمعة من اجل ضحايا الانفال

أحمد الشيخ أحمد ربيعة

2011 / 4 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


شهدت مدينة دلفت في هولندا احتفالا جميلا لاحياء ذكرى ضحايا عمليات الانفال المجرمة، وتشهد هولندا لاول مرة احتفالا بهذه المناسبة تميز بسعة المنظمات المشاركة فيه، والسعة النسبية للحضور، اضافة للاعداد والبرنامج الواسع وغيرها من الجوانب الطيبة التي يشكر القائمون عليه. لقد قيل الكثير في التابين وادمى الفلم الذي عرض قلوب الحاضرين، الا الاحتفال افتقد للتاكد على اهمية الدروس المستخلصة من عمليات الانفال، خاصة نحن كشعب، اضافة للكثير من تيارات الحركة السياسية العراقية، لم يدرك لحد الان كما اعتقد حجم وعمق مأساتة والجحيم الذي مر به. انه من المؤسف والمخجل ومنذ رحيل النظام الساقط ولحد الان، اريق من دم الشعب العراقي ما يفوق ضحايا وشهداء الانفال بكثير، وفي نظام كان من المفترض ان يكون بديلا للنظام الديكتاتوري السابق. خاصة اذا اضفنا اليها ضحايا الاقتتال العبثي بين قوى الحزبين المتنفذين في كرستان العراق في تسعنيات القرن الماضي.

تشكل الانفال قمة الجرائم التي ارتكبها النظام بحق الاكراد، وهي مواصلة وتعميق لسياستية الشوفنية القومية التي مارسها ضد النظام ضد القوميات الاخرى وبالذات الاكراد، وقد سبقها بجريمة اخر لا تقل بشاعة عنها وهي جريمة تهجير الاكراد الفيلية. كان ذلك وسيبقى مازق فكري وسياسي واخلاقي ووصمة عار للحركة القومية العربية ولمشروعها، وبالذات جناحها الاشد رجعية وفاشية المتمثل بالبعث العراقي، في فرض وسيادة لون واحد في الحياة في بلد متعدد الاعراق والاديان والمذاهب والاتجاهات السياسية. احد مأزق هذه السياسة هو اخطاع مبدأ المواطنة لاسقاطات ايدلوجية وسياسية بحث لا يتسع الوطن الا ما يتطابق مع تصور الفئة الحاكمة. وبدل ان يكون العراق للعراقين اخذ يتحول العراق للاغلبية اي للعراب ثم قام النظام باختصاره للبعثين تحت شعارات عديدة تربط ما بين البعث والمواطنة وبعد ذلك جرى اختزال الوطن للعرب من فئة معنية، وبالذات سكان مناطق محددة ثم اختصره للتكارتة وهكذا كانت المواطنة تقلم بما يتناسب مع نهج وسياسية النظام، ومع كل اختصار( سياسي، قومي، ديني، مذهبي ) في مبدا المواطنة وعبر الازمات التي كان يمر بها النظام، تم في النهاية افرغها من اي محتوى حقيقي، الى ان اصبحت مواطنة الدرجة الاولى محصورة براس النظام والفئات الاشد التصاق به.
لم يستخدم النظام في عمليات الانفال قدراته العسكرية فقط وانما استخدم كل ما يساعده في الحاق اكبر الخسائر بسكان المناطق التي شملتها عمليات الانفال من الموروث الديني والسياسي والعسكري وغيرها وجرى تصوير جرائمه باعتبارها موجه لقوى خانت الوطن وان عملياته هي جزء من حربة ( المقدسة ) ضد ايران. وانطلت هذه اللعبة على فئات واسعة من الشعب العراقي التي لم تعى حجم وعمق جرائم عمليات الانفال.
المؤسف والمخجل ان تسعى القوى المنتفذة بعد سقوط النظام الى اعادة انتاج معظم اساليب ونهج النظام السابق في ادارتها للبلد سواء في ممارستها اليومية او في نهجها السياسي او بالاحرى بعموم منهج ادارتها للبلد، واضعة في صلب نهج سياستها تقزيم مبدا المواطنة على اساس قومية ودينية ومذهبية وحتى مناطقية، باعتمادها نهج المحاصصة الحزبية والطائفية، ناسفة بذلك كل ادعائتها السابقة حول المواطنة وسياسية النظام السابق حولها. والاسوء من ذلك فانة بالرغم من ادعاءات اطراف عديدة بفشل هذا النهج والاثار المدمرة له على كل المستويات، الا ان القوى المتنفذة تسعى ومن خلال ممارستها اليومية ليس للتشبث بهذا النهج المدمر وانا تسعى بكل قوة لترسيخه. وتسعى القوى المتنفذة في الحكومة عبر التشديد على مظاهر الحياة المدنية واشاعة التجهيل والتخلف والتستر على عمليات الفساد واستخدام المليشات وغيرها من الاساليب، تسعى لفرض نوع واحد من طريقة التفكير والحياة بما يتلائم وطريقة تفكيرها ونهجها.

لقد بدات عمليات الانفال وقتها بالهجوم على مقرات الاتحاد الوطني الكرستاني، وفي الذكراة تبقى الافتتاحية التي كتبتها طريق الشعب انذاك في تقيمها لما حدث وبروح المسؤولية العالية. حين بدأ الهجموم على مقرات الاتحاد الوطني، تصورت كل القوى الكردستانية اضافة للحزب الشيوعي ان المستهدف الاساسي فيها هو الاتحاد الوطني الذي سبق ان فشلت مفاوضاتة مع السلطة اضافة لمسلسل الاقتتال الذي سبق ان خاضة الاتحاد الوطني مع كل القوى الكردستانية بما فيهم الشيوعين في السنوات السابقة وجريمته المخزية في بشتاشان. هذا الصراع الذي شكل نزيفا داخليا لكل القوى المتوجدة حينها في كردستان. طبعا هذالامر اضعف من يقظة واستعدادات قوات البشمركة للتصدي للعمليات الانفال او بما يمكن من التقليل من خسائرها، الا ان قوات البشمركة والانصار اكتشفت لاحقا ان الكل مستهدف في هذه العملية بما فيها السكان المدنين.
هل تدرك القوى الكردستانية، اضافة للقوى الاخرى في الوقت الحالي مخاطر مظاهر التضيق على الديقراطية الناشئة في البلاد، واستهداف مظاهر الحياة المدنية والتضيق على القوى الديمقراطية وتزوير الانتخابات والتستر على الفاسد وهشاشة المشروع الوطني وغيرها مما يعصف بالعملية السياسية المشوه اصلا.

في الاخير لابد من الاشارة الى ان كل الاحزاب المعارضة للنظام السابق وبكل الوانها سبق ان رفعت شعارات ودعوات لمحاسبة مجرمي الانفال. وهذا مطلب ليس سياسيا وقانونيا فقط وانما هو مطلب اخلاقي ايضا. ومن الضروري ان لا يجري تسيس هذا المطلب من القوى المتصارعة اليوم على الساحة الكردستانية، ان مطلب المحاكمة العادلة والتحقيق بمن ساهم او يشتبه به في المشاركة بعمليات الانفال، من قبل هيئات قضائية مستقلة هو حق مشروع ومقدس ليس فقط لضحايا عمليات الانفال وعوائلهم وانما حق لكل عراقي شريف لا يريد تكرار هذه المأساة او غيرها من المأسي التي مرت على العراقين. فضح هولاء المجرمون لا يتم من خلال الاشارات العامة والفضفاضة وانما من خلال تحديدهم والحث في البحث عنهم واتخاذ الاجراءات الملموسة ضدهم، وبدون اي مساومة على دماء وصرخات الضحايا. اجتمع الحاضرون ليس فقط من اجل الادانة لعمليات الانفال والتضامن مع ضحاياها وعوائلهم وانما من اجل ان لا تتكرار هذه المأساة وما شابهها ثانية، ولن يكون ذلك الا من خلال استخلاص بعض دروس المرارة السابقة والتي سعيت للاشارة للبعض منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانفال جريمة فاشية بعثيه طرفها الثاني الاقطا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2011 / 4 / 18 - 22:40 )
تحياتي للكاتب العزيز الذي تجمعني به جامعة البصره حينما كان طالبا فيها وانا تدريسي منذ اواسط الستينات وكذالك الذكريات الطيبه عن عمه الشهيد احد قادة ثورة 14 تموز البطل طه الشيخ احمد الذي تشرفت بالتعرف عليه حينما ترشح للانتخابات النيابية ايام وثبة كانون سوية مع الراحلين الوطنيين عبد الرزاق زبير وقاسم احمد العباس عن العمارة عام 1948
مع رجائي ان يكون صدره رحبا فاءننا اذندين وباءقصى مايمكن من الشدة
جريمة البعث الفاشي بماسمي تاريخيا بمجازر الانفال لاخوتنا في المواطنه سكان شمال العراق من الناطقين بالكردية فاءننا يجب ان نكمل الحقيقة التاريخيه بالادانة المتوازية للفاشست الاقطاعيين الاكراد زمرة المجرمين برزاني الاب النجس وكل عائلته البشعه خصوصا ادريس ومسعور والاخرين الذين في الحرب العراقية الايرانية عرضوا اكراد العراق مع سبق الاصرار ولاغراض براغماتية انانية دنيئة لاعلاقة لها بمصلة ناسنا البسطاء الاكراد
ان التاريخ كما كتب بكل الجلاء دناءة وخزي ولاانسانية البعث المجرم سيدين لامحالة جراءم مصطفى برزاني وعصاباته كشريك للبعث في هذه المجزرة الشنيعة وبكل افعاله ضد شعبنا العراقي منذ 1945ببناء الدوله


2 - لك انحني احتراما وتبجلا يااستاذنا الكريم
أحمد الشيخ أحمد ربيعة ( 2011 / 4 / 19 - 22:55 )
أستاذي العزيز صادق
اعتقد ان هذا الاسم مستعار وان لم اخطئ الظن فانك كنت تكتب باسم اكاديمي مخضرم. هذا فقط للاستفسار. انا لا ولم اتعطف مع اي موقف غير وطني. الحركة القومية الكردية لها اخطائها القاتلة، ولكني كنت في معرض ادانة جريمة، كنت اريد ان اضم صوتي الى صراخ الضحايا وعوائلهم قبل وبعد سقوط النظام.
وشكرا لاهتمامك بما اكتب، بعيدا عن الاتفاق بوجهات النظر.

اخر الافلام

.. الضفة الغربية: مقتل 7 فلسطينيين بنيران القوات الإسرائيلية في


.. زيلينسكي يطمئن الأوكرانيين ويعيد التأكيد على الحاجة الماسة ل




.. الأطفال في لبنان يدفعون غاليا ثمن التصعيد في الجنوب بين -حزب


.. ردود فعل غاضبة في إسرائيل على طلب إصدار مذكرات توقيف بحق نتن




.. جيل شباب أكثر تشدداً قد يكون لهم دور في المرحلة المقبلة في إ