الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العفو الملكي

زكرياء الفاضل

2011 / 4 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


العفو الملكي
بعد انتظار طويل أطلق سراح بعض معتقلي الرأي بعفو ملكي، وبذلك تكون الإشاعات بهذا الخصوص التي سبقت هذا العفو بأسابيع قد أصبحت يقينا. وإذا كان البعض، من سياسيين وتنظيمات، قد ارتاح لهذا العفو الملكي فإنه بالنسبة لي يبقى سبب هذا الارتياح غير واضح بل إني لا أرى لذلك ضرورة على الإطلاق، وذلك لأنه لم يشمل كل المعتقلين السياسيين، كما أن هذا العفو جاء مخادعا ودجالا لامتصاص الغضب الذي يعم الشارع المغربي ويستحوذ على غالبية الجماهير الكادحة. فالعفو الملكي، الذي يتغنّى به البعض من سياسيين وإعلاميين رسميين وشبه رسميين، صدر في حق المعتقلين الذين أتموا المدة المحكوم عليهم بها ولم يفضل منها غير بضعة أشهر عددها أقل من أصابع اليد الواحدة وربما هذا ما جعل الناشط الحقوقي الخياري يرفض مغادرة السجن لولا ضغوطات أهله عليه. والجدير بالذكر أن العفو لم يتطرق لمعتقلي اليسار المغربي أو أعضاء حركة 20 فبراير الذين وصلت مدتهم المحكوم عليهم بها إلى مائة سنة.
ماذا يعني العفو؟ إنّ العفو لا تفسير له لغويا وسياسيا إلا أنّ المعفو عنهم مذنبون والتهم في حقهم ثابتة بالدليل والبرهان، لكن طيبوبة ورحمة القصر كبيرة لحد المغفرة لهم ولزلاتهم وذنوبهم ومنحهم فرصة ليعيدوا ترتيب نظام حياتهم وتغيير توجهات أفكارهم مع الاعتراف بأنّ الطريق الذي سلكوه كان غير سليما وأنهم قد اهتدوا إلى الصراط المستقيم. قد نقبل هذا التوجه لو أنّ السلطة أثبتت تورط من عفت عنهم في القضايا المتهمين بها سيما وأنها قضايا خطيرة تتعلق بالتطرف الفكري والإرهاب، لكن هذا لم يحصل. لذلك أرى أن هذا العفو الملكي يأتي كحل لخروج السلطة من الورطة، التي أغرقها فيها انعدام الرؤية المتبصرة وقصور كفاءة من كلفوا بأمن الولة والشعب، والحفاظ على دم وجهها دون مراعاة دم وجه المواطنين المتهمين بتهم ثقيلة زاد العفو الملكي ترسيخها في حقهم.
لست هنا بصدد الدفاع عن السلفية الجهادية ولا أي تيار كيفما كانت عقيدته، إني أحاول توضيح النفاق المخزني ومحاولاته امتصاص ثورة شباب 20 فبراير الهادئة بتمثيل مسرحية النزول عند مطالبهم. والواقع أن النظام استغلها للخروج، بشكل مشرف له، من ورطة قضية ما سمي بالسلفية الجهادية ومجموعة بليرج حيث لم يستطع إتباث التهم الموجهة للتيارين.
المعتقلون السياسيون لا ينتظرون عفوا من أحد حتى لو كان هذا الأحد هو عاهل المغرب. ما يريده معتقلوا الرأي بالمغرب، على مختلف أطيافهم، هو إعادة النظر في قضاياهم الملفقة وتبرئتهم منها حسب القانون ومعاقبة كل من شارك في تلفيق التهم لهم وتعويضهم عن كل يوم قضوه وراء القضبان ظلما وعدوانا. فعملية إنصاف معتقلي الرأي بالمغرب هي إحدى الدلائل على رغبة النظام الحقيقية في التغيير، أما العفو فهو مسرحية لم تعد تنطلي حتى على المراهقين فبالأحرى أن تتيّه السياسيين.
المغرب مقبل على تغييرات مهمة، وهي على الأبواب، ولن يفلح فالح في التصدي لها أو حتى الركوب عليها بهدف تحريفها. هناك حل واحد أوحد أمام النظام هو الاستماع بأذن صاغية لمطالب الشعب عبر أصوات حركة 20 فبراير والانصياع لها بالرضوخ والإدعان لنظام الملكية البرلمانية على الشاكلة البريطانية أو الإسبانية أو البلجيكية أو..أو.. لأن الملكية من طراز الدولة الوهابية تحتضر ولا مستقبل لها، فقد حانت ساعتها ولن تنفعها أية عملية إنعاش، فلكل أجله في هذه الدنيا وأجلها قد جاء وعليها قبوله ما دامت تؤمن بالقضاء والقدر. فالعالم الحديث ليس فيه مكانا لأنظمة الحكم المطلق والفردي ومن لم يع هذه الحقيقة، وإن كانت مرة بالنسبة له، فمصيره لن يختلف عن نهاية بن علي أو حتى مبارك. بالطبع لست عرافا ولا أعلم الغيب، لكن معطيات التحولات في العالم تشير إلى نهاية نماذج الحكم الفردي والشمولي حيث أنها لم تعد تقضي حاجة أقوياء هذا العالم. وقد سبق وأنذرت النظام في السادس والعشرين من مارس سنة 2010 في نص تحت عنوان "واعتصموا" نشر في الحوار المتمدن ومرايا بريس ومغرس. لكن هيهات أن ينتبه من يعتبرنا حشرات إلى ما نقوله أو نكتبه، فنحن بالنسبة له دون مستوى انتباهه إلى أن يظهر في عاصمتنا ميدان تحرير بنكهة مغربية وما أدراك ما النكهة المغربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بودكاست تك كاست | شريحة دماغ NeuroPace تفوق نيورالينك و Sync


.. عبر الخريطة التفاعلية.. كتائب القسام تنفذ عملا عسكريا مركبا




.. القناة الـ14 الإسرائيلية: الهجمات الصاروخية على بئر السبع تع


.. برلمانية بريطانية تعارض تسليح بلادها إسرائيل




.. سقوط صواريخ على مستوطنة كريات شمونة أطلقت من جنوب لبنان