الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة 20 فبراير والمهام الآنية لليسار الجذري بالمغرب

مهدي رفيق

2011 / 4 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


دخل الصراع السياسي بالمغرب منعطفا جديدا و حاسما على اثر مبادرة حركة 20 فبراير وبتأثيركبير بفعل التحولات السياسية و النضالية الجارية في المحيط العربي والمغاربي التي أطلقت دينامية نضالية قوية وواسعة النطاق وغير مسبوقة في تاريخ مغرب ما بعد الاستقلال الشكلي.
ولقد أظهر كادحو المغرب في مختلف المدن والمناطق منذ20 فبراير إلى اليوم, الكثير من الطاقة والاستعداد للنضال وروح التضحية,فبعد تراجع نضالاتهم وانحصارها في حدود احتجاجات مطلبية ذات صبغة اجتماعية جزئية ومحلية في أغلب الأحيان, فقد شهد النضال الشعبي خلال الشهرين الأخيرين تحولا نوعيا ملحوظا إلى درجة يمكن القول بأننا أمام حالة تجذرسياسي أضحت تطبع نضالات الجماهير الشعبية,و أمام حركية نضالية انتقلت توا من مطالب اجتماعية محضة إلى مطالب ذات صبغة سياسية,تمكنت أن تطرح لأول مرة في تاريخ الصراع السياسي ببلادنا مسالة شرعية نظام الحكم والمطالبة بتغيير ديمقراطي جذري على صعيد جماهيري واسع.
وفي سياق هذه الدينامية النضالية, لجأ النظام بفضل خبرته السياسية المتراكمة إلى اعتماد عدة مبادرات سياسية من أجل الالتفاف على مطالب الحركة و تحريف مسارها النضالي,كان أهمها الخطاب الملكي في 9 مارس ,2011 الذي تضمن الإعلان عن الشروع في تعديلات دستورية في أفق متم الصيف المقبل مراهنا بذلك على ربح المزيد من الوقت من أجل امتصاص حركة الشارع, وكذا تحقيق أهداف سياسية مباشرة أهمها في نظري:
- تمتين جبهته السياسية الداخلية, عبر معالجة بعض التناقضات الثانوية في صفوفه من خلال طمأنة الساخطين على احتكار المؤسسة الملكية على الشأن السياسي وعلى سوق الاستثمارات المربحة من خلال الشركة الاحتكارية ‘’ أونا’’ ,وذلك بالاستجابة لبعض مطالبهم السياسية)إصلاح القضاء بالشكل الذي يجعل منه أداة لتسهيل عملية الاستثمار و حماية مصالح المستثمرين,فصل السلط...(.
- شق جبهة المعارضة السياسية العريضة التي تمثلها حركة 20 فبراير,عبر استمالة القوى الإصلاحية إلى تبني رهانات السلطة, و بالتالي الدفع بها إلى لعب أدوار تدميرية ورجعية داخل الحركة النضالية الجارية.
- عزل القوى الجذرية و إضعافها.
أمام هكذا تاكتيك بورجوازي يسعى إلى تمتين جبهته الداخلية وشق جبهة المعارضة الشعبية,فان دور مناضلي اليسار الجذري يتحدد على وجه الخصوص في طرح مهمات سياسية و نضالية ملموسة ومطالب تحظى بتجاوب الجماهير العريضة,وتساهم في حالة انجازها في خلق تأثير نوعي في ميزان القوى الحالي لصالح تحسين شروط نضال العمال و عموم الكادحين.
وبالنظر إلى طبيعة الأوضاع السياسية الحالية, فان تدخل مناضلي اليسار الجذري في نضالات حركة 20 فبراير ينبغي أن يهدف كمهمة آنية واستعجاليه إلى بلورة برنامج عمل يشكل أرضية تحالف بين مكونات اليسار الجذري,ويمثل رؤية واضحة للنضال في ظل هذه الشروط من شأنها استقطاب العناصر الأكثر إخلاصا لقضية تحرر شعبنا والدفع بها إلى تبني مواقف اليسار الجذري.
ومن أجل إبراز المطالب الطبقية المستقلة للعمال وعموم الكادحين داخل حركة 20 فبراير ينبغي أن يشمل برنامج عمل اليساريين الجذريين التركيز على نوعين من المطالب:
- مطالب سياسية مباشرة موجهة نحو مناهضة الطابع الديكتاتوري لنظام الحكم يمكن أن تشمل المطالبة بالحريات السياسية و النقابية, الإفراج عن المعتقلين السياسيين, إسقاط قانون الإرهاب, إسقاط المشروع التنظيمي للإضراب, محاكمة المتورطين في الجرائم السياسية والاقتصادية وإبعادهم عن تدبير الشأن العام...
- مطالب اقتصادية و اجتماعية تتيح تعبئة أوسع الفئات والطبقات الاجتماعية المتضررة من السيطرة الطبقية الحالية.
إن بلورة مثل هكذا مطالب طبقية مناهضة للطابع الرأسمالي للنظام الاقتصادي والاجتماعي السائد ونهج التكتيكات والخطط الملائمة لضمان انخراط الفئات العمالية وتبوئها طليعة النضال,يمكن أن يساهم في توفير شروط صمود واستمرارية وتجذر الحركة النضالية الجارية و يوفر الشروط المادية الضرورية لتحصينها من مؤامرات الرجعية و مناورات الانتهازية على حد سواء.
ومن أجل انجاز هذه المهمة التاريخية ينبغي على مكونات اليسار الجذري ايلاء الأهمية القصوى لتطوير المسارات التالية:
على مستوى المسار السياسي:
- نبذ العصبوية المقيتة و التخلي عن أسلوب الحلقية الضيق الأفق الموروث عن فترة انتعاش و سيادة ‘’ملاجئ العقيدة الخالصة’’.
- الدفع بتعاون سياسي وميداني بين اتجاهات اليسار الجذري على أرضية سياسة عملية تساهم في تبلور اليسار الجذري كقوة داخل حركة20 فبراير.
على مستوى المسار النقابي:
- العمل على مقاومة نهج تحييد الحركة النقابية المغربية من النضالات الجارية الذي تمارسه القيادات البيروقراطية المتعاونة مع النظام الطبقي القائم, والتي عبرت عنه من خلال لقائها بمستشار الملك في فبراير المنصرم مقابل فتات ‘’الحوار الاجتماعي’’ لتعزيز مكانتها المهزوزة في منظور القواعد النقابية.
- حفز معارك قاعدية في عدد من الفروع والقطاعات المحلية والتنسيق فيما بينها من أجل تكثيف الضغط على الأجهزة النقابة و إجبارها على الأقل في الظرف الحالي على قيادة نضال منظم على قيادة نضال منظم على قاعدة شعارات و مطالب ملموسة.
- تحمل مناضلي اليسار الجذري الممثلين على صعيد الأجهزة النقابية التنفيذية) الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية للشغل ( مسؤوليتهم التاريخية في الدفاع عن راية النضال النقابي الكفاحي الديمقراطيو القطع مع سياسة مساومة البيروقراطية المتنفذة.
- بلورة اتجاهات اليسار الجذري داخل النقابات لمبادرات نضالية وحدوية ترنو تعزيز الوحدة الكفاحية للشغيلة المغربية من جهة,ومن جهة أخرى, تهدف إرساء مقومات يسار نقابي وحدوي كفاحي وديمقراطي على أرضية برنامج عمل كفيل بالاستجابة لمتطلبات النضال النقابي في هذه الفترة الدقيقة والحاسمة.
- حفز صيرورة التنظيم الذاتي للقطاعات العمالية –غير المنظمة نقابيا-وتشجيعها ودعمها من لدن مناضلي اليسار داخل الحركة النقابية.
في ضوء ما سبق, تتكثف السياسة العملية لليسار الجذري داخل حركة 20 فبراير على وجه التحديد –في ظل الأزمة الحالية التي تجتازها الحركة العمالية بسبب استمرار أزمة العامل الذاتي) عدم نضج وعي الطبقة العاملة,عدم نضج قياداتها...( -في تنظيم و قيادة المعارك الدفاعية للكادحين وتوسيعها و تعميقها و تحويلها تبعا لسيرورة التطور التي تحكمها الانتصارات و الهزائم إلى معارك سياسية من اجل أهداف التحرر الاجتماعي الشامل.
ومن أجل تنفيذ سياستهم العملية على أرض الواقع, يجدر بالماركسيين على وجه الخصوص, أن يراعوا في تحالفاتهم إمكانات تطوير الحركة الجماهيرية وعدم حصرها في مطالب إصلاحية على أرضية الرأسمالية المحتضرة, مع الحرص على الدفاع عن هويتهم وشعاراتهم وعدم التفريط في المصالح الطبقية الخاصة بالعمال في كل سياسة تحالف, تماشيا ومبادئ الماركسية فيما يخص تدبير التحالفات بما هي قضية تكتيكية مرتبطة بتقدير موازين القوى, وتحديد أهداف كل فترة على حدة من فترات تطور النضال الطبقي. والتي تلخصها مقولة ماركس الشهيرة: »اعقدوا ما شئتم من تحالفات بغية تحقيق أهداف عملية يقتضيها نمو الحركة,لكن إياكم والمساومة بالمبادئ, إياكم والتنازل النظري « .
وعلى هذا الأساس فانه سيكون من باب ‘’التطرف اليساري’’ الاعتراض على المطالب الجزئية لحركة 20 فبراير ورفض الانخراط في نضالاتها بدعوى ‘’الحضور القوي لقوى الرجعية الدينية’’ أو هيمنة مواقف ‘’القوى الليبرالية’’ ,و ذلك لعدة اعتبارات أهمها أن التنظيمات الماركسية في حد ذاتها لا يمكن أن تنمو وتتطور إلا في معمعان الكفاح الجماهيري,حيث لا يجوز إطلاقا أن يقتصر دورها السياسي أمام هكذا حالة تجذر نضالي و سياسي غير مسبوقة في نضالات الكادحين على مجرد الدعاية والتحريض,بل يتعين العمل بصبر و أناة من أجل كسب الجماهير لصالح توجهاتنا البرنامجية بما فيها تلك التي تشكل حاليا قاعدة أساسية لتيارات الرجعية الدينية,و من أن أجل تشكل الطلائع الماركسية طليعة الكفاح الجماهيري.
وفي هذا الصدد, سيكون من المفيد جدا من الناحية العملية الانخراط في تحقيق تراكمات سياسية ونضالية ملموسة تسمح للاتجاهات الماركسية من التبلور كقوى سياسية و تنظيمية و برنامجية هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى,تضمن مساهمتها في تجذير وتعميق صيرورة النضالات الجارية وذلك بدل الاقتصار على ترديد الشعارات الكبرى والمواقف ذات الأبعاد الإستراتيجية.
إن الطريق الوحيد في نظري, من أجل مراكمة القوى لحل أزمة العامل الذاتي بغية إحداث تغيير نوعي في ميزان القوى لمصلحة الطبقة العاملة وعموم الكادحين,و من أجل الحيلولة دون هزيمة الحركة الحالية مما قد يؤدي إلى توطيد أسس النظام القائم لمدة من الزمن, يتحدد بالنسبة للماركسيين في بلورة
‘’ برنامج للنضال من أجل الحاجات الملموسة للطبقة العاملة,ومن أجل مجموعة من المطالب تقوض بمجملها قوة البرجوازية وتساهم في تنظيم العمال, وتشكل مراحل أساسية في النضال من أجل الاشتراكية,وبقدر ما يشمل النضال من أجل هذه المطالب جماهير متزايدة باستمرار, وبقدر مل يجعل هذا النضال الحاجات الحيوية للجماهير تدخل في تعارض مع الحاجات الحيوية للمجتمع الرأسمالي,سوف تعي الطبقة العاملة بأن تحررها قضية حياة أو موت,وبالقدر الذي تتسع فيه النضالات من أجل المطالب الجزئية وتتحول إلى نضال شامل للعمال ضد الرأسمالية, يتعين على الطليعة الثورية أن تتقدم بشعارات أكثر تقدما وشمولا وصولا إلى شعار الإطاحة بالرأسمالية و دولتها’’ المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية الثالثة.
مهدي رفيق
الرباط في 18 ابريل 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى الاخ المهدي الرفيق
يونس الشامخي ( 2011 / 4 / 19 - 09:57 )
اولا احي الاخ المهدي عن المقاله الذي حول من خلاله خلق نقاش سياسي انطلاقا من الواقع المغربي . لكن اعيب عن مقاله كون كتابة الاخ الرفيق لا تعبر إلا عن إديولوجيو قد لا ترضي شرحة كبيرة من المجتمع المغربي. باعتبارة مجتمع إسلامي تحكمه مبادئ الشرعة الإسلامية الحقة لا السيسار المتجدر او ماركسية النمطية . مقال الأخ الكريم ليس إلا ركوب على الاوضاع التي يمر منها المغرب و تمرير الخطاب الساري الذي لم يجد له بد بعد التعثر و الفشل في فرض المكانة القويو داخل مكونات المجتمع المغربي
و أقول للأخ الكريم أن الوطن المغربي هو حالة غير الحالات الدول الأخرى و رلربما مايميزه اسقراره الساسي و الأمني و أن المرحلة التي يمر منها وطننا الكريم ماهي إلا مرحلو انتقاليو نابعة من إرادة ملكية قوية لا من حركة فكرية اديولوجية

اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا