الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يغضب فبراير!

محمد المراكشي

2011 / 4 / 18
كتابات ساخرة


هو كائن خرافي جديد،استسهلناه حتى أخرج أنيابه في وجوهنا ..لم نوفه حقه منذ الأزمنة الأولى فصار يقض مضاجعنا الجديدة..هز اركانا وأركانا ،ثم إنه لا يريد أن ينتهي...
و كأني بالحكومات العربية تقول الكلام ذاته و هي تتحدث عن هذا الشهر اللعين الذي أخذها على حين غرة هذا العام .. فزاد مقتها الكبير له وهي التي لطالما كانت لا تحبذه ، فهو شهر قصير ما يكاد يبدأ حتى ينتهي ، فتجد الحكومات و أرباب العمل أنفسهم أمام ضرورة صرف مستحقات موظفيهم ، وهم قد قاموا بذلك قبل ثلاث أسابيع وأيام.. !
كم تمنى وزراء المالية المتعاقبون على مآسي بلادنا أن يطول فبراير ، لكنه يبقى متشبثا بايامه الثمان و العشرين و لا يزيد عنها إلا مرة كل اربع سنين... لكم تمنوا أن يعقدوا مجالس استثنائية للحكومة كي يضيفوا يومين أو ثلاث ،كما يفعلون مع الساعة كل صيف !!
فبراير العظيم ، صديق للفقراء و الكائنات الشهرية ، يمحو عن جباههم معاناة انتظار اليوم الواحد و الثلاثين ، ويدعوهم كل سنة إلى الاغتراف من خزينة الدولة حتى قبل أن تتم حسابات الشهر الماضي..
وهوهذه السنة تعاون مع صديقه يناير على الحكومة حتى جعلاها تعض أظافرها غضبا !!
تصوروا غضب دافع الرواتب حين يكتشف أن يناير هذا العام يضم خمس نهايات اسابيع ! أي أن عشرة أيام بلياليها طلعت حلالا زلالا على أصحابها دون عناء عمل مضن،أو تصبيحة على رئيس عمل يضبط ساعته أكثر من ضبطه عدد فتحات حزامه !!
مسكينة حكومتنا ، فهي كالعادة أخذت على حين غرة مرتين ، و لدغت من جحرها مرتين و كأني بها تغني مع مارسيل :لا تجعلوني عبرة مرتين !!
إنما ، غضبة يناير و فبراير هذا العام مختلفة..فقد أظهر الشقيقان قدرتهما الهائلة و المرعبة على إسكان الخوف في صفوف الأنظمة ،وقدرة غير مسبوقة على جعل اسميهما محفورين في ذاكرة شعوبنا !! ولعله قد اصبحت للتوانسة و المصريين علاقة قربى و دم مع يناير الطويل ،وقد كانوا من النباهة أن اختاروا شهرا طويلا كذاك ،مما جعل الأنظمة المنهارة تكتشف خطورة أن يظل الناس بلا عمل أيام نهاية الأسبوع !!
قدم يناير النموذج ، وتلقفه فبراير البحريني و اليمني و الليبي و المغربي و الجزائري.. كل على طريقته ، وتعاملت الأنظمة كذلك كل على طريقتها.. فأضافت إلى لعنة يناير الطويل لعنة أخرى اسلمتها إلى التحرك البطيء فطنة أن الشهر قصير ينتهي سريعا..إنما الشهر اللعين طال و لم ينته ،ففضلت بعضها أنهاءه ومسح ملامحه من شوارع المنامة ،وفضلت اخرى مطاردته زنقة زنقة ،واتهمته اخرى بالتحريض على الأختلاط !!
فيما نحن في المغرب ،نتعامل معه وفق خصوصيتنا العتيدة و قدرتنا الهائلة على الترويض كلما طال الزمن !!
وكأني بأنظمتنا تلعن كل يوم هذا الشهر الذي انتقم من قصر مدته بأن جعل من ثورات الشعوب و أحلامها بالتغيير مطية ليكون أطول شهر في تاريخ الإنسانية !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر