الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقنعة المحروقة

حسين عوض

2011 / 4 / 19
الادب والفن


الأقنعة المحروقة
تهب الرياح , يمور البحر , تنطفئ الأمواج وتندرج لوحة الموت الملوثة برائحة بارود المصفحات السريعة في عالم آخر. تنام طفلة القهر قرب شاطئ الدم والخوف , تتحرك , تتنفس , تغمض عينيها وتفقد البسمة , الليل , البحر , الموت , مرقم ومدرج بخيوطه الممتدة من القدس وبيروت وبغداد. انتقلت الطفلة من مكان مفعم برائحة الشوق والحب للشواطئ البحرية المزروعة بالموت والدمار. بيوت تنكيه وأطفال يلعبون بين أشجار البرتقال بالماء والتراب. اندمجت أغنية الوداع بابتسامة الأمل. أشبال يتحدون الموت ببنادقهم الليلية. تحمل الشمس النور والدفء لترسم بخيوطها حدود الوطن , شمس مرصعة بالشموس , وأجراس تهز العالم لتصنع ثوب النصر في قمم الجبال العالية. يدخل الأبطال من النُخروبُ ليضعوا الأمانة في مكانها , موجات البحر الدافئة توقظهم ليصلوا الشاطئ. شيوخ ونساء ينتظرون عودة الأشبال , تطول ساعات الانتظار , وتظهر الصور عبر مرآة مهشمة تحمل ظل الشهداء , لقد صمم الأبطال أن يعلقوا اللوحة على جبين الشمس حتى لاتزهق أرواحهم , ويطوي التاريخ صفحتهم , لأن قصة اليوم والغد تحمل راية يحلم بها الأطفال في البيوت التنكية , وفجأة تتحرك سيارة بلون الصحراء باتجاه الجنوب , وأخرى تنطلق باتجاه الأسلاك الشائكة , وقد تجمعت في المناطق الرئيسية سيارات لتنقل الأبطال بعيدا في غرف ضيقة تجهل الاتجاه تقع بين الأرض والأرض , وآخرون نقلوا بسيارات بيضاء ليلا لمكان هادئ في أطراف المدينة الصاخبة , ومدينة أُخرى غسلت وجهها بالدم , ومدينة أطلقت إحدى وعشرين طلقة استقبالا لصاحب السمو طريقة جديدة قديمة لاستقبال الملوك , وجوائز مالية للمهرجين , وطعنة خنجر لصدر أرملة فقدت زوجها وأضاعت طفلها قرب الحدود.
بين الهدف والهدف خط للثبات وخط للتقدم , تدخل الأغنية بين الكلمات , والكلمات بين الحروف , مزقت الكتب ووزعت في الأسواق كراسات لاتحمل هوية , وانغرست في أركان الاتجاهات بذور الحب تسقى من خيوط الدم والشمس لتنمو وتكبر.
رصاصة في القلب , وخنجر في الظهر من مدينة المدن , تدق أجراس الكنائس في العالم الغربي لتزف نهاية الحياة للنوارس المهاجرة للمدن الضبابية.
صفحات من التاريخ سبقت موت الأطفال وتشييع الجنازات على شاطئ المتوسط . أقدام بلا موطئ معلقة في السماء هدفا. هبطت على أرض صخرية قرب الجثث الهامدة الممزقة الممزوجة بالتراب. تتصارع الموجات قرب الشاطئ لتعطي الحياة حياة , ويدق فاصل موحد في مدن عربية , وتوضع دماء قانية في قوارير زجاجية ترسل للبيت الأبيض. حين تلتحم الموجات تولد الشمس وتظهر لقطات مصور بارع يعمل في الإعلام العربي , وصحفي يطل من خلال نفسه ليسطر المجزرة , ومعلق في مدن الفضائيات يندب صراخ الأرامل والأطفال.
تموج الجدران بالصور وتعقد دورة طارئة في الأمم المتحدة ومؤتمر قمة عربي وآخر إسلامي , وتكرس قرارات مرقمة ومكتوبة بلغات العالم على أوراق ملونة , تبدأ التوصيات وتمسح الأرقام وتظهر في العواصم العربية الأقنعة المحروقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | محامية ترمب تهاجم الممثلة الإباحية ستوري دان


.. نشرة الرابعة | السعودية.. مركز جديد للذكاء الاصطناعي لخدمة ا




.. كل الزوايا - د. محمود مسلم رئيس لجنة الثقافة والسياحة يتحدث


.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -شقو- في العرض الخاص بالفيلم..




.. أون سيت - هل ممكن نشوف إيمي معاك في فيلم رومانسي؟ .. شوف حسن