الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفون الإيرانيون من التأسيس إلى الثورة

مازن لطيف علي

2011 / 4 / 19
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر عن دار الكتاب العربي في بغداد مؤخرا كتاب “ المثقفون الايرانيون من التأسيس إلى الثورة_ الثورة الدستورية في إيران إنموذجاً” للدكتورة فرح صابر، الكتاب في الاصل اطروحة دكتوراه، تقول المؤلفة ان هذا الكتاب هو محاولة لتحليل الارضية الاجتماعية التي وقف عليها مثقفوا إيران في تلك الفترة ونوع الثقافة التي تلقوها والوعي الذي اكتسبوه واشكال التحدي الذي واجهوه انذاك.

تدرس الباحثة الى جانب الكشف عن تحديد البدايا ت الاولى لتأسيس الفئة المثقفة” الانتلجنسيا” الايرانية تتركز حول تحديد الدور الذي ادته هذه الفئة المؤثرة والفاعلة، بمقياس مرحلتها، في الثورة الدستورية، والتي نمت وتبلورت منذ ان بدأ المجتمع الايراني يحتك بالغرب ابتدءاً من القرن الثامن عشر، والاساليب التي لجأت اليها للتعبير عن هذا الدور.
تناولت المؤلفة موضوع” الانتلجنسيا” وطبيعة وطبيعة التطور التكويني لنشوء الانتلجنسيا وتعريفها من قبل الباحثين والمفكرين، كما تناولت الباحثة الخلفية التاريخية لإيران والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والاقتصادية للمجتمع الإيراني، وعلاقتها بالغرب. وظهور مصلحين مثقفين وكتاب وادباء وحركة النشر والترجمة لاطلاع الايرانيين على روائع الادب العالمي، حيث غدا أسماء روسو ومنوتسكيو واوغست كونت معروفة لدى فئات واسعة من المتعلمين.
كان المثقفون الايرانيون يعبرون عن احساس طبيعي بمسألة العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، فإيران لم تكن قد عرفت الصناعة بمفهومها الحديث والواسع وبالتالي لن تعرف المشاكل الناجمة عن التصنيع والنتائج الاجتماعية والسياسية التي تترتب عليها.
كانت في إيران ثلاثة تيارات تتجاذب المثقفين والمفكرين انذاك، التيار الأول ضم المحافظين التقليديين ممن رفضوا محاولة الاصلاح ونزعات التجديد بحجة معارضتها للاسلام وتقويضها لاسس المجتمع التقليدية .
التيار الثاني أكثر انفتاحاً من الأول وأقل تطرفاً من الثالث، ويجمع بين الاصالة والمعاصرة، وقد قدر لهذا التيار فيما بعد ان يفرض حضوره القوي على الساحة الفكرية والسياسية حتى العقدين الاوليّن من هذا القرن وانضوت تحت لواء هذا التيار الجماعات العالمانية والدنينة المتنورة.
اما التيار الثالث فقد كان اكثرتطرفاً وجراة وان كان اقلها عدداً، ضم هذا التيار جماعة صغيرة من العصريين ممن نظروا بازدراء إلى مؤسسات مجتمعهم التقليدية ونبذوا كل ما له بصلة بماضيهم واعتبروا صيغ الحياة الاوربية مثالهم المنشود لتحقيق امالهم في اخراج مجتمعهم من الجهل والجمود.
وقد برز اثناء ما عرف بأزمة التبغ(1791-1892) ودور لمثقفين بارزين قيّض لهما فيما بعد ان تركا اكبر الاثر على جيل بكامله من المثقفين الايرانيين، وجهدت الاراهاصات الفكرية التي ساهما في خلقها لاحداث الثورة الدستورية خلال السنوات التالية وهما جمال الدين الافغاني وميرزا ملكوم خان.
وتؤكد الباحثة ان المثقفين الايرانيين واجهو تحديات جمة في عهد محمد علي شاه الذي كان يحقد ضد الثورة والدستوريين منذ كان ولياً للعهد في تبريز في عهد والده، وواجه المثقفون تحدياً اخر جديداً، تمثل في الاتفاق الانكلو- روسية لعام 1970 حيث استقبلت المعاهدة بموجه من الدهشة والذهول في إيران ، وأثارت خيبة لدى الايرانيين.
استنتجت الباحثة في كتابها ان الوعي السياسي والقومي لدى المثقفين الايرانيين في تلك الحقبة اتخذ منحى ثقافي وادبي تمخض عن ظهور جمعيات ادبية وثقافية، ومثلت الانتلجنسيا الايرانية ردا واعياً ومؤثراً على العديد من التحديات التي واجهتها. وشهدت ايران في مطلع القرن العشرين واحدة من اهم احداثها السياسية في تاريخها الحديث متمثلة في الثورة الدستورية 1905-1911 وشارك في الثورة ائتلاف من المثقفين ورجال الدين والتجار وشرائح اخرى.
لم يكن المثقفين بمقدورهم العمل لوحدهم ففي حين كان تجار البازار او زعماء النفايات والحرفيين الذين كانوا يعدون بمئات الالوف، شل الحياة في البلاد كلها باضطرابات واحتجاجات جماهيرية، لوم يكن بامكان المثقفين العلمانيين، بسبب قلة اعدادهم ولاسباب اخرى، ان يفعلوا الشىء نفسه، ونتيجة لافتقار المثقفين لادوات عمل فاعلة فأنهم فشلوا استقطاب فئات وشرائح واسعة ومؤثرة في المجتمع. وحتى الجمعيات الشعبية التي تشكلت بتاثير المثقفين وبقياداتهم فأن قاعدتها الرئيسة جاءت من الجماهير الشعبية.
كتاب المثقفون الايرانيون جدير بالقراءة لمعرفة دور النخب الثقافية الايرانية في التحولات الفكرية والسياسية والاجتماعية في تاريخ ايران الحديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهدنة في غزة: ماذا بعد تعقّد المفاوضات؟ • فرانس 24


.. هل تكمل قطر دور الوساطة بين حماس وإسرائيل؟ • فرانس 24




.. 4 قتلى وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة -ميس الجبل-


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. والضبابية تحيط بمصير محادثا