الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن يأتوا اليوم.. سيأتون غداً!

سعد تركي

2011 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لا أَعرف كيف ظن ساستنا أن قمة الأعراب القادمة يمكن لها أن تعقد في بغداد، وان بإمكان دبلوماسية يقودها كردي إقناع زعامات عربية مهزوزة تخشى أن تقوم عن عرش فلا تعود إليه، بالمجيء إلى عاصمة عربية يرأس حكومتها شيعي وجمهوريتها كردي!! عاصمة لم تمتد يدها إليهم ـ يوما ـ إلا بالزهور والخبز، ولم تكن تعبر سماءها إلا أسراب الحمائم.. لا أعرف كيف توهم ساستنا أن عاصمة بلا مخالب وأنياب يحق لها الحلم "في عالم من الوحوش والضواري والكواسر" بأن تكون شيئا أكثر من مقبرة لأبنائها ومحبيها وعشاقها ومريديها.. لا أعرف كيف توهموا أن زعماء العرب سينسون ـ يوماً ـ أن بغداد كانت بيتا ظليلا وارفاً دافئاً يضج بالحياة والأمن والسلام والعلم حين كانت عواصمهم مجرد خيام متهرئة تفتك بها الرياح!!
لن يأتي القادة العرب الى بغداد، ليس لأنها غير آمنة، فالأمن هم من يتحكم فيه، ولا بسبب إن الحكومة ظالمة، فالقمم العربية لا تكون ناجحة إذا لم يرأسها جلاد.. لن يأتوا لأن بغداد تفضح نفاقهم وعجزهم عن حماية أي شيء باستثناء كراسيهم المنخورة، أو الدفاع عن أي شيء إلا حياتهم البائسة.. لن يأتوا، ليس لأن بغداد محتلة، إنما لأنها على وشك التحرر، في حين أن عواصمهم ستبقى تحميها من غضبة شعوبها حراب أجنبية.
بغداد وقعت مرات ومرات لكنها لم تسقط مرّة أبداً.. بغداد تخطئ وتتعلم من أخطائها من دون أن ترتكب يوماً خطيئة، فذنبها الكبير أنها بيت كبير لكل العشاق والمحبين.. ذنب بغداد أن قلبها لا مكان فيه للحقد والبغض حتى على خناجر أخوة فجعوها بأبنائها وأحالوا طرقاتها إلى خرائب وأحرقوا خلايا نحلها بعد أن سرقوا عسلها المصفى.. سر بغداد الأزلي أنها عصية على الشيخوخة، فهي شباب دائم وطفولة أزلية يملؤها الطهر والبراءة.. سر بغداد أن دروبها ومسالكها وطرقاتها وبيوتها وقلوب أهليها جعلت ـ عبر التاريخ ـ حتى الغزاة والطغاة والطامعين يعودون إلى بلادهم وقد تعلموا في تكاياها الطريق إلى الله.. بغداد لا يمكنها إلا أن تكون حاضرة الدنيا وفخر العواصم وكعبة العشاق والشعراء والمتصوفة.
قد لا يأتون إليها اليوم، لكنهم سيأتون.. بغداد تعرف قدرها وقدرتها ومكانتها، ولها أن تفعل ما يعجز عنه الآخرون.. ستبقى يدها ـ مهما قطعوا من أصابعها ـ ممدودة لتنير عقولهم المظلمة وتعلمهم الحق والخير والجمال.. بغداد ستذهب إلى غدها واثقة من المستقبل كما هي واثقة من أنهم سوف لن يجدوا طريقاً حراً وصائباًً وآمنا إلا حين يسيرون على خطى حكمتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل-دكتور هو- يعود بعد ستين عاما في نسخة جديدة مع بطل روان


.. عالم مغربي يكشف الأسباب وراء حرمانه من تتويج مستحق بجائزة نو




.. مقابل وقف اجتياح رفح.. واشنطن تعرض تحديد -موقع قادة حماس-


.. الخروج من شمال غزة.. فلسطينيون يتحدثون عن -رحلة الرعب-




.. فرنسا.. سياسيون وناشطون بمسيرة ليلية تندد باستمرار الحرب على