الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رقصة الديناصور الأخير - قصة قصيرة

كامل السعدون

2004 / 10 / 25
الادب والفن


ولج الحانة عند الفجر … !
لم يكن هناك زبائن جدد …ذاتهم من فارقهم قبل نصف ساعة حين غادر صوب الحمام ليغفو قليلاً…!
طلب فودكا جديدة رغم إن نصف كأسه السابق لا زال ملئان …أخرج أوراقه …كتب شعراً يطري فيه الذبح الحاصل في بلده …تجرع نصف الكأس الأول …شعر بالرغبة بالقيء …تلفت حوله …تقيأ على الورق …أختلط الحبر بالقيء …شعر مجدداً بالنعاس …سقط أنفه الكبير على أوراقه …تمرغ بالقيء …أغفى هنيهة …داعبه شيطان الشعر ….أقتحم عليه خلوته …كان طويلاً أسوداً بعمامةٍ سوداء ولحيةٍ كثّةٍ تذكر بلحية بطل تحرير جنوب ل……رباه …كأنه هو …هتف في داخله وهو يراوح بين النوم واليقظة …رفع رأسه …ما شأن هذا والشعر ، وأنا أعرفه نبّاحٌ صياحٌ مشغول بالقتل وبالثأر …!
لا بأس …ليكن هو أمير شعري وشيطانه …لا بأس …فهو على الأقل يلهمني شعراً في إطراء مدينة أم المآذن والعربان المجاهدون العاكفون على ذبح الأمريكان والعملاء في بلدي …!
- لا بأس … ها هي الأبيات النارية الدموية تنهال كقذائف راجمات الفأر أيام عزّة …!
وشرع يكتب … واختلطت كلماته النارية بالقيح والقيء المنبعث من بين شفتيه وأنفه …!
كتب …وكتب …وترنح من طربٍ وهو يشتم ويقذف ويسب ذات اليمين وذات اليسار …شيوعيون – ليبراليون - إسلاميون -يهود - مسيحيون –كردٌ - عربٌ و…و…و…الخ .
- أقسم أنها ستثلج صدر السيد ( عط….) وسينفحني المزيد والمزيد من الدولارات…!!
- فرك يديه جذلاً …نظر إلى ساعته … علي أن ألحق به في مكتبه في المبغى … يجب أن تكون دُرري تلك …تاج رأس الصحيفة وأول ما يطبع ويزوق فيها …!
هرول متعثراً صوب الباب ومنه إلى الشارع فالحافلة الحمراء … قفز قبل أن يغلق الباب !
ضم أوراقه بحنوٍ إلى صدره… !
كان القيء يلطخ وجهه ولحيته النامية التي فاته أن يحلقها منذ يومين ، … لم ينسها … لا فحاشاه وهو الملهم أن ينسى أن يجز ذقنه … ولكنه كان مرتهناً منذ يومين في تلك الحانة …!
مرتهناً… لشيطان الشعر القبلي الذي لازمه منذ ثلاث ليالٍ ، كظله .
دخل إلى المبغي على عجل …أصطدم بالسيد ( عط… ) عند السلم …هتف وهو يسبقه …لقد سبقتك …أنظر لشباب السبعين كيف هم نشطاء ..
قهقه الآخر …ومن مثلك يا …
- أتدري ) … هتف بصوتٍ مرتجفٍ من الحبور وكأنه أرخميدس في زمانه ) ….أنا…( وضرب على صدره بنزق ) … آخر ديناصورات العصر الجليدي …أنا …
- طبعاً …طبعاً ( قاطعه الآخر ) …أنت آخرهم …كلهم خانوا القضية إلا أنت !!…
غمرته النشوة …انتفخت أوداجه المخمورة …أرتفع رأسه الأشيب عالياً …شعر وكأن درجات السلم غدت أجنحة نسورٍ ترفعه صوب الشمس …
دخلا المكتب …
- كيف حال الشغل ..
- أنظر …ها هي آخر إبداعاتي …
كانت الأوراق ملتصقة ببعضها من القيء الذي جفّ عليها …
- لا عليك …هناك في المطبعة سيقومون بإزالة ال…عفواً …لقد تعودنا على ذلك …لا عليك …
- حسناً …أعود الآن …
- طيب …ستصلك نسخة الجريدة على عنوانك في ……
- لا …سأكون في الحانة …
- طيب …هتف الآخر … خذّ …!
ودس في يده رزمةٍ من أوراق الإسترليني …..!
- شكراً …!
- بل لك الشكر يا رجل على دعمك لقضيتنا العادلة …!
كانت الحافلة الحمراء لما تزل واقفة …ولج بسرعة …أتخذ له مقعداً خلف السائق وأغفى…
ما هي إلا هنيهة وإذ بالكلمات العاهرة الجديدة تحاصره …!
ما هي إلا هنيهة وإذ باللغو يحاصره !
- … حسناً سأكسيها ثوب الرجز …!
هتف وهو يفرك عينيه ويهبط صوب الحانة …!
ولج مسرعاً … رقص رقصة الديناصور الأخير … وجلس في الزاوية يتقيأ شعراً يطري فيه …قتلة أمه وأبيه ….وأطفال الجيران …!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?