الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسد وذئابه يفترسون السوريين

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2011 / 4 / 20
حقوق الانسان


انتقالُ وباءِ الشراسةِ مِنْ القصر إلىَ كلابِ الطاغيةِ أسرع من حَصْدِ الكوليرا لأطفال يتضورْون جوعا في بيئة أنظف ما فيها ماء أخضر آسن!
ثلاثةٌ تجذبهم رائحةُ الدمِ فيغرزون أنيابـَهم في عُنق الضحية فلا تدري إنْ كان القتلُ افتراساً، أم جوعاً، أو لذةً خفية!
دراكيولا وسمك القرش و .. الزعيم السوري!
الأول يختفي في الظلام، والثاني يختبيء تحت الماء، والثالث لأنيابه أكتاف تتراقص فوقها نسورٌ وصقورٌ ونجومٌ ، من بينها نجمة داوود، وتؤكد بثينة شعبان أنَّ الضحايا أزعجوا بأحلامهم فخامة الرئيس فتحولتْ إلىَ كوابيس تؤرقه وهو يُخطط لتحرير الجولان بعد نصف قرن من الآن!
ضباط أجهزة الأمن السورية متورطون في المجازر لأربعة عقود، وسجونهم تـَبَرَّأ منها إبليس لأنه أرحم منهم جميعا، ولو تولـَّىَ بنفسه إدارة أحد المعتقلات بدلا من كلاب القصر، لشكر السجناءُ ربَهم على رحمته، فالشيطان ملاكُ رحمةٍ مقارنة بجبابرة التعذيب في السجون السورية.
يقفز السجينُ البريءُ كالقرد فهو يريد تفريغَ ما في بطنه، فيسمح له الحارسُ الساديُّ بدقيقتين ونصف في المرحاض، ويطرق البابَ خلالها بعنف، ثم يأخذه عنوةً إلى الزنزانةِ قبل أنْ يـُكمل قضاءَ حاجته، فلذةُ اهانة السجناء كالشبق لهؤلاء الذئاب.
طرقُ التعذيب السورية لا مثيل لها في العالم، فالدولاب والشبح والعبد الأزرق وبساط الريح والكرسي الألماني ثم الاضافات الجديدة له حتى يصبح كرسياً سورياً يليق بمقام الأسد .. مَلـِكِ الغابة أشياء تجبر الطغاةَ العرب الآخرين على الاعتراف بأن الاسم الحقيقي للجحيم هو أيُّ سجن سوري يتنافس فيه ضباطُ الاستخبارات والأمن علىَ جسد المواطن فيجعلونه يرى الموتَ رفاهية، وتهشيمَ عِظامه مكرمة يتفضل بها عليه ذئابُ الرئيس.
بعدما ينتهي ضابطُ الأمن من يوم ثقيل جعل سجينه السوري يلعن يوم ولدته أمه، يستلقي على مقعده، ويحلم باتصال يأتيه من الموساد لتقديم الشكر، وعرض التعاون حتى لو لم يقابل اسرائيلياً واحداً، فأجهزة حماية بشار الأسد هي خط الدفاع الصهيوني عن أرض اسرائيل الكبرى حتى لو أنكرت تشرين والبعث والثورة في مانشيتات صفحاتها اليومية أي صلة تربط تلامذة عفلق بروح إيلي كوهين.
شكراً لكلاب الرئيس السوري لأنها علـَّمَت أولادَنا أسماءَ مدنٍ أهملتها خرائطُ المدارس العربية، والآن حفظوا عن ظهر قلب درعا، وإدلب وبانياس و ...، وستكون مزارات سياحية مثل سيدي بوزيد التونسية وميدان التحرير القاهري وساحة التغيير اليمنية!
بقدر عمق الخوف الذي تجذَّر في صدور السوريين، خرجت الشجاعة في حمص واللاذقية ودمشق، لكنها كانت أقل في (حماة) خشية أن تُذيع وسائل إعلام الأسد أن المنفيين في (آخن) الألمانية عادوا لينتقموا من ذيول سرايا الدفاع التي أبادت المدينة .. حصن الإخوان المسلمين في أوائل الثمانينيات!
أتخيل الأسدَ الشبل يجلس باكيا في القصر، وتستدعي ذاكرته روح الوالد لتشد من أزره، وتُعَلِّمه أن الرصاصَ الحيَّ الذي يخترق أجسادَ المنتفضين الأبطال سيحمى البعث إلى يوم البعث، وأن بشارا وبشرى وأسماء وماهر ,و.. سيحكمون سورية ولو على قبور كل أفراد الشعب.
القائمة السوداء لضباط الأمن والتعذيب والقهر والقمع ستكون أطول قائمة لكلاب القصر في أي بلد عربي حكمه طاغية، فهناك سوريون منسيّون في أقبية تحت الأرض، وهناك آلاف قضوا ولم يكلف معذِّبوهم أنفسَهم إبلاغَ عائلاتهم وذويهم، فدَفَنوهم في عجالة كأنهم خائفون أن تعود الروح مرة أخرى.
البيانات التي تًصْدرها النقابات والهيئات الرسمية والاتحادات وغيرها فيها كَمٌّ هائل من المذلة والخنوع، أما مقدمو البرامج، وقارئو نشرات الأخبار فأسلوب في المهانة على حِدَةِ. الشفاة ترتعش، الوجه يفقد رونقه، الدماء تهرب من العروق، اللون الأصفر يغطي الشاشة الصغيرة، الغباء سيد المنطق، الكذب يُخرج لسانه للمستمعين والمشاهدين، التقارير حزمة من التلفيقات.
كانت الفرصة أمام بشار الأسد في العامين الأولين لحُكمه كزهرة تستجدي قطفها، وأعطاه السوريون ما بخلوا به على والده، وسامحوه فترة طويلة حتى يستطيع أن يرفع عينيه أمام أعمامه .. أي رجال أبيه الذين كانوا بمثابه أعمامه عندما كان طفلا مدللا يزور القصر، ويضع الحلويات في جيبه، لكنه اختار الطريقَ الآخر الملوَّث بدماء أبرياء شعبه، وانحاز لأجهزة القمع والاختطاف والتغييب وراء الشمس.
الآن ينظر من شُرفة قصره الذي تخترق حاجز صوته الطائرات الإسرائيلية متى أرادت، وكيفما شاءت، وينصت لهدير الجماهير الغاضبة وهي تقترب منه، فالخوف السوري انتهى إلى غير رجعة، والشعب يريد اسقاط النظام، ويمكن لشاب كان يفزعه المرور أمام قسم الشرطة أن يتسلق جدارية للرئيس الراحل، وينزع الأنف والأذنين، أو يلطخها دون أن تزداد نبضات قلبه نبضة واحدة.
الآن ينتفض الحِمْصيون واللاذقيون والبانياسيون إنْ خرجت جنازة في درعا تندد بالقتلة، فالسوريون شعب واحد، ومن أراد من السلطة القمعية أن يلعب لعبة الطائفية، فشعب سورية العظيم قادر على أن يُسقطها في شارع واحد .. وتكاتف التصاقي كأن السوريين انصهروا في جسد واحد.
السوريون في أمان مادامت الطائفية لم تُطِلّ برأسها الثعباني لتلدغ الوطن في مقتل، ورياح المذهبية إنْ هَبَّت من العراق ولبنان، ثم اكتشف أهل سورية أنهم علويون، وسُنَّة، وشيعة، ومسيحيون، وأرمن، وأكراد، فإن قادة إسرائيل سيشربون نخب الانتصار، وتفتيت قلب العروبة النابض قبل أن تُطْلَق رصاصة واحدة من جيش الاحتلال الصهيوني.
بشار الأسد في رقصة الموت وهي الرقصة الوحيدة التي لا يعرف أي طاغية متى يسقط بعدها من الاعياء، فهي (تانجو) في أولها، و(روك) في منتصفها، ثم (زار) في نهايتها، ويبدأ المضيفون في المنفى في التفاوض على ثمن استضافة الطاغية، منجستو هيلا مريم في زيمبابوي، عيدي أمين دادا وزين العابدين بن علي في جدة، جان كلود ديفالييه في باريس، وهكذا تكون النهايات إلا إذا اختار الشعب السحل مثلما حدث مع عبد الكريم قاسم ونيكولاي تشاوشيسكو وموسوليني، أو اختارت محكمة العدل الدولية الطاغية في سجن هولندي بالقرب من حدائق ذات بهجة.
بشار الأسد أقْنَعَه أعمامُه أنهم لم يفطموه بعد، وأنهم أوصياء عليه، فلما اشتد عوده، لم يرمهم بالسهم، لكنه أكمل مسيرة القمع فهي اللغة التي يفهمها السوريون، كما أوحوا إليه، وليس كل وحي نُبُوّة، وليست كل نصيحة هي لوجه الله، فالشيطان أيضا ينصح، ويعظ، ويعتلي المنبر أو الشرفة، ويستشهد بآيات من كل الكتب المقدسة، ويحفظ الكتاب الأخضر عن ظهر قلب.
إذا أراد السوريون التعجيل في وداع الأسد وكلابه وذئابه وحيتان الفساد فينبغي أن لا تتقدم أو تتأخر أي كلمة أو وصف أو نعت أو جار أو مجرور أو مضاف إليه إلى كلمة سوري.
عندما يسقط النظام الفاشي، فإن محكمة الشعب ستتكدس بمتهمين أذاقوا شعبنا السوري ما لم تفعله قوى الاحتلال في التاريخ الحديث، وسيخرج الالاف الذين أهالوا عليهم أتربة النسيان في السجون والمعتقلات، فلا هُمْ موتىَ نترحم عليهم، ولا هُمْ أحياء نتمنى حريتهم أو موتهم.
سباق مع الزمن، ولعنة تنتظر الساقط الأول لتصبّ في أذنيه ما لم يصله من الشعب طوال فترة حُكمه: قد يكون العقيد أو الشاويش أو طبيب العيون.
أيها السوريون الأبطال،
استمروا، وناضلوا، وتمسكوا بحقوقكم، وطهِّروا سوريتكم وسوريتنا، ولا تصدقوا كلمات بثينة شعبان في أي مؤتمر صحفي، وأغضموا عيونكم عن الفضائية السورية، وامسحوا بالصحف القومية أوساخ الشارع، واستعدوا لنصر عظيم.
وسلام الله على سورية.
محمد عبد المجيد
رئيس تحرير مجلة طائر الشمال
أوسلو النرويج
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للكاتب
نبيل السوري ( 2011 / 4 / 21 - 16:30 )
كنت أتابع نضالاتك ضد فرعونكم
وكنت أشد على يدك
واليوم أهنئك وأقول أنتم السابقون ونحن اللاحقون
والملتقى قريباً بدمشق المحررة من أشنع استعمار عرفته المنطقة
وشكراً لمتابعتك للثورة السورية
ومطلوب منك المزيد حتى النصر

اخر الافلام

.. مشاهد تظهر تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين اللبنانيين إلى سوريا


.. منظمة في ليبيا تمنح الأمل لذوات الاحتياجات الخاصة وتفتح أبوا




.. صور متداولة لوصول عدد من النازحين اللبنانيين إلى الحدود مع س


.. فيديو يظهر عددا كبيرا من اللاجئين السوريين يدخلون الأراضي ال




.. تفاقم معاناة النازحين عند معبر المصنع الحدودي بين سوريا ولبن