الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الثورة المصرية (١٩): التحليل بين الموضوعية والقمع الفكرى

عبير ياسين

2011 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


رغم كل التحولات التى نرجوها لازال البعض يفترض -مخالفة للصواب- أنه يمتلك الحقيقة ويملك أن يقول للآخرين ما هو الصواب وأن يمنح صكوك الغفران أو بمعنى أخر صكوك المعرفة
تطرح تلك الكلمات نفسها بقوة كلما شاهدت بعض من يطلق عليهم محللين سياسيين وأمنيين وغيرهم الكثير، ففجأة تجد نفسك فى مواجهة المحلل السوبر الذى لا يكتفى بمعرفة كل الحقيقة فقط، ولكن معرفة ما يجب فعله وما لا يجب فعله ورغم أن هناك محللين يملكون قدرة تحليلية حقيقية قائمة على الفصل بين المعرفة والتحليل والتوجيه، فأن الأصوات العليا فى معظم الأحيان تتسم بالقمع الفكرى وتدير ما يفترض أنه حوار تحليلى على أساس أنه خطاب تلقينى أسعد كثيرا كلما وجدت أن الأكثر علما ومعرفة وثقافة هم بالفعل الأكثر دماثة وقدرة على اتباع الموضوعية بقدر الإمكان، مقابل أصوات أخرى تسعى عبر علاقات وطرق وصول مختلفة لأن تسيطر على المساحات الإعلامية متخيلة أن الأصوات الأعلى هى الأكثر صوابا
لازالت تلك الأصوات خاضعة لفكرة التلقين والقمع وتمارسه حتى وهى تتحدث عن الديمقراطية والحرية والحقوق المتساوية، تمارس القمع وهى تسمح لخطابها أن يقمع أى اختلاف عبر تبنى تفسير واحد ورؤية واحدة بوصفها هى الصواب.

لازالت تلك الأصوات تفتقد الحوار الديمقراطى، وتعتمد على الصوت العالى كمعيار قوة بدلا من الإعتراف بحدود القدرة البشرية لا تستطيع تلك الأصوات أن تتبنى التواضع العلمى الذى يفترض فيه أن تحلل وفقا لما تعرف، وأن تصل لنتائج وفقا لرؤيتها المسبقة وليس وفقا لإمتلاك حقيقة لا يعرفها أحد أخر لازلت أرى الكثير من تلك الشخصيات شديدة الهشاشة، ولازلت غير قادرة على استيعاب المنولوج عندما يتعلق الأمر بالمعرفة والتحليل. المعرفة ليست مطلقة فكلنا نتعامل مع ما لدينا من معلومات على أسس انتقائية، وبما أن معارفنا انتقائية فأن عملية التحليل التى نقوم بها تخضع بدورها لمعارفنا الانتقائية ولرؤيتنا الذاتية، بما يعنى أن التحليل ليس مطلق وليس متفرد وأن ما أتصوره وفقا لقدراتى التحليلة وما لدى من معارف يظل رهنا بتلك المعرفة والرؤية كلما استمعت لتلك الأصوات التى تمارس القمع الفكرى والتفسير الأحادى، التى تفترض أنها ترى وتشخص وتقدم الوصفة الوحيدة للعلاج، كلما استمعت لتلك الأصوات إدرك حدود التهافت فيما يقولون فليس كل ما يلمع ذهباً، وليس كل ما يقال بأصوات عالية حقاً أقدر أساتذة لديهم القدرة والمعرفة والعلم الذى قدموا لنا منه الكثير ولكن بأدب وتواضع العلماء، وأشفق على من يفتقد مرآة تمكنه من معرفة حقيقته الذاتية ومعرفة حجم ما يقوله أؤمن بقدرة الفرد الذاتية على الفهم والمعرفة والإدراك، نعم يحتاج لمختص ليقدم له معرفة قد لا تصل إليه، لكن على أن يتم تقديم تلك الحقيقة بطريقة تصل للجمهور غير المتخصص. أقدر أن تقدم الأفكار بشكل قابل للجدل والنقاش وإعمال العقل ليصل الفرد بذاته لخياراته وفقا لمعارفه. وأرفض شخصيا فكرة القطيع التى ترى أن البعض يملك الحقيقة المطلقة وأن الجموع عليها أن تتبعه. أرفض الحياة كمسرح حيث البعض يمثل والأغلبية تتلقى ما يقال وفقا لنهايات مغلقة كتبها المؤلف سلفا أرجو الا أكون فى اقترابى هذا أعيد التصنيف وفقا لعقلية اقصائية أو لعقلية امتلاك الحقيقة، فما أحاول قوله أن هناك حاجة لمشاهدة ناقدة تفرز المتحدث والمعلق وغيره فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة الغير موجودة فى الحياة علينا أن نقرأ ونشاهد ونحلل برؤيتنا الذاتية، علينا أن نعرف من يتحدث وما الذى يقال ولماذا، علينا أن ندير الحوار فعقلية القطيع لم تكن يوما انسانية ولن تكون على من يتحدث عن الديمقراطية أن يقبل من البداية أن رأيه يحتمل الخطأ، وأن غيره يمكن أن يكون على صواب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها