الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوى - قصة قصيرة

باسم السعيدي

2011 / 4 / 21
الادب والفن


كنت أنظر اليه وهو يهرول مسرعاً نحو القمة ، كأنه في غيبوبة ،لكنه يسير بقامة مستقيمة ،يصعَّد في عالم آخر متقن المعالم بالنسبة له لكنه غائب عن الانظار، قررت أن أتبعه لأرى ما ستؤول اليه آماله ، تداخلت أنفاسه وهو يجاهد قانون الجاذبية ليرتقي صهوة صخرة اخرى ، فلا يلبث أن يحث الخطو الى ثالثة فرابعة ، لم أعد أميز ما بين شهيقه وزفيره ، فقد تجاهل على ما يبدو متابعة فيزياء وتناغم ايقاع أقنية التنفس ، لكنه لم يشعر بالإعياء الذي بدأ يدب في أوصالي .
تابعته بصمت كي لا أترك حركة له تغيب عن ناظريّ، ولا تمتمة من دون ان تصل مسامعي ، لكنه لم يلتفت الي ، غريب أنه لم يلحظ وجودي رغم أن المسافة بيننا لم تتعدَّ خطوات عشراً ، تابع صعوده وارتقاءه ذلك الجبل ، وتبعته كخطوه . لست أدري لماذا تفوقت تمتماته على أصوات كل شيء ، حتى بات الكون كله في سكون منتظراً خطاباً ما ، أو إنجازاً ما ، كان الجبل يتداعى أمام إصراره العجيب ، يطوي الخطوات كأنه يطوي صفحات كتاب كبير دون أن يشعر بعبئها ، ويثابر .. حتى وصل الى قمة الجبل ..
كنت على مقربة منه ، لكنه لم يلتفت الي ، شعرت به يذوب كلياً في أحلام اليقظة التي صيَّرها حقيقة لا أستطيع أنا ولا الآخرون أدراكها ..
أحسست بخضوعه اللامتناهي وكأنه يقف أمام كلِّ شيء .. لكنني كنت أقف خلفه ولا شيء أمامه سوى ذلك السكون.
شعرت بهذيانه يصل اليَّ على شكل موسيقى بلا نوتة ، كانت موسيقى اللاشيء ، لكنه كان يظن أن تلك الموسيقى هي حديث الوجود نفسه ، رغم إني تساءلت عن هذا اللاشيء . لم أفهم ذلك السراب الذي يراه هو ماءاً وأفتقد أنا الى الوهم ذاته الذي يتآلف مع قلبه الغائب فى لاوعيه .
أنهى تمائمه ، وتبين أنه كان يخاطب هذا اللاشيء وينصت اليه ، لكنني كنت حائراً .. هل سيصدق نفسه ؟ أم سيستوعب الوهم الذي كان يحياه بكل وجدانه ؟ويميز بينه وبين الواقع ؟
غابت عني نهايات إستجلاء الحقيقة وغرقت في ضباب الجبل الصامت الذي ينتظر مثلي ، ثم ضاعت تلك الأفكار الجميلة عنه بين التمائم التي كانت تسبح على شفتيه و الصمت الذي يكتنف الجبل ، وفجأة .. عاد الى نفسه .. واليَّ.. فسألني .. هل رأيت كلَّ شيء؟
أومأت برأسي موافقاً دون أن أتمكن من الإجابة عن سؤاله ..
أقفل راجعاً .. وأنا خلفه بخطوات كأنني خجل من اللحاق به والسير بجانبه .
نزل الى الوادي .. فوقف عند النهر .. وخاطب الأشباح قائلاً ..
لقد أفهمني بما يريد ...
عندها تواريت منسحباً لانني لم أعد قادراً على فهم ما جرى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال