الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تتحول مصر إلى دولة دينية؟

محمود يوسف بكير

2011 / 4 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


منذ أيام قليلة صرح أحد أعضاء مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين للصحف المصرية بأن أحد أهداف الجماعة بعد امتلاكها للأرض
"أي بعد سيطرتها على مصر"،هو صبغة الشعب المصري بصبغة الإسلام .ووجه نفس العضو نداءا إلى التيارات الإسلامية الأخرى في مصر (السلفية والصوفية وأنصار السنة ) بألا تضيع الفرصة وأن تتحد جميعاً وأن تنتشر في المساجد والمصانع والجامعات ....الخ
كما صرح نائب المرشد العام للجماعة د.محمود عزت بأن تطبيق الحدود سيأتي بعد امتلاك الأرض.

هذا في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية لحث المستثمرين الأجانب على العودة إلى الاستثمار في مصر بعد الانخفاض الكبير في مؤشر البورصة المصرية، كما تسعى الحكومة لاقتراض 10 مليارات دولار لمواجهة العجز في إيرادات الدولة بعد انكماش حركة السياحة وتحويلات المصريين في الخارج ولسوء الحظ فقد تواكب هذا كله مع زيادة أسعار البترول والغذاء على مستوى العالم كله ومصر مستوردة لكل هذه السلع. و المفارقة المحزنة هنا أن تصريحات الإخوان ترسل إشارات خاطئة لكل العالم من شأنها نسف جهود الحكومة لإنقاذ الاقتصاد المصري من شبح الإفلاس.

وبالمناسبة فإن كل المؤشرات الاقتصادية السلبية السابقة هي أعراض طبيعية متوقعة بعد كل ثورة شعبية كبيرة مثل ثورة 25 يناير ضد الطاغية مبارك ونظامه الفاسد بل إننا كنا نتوقع أن تكون النتائج الاقتصادية للثورة أسوأ بكثير ولكن شاءت إرادة الله أن يحفظ مصر حتى الآن من كل المؤامرات التي ينسجها مبارك ومؤيديه في الداخل والخارج ضد الاقتصاد المصري لإثبات أن الهراء الذي كان يهذي به إبان الثورة بأن نظامه الفاسد يضمن استقرار مصر وأن بدونه لا استقرار ولا أمن. وحمداً لله أن خيب ظنه ولا زالت الأحوال الاقتصادية في مصر مستقرة إلى حد ما بالرغم من الفساد و نهب و تهريب مئات المليارات من الدولارات وارتفاع عبء الديون الأجنبية لأكثر من 80% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي و و بالرغم من السياسات الاقتصادية التخريبية التي اتبعها مبارك على مدار ثلاثين عاماً والتي سبق أن كتبنا عنها قبل اندلاع الثورة بسنوات طوال. و لكن الأحوال الاقتصادية قابلة للتدهور السريع ما لم تعد معدلات الإنتاج والسياحة إلى معدلاتها الطبيعية و كذلك توقف حركة نزوح النقد الأجنبي إلى خارج البلاد.

و بالرغم من كل هذه الصعوبات ووسط إحجام الدول العربية الخليجية عن تقديم أي دعم مالي لمصر لمساعدتها في محنتها الحالية وكذلك تردد أمريكا وأوروبا في المبادرة بأي خطة كفالة مالية لمصر كما حدث مع دول مثل اليونان وايرلندا والبرتغال وهي دول أغنى بمراحل من مصر ذات الموارد المحدودة والتي تعرضت لنهب منظم من مبارك وحاشيته على مدار سنوات حكمه، بالرغم من كل هذا خرجت علينا قيادات حركة الإخوان المسلمين بهذه التصريحات غير المسئولة وفي هذا التوقيت الحرج لتزيد مخاوف الدول و المستثمرين الأجانب من تحول مصر من دولة مدنية إلى دولة دينية لأول مرة في تاريخها الحديث و كأن الحركة تسعى لإثبات صحة ادعاءات مبارك بأن مصر ستصبح من بعده مرتعا للحركات الإسلامية المتطرفة وو أحد مراكز الإرهاب في الشرق الأوسط، وهذه مخاوف حقيقية لدى الغرب سواء رضينا بهذا أم أبينا.

نحن جميعاً نعلم أن حركة الإخوان المسلمين ليست حركة إصلاح ديني كما أنها ليست حركة إرهابية وإنما هي حركة سياسية بامتياز تستخدم الدين كمطية للوصول إلى الحكم والغرب يتصور مخطئاً أنها حركة دينية متطرفة بسبب التصريحات العنترية التي تطلقها قيادتها من حين لآخر وهذا هو مبعث قلقنا الشديد خاصة هذه الأيام التي تشهد تحول الحركة إلى حركة انتهازية ميكافيلية للوصول إلى الحكم بأي ثمن وبدون الاكتراث بالنتائج الكارثية التي تسببها تصريحات قيادتها على الاقتصاد المصري وعلى المصريين الذين ضحوا بدمائهم وأبنائهم واستقرارهم من أجل نجاح الثورة و بناء دولة مدنية حديثة تقوم على الديمقراطية و الحرية و العدالة و المساواة.

لذلك فإننا نناشد قيادات الحركة الكف عن هذا العبث والتحلي بالمسئولية عند التفوه بأي تصريحات يعلمون جيداً إنها مرصودة في الخارج و أنها سوف تستخدم لتعقيد مهمة الحكومة المصرية في بث الاطمئنان وإعادة الثقة في الاقتصاد المصري لدى المستثمرين في الداخل والخارج والتأكيد على أن مصر ستظل دولة مدنية وواحة للاستقرار والاعتدال وأن رؤوس أموالهم سوف تكون أمنة حتى تدور عجلة الاقتصاد من جديد وتنتعش البورصة وتتدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية من جديد بما يساهم في رفع معدلات الإنتاج والتشغيل وتخفيض معدلات التضخم الجامح والعجز المزمن في الميزان التجاري والتمكن من سداد أقساط الديون الخارجية في موعدها لتفادي إعلان إفلاس مصر.

أيها الإخوان المسلمين لابد أن تعلموا أن مصر دولة إسلامية معتدلة ولن تكون أفغانستان ولا إيران وأن المصريين ليسوا بحاجة إلى صبغنكم الإسلامية، ولا بحاجة إلى دروس من أحد لتعلم الإسلام.
مصر بحاجة إلى إ نجاح ثورتها واستكمال مسيرتها ولن يتحقق هذا إلا في ظل وجود مناخ ديمقراطي واقتصادي قوي يعيد الاستقرار والرخاء والأمن والأمل لكل المصريين ويقضي على الفقر والبطالة المنتشرة في كل ربوع مصر الآن. فإذا كنتم تحبون مصر حقاً وتريدون لها خيراً فعليكم الابتعاد عن السياسة والشعارات المطاطة التي لن تؤدي إلا إلى عزلتنا عن العالم والمزيد من التدهور الاقتصادي وزيادة معدلات الفقر ومن ثم الفساد.

مصر بحاجة الآن إلى سياسيين واقتصاديين محترفين لقيادة الثورة التي قامت من أجل محاربة الفساد والظلم والاستبداد ونشر الحرية والعدالة والمساواة للجميع ولم تقم لمعالجة نقص معدلات الصبغة الإسلامية لدى المصريين كما تدعون، إن كل تجارب الدول الدينية مثل أفغانستان و الباكستان و السودان وإيران و الصومال باءت بالفشل التام لأنها قامت على القهر و الاستبداد و دخلت في مواجهة مع العالم كله.

لقد فاتكم أن تطبيق الحدود التي تتحدثون عنها لا يكون بعد امتلاك الأرض كما تزعمون ولكن يكون بعد تحقيق العدل والحد الأدنى المعقول من الدخل للجميع وإلا كيف ستقيمون حد قطع اليد على سارق طعام يعاني من الجوع والفقر والبطالة؟



محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخطأ في التعبيرات
محمد بن عبد الله ( 2011 / 4 / 22 - 12:54 )
مصر ستظل دولة اسلامية معتدلة !!؟؟؟؟؟؟؟؟


يا سيدي وهل يعتبر بن لادن نفسه متطرفا؟

لنكف عن القول باسلامية مصر فهذا باب كل شر


لن يمنع ذلك كل مؤمن من الصلاة والصوم لكنه سيمنع المتنطعين


2 - لصوص الثورة
مروان كامل ( 2011 / 4 / 22 - 17:06 )
هؤلاء هم اصحاب الثورة المضادة الحقيقية أو قل سراق الثورة من الشباب المثقف الذى قاد الثورة يوم 25 يناير ولم يخف من البطش وعلى كل الاحرار من المصريين الشرفاء ان يصموا اذانهم عن شعارات تجار الدين وننظر كيف تقدمت الامم بالعلم والعلمانية وترسيخ قيم الحرية والعدالة والمساواة.

اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا