الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة المرؤوسين فى مصر

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2011 / 4 / 22
حقوق الانسان


انتشرت حالات الاعتصام والمظاهرات فى كل مكان بعد ثورة 25 يناير مما حدا بمجلس الوزراء إلى إعداد قانون يجرم تلك الممارسات التى تؤدى إلى تعطيل العمل أو تخريب المنشئات. لعل من المهم أن نشير أن هنالك أسبابا مختلفة أدت وتؤدى إلى تفاقم الأمور فى مؤسساتنا. صحيح أن مؤسسات الدولة بها أصوات تطالب بزيادة المرتبات لكن السواد الأعظم من العاملين تطالب بتغيير القيادات التى مازالت تدين بالولاء إلى أرباب النظام السابق. فالعاملون فى الشركات الكبرى والمؤسسات الصحفية القومية طالبوا بإقالة رؤسائهم. وكذلك الحال بالنسبة للأساتذة والموظفين والطلاب الذين يعبرون عن استيائهم من استمرار القيادات الجامعية ويرفضون انتظار السبل القانونية لإحداث التغيير فى الهياكل القيادية. من المؤكد أننا فى حاجة إلى تفسير ظاهرة ثورة المرؤوسين على رؤسائهم فى مؤسسات الدولة.

لقد رفض المتظاهرون انتظار الإجراءات القانونية لإحداث التغيير فى مؤسساتهم وفضلوا تنفيذ مطالبهم باستخدام أساليب قد تبدأ بالهتافات وتنتهى باستخدام القوة والعنف. من الملاحظ أن رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام تعرضوا لأصوات تطالب برحيلهم وهؤلاء المتظاهرون فى الحرم الجامعى رفضوا الاستماع إلى الآراء التى تبين أن انتخاب القيادات الجامعية سوف يحدث بمجرد الانتهاء من قانون يحدد المعايير الخاصة بالترشيح والتصويت. لقد اعتمد الطلاب والأساتذة الذين يساندونهم على أسلوب التظاهرات السلمية والاعتصام.

وبالإضافة إلى ذلك فإن طلاب الجامعات لجأوا أيضا إلى أساليب تتمثل فى إحراج القيادات الجامعية من دون اللجوء للعنف. لعل ما حدث فى إحدى الجامعات الإقليمية يستحق أن يروى حيث لم يعترض الطلاب على لقاء قيادة جامعية طلبت لقاءهم فى مقر المدينة الجامعية. وبالفعل حضر المسئول فى الموعد المحدد وبصحبته الحاكم العسكرى ليجد الطلاب جالسين فى انتظاره. ولم يكد يعتدل فى جلسته حتى بادر أحد الطلاب قائلا: هؤلاء الطلاب يريدون أن يقولوا لك شيئا واحدا فقط. وافق المسئول منتظرا ما سوف يقولونه لكنه فوجئ بأحد الطلاب يهتف قائلا: مش عايزينك لتتعالى الهتافات المطالبة برحيله ثم تركوه جالسا وخرجوا جميعا وهم يرددون هتافات الرحيل.

لم تكن كل الأساليب الهادفة إلى رحيل الرؤساء خالية من العنف فى المؤسسات القومية. لقد اقتحم بعض العاملين فى شركة كفر الدوار للغزل والنسيج مكتب رئيس الشركة وقاموا بالاعتداء عليه حيث تعرض لأزمة قلبية أودت بحياته. كما قام العاملون بمؤسسة روز اليوسف بإحكام الحصار على رئيس مجلس الإدارة وأجبروه على ترك مكتبه والرحيل بعيدا عن المؤسسة.

وقد تباينت ردود أفعال الحكومة تجاه مطالب المتظاهرين. لقد سارعت الحكومة بتلبية مطالب العاملين فى مؤسساتنا الصحفية وفى بعض الشركات حيث تم تغيير القيادات فى المؤسسات الصحفية، هذا فى الوقت الذى تركت فيه الجامعات لكى تتخذ القرارات الخاصة بها. لعل هذا يفسر اختلاف الأوضاع فى الجامعات الحكومية حيث رأت بعض الجامعات أن الاستجابة لمطالب الأساتذة والطلاب من شأنها أن تؤدى إلى الهدوء والاستقرار. ففى إحدى كليات جامعة إقليمية تظاهر الطلاب ضد أحد الأساتذة على أساس أن الأستاذ يسىء معاملة الطلاب والمعيدين وصمموا على رفع اسم الأستاذ من الجداول الدراسية فى الفرق الأربع وبالفعل نجحوا فى تحقيق الهدف بينما رفضت جامعات أخرى الرضوخ لمطالب الطلاب على اعتبار أن الطلاب ليس من حقهم قبول أو رفض القيادات فى الجامعة، تماما كما حدث فى جامعة القاهرة التى اصدر مجلسها يوم الأربعاء 30 مارس بيانا مفاده أن الطلاب من حقهم اختيار قيادات الاتحاد الطلابى ولكن لا يصح أن يتدخلوا فى أمور بعيدة عن اختصاصهم وأن تغيير القيادات يجب أن يتم من خلال السبل القانونية.

من المؤكد أن ظاهرة ثورة المرؤوسين مردها إلى أساليب تعيين الرؤساء فى جميع قطاعات الدولة. فرئيس الجمهورية يعين رئيس الوزراء والوزراء الذين يرشحون ويعينون رؤساء المؤسسات وهؤلاء يعينون المديرين والمديرون بدورهم يختارون رؤساء الأقسام وهكذا تسير الأمور حتى نصل إلى قاع السلم الوظيفى. ما يحدث بعد ذلك هو أن كل رئيس من هؤلاء يدين بالولاء لمن رشحه أو عينه فى الوظيفة بحيث يكون حريصا على إرضاء رئيسه ولا يفوت أى فرصة لكى يعبر عن امتنانه لرئيسه وفى نفس الوقت لا يعير اهتماما لمرؤوسيه ويتعامل معهم بذات الطريقة التى يعامله بها رئيسه وهى طريقة لا تخلو من الصلف والغرور والاستعلاء. وكما يقول المفكر الفلسطينى د. عزمى بشارة فى مقال له فى المركز العربى للأبحاث والدراسات السياسية فإن كل مسئول فى مصر قد "تحول إلى فرعون فى التعامل مع من هم فى إمرته والى عبد فى التعامل مع آمريه".

لقد نجحت الثورة التى أطاحت برأس النظام فى قلب موازين هذه العلاقة حيث قويت شوكة المرؤوسين ووهنت سطوة ونفوذ الرؤساء. لعل هذا يفسر سر الثورات التى توالت فى مؤسساتنا التى هبت عناصرها لرفع ظلم الرؤساء عن كاهلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص


.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة




.. تراجع الاحتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية.. واعتقال أكثر


.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ




.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا