الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا بعد الأسد

زينب رشيد

2011 / 4 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بعد خمسة أسابيع على انطلاق شرارة ثورة الحرية السورية وسقوط ما يقارب ثلاثمائة قتيل برصاص أجهزة الأمن السورية، يُجمع غالبية من يراقب الحدث السوري وقبلهم الشعب السوري ذاته على أن لا تراجع الى الوراء وان سوريا قبل الخامس عشر من آذار هي غير سوريا بعد ذلك التاريخ الذي ربما يعتبر بحق تاريخا تمهيديا للاستقلال السوري الثاني والاصيل.

من الحركة التصاعدية أفقيا وعاموديا لثورة الحرية السورية يستطيع أيا كان أن يلتقط مجموعة من الاشارات البديهية، أولها ان منسوب الاجرام والقتل العالي الذي حاول النظام استعماله مع الشعب بغية اخافته واعادته الى بيوته لم تجدي نفعا، وأن كل المسرحيات الاعلامية التي أقدم عليها النظام لم تقنع حتى أطفال المدارس الابتدائية الذي استمروا بالمطالبة باسقاط النظام عقب خروجهم من مدارسهم، وهذا فضل يعود للنظام ذاته من جهة لانه يمنع كل الوسائل الاعلامية من التواجد في موقع الحدث حتى ينقل للعالم بالصوت والصورة حقيقة المندسين والسلفيين والمخربين والعصابات المسلحة والشبيحة، مما اعطى انطباعا للعالم ووسائله الاعلامية ان حقيقة ما يحدث هو ما ينقله شباب سوري عرف ان المعركة الاعلامية هي الفيصل في انجاح ثورته ووصولها، وهو ما أجاد وأبدع به الشباب السوري من جهة أخرى.

استنادا الى الاسابيع الخمسة السابقة من عمر ثورة الحرية ومع بدء اسبوعها السادس بجمعته العظيمة كما اطلق عليها نشطاء الثورة في جانبها الاعلامي، وأخذا في الحسبان احداث جمعة الاصرار السابقة والايام التي تلتها حيث شاركت اغلبية المدن والقرى والبلدات والاحياء السورية في التظاهرات المطالبة باسقاط النظام، فان الشعب السوري قد بات قريبا أكثر من أي وقت من تحقيق أهدافه وأولها اسقاط النظام والشروع ببناء سوريا حرة، سوريا لكل أبناءها وليس لعائلة أو طائفة بعينها، سوريا متطورة، ومتقدمة.

ما يُبقي النظام لغاية الان هو أمر واحد فقط، وهو المحاولات المستمرة والدؤوبة من أركان عائلة النظام في اخافة أبناء الطائفة العلوية ومحاولة تجييشهم خلفه واقناعهم بممارسة القتل ضد المتظاهرين المطالبين باسقاط النظام، بحجة أن البديل له هو القضاء على الطائفة العلوية من قبل من يقول عنهم هذا النظام انهم جماعات سلفية متشددة تريد أن تقيم امارات سلفية، وهو ادعاء أثبت بطلانه وزيفه كل الشعب السوري في جميع المناطق، من خلال التأكيد على رفض التشدد والتطرف وهم قد ذاقوا كثيرا من ويلاته وجرائمه سابقا، اضافة لما أصابهم من اجرام النظام، واستعداد كل فئات الشعب وطوائفه على الانفتاح على بعضهم البعض، فالوطن الحر يتسع للجميع ووطن الطغاة لا يتسع إلا للطاغية وأعوانه وربما للمنتفعين من طائفته.

اذا في سوريا ما بعد الاسد ونظرا لما تتميز به سوريا من تنوع ديني ومذهبي وقومي في نسيجها الاجتماعي لا يمكن أن يكون دستورها مثل تلك الدساتير التي تفرض دينا واحدا على المواطنين، ولغة واحدة وقومية واحدة، ففي سوريا ما بعد الأسد يجب أن يكون الدين لله والوطن للجميع، وما لله لله وما لقيصر لقيصر، وفي سوريا ما بعد الأسد يجب الاقرار الحقيقي بحقوق الاكراد من ابناءها والاقرار بخصوصيتهم القومية والاعتراف بلغتهم كلغة رسمية وحقهم بممارسة افراحهم واتراحهم كما يرون هم وليس كما يرى أتباع قومية أخرى ما زالوا للأسف يعتبرون أنفسهم بانهم خير أمة أخرجت للناس.

في سوريا ما بعد الأسد، وفي المراحل الاولى لديمقراطيتها الوليدة من الواجب ان لا يكون هناك مانعا من ممارسة نوع من "التمييز الايجابي" تجاه الاقليات، تطمئن من خلاله الاقليات الى ان حقوقها محفوظة وفرصتها في المشاركة الفاعلة متساوية مع الجميع، وهذا النوع من التمييز الايجابي مطلوب الى حين ان التخلص من رواسب الطائفية والمناطقية والقبلية التي حاول النظام ترسيخها طوال اكثر من اربعة عقود، بعد ذلك لن ينتخب الشعب ممثلوه على تلك الخلفيات المشار اليها، وانما سينتخب من يحقق له مصالحه بغض النظر عن دينه ومذهبه وطائفته وقبيلته ومنطقته. لقد احتاجت الديمقراطية الهندية وقتا حتى جاء اليوم الذي انتخب فيه الشعب الهندي بملأ ارادته السيد سينغ رئيسا لوزرائه وهو من أقلية السيخ التي تعد حوالي واحد ونصف بالمئة فقط من الشعب الهندي.

في سوريا ما بعد الاسد سنشاهد سياسة سورية خارجية تستند اساساتها الى احترام الجوار وعدم التدخل بشؤونهم الداخلية ومحاولة شق صفوفهم كما حصل وما زال من قبل النظام الديكتاتوري السوري تجاه الفلسطينيين، أو محاولة تقسيم صفوفهم واستخدامهم لمآربه الشخصية والوقوف بوجه تقدمهم وصولا الى احتلالهم كما حصل في التعامل مع لبنان، أو تسهيل دخول طالبي الجنة من الانتحاريين عبر تفخيخ أجسادهم في المدنيين كما سهل ذلك النظام الاسدي في العراق، وفي المقابل نتوقع من حكومة سورية منتخبة من شعبها بانتخابات حرة نزيهة متعددة وشفافة أن تكون قوية بما يكفي لمنع أي محاولة للتدخل بالشأن الداخلي السوري سواء أتت من الشرق أو الغرب، وستكون هذه الحكومة قادرة أيضا ومن خلفها شعبها على استرجاع أراضيها المحتلة.

النظام الاسدي ترنح منذ الاسبوع الأول، وتهاوى في الأسابيع التالية من ثورة الحرية السورية، وما عاد ينفعه مزيدا من التنازلات الشكلية ولا مزيدا من البطش والقتل في ايقاف سقوطه المدوي الذي ستمتد ارتداداته الايجابية في عموم منظقة الشرق الأوسط، والشعب السوري بمختلف أطيافه الذي قدم الغالي والرخيص لأجل الخلاص من هكذا نظام اجرامي، يجب أن يصنع مستقبلا مشرقا وجميلا في ظل دولة مدنية عصرية دينها الوحيد هو الانسان وحريته وكرامته، وبغير ذلك فان أحدا لن يستطيع منع البعض من تمني عودة عقارب الساعة الى الوراء.

الى اللقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في سوريا ما بعد الأسد، ..يجب
محمد بن عبد الله ( 2011 / 4 / 22 - 12:50 )
تمنيات و أوهام ...فلا ضريبة على الأحلام !

أنظري يا سيدتي الفاضلة إلى ما يجري في مصر لتعرفي مصير سوريا بعد الهوجة



حكمة اليوم

الأسد الكافر أفضل من الخفاش المؤمن


2 - مقالك غير واضح
ماجدي ماجد ( 2011 / 4 / 23 - 08:59 )
لا اخفيك سرا بانني كل يوم ادخل على امل ان ارى لك مقالا جديدا
لكن هذا المقال غير مترابط نسبيا

ممكن لب خاص
في مجال احصل على ايميلك
شكرا
ماجدي
فلسطيني


3 - سوريا العظيمة
حسن الصكر ( 2011 / 4 / 23 - 11:28 )
بعد سقوط الكتاتور صدام كنا نتوقع نقض كلي للدكتاتورية بعد ذاك صعدت كل الرجعية القومية والطائفية لتوزع غنائم السلطة على مقاسها ولتنهب الثروة ضعف ماكان الكتاتور ينهبه وتم تأصيل الطائفية والعرقية في الدستور وفي الانتخابات الاخيرة لم يفز اي حزب علماني بمافيه الحزب الشيوعي بمقعد واحد فاي حقوق مواطنة وغياب للطائفية تتكلميين عنها .الحل الامثل يكمن بالاصلاح التدريجي بالتحالف مع القوى العلمانية لعزل الاصوليين والطفيليين


4 - تحية
عيسى ابراهيم ( 2011 / 4 / 24 - 21:10 )
نعم يجب أن تكون سوريا بعد الأسد لكل السوريين
وأن تكون منبراً للأحرار وللحريات التي أفتقدناها منذ عقود
وأخيراً أحيّكِ على هذا القلم وهذا الفكر الخلاق
أحي ضميرك وإخلاصك لللإنسانية
أحي جرئتك وحبك للديمقراطيةوالحرية
مع كل التقدير والأحترام


5 - هل تظمنين لي ذلك ؟
سالم العبدالله الدميمي ( 2011 / 4 / 25 - 00:45 )

الأخت زينب رشيد
تحية فراتية طيبة وبعد

أختى لقد تنقلت بين سطور مقالتك , وعشت من خلال قراءة النص حلما رائعا وجميلا عن وطن
حر مستقل ديمقراطي يحترم حقوق الأقليات وحكومة شعبية مدعومة من الشعب لاترضخ للضغوط الخارجية الخ
ولكن عند إنتهاء النص إستيقضت على الواقع المحيط بي .. وتذكرت بعض الدول العربية المجاورة لنا والشقيقة ومايجري بها من ديمقراطية وحرية وإستقلالية .. ووجدت بأن هذه الشعوب الشقيقة وهذه الدول لو كانت تعلم بأنه سيحدث لها مايحدث لها الأن لأختارت الديكتاتورية على ديمقراطية بوش واوباما .. اختى الفاضلة هل تظنين بأن الولايات المتحدة وأوربا ستسمح لنا بأن نؤسس دولة أو جمهورية ديمقراطية ونتحرر منهم ومن إستعمارهم لنا سياسيا وأقتصاديا ونكون لهم ندا لاتابعا
بالتاكيد لا فهم يريدوننا ضعاف وتابعين حتى يسهل السيطرة علينا ولن .. ولن .. ولن يسمحوا لنا
بأن نكون أحرار .. وبهذا نكون بلا حرية سواء في ضل النظام الحالي أو النظام القادم وكأن قدرنا هو أن نعيش بلا حرية
والسلام ختام


6 - معادله من الصعب تصديقها
صقر عوض ( 2011 / 4 / 29 - 22:19 )
الثوره الشعبيه التي تقوم على دعم وتأييد أنظمه ودول بعينها لها ما لها وعليها ألف علامة إستفهام صعب تصديقها وألإقتناع مع إحترامنا ودعمنا لكل مطالب شعبنا السوري العظيم وهي مطالب محقه واجب التسريع بإنجازها ولكن كيف لكي أن تقنعينني أنا وغيري بأن التأييد ألأمريكي لما يحصل في سوريا سيكون في صالح سوريا وشعبها كيف لكي أن تقنعينني بأن تأييد أنظمه خليجيه لما يحصل في سوريا يصب في صالح سوريا والشعب السوري في المقابل الموقف الامريكي والاسرائيلي وأنظمه في الخليج من الثورات في مصر وتونس وحاليا في اليمن وهي مواقف عليها ألف علامة إستفهام مواقف هذه الدول من القضايا العربيه عامه مواقف عليها آلاف من علامات الاستفهام يضاف لها مواقف هذه الدول من إحتلال العراق كانت واضحه لا لبس بها ومواقفها من شعب البحرين ما بعد مصر وتونس ومواقفها من سوريا واليمن ألآن اليس من المنطق ان نتمعن في الامر خاصه عندما نعلم بأن العنصر المحرك لما تشهده سوريا هم من السوريين القاطنيين في لندن وباريس وأمريكا وربما في إسرائيل أمثال الخدام والبينوني والغامدي حمى الله سوريا من العابثين بأمنها ومواقفها العروبيه ومن المتربصين بالسوء لها


7 - ادعاء العقلانية
عادل منصور ( 2011 / 10 / 19 - 22:12 )
كل المتخاصمين يدعون العقلانية وبرايي انهم يعبرون عن افكار حزبهم الديني المذهبي هذا الانتماء الثابت من مئات السنين والذي تلقن منطلقاته النظرية مع الحليب

اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟