الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات من الثورة 2

صبري السماك

2011 / 4 / 22
الادب والفن


الشرطة في خدمة الإشتراكية

صيف 1985 ضابط مباحث مركز سنورس برتبة نقيب يقبض على أحد اللصوص المرشدين وكان إسمه شحاتة سنية ولم يكن من أبناء البلد بل وافد إليها , والذي يدير كشك قدمتة له وزارة الداخلية بعد خروجة من السجن وعملة بالإرشاد والكل يعلم . وعشان الكل كان يعلم فشل في تقديم قضايا للمباحث فأصبح هو كبش الفدا فقال العقلاء يولعوا ببعض . فأبدع الضابط بالتنكيل بشحاتة وكلة تمام فشحاتة لص تائب ووافد على البلد ومرشد ناقصة يبقى مسيحي وتكمل . فأحضر فرقة وعمله زفة ملوكي
( الجرسة الفلاحي ) فقد تم وضع شحاتة على حمار بالخلف مقيد اليدين مرتدياً ملابس نساء وخلفة تجري الأطفال وهيصة وتسمع قصص وحكايات دا مسكوه مع مرة . لا يا راجل دا كان بيسرق البنك , بنك إيه يا حمار هو شحاتة الأهبل هيسرق بنك ليه يعني أبو زيد طنطاوي دا إبن سنية العرجة.
وكان شحاتة سنية مخطوف شوية زي اللي ركب المراجيح لأول مرة لكن مفيش موضوع . إكتملت الزفة وإرتفعت نشوة الضابط حتى قال أي شنب مش هيمشي زي الجزمة في البلدي هيبقى دا مصيرة . وإنتقلت التهديدات من مرحلة الجرسة لمرحلة الحرق بالنار ...وخربت.
خرج سبعة شباب صغيري السن كنت أصغرهم أذكر عماد الضاني ( مجند ) أشرف عمرو ( مدرس ) , عمر جويدة ( موظف ) وآخرون وقمنا بتهييج البلد بالكامل باللعب على جميع مشاعر الناس وأخيرا عقولها حتى لا تلقى نفس المصير المخذي والمذل وإلتفت حولنا البلد للمطالبة بمحاكمة الضابط والإفراج عن شحاتة سنية . وتم تحطيم القسم ورجم كل من في ريحة . وجاء الأمن المركزي لأول مرة في تاريخ البلد وكانوا من المنيا وأسيوط وحضر مدير أمن الفيوم وضباط كتير وبهوات لابسين نضارات وملكي زي البيه المدير . ووقف السادة الضباط يهدءون الناس ولكن بلا جدوى حتى قال مدير الامن أوعدكم بمحاكمتة ونقلة على الفور لأنكم أهلي وناسي وأنت من يحكم واصحاب القرار فأقتنع محبي السلام ولكن الأغلبية لم تقتنع لأنهم شباب مثلي لا يعرفون ما هي وظيفة مدير الأمن , وفجأة أطلق أحد الضباط أعيرة في الهواء وسقطت أسلاك الكهرباء وإنطلقت القنابل المسيلة للدموع والهراوات في الظلام ودخلت البلد في حرب شوارع لتأخذ شكل الإنتفاضة وتم أسر بعض الجنود وعادو بلا ملابس . وأثناء الكر والفر وجدت الطريق مفتوحاً للقسم ( المركز ) عبر بيت الثقافة الذي كنا نحيا فيه وكانت هناك شجرة تطل على إسطبل خيول المركز المسقوف بعفش الأرز سريع الإشتعال من الخلف فأحضرت جركن بنزين وجدتة خلف كانتين أبو كمال ببيت الثقافة يلمع لي في الظلام . فإشتريت مشط كبريت وهممت بصعود الشجرة ولكن برج المراقبة شافني فهرولت وخلفي عشرون عسكري أمن مركزي وخمسة مخبرين وثمانية درج وأطلقت أعيرة في الهواء وطوب ووقعت على شريط القطر الذي كان موجوداً في ذلك الوقت وكان يدخل بلدنا من الشمال وليس من اليمين زي كل بلاد ربنا ولم يستطع كل هولاء الإمساك بي وشعرت بالإنتصار بعد رعب أطول من الزمن . فتابعت طريقي للعودة إلى البلد من الدخانيق وفجأه وقعت في مصيدة أمن مركزي كنت مجال التسلية الوحيد لهم وتم تنجيدي بالهراوات والايدي والعبث بكل شيئ في جسدي وكدت أفقد الوعي لولا تدخل إثنين من المخبرين لإنقاذي من أيديهم وأمسكوا بي من قفايا وهات يا ضرب وكان الطريق طويلاً من منطقة الموقف إلى القسم ومنتشراً به صفين من الامن المركزي عملولي تشريفة ملوكي وقام أحدهم بوضع هراوتة في بين ساقي والأخر وضع يدة ممسكاً بكل المنطقة السفلية وسألني المخبرين إنت منين يا د قلت من البلدي قالوا أوسخ بلد مافيهاش راجل قلت لا كلنا رجالة فصفعني وأنا أتحاشى هراوات الامن المركزي وأبعد أيديهم عن مؤخرتي ومقدمتي فقلت له أننا فعلنا ذلك عشان رجالة فقال خلاص هنسيب العساكر دي تني.. ونشوف بعدين أنت راجل ولا لأ فقلت الراجل مش بتاع وبتاعة قالي باين عليك رغاي وهات يا ضرب بعصبية شديدة وجاملة بعض العساكر سرت تنميلة بكل جسمي ودخلت مرحلة الحياة والموت وبينما أقوم من عثرتي قرأت لافتة على باب القسم مكتوب عليها الشرطة فى خدمة الشعب وإنتابتني هيستريا ها ها ها فعلا والله بتضحك على إيه يا ابن الهبلة تاخ تيخ وهرعوا بي بالدخول للمركز لأقف امام شخص يجلس خلف مكتب وبجواري أحد المخبرين وسألني معاك بطاقة قلت لا قال ليه ؟ لسه صغير قال ما أسمك؟ فقلت ص وإنقطع النفس قبل أن أكمل بسب قلم على قفايا من المخبر لامست بسببة المكتب ما ترد يا ابن الكلب على الباشا دوغري فقلت ما أنا برد اهوه يا عم فانهال علي تيخ تاخ توخ فصعبت على الضابط فقال له سيبة لحد ما يقول إسمة وبعدين ودوه على الحجز كان الحجز يبعد 150 متر عن مدخل المركز فدخلت فسألني أحدهم إحنا سمعنا حتة قلم على القفا همه بيضربوا حد فقلت لا كنو بيضربوني أنا فقال لي خلاص نام نام وجدت عماد الضاني الذي خرج بعد ساعة لأنه مجند وأشرف ,وحوالي ثلاثون فرد بالغرفة , شعرت بتعب شديد من شدة الضرب والإهانة النوم هو الحل وسأري ما حدث كالحلم . وضعت رأسي علي البلاط وفجأة إنفتح الباب وظهر السيد مدير أمن الفيوم اللي كان بيقول للناس أنتم أهلي ووعد ووعد ووعد وقال لنا بالنص : بقى يا ولاد الشرمو..يا معر... عايزين تطلعوا الحرامي من المركز وتحبسوا الظابط يا ولا القحب.
ووجه كلامة لضباطة ولاد المتنا.. دول ما يشفوش النوم وعايز جوابات إعتقال لخمسة منهم بعد ما يتعرضوا على النيابة حاضر يا فندم تمتم كل الضباط اللي لابسين ملكي زيه وهات جرادل مياه ورش في الزنزانة وبعدين قالولنا نامو بقى ولم يستطع أحد النوم سواي من شدة التعب والضرب والله لو حطونا في المحيط هنام .
في الصباح حضر عمي ومعة عضو مجلس الشعب ( حزب وطني ) لكي يحضر لي سندوتشات فول وطعمية فقلت عضو مجلس الشعب عشان سندوتش فول يا سنة سودا دا إحنا هناخد إعدام هوه الموضوع كبير ولا إيه ؟ ثم قال لي عمي قول ماكنتش معاهم وانا كنت رايح أجيب جاز لأمي .
قال لي المحقق كم عمرك فقلت 17 سنة فقال معك ما يثبت قلت لا فقال يعرض على الطبيب الشرعي لتحديد سنه وجاء الطبيب وكشف .
كنت أصغر المعتقلين أيضاً وجاءت سيارة الترحيلات لتأخذنا للمعتقل ولكن الناس وقفت أمامها وأتذكر حينما نادوا علي بالإسم وأنا داخل الترحيلات كمن يهتف لزعيم الأمة ورأيت الحب في عيون أقراني ومنافسي في الحي والدراسة وعرفت أننا ولا حاجة من غير بعض واننا كنا نتنافس على التفاهة ونتسابق على الوهم الذي صنعوه لنا رجال هذا النظام العدو . ورأيت من شباك العربة أوراق البصل تهبط من السماء على أهلي وناسي
وأحببت بلدي حتى ولو كانت ضنينة وطاردة فهتفت تحيا سنورس بلد الرجالة .تعيش سنورس بناسها الفقيرة المقشفة الفلاحين الجلنفات , تحيا سنورس أم الدنيا ,
قال لي ضابط الترحيلات أنت محسسني أنك بتهتف لباريس فقلت والله ما فيه زي ناسها ناسها اللي بيرموا أجسامهم أمام سيارة الترحيلات عشان يحموني من الإعتقال ,
كنت أنظر لعينيه وأنا أقول ذلك الكلام فضغط علي معصمي بكره وغيظ وقال لي شكلك تستاهل البهدلة.ولم نخرج من البلد حتى الإفراج ولم يعتقل أحد . ولكن تم تلفيق القضية بالكامل لعامل النسيج الوحيد الموجود معنا بالقضية فقط لمجرد وقوفة بالصدفة في الشارع الرئيسي للبلد أمام أعين ضباط أمن الدولة وهم يخطبون ود الجماهير الغاضبة ولم يكن ناشطاً مثلنا في هذة الأحداث ولم يشارك فيها . ولكن جاء ملف التحريات إنة عامل نشط وشارك من قبل في إضرابات عمالية فلبس كل القضية .
من يومها عرفت إختصاص أمن الدولة . وعرفت خطورة مشاركة العمال وأهميتها في أي حدث .
وخرجت من الحجز للبيت مختار الناس والسكة وسمعت حكاوي حياتنا من تاني, من غير كتاب ولا جورنال ولا دياولو .
نورت دماغي وسط الضلمة , وقالولي دا نور الإشتراكية,(خد بالك دي زي النداهة بتنادي ناسها وطريقها صعب )فقلت وأنا اخترت أكون إشتراكي بكل عزة وفخر وشرف .
صبري السماك
أبريل 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكايتي على العربية | ألمانية تعزف العود وتغني لأم كلثوم وفير


.. نشرة الرابعة | ترقب لتشكيل الحكومة في الكويت.. وفنان العرب ي




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيب: أول قصيدة غنتها أم كل


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أول من أطلق إسم سوما




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أغنية ياليلة العيد ال