الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن مقبلون على سنوات عجاف أسوء من التي سبقتها ؟

مصطفى القرة داغي

2011 / 4 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لقد كانت السنوات الماضية بحق السنوات الأكثر عجافاً في تأريخ العراق الحديث. فمنذ قرن من الزمان لم يشهد العراق سنوات صعبة مثلها، ولم يَسبُق أن رأى العراقيون ما رأوه فيها، ولم يعيشوا أحداثاً وأجوائاً شاذة كالتي عاشوها خلالها، رغم أن السيد المالكي ورفاقه يدعون العكس، بل ويعتبروها السنوات الأفضل في تأريخ العراق لما حققوه فيها من إنجازات لا ندري ماهي! أهي الوضع الأمني القلق والهَش والمُرتبك وحمام الدم الذي لم يتوقف منذ وصوله وحزبه الى السلطة! أم هي سياسة التخلف والتجهيل المُنظّمة التي تنتهجها حكومته ومؤسساتها التي باتت جوامع وحسينيات أكثر منها دوائر لخدمة المواطنين! أو ربما هي سياسته الخارجية السيئة التي أدّت لتأزم علاقة العراق بمحيطه العربي والإقليمي اللهم بإستثناء الجارة الإسلامية المباركة! أو قد تكون البطالة التي تُدَمِّر شباب العراق وتدفعهم إما للضياع أو الهجرة خارج الوطن! أو ربما الإعمار رغم أننا لم نرَ يوماً حجراً قد وُضِع بأساس مشروع إسكاني وخدمي حقيقي! أما أبرز إنجاز حققه المالكي ويشهد له به العالم أجمع، فهو الفساد المقزز لبطانته وحكومته السابقة والذي بدأ يزكم الأنوف بعد إفتضاح أمر صفقات الأغذية الفاسدة وبيع أملاك الدولة والتي حصلت جميعها بعلمه وما خفي كان أعظم. وبالتالي أي إنجازات هذه التي يتحدثون عنها ويريدون إتمامها بالسنوات القادمة بعد أن جددت البيعة لقائدهم من قبل باقي أمراء الطوائف والدويلات؟
بعد أن حدث ماحدث ووقع المحظور الذي طالما حذرنا منه، وفاز المالكي برئاسة الوزراء وتحققت رغبته للأحتفاظ بها، أرى أننا مُقبلون على سنوات عجاف أسوء من سابقاتها، خصوصاً بعد أن يُحكِم قبضته على مفاصل الدولة التي لم يُسعِفه الوقت للسيطرة عليها خلال السنوات الماضية. لذا أنا اليوم أسأل ومعي آلاف العراقيين..لماذا أجريت الإنتخابات إذا كان رئيس الوزراء قد بقي في منصبه، وكذلك رئيس الجمهورية ونوابه، ومعهم نصف الوزراء السابقين فيما إستبدل الباقون بأسوء منهم، فتوافقات الأشهر الماضية أعادت إستنساخ نفس منظومة حكم السنوات السابقة، مما يدل على فشل النخبة السياسية التي جائت بعد 2003 في بناء دولة ديمقراطية برلمانية كما كانت تدّعي على أنقاض دكتاتورية العقود الثلاثة التي سبقتها، وهي تؤسس اليوم لدكتاتورية أشد منها وأسوء لأنها دكتاتورية منظومة، ونعني بها منظومة أحزاب السلطة الحالية التي تسعى اليوم بوضوح لتكريس سلطتها، عبر إحتكارها وأتباعها من غير الكفوئين والأميّين والجَهَلة للدولة ووزاراتها ومؤسساتها العامة.
نحن لا نتوقع أن تكون السنوات القادمة عجافاً فقط لأن المالكي سيبقى رئيساً للوزراء، فهو وحزبه غير مؤهلين أصلاً لإدارة البلاد وقيادتها، بل لأن تشكيلته الوزارية بمُجملها مُتهَرئة وعَرجاء ولا تلبي الطموح كما وصفها هو، ولأنه إحتفظ بنفس جوقة الأتباع والمستشارين التي رافقته ورَوّجَت له داخلياً وإقليمياً خلال الأعوام الماضية، والتي فضِحَت مؤخراً في قضية الشهادات المزورة من قبل ما يسمى بالجامعة العالمية للعلوم الإسلامية كالدباغ والأديب والعسكري والحساني والسراج والساعدي وغيرهم من الوجوه المُمِلة التي لم نرَ منها خيراً ولم نسمع منها سوى كلام فارغ طيلة السنوات الماضية. هاهو الدباغ يحتفظ بمنصب الناطق بإسم الحكومة، مع إكرامية منصب وزير دولة لجهوده الجبارة بالدعاية والإعلان واللف والدوران، كما كوفيء الأديب الذي باشر مهامه بزيارة المرجعيات بدل وزارته بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في أكبر جريمة بحق العلم والتعليم بتأريخ العراق. أما مَن سيُغادرون منصابهم التي شغلوها بالحكومة السابقة فسيكافئون بمناصب بديلة أفضل منها ولن يغادروا الجاه والنفوذ، فالشهرستاني ترك وزارة النفط ليصبح نائباً لرئيس الوزراء، والخزاعي ترك وزارة التربية بعد أن خرّبها ليصبح نائباً لرئيس الجمهورية وهكذا، كما يروى أن طارق نجم مدير مكتب المالكي سيصبح رئيساً للمخابرات، وربما سيصبح عدنان الأسدي وكيل وزارة الداخلية والمقرب من المالكي وزيراً للداخلية. أما ظاهرة بقاء بعض الوزراء بمناصبهم التي لم يفارقها بعضهم منذ2003 فقد باتت عادية، كالأستاذ هوشيار زيباري الذي بقي وزير خارجية، وجاسم محمد الذي بقي وزيراً للرياضة والشباب. ثم نأتي للكارثة الكبرى بتشكيلة هذه الحكومة التي فاقت بها سابقاتها، والتي تمثلت بإستيزار أشخاص لاعلاقة لهم بالوزارات التي إستوزروا عليها كالدكتورسعدون الدليمي الذي عُيّن وزيراً للثقافة،وهادي العامري الذي عُيّن وزيراً للنقل ربما بإتمام لصفقة دَفَعَت به لشق عصى الطاعة على المجلس الأعلى ودعم ترشيح المالكي. أما فضيحة الحكومة الكبرى والتي سَبَقت مباشرتها بعملها، فقد تمثلت بغياب النساء عنها بشكل يبدوا مقصود ويَنُم عن جهالة تعَشعِش في رؤوس أغلب من يجلسون تحت قبة البرلمان ويعكس رؤاهم المتخلفة تجاه المرأة، رغم إن في نساء العراق سياسيات مثقفات وعاملات في مجالات الحياة المختلفة أفضل مِن أغلب السياسيين الرجال والبرلمانيين الحاليين الذين لولا المحاصصة الطائفية والعِرقية ماكانوا ليجلسوا بمدرسة لمحو الأمية وليس تحت قبة برلمان.يبدوا أن شراهة السلطة لدى شلة الساسة التي تحكم العراق حالياً لاحدود لها، فهي تخطط للبقاء لما شاء الله، ويبدوا بأن السيد المالكي سَيبقى رئيساً للوزراء لما شاء الله وكذلك السيد الطالباني ومن بمَعيّتهم، وليس بعيداً وربما قريباً سيأتي اليوم الذي ستلغى فيه الإنتخابات، ويُصار لتنظيم أستفناء فقط كل 4 أو 8 سنوات على بقاء السادة المذكورين بمناصبهم للسهولة وتوفيراً للمصاريف.
نتمنى على بعض الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية الوطنية أن تعيد النظر بمشاركتها في هذه الحكومة، لأن إستمرارها فيها سيوصل رسالة سيئة للشعب العراقي الذي زحَف لصناديق الإقتراع أملاً بالتغيير، وخرج مُتحَدياً الموت والظروف الصعبة ليقول كلمته ويُغَيّر على ألأقل بعض الوجوه الكالحة التي سَئِمَ من رؤيتها طوال السنوات الماضية، فإذا بها تعود إليه لسنوات أربع قادمة بكل صلافة متجاهلة صوته الذي رفعه عالياً عبر صناديق الإقتراع، وهو ما سيزيد نقمته على هذه الأحزاب، ويدفع بشرائح جديدة منه لمقاطعة أي إنتخابات أخرى قادمة بالإضافة للشرائح التي قاطعت الإنتخابات السابقة أصلاً، والتي سترى بأنها كانت مُحِقة بعَدَم مشاركتها لأن النتيجة واحدة والأشخاص هُم أنفسم مهما حدث، وهو ما سيُضعِف إيمان الناس وقناعتهم بالديمقراطية عموماً وبجدوى العملية الإنتخابية بالذات، هذا إن بقي لديهم إيمان بها أصلاً، ويدفعهم لمقاطعتها بالملايين هذه المرة. لذا حذاري مما يحدث، ونقول لمَن أغراهُم بريق السلطة وإمتيازاتها بأنها لن تنفعهم بالمستقبل إن خسروا شعبهم، خصوصاً إن الحكومة القادمة غير كفوءة وغير متجانسة ومصيرها الفشل، فماضيها البعيد وحاضرها القريب المُتمَثل بتشكيلتها التي وقعت على رؤوس العراقيين كالصاعقة ينبئنا بصحفها السوداء التي لن تصبح بيضاء بليلة وضُحاها. إن حال العراق لم يَعُد يَحتمِل أربع سنوات عِجاف جديدة، وسيبقى هكذا بل وسيصبح أكثر سوءً إن بقي هؤلاء بأماكنهم، لذا على الوطنيين أن يعيدوا حساباتهم قبل فوات الأوان وبدأ عقارب ساعة الحكومة الحالية بالدوران، وأن ينسحبوا مِنها وهُم على البَر قبل أن يَغرَقوا معها في ما لا تُحمَد عقباه من مساوئها، وأن يختاروا بإرادتهم الجلوس بمقاعد المعارضة وتشكيل كتلة معارَضة وحكومة ظل داخل البرلمان لسَحب الثقة منها وقلب الطاولة عليها في الوقت المناسب وهو ليس ببعيد، لأنهم بذلك سيكسبون إحترام وتقدير شعبهم، أولاً لعدم مشاركتهم بحكومة فاشلة مُكرّرة الوجوه خَبر الشعب فشلها بإدارة الدولة وتوفير الخدمات والأمن، وثانياً لأنهم بهذا لن يخذلوا مَن صَوّت لهم من أجل التغيير للأحسن وليس لتكرار الأسوء، وثالثاً لأنهم بإختيارهم للمعارضة سَيُمثلون صوت شعبهم المظلوم ويدافعون عن مصالحه بوجه ما يُدبّر وما لم تنجح الحكومة المُستنسَخة في تمريره عبر البرلمان السابق، وستحاول تمريره عبر البرلمان الحالي.
يبدوا أن المالكي لم يعد يَستمع لصوت العقل ولم يَعد يفهم لغة المنطق، ولن يفعل، فهو ماضي بدرب الصَد ما رَد الذي رجعة فيه، ومن لم يترك السلطة التي جائت إليه في غفلة من الزمن بعد أربع سنوات، وتمسك بها متجاوزاً كل الأطُر القانونية والدستورية والديمقراطية، بعد أن ذاق حلاوة كرسيها وألقابها وبساطها الأحمر ومَراسيمها الوزارية التي تذاع بإسمه، سيصعب عليه تركها بعد ثمان سنوات، خصوصاً وهو محاط بشِلّة أتباع ومستشارين ما أنزل الله بهم مِن سلطان سيحرصون على بقائه في السلطة مهما كلف الأمر، وبالتالي بقائهم هم بمناصب ما كانوا ليحلموا بها في يوم من الأيام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ