الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برامج وسياسات أحزاب الإسلام السياسي في العراق، من بقايا النظام السابق

فالح مكطوف

2011 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


( 1 )
عبارة (بقايا النظام السابق) بالنسبة لساسة العراق الجدد عبارة تتكرر كغيرها من العبارات من قبيل (العملية السياسية ، والمربع الأول ، والضوء في آخر النفق، وبين مطرقة ألكذا وسندان ألكذا ...الخ) والحقيقة أن هذه العبارة ليست عابرة كما يرون، إذ ليس جديدا القول بان تركة النظام السابق ثقيلة ويحتاج محوها من الذاكرة سنوات وسنوات، وقد اعتاد الساسة ووسائل الإعلام المختلفة أن تطلق عبارة بقايا النظام السابق فقط على أعضاء حزب البعث اخذين بنظر الاعتبار ومن وجهة نظرهم أن السياسة في العراق الجديد هي معركة انتزاع الكراسي والخشية عليه من أن ينتزع والمتابع للشأن العراقي يرى انه لم يبقى في الكثير من مناطق العراق بقايا للنظام السابق من البعثيين، حيث تم تصفية من لم يترك محل سكناه ويغادر العراق أو يذهب إلى مدن حاضنة للبعثيين، إذا كانت تصفية بقايا النظام مهمة لحسم السلطة وضمان عدم عودتهم وقد عزز ذلك في الدستور العراقي الذي نص على اجتثاثهم وقد تم تشكيل هيئة لذلك.
حسنا الأمر بالنسبة للساسة العراق الجدد هو القضاء على ساسة العراق القدماء وهذا الأمر يعني طبعا عراق جديد تسوده العدالة والرفاه والمساواة طالما أن السبب في عدم تحقق تلك الأهداف وغيرها هو النظام السابق وهذه على الأقل هي قراءة الساسة للبقايا.
ونحن نرى أن أمر البقايا يتعدى هذا الوصف الفج باختصاره بالبعثيين فقط، فهو يتعدى ذلك كون مؤشره واقعي وعلى الأرض وليس إيديولوجيا يعبر عنه عابر، لذا فمحاكمته يجب أن تكون واقعية كذلك، فهو شكًل منظومة بنى تحتية انعكست بجميع أشكالها الفوقية وتم التعبير عنها بمرحلتين، المرحلة الأولى ابتدأت من عام 1968 إلى عام 1986 وهي المرحلة التي استلم بها البعثيون السلطة في زمن الثنائية القطبية فكان لابد لهم من مسايرة خط اقتصاد الدولة المخطط (رأسمالية الدولة) فهم جاءوا بشعارات تغازل إلى حد بعيد اليسار السائد عالميا ومحليا والذي يمثل امتداد الحقبة الستالينية وكان على المشهد السياسي في العراق آنذاك أن يسير نحو التطبيق (للاشتراكية) إذ أن الحركة الاجتماعية لليسار ضاغطة، وحضي في حينها بمساندة المنظومة الشرقية بل أن الحزب الشيوعي العراقي دخل معهم في جبهة بسبب توحد الرؤى على الصعيد الاقتصادي ولاسيما وان البعثيين أقدموا على التأميم وهذا يصب في طواحين الشيوعيين كما توهموا والحقيقة هنالك مبررات لهذا التوهم فالدولة ذات اقتصاد مخطط تسير على الطريق (الاشتراكي) فالخطة الخمسية والتسعيرة وقلة البطالة والتعيين المركزي والأقسام الداخلية للطلبة والمنحة الشهرية لهم وضمان تعيينهم وإعداد جيش رصين ومقتدر للردع ومحو الأمية وابتداء المشاريع الصناعية الكبرى والتطور على صعيد الزراعة والاحتفال بالمناسبات العالمية كعيد العمال والمرأة والدور النقابي للعمال والتنظيمات الطلابية المستقلة والضمان الاجتماعي بفروعه كافة ولاسيما ضمان التقاعد وضمان للموظفين وكذلك العمال والعلاج المجاني حيث خلا العراق من أي مستشفى خاص وعدم السماح للقطاع الخاص بالعمل بل محاربته واعتباره من امرضا الرأسمالية والبرجوازية التي لا ينبغي لها التسلل إلى العراق وكل ذلك رافق التسلل للمشروع القومي العروبي الذي سيضرب والى الأبد كل هذه المنجزات التي جاءت نتيجة ضغط الحركات الاجتماعية واليسار وكانت البداية غير المعلنة لهذا التحول وهذا التسلل هو الانقضاض أولا على الحلفاء من الشيوعيين دون سابق إنذار واخذ التراجع على كافة الصعد أيضا يتسلل تدريجيا بقدر تسلل البعثيين وكانت البوصلة تشير صوب الغرب وكان ذلك واضحا قبيل مجيء صدام حسين للسلطة.
وكانت الحرب مع إيران قد قضت على جميع المنجزات برفع شعار (كل شيء من اجل النصر) وقد كلفت هذه الحرب العراق مليارات الدولارات واخذ النظام وبالتعاون مع حلفاءه الغربيين والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي يرى أن الاقتصاد المخطط مرحلة لم تعد تلبي حاجته إلى الاستمرار بالحرب والتي رافقها بقبضة بوليسية أودت بالآلاف من المعارضين إلى المشانق فالدولة التي كانت تكفل كل شيء وبأسعار بسيطة انسحبت عن كفالتها لتترك المجال للقطاع الخاص بالعمل على اقل من مهله، وتم بالفعل بداية المرحلة الثانية عام 1986 حيث بدأ الهجوم الكاسح على الشعب الأعزل بصدور سلسله من القوانين والقرارات فتميزت هذه المرحلة ببيع أموال الدول والقطاع الاشتراكي إلى القطاع الخاص وكان الرابح الأكبر هو الأسرة الحاكمة والمقربين وكبار التجار المرتبطين بالنظام السابق وكان لعسكرت العمل وابتداع ما سمي بالتصنيع العسكري دورا كبيرا في اضطهاد العمال سواء بالعمل الليلي أو بطول ساعات العمل أما فيما يتعلق بالموظفين فقد تم طرد الآلاف منهم تحت عنوان الفائضين وطبعا ضاع كل شيء الأقسام الداخلية ومنحة الطلبة والتعيين المركزي وضاعت التسعيرة ودخل السوق ما يعرف بالسلع التجارية المنافسة للسلع المحلية وأخذت الشركات تتأسس وتشترى قطاع الدولة بما يسمى بالخصخصة وأهمل قطاع الصحة لوجود البديل من المستشفيات الأهلية وتم مصادر ضمان العمال وتحويلهم إلى موظفين واخذ الدينار العراقي بالانهيار التدريجي مقابل جميع العملات وأصبح أعداد العاطلين في تزايد عدا ما تأخذه الحرب التي كانت كارثة حقيقية كوقود لها وجاء الحصار بعد الخليج الثانية ليعزز من اتساع الهوة بين الأغنياء من مريدي النظام والفقراء من أغلبية الشعب مسلوب الحقوق واستمر هذا النمط من الاقتصاد لحين سقوط النظام إلا انه لم ينتهي بنهايته فهو من بقايا النظام السابق.
(يتبع الجزء الثاني)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال