الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير المجلس الأعلى للحسابات : وقاحة الفساد في المغرب

حسن طويل

2011 / 4 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المغرب فعلا أجمل بلد في العالم ( شعار سياحي مخزني بليد) ولكن في غرائبه ، فهو يتمتع بقدرة هائلة على إنتاج التناقضات التي تصل في أغلب الأحيان إلى سوريالية بشعة تبعث على الغتيان . فالبلد الذي تعاني فيه أغلب الفئات الشعبية الفقر المدقع ، يعيش على إيقاعات ملفات فساد إستعراضية يصبح معها أي منطق عقلي لاغيا . المجلس الأعلى للحسابات و هو مؤسسة إستشارية رسمية لاتملك صلاحيات المحاسبة ؛ ديكور من أثات الحداثة المخزنية المشوهة ،وجوده بهذه الطريقة هو في حد ذاتة برهنة على أن الفساد في المغرب ممنهج و إنتقائي ، أخرج أخيرا و بتأخر واضح تقريره الدي أبان عن فساد إحتفالي في دولة تعاني من الفقر و التخلف و الفوارق الطبقية . المتصفح لهذا التقرير يصدم بمدى وقاحة المفسدين في تسيير المؤسسات العمومية ، حيث يظهر بالملموس أن المسؤولين عليها يتصرفون و كأنها ضيعة من ضيعاتهم و أن إحتقار القانون و نهب المال العام أصبحا ثقافة تدبيرية في إدارة المرفق العام . أرقام فساد بملايين الدراهم و عدم إحترام القانون في التعاقدات و إستغلال المسؤولية للإغتناء بشكل بشع و الإستنزاف الوقح للأموال والخيرات و سوء التسيير و عدم الأخد بأليات الحكامة الجيدة في التسيير و التدبير كلها مظاهر وقف عليها آخر تقرير رغم مايمكن ملاحظته من إنتقائية و تقادم في عمله .
الفساد في المغرب هيكلي و ممنهج ، شكله هذا نتيجة منطقية لشكل الدولة العصاباتي المتكون عبر سيرورة طويلة من تعايش معقد بين نمودج إنتاج رأسمالي مشوه شكلي و نمودج إنتاجي إتاوي . فتطور علاقات الإنتاج الرأسمالية لم تكن عبر سيرورة ذاتية مجتمعية نتيجة تطور قوى الإنتاج الصانعة لتلك العلاقات ، بل جاءت مقتحمة للعلاقات التي كانت سائدة عبر الأستعمار مما جعلها مشوهة ورثة يطغى عليها الشكل أكثر من العمق . هذه العلاقات وجدت مايمكن تسميته بنمط الإنتاج الإتاوي وهو مفهوم أبدعه المفكر المصري سمير أمين و أجده أداة معرفية ناجعة لوصف نمودج الإنتاج الدي كان سائدا في المغرب قبل الإستعمار . يستعمل سمير أمين هدا المفهوم للدلالة على نمط الإنتاج الملائم لمرحلية "صنمية السلطة "خاصة في المجتمعات العربية الإسلامية التي كانت تتميز بتمركز و سيطرة كبيرة للسلطة في أشكال الدول بهذه المجتمعات ، و هو نمط يعتمد في إقتصاده على الإتاوة بالدرجة الأولى . المخزن قبل الإستعمار كان يتميز بصنمية و مركزية السلطوة و يعتمد في إقتصاده على الضرائب و المكوس التي يدفعها الرعايا لفائدة دولة المخزن ، بل أكثر من ذلك كانت العطايا- هي تنتمي إلى مفهوم الإتاوة- من الأسس التي يعتمد عليها المخزن كميكانيزمات للتقرب أو البعد عنه . التعايش المعقد التفاعلي( الدي أعطى صورة للمحتمع المغربي كمجتمع مركب حسب تعبيرالسوسيولوجي بول باسكون ) بين هذين النمودجين يكون فيه المهيمن شكلا النمودج الرأسمالي و لكن مضمونا و لكن غير ثابتا الشكل الأتاوي ، فتتحول كل مستويات البنية الإجتماعية من إقتصاد و ثقافة و سياسة إلى مسخ رأسمالي و هو مايطلق عليه بالرأسمالية الرثة و ثقافة بالحداثة المشوهة . الآلية المهيمنة في هذا التعايش هي إستغلال العلاقات الحديثة للتقليد ؛ فتصبح الحداثة واجهة تأطر مضمونا تقليديا بئيسا . هذا الميكانيزم هو الذي يحول الرأسمالية و قيمها الليبرالية من إحترام قواعد السوق و التنافس و حرية المبادرة التعبير و الديمقراطية السياسية و التعددية إلى أشكال بمضامين يطغي عليها الطابع الإتاوي و مركزية السلطة ، حيث تصبح القيم السابقة خاضعة لمنطق " إستغلال السلطة لفائدة الريع السياسي و الإقتصادي ". فالإتاوة كميكانيزم إقتصادي في المرحلة السابقة على الإستعمار يصبح أداة مهيمنة على علاقة السلطة بالإقتصاد و يتم فردانيته (في المجتمعات المتخلفة ، القيم الفردانية للرأسمالية تتجسد فقط في قيم مادية إقتصادية بحثة هدفها الربح والريع المالي ؛ و هدا ما لانجده في عدم التشبت بالحريا تالفردية و الدفاع عن إنتلاع الجماعة للفرد من خلال القومجية أو الأصولية في حين في الربح حتى مدعيي الروحانيات يجدون للجشع والربح في التجارة مبررا ت دينية أقلها مفهوم الغنيمة )عبر مفهوم الرشوة و إستغلال المنصب للإغتناء و نهب المال العام .
إن هيكلية الفساد في المغرب ، تتطلب تغييرا جدريا في البنية الإجتماعية على جميع مستوياتها ، ثقافيا و سياسيا و إقتصاديا . ومادام لكل شيء بداية فيجب كمرحلة أولى بناء منظومة للنزاهة فاعلة و ناجعة لحماية المال العام من اللصوصية و النهب الوقح للخيرات ، مما يساهم في تنمية هذا الشعب المسكين البئيس ، الذي حولوه هؤلاء اللصوص إلى بركة دماء يمارسون طقوس المص بكل إستعراضية وندالة وقبح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - منطق العصر
عبدالعزيز طاوشي ( 2011 / 5 / 13 - 01:30 )
المنطق المعمول به في هذه المرحلة يوجب غض الطرف عن الفعل والفاعل، ومعلقبة و محاكمة كاشفه.
فقبل الصحفي رشيد نيني المعتقل لحد تاريخه، اعتقل صحفيون، اضطهدوا، واعتقلوا، ومنهم من اختار المنفى، واضطر الى تسخير طاقاته و مؤهلاته لوطن ليس بوطنه، بل جل الطقات وجل العقول هاجرت و هجرت مجبرة هذا الوطن، الذي هو في حاجة لكل طاقاته من اجل الخروج مما هو فيه وعليه من حال، اقل ما يقال عنه انه كارثي... فالادانة تحولت الى اصل، والبراءة هي الاستثناء، وتحول تفسير الشك لفائدة المتهم الى ضده، بل ان القانون اصبح معطال في مواجهة البعض، و - دينافيكي - الحركة في مواجهة باقي افراد هذا الشعب - المسفه - من بعض اهله، مما يوجب طرح السؤال المؤرق: هل لازالت الدولة قائمة؟ فالى اين نحن ذاهبون؟ وهل بهذه السياسة وهذا الوضع سيستعيد الوطن والمواطن عافيتهما؟ وهل بمثل ما نعيشه اليوم سيتصالح المواطن مع نفسه و مع محيطه، فيستعيد ارتباطه بوطنه ؟ الامل ضئيل يتضاءل كلما تبين ان الدولة عاجزة عن القيام بواجبها، على الاقل حماية لمستقبل هذا الوطن، وهذا المواطن الذي عانى ويعاني اكثر من غيره، وتسامح وصبر صبرا تعجز اللغة عن الاحاطة بوصفه.

اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو