الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين المؤامرتين - الكبرى و الصغرى -

زكريا حسن

2011 / 4 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


في شرق المتوسط حيث حكم البعث وعانى الشعب السوري من حقبةٍ سوداء أثرت في كل مناحي الحياة حيث لا وجود للسياساتٍ تطويرية صائبة ولا لتداول السلطة ولا للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ولا للمنظمات والجمعيات إلّا على مقاس البعث ، تعرّض الشعب السوري لغبن رافقته حالات أصطناع صراعاتٍ ساهمت بشكلٍ كبير في سيطرة العقلية البعثية على كافة جوانب الحياة ، وتمت إدارة البلاد عبر الأجهزة الأمنية الغارقة في الإجرام وعبر حصر الثروة الأقتصادية الكبيرة ضمن حاشية الأسرة الحاكمة ، وكان الحاكم الفعلي لسوريا هو قمع كل صوتٍ معارض إمّا عن طريق الحبس أو الاغتيال الجسدي او التهجير .
لقد سعى النظام السوري إلى نهب ثروات الشعب بإسم العداء الخارجي والمؤامرات التي تتعرض لها سوريا ، وحرم الشعب أوبعضاً من فئاته من أبسط الحقوق المتعلقة بتفاصيل الحياة اليومية ، وأتبع سياسات داخلية صارمة معتبراً الشعب عدواً مبطناً فسعى إلى تقويض أسسه وتسوير الثقافة السورية بحواجز أسمنتية عصية على الزوال ، ومنذ ما يقارب الخمسة عقود وهو يسلط أجهزته الأمنية - تحت غطاء القوانين الأستثنائية - على رقاب المواطنين العزّل .
في المقاربة بين كلٍ من المؤامرة الكبرى التي بدأت في العام 1963 والتي يعاني من ويلاتها شعبٌ كاملٌ ، المؤامرة التي أحدثت عقماً على مستوى الشارع السوري والتي أفضت إلى تهميش الشعب وإبعاده عن ممارسة دوره الريادي المعهود وإلى إطلاق يد الأجهزة الأمنية ومصادرة الحريات العامة وحتى إلى زعزة ثقة الشعب السوري بقدرته على تأمين حياة حرة تلك المؤامرة التي أنطلت كذبتها على الشعب وسببت له متاعب جمة أبسطها مشاهدة نشرة الأنباء الجوية غير نشرة البعث ، وأمّا المؤامرة الصغرى التي تدّعيها السلطات السورية بعد أن طل ربيع الثورات فهي إدعاء النظام البعثي بأن الشعب يتآمر ضد مصلحة الوطن بمجرد أكتشافه الحقيقة ونهوضه من الكابوس الإجباري منذ 8 / آذار 1963، الآن وبعد أن بدت ملامح الخلاص بوضوح فإن السلطة البعثية تحاول تغيير مسارها عبر زرع الشقاق الطائفي والإثني والذي زرعته هي بنفسها – لأنها لم تكن موجودة في الأصل – عبر قمع بعضها وحرمان بعضها من أهم الحقوق الأساسية ، وأيضاً حاولت تغيير مسار الثورة عن طريق الأدعاء بسلفية الثورة وبعض الطرق الأخرى مثل التبعية للخارج والتفريق بين المتظاهرين بإدعاء أن المطالب تتراوح بين مطالب بالتغيير ومطالب بالإصلاح لتصنف من يطالب بالإصلاح بأبشع الصفات مع أنهم أبناء سوريا وهم محقون في مطالبهم لأنهم يأسوا من قدرة البعث على الإصلاح ولتصنف من يطالب بالإصلاح بأنهم وطنيون وبأن مطالبه محقة وسيتم تلبيتها وبالأصل فإن حزب البعث كان سيقوم بتنفيذها لولا بعض العقبات والمزيد من اللجان العقيمة
إن ما تم هو إلغاء حالة الطوارئ والقانون المنظم له بقوة الواقع وبقوة الفعل التاريخي من قبل الشعب السوري ولم تعد محاولات النظام تنفع بإعادة صناعة باب حديدي كبير آخر تحتجز خلفه الشعب ولا باللحاق بركب الشارع الذي لن يتوقف ما لم يحقق كل مطاليب الثورة السلمية ، وما تم خطوة في الاتجاه الصحيح والذي هو الشعب يريد إسقاط المتآمرين .
لكن بين المؤامرتين الكبرى التي قام بها النظام و الصغرى التي يقوم بها النظام ، هل ما زال التوصل إلى حلٍ ممكنٍ شيئاً مقبولاً ؟
أعتقد أن قيام الثورة في بعض البلدان الأخرى علمتنا كلنا دروساً جديدة ، وأعتقد أيضاً أنها علمت الأنظمة دروساً معينة تستطيع من خلالها على الأقل تأخير نجاح الثورة وهو بالفعل ما تقوم به السلطات السورية عبر أجهزتها الأمنية ، ولكن الشيء الأكيد أن الثورة لا بد وأن تنجح وتحقق أهدافها .
إن تجنب تبعات المرحلة الحالية التي تمر بها سوريا صعبة جداً ، وستتحقق عبر السعي نحو تجنيب الشعب السوري من الدماء البريئة ، الدماء التي تتحمل السلطة السورية وحدها مسؤوليتها ، والتي تستطيع السلطة وحدها وقفها عبر السماح بالتظاهر السلمي والتعبير عن آمال الشعب المتلخصة برفض الدستور جملة وتفصيلا وبرحيل البعث والنظام الذي أفرزه وبرحيل بشار الأسد الذي لم يعد قادراً بحكم أستباق الثورة لخطواته إلّا على الرحيل عن سوريا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشعب يريد أسقاط النظام
شيروان شاهين ( 2011 / 4 / 23 - 12:57 )
اليوم وبعد مجزرة الجمعة العظيمة أنعدمت كل سبل الحوار والتواصل وضاعت الثقة بين الشعب وبشار نفسه
وأي تبرير من قبل النظام لن يفيد
ولكن أوجه كلمة لرأش النظام صح النوم ياسيدي الرئيس يداك ملطخة بالدماء

اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح