الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتفاضة الصعيد بعد سقوط النظام !

هويدا صالح

2011 / 4 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كان لافتا للنظر أن الصعيد ومنذ بداية ثورة 25 يناير المجيدة لم يقم بمظاهرات أو احتجاجات تُراكم على التظاهرات السلمية التي أوصلت شعب مصر إلى نيل حريته بتنحي الرئيس المخلوع في الحادي عشر من فبراير . لم تخرج مظاهرات في صعيد مصر مثلما حدث في السويس أو الإسكندرية أو المنصورة أو المحلة ،خرجت بعض التظاهرات المحدودة في بعض مدن الصعيد ، لكنها لم تتصاعد مثلما حدث في بقية مدن مصر ، وكان تفسيري للأمر أن المجتمع الجنوبي القبلي يجعل الناس تخضع لرأي كبار العوائل هناك ، وهم غالبا لديهم مصالحهم وترتيباتهم مع النظام السابق والحزب الوطني . أُهمل الصعيد كثيرا ، ولم ينل حقه من التنمية البشرية أو التنمية الاقتصادية ، والذي يذهب للصعيد ، ويتأمل المستوى الاجتماعي للناس هناك يعجب ويتصور أنه يعيش في مصر قبل أربعينيات القرن الماضي من تدني مستوى الصحة والتعليم والمشاريع التنموية ، ويزداد عجبه حينما يجد الناس قانعة وراضية ولا تثور ولا تحتج على هذه الأحوال اللإنسانية .ويكتفي عادة نواب الشعب من الجنوب أو الصعيد بتحقيق مصالح صغيرة لمنتخبيهم لدى هذا الوزير أو ذاك ، وكأن الناس انتخبت ذلك العضو / النائب فقط ليتوسط لواحد من أجل علاج على نفقة الدولة ، أو يتوسط لآخر من أجل دخول ابنه كلية الشرطة مثلا ، ولا يعتني النواب الأفاضل باية تنمية لهذه المساحة الشاسعة من الأرض والتي يتوطن عليها كل هذا العدد من شعب مصر الحبيب ، والناس ما تزال صامتة لا تثور ولا تحتج .
غياب قبضة الدولة عن الصعيد وانتشار الفكر القبلي للناس وخضوع الشعب الجنوبي لرءوس العائلات هناك جعل الناس طوال الوقت تُسيّد القانون العرفي في حل مشكلاتهم ، ولو كانت طائفية تنذر فتنة مثلما حدث في أكثر من مناسبة ، وكأن الناس هناك بمعزل عن القانون وسيادته ، وكأن الجلسات العرفية يمكن لها أن تحل محل سيادة الدولة ، ونتيجة لقبضة القانون الضعيفة هناك جعل رجال الشرطة يتهيبون الذهاب للصعيد ، ومن يعاقب من قيادات الشرطة يُنفى لهناك ، كذلك كانت الشرطة تتعامل مع الناس هناك بأقل قدر من حقوق الإنسان ، فيزداد القهر والعنف ، ويزداد كذلك خروج الناس على رجال الأمن .
صار الصعيد مرتعا لما يُسمى بالفتنة الطائفية ، وصارت بعض مناطق الصعيد تعيش على بركان مشتعل لكنه يختفي تحت رماد هش يتطاير ذلك الرماد لأقل هبة ريح وتشتعل الفتن ، وأذكر بأحداث " الكشح " و" نجع حمادي" وغيرها من أحداث فردية أو جماعية ، ومن جملة الأخطاء التي لا تُغتفر للنظام السابق أنه يحاول أن يُرضي الأقباط حتى يُثبت أنه لا يوجد تمييز ضدهم ، وأنه يُحافظ على حقوقهم ، فيواصل فرض محافظين أقباط على مناطق بعينها يمثلون " كوتة " مثل كوتة المرأة ، وقد كان من نصيب محافظة قنا أكثر من محافظ قبطي ، وفجأة يهب هذا المجتمع الذي كان هادئا إلى حد ما أثناء ثورة 25 يناير، تشتعل فيه نيران التظاهرات ، ولم تكن تظاهرات سلمية ، بل تحولت لقطع الطرق السريعة الموصلة للعاصمة والتي تربط القاهرة بأسوان والأقصر وبقية الصعيد ، إذن لنتوقف قليلا ما الذي أوصل الأمر لهذا العنف ؟ لماذا يثور أهل قنا على هذا المحافظ القبطي ، هل لأنه قبطي ولا يريدون أن يحكمهم ، أم لأنه رجل شرطة كان له موقف معادٍ من ثورة 25 يناير ؟ هل فرض عليهم المجلس العسكري ذلك المحافظ كنوع من كوتة الأقباط ؟ أم ترضية لضباط الشرطة وقيادات الداخلية التي لم تمارس عملها المنوط بها منذ الانفلات الأمني للآن ؟
هل تصاعد التظاهرات في الصعيد وراءها جماعات سلفية أو إخوان مسلمون أم أن الصعيد له مظالم حقيقية يجب أن ينظر إليها بعين الاعتبار ؟ الذي ينظر للأمر عن كثب يجد أن أسباب الاحتجاجات متنوعة وكثيرة ، وحتما ليس وراءها الإسلاميون فقط ، بل هناك مطالب حقيقية ومشروعة لأهل الصعيد بعامة وأهل قنا بخاصة ، مطالب سكت عنها الناس ثلاثين عاما ، وتحملوا القهر والظلم ، ولكن المناخ الثوري الذي يعيشه الوطن جعل الناس تخرج صارخة محتجة مطالبة بحقوقها ، أو ما تراه حقوقا .
لماذا لم يسارع الدكتور عصام شرف ويلبي للناس مطالبهم قبل أن تتحول المظاهرات إلى عنف وقطع طرق وضياع لهيبة الدولة ؟
لو أن الجميع يشعر أن الأقباط أحد مكونات الشعب المصري الثقافية ، وأنهم متساوون مع المسلمين في الحقوق والواجبات لما اضطر النظام السابق والمجلس العسكري الآن أن يفرض نسبة من الأقباط في بعض قيادات الدولة . لو أن الأمر طبيعي لما ثار الناس ورفضوا تولية محافظ على قنا أو غيرها من شمال مصر وجنوبها . القبطي مثل المسلم من حقه أن يتولى ما يستحق من مناصب في الدولة المصرية ولا يصح أبدا أن نعتبر وظائف بعينها ضد المجتمع .
ذات التساؤلات تطرح نفسها ماذا لو رشح قبطي نفسه لمنصب الرئيس ؟ ماذا لو رشحت امرأة نفسها لمنصب الرئيس ؟ هل سيخرج علينا المتعصبون دينيا ليقولوا ولاية الأمر يجب أن تكون لمسلم ذكر ؟ أم أن دولة المواطنة وحقوق المواطن الذي نسعى جميعا لتحقيقه يجعلنا نرحب بأي شخص مادام سوف يحكمه الدستور والقانون ؟
من يقول أنني كامرأة ناقصة الأهلية ولا أستحق أن أنافس بشرف ونزاهة مع من يرشح نفسه ؟ من بيده التشكيك في وطنية القبطي أو المرأة أو أي شخص مصري لم يثبت أنه ارتكب أي شئ يقلل من وطنيته ؟
وإلى متى سيظل الصعيد مهملا ومنسيا ، مما يجعله مرتعا خصبا للتطرف والجهل والوقوع تحت سطوة الفكر القبلي ؟
الصعيد غني بالموارد البشرية والاقتصادية ، فقط تنظر إليه الحكومة نظرة مختلفة ـ، وتخصص له من ميزانية الدولة ما يساعد على التنمية فيه ، كذلك تضع استراتيجية للاستثمار تمكن الدولة أن تستغل موارده الطبيعية للنهوض بالوطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية


.. أسباب قبول حماس بالمقترح المصري القطري




.. جهود مصرية لإقناع إسرائيل بقبول صفقة حماس


.. لماذا تدهورت العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا؟




.. إسماعيل هنية يجري اتصالات مع أمير قطر والرئيس التركي لاطلاعه