الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل ليست علمانية ولا ديمقراطية !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2011 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لعل مناقشة إشكالية الديمقراطية في دولة إسرائيل من أكثر المسائل إثارة للجدل، فهي تدعي العلمانية فيما تسمح بترخيص أحزاب على خلفيات دينية، وليس هذا فقط، بل إن الأحزاب الدينية المتطرفة تحوز ما يكفي من مقاعد البرلمان لكي يصبح تشكيل أي حكومة متعذراً بدونها.
لا شك أن هناك مظاهر ديمقراطية كثيرة في إسرائيل مثل حرية التعبير والتداول السلمي للسلطة وحرية تشكيل الأحزاب وحرية عمل النقابات واستقلال السلطات الثلاث وما إلى ذلك من مظاهر مكنت الإسرائيليين من تسويق دعاية أن إسرائيل هي واحدة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط المحكوم بالديكتاتوريات.
دعونا نناقش أمور أخرى لا يعرفها المواطن الغربي الذي يشاهد مظاهر الديمقراطية التي تحدثنا عنها، ولكنه لا يشاهد كيف أن تشكيل الحكومة الإسرائيلية لا يتم إلا بأحزاب قامت على روايات خرافية مزورة يكذبها علم الأنثروبوجي وعلم الآثار، وأنه لا ديمقراطية دون علمانية تفصل الدين عن الدولة. جميع تفاصيل رواية أرض التوارة ومملكة سليمان بن داود التي تعلمها الدولة العبرية لأجيالها هي روايات غير صحيحة علمياً.
على سبيل المثال، لا يعرف المواطن الغربي الذي يزور اسطبلات سليمان في مدينة صفد أن علم الآثار ونسبة الكربون المشع يبرهنان على أن تلك الاسطبلات إنما تعود لحقبة زمنية تتقدم بألفي عام بعد حقبة الملك سليمان أي أنها تعود للرومان على وجه التحديد، ولكن الكهنوت اليهودي صمم بكل وقاحة على تجاهل ما يقوله العلم لصالح منطق التزوير والكذب.
كذلك بالنسبة لمنطقة الغور وأريحا، تقول الرواية التوراتية بأن يوشع بن نون قد عبر نهر الأردن من منطقة الأغوار وأنه قد حاصر بجيشه مدينة أريحا سبعة أيام ثم نفخ في الأبواق فهدمت الأسوار ثم دخلها فاتحاً !! أي عاقل يمكنه أن يصدق مسألة النفخ في الأبواق ؟! أما رأي علم الآثار فهو مفاجأة حقيقية للكهنوت اليهودي، فقد دلت الحفريات حول مدينة أريحا وفي الطبقة الجيولوجية التي تعود لفترة يوشع بن نون " الافتراضية " أن مدينة أريحا في ذلك الوقت كانت تعاني من انجراف كامل بفعل السيول وأنه لا أثر مطلقاً لوجود أية أسوار !!
لا وجود لأية آثار أو أية دلائل مادية تؤكد رواية الكهنوت التوراتي، ورغم ذلك يفوز الكهنوت واليمين العنصري بقرار الحكومة ويستمر في دعم الاستيطان في الضفة الغربية باعتبارها جزء أساسي من أرض التوارة، فأين العلمانية التي تفصل بين خرافة الدين والدولة، وأين العلمانية والمساواة بين بني البشر فيما تؤمن غالبية الدولة ( عدا قوى اليسار ) بأن اليهود هم شعب الله المختار ؟!
أعلم أن البعض مفتون بمظاهر الديمقراطية الإسرائيلية من تداول سلمي للسلطة ومحاسبة المسؤولين وخلاف ذلك، وكاتب السطور لا ينكر وجود مظاهر ديمقراطية عديدة في إسرائيل، ولكن ما أوردناه في هذا المقال ينسف طبيعة إسرائيل العلمانية التي أفرزت باروخ جولدشتاين وزئيفي وكهانا ويغيئال عامير وغيرهم كثر من الفاشيين والقتلة.
حتى لو سلمنا جدلاً بقيام دولة توراتية لمدة سبعين عاماً في التاريخ فإن هذا التاريخ هو تاريخ ضئيل مقارنة بامتداد كنعاني عمره ستة آلاف عام. وحتى هذا الوجود كان ممتداً في حدود مرتفعات القدس والخليل إلى جيلبوع شمال جنين ولا يشمل الساحل والجليل، مثلما تفاجأ الكهنوت العنصري بالمقبرة الفرعونية التي تم العثور عليها في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة في نهاية الثمانينات من القرن المنصرم لكي تنطلق بعض الحناجر صارخة مدوية " غزة ليست توارتية " !!
إن الدولة العلمانية الديمقراطية لا تقوم بناء على ميثولوجيا ينسفها العلم ويدمرها المنطق، ولا تقوم بترخيص وإجازة أحزاب على أساس ديني كما تفعل إسرائيل، ولا تقوم العلمانية إلا على إيمان بأن البشر متساوون في الكرامة الإنسانية ولا وجود لنظرية النقاء العنصرية. أثناء الانتفاضة الأولى وقد كانت انتفاضة سلمية مدنية، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 800 طفل فلسطيني دون سن الثامنة عشرة وكانت معظمها إصابات في الرأس والرقبة والصدر. ألم يعبر ذلك ويؤكد أن إسرائيل دولة تقوم على دين عنصري يبيح قتل " الجوييم " أو غير اليهود حتى لو كانوا أطفالاً مسالمين أبرياء ؟!
إن الدولة الديمقراطية لا تقوم بإقصاء شعب بكامله ولا تقوم بقتله وحصاره بشكل جماعي، كما لا تقوم بسرقة ونهب أرضه وتاريخه وتراثه الذي يمتد لأكثر من ستة آلاف عام بناء على روايات خرافية لم تقم على أساس ولم يبرهن عليها دليل.
إسرائيل ليست علمانية ولا ديمقراطية !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصهيونية من وجهة نظر تاريخية
عدلي جندي ( 2011 / 4 / 24 - 14:24 )
لا يمكن لمنصف أن يوافق علي ظلم الشعوب وسرقة الأوطان ولكن حركة التاريخ ومظالمه لا يمكن الوقوف بهم في زاوية أن الإستيطان الصهيوني هو حجر الأساس لكل المظالم لنكن واقعيين ما تقوم به دولة إسرائيل له خلفيات تاريخية إستيطانية ولازالت شعوب عدة تعاني من أجرام الإحتلال والإستيطان والفرض الجبري والقسري علي قبول الأمر الواقع ولا ننسي الأمازيغ والكلدان والقبط وغير


2 - احمد ربنا
صديق محروم تعلقيان ( 2011 / 4 / 25 - 01:39 )
احمد ربنا يا محترم ان اسرائيل لم تفغعل مثل غيرها من المستعمرين
فبعضهم استولى على نصف كاثدرائية يوحنا المعمدان في دمشق فور دخوله المدينة ثم صادر الجزء الآخر بعد عدة سنوات

احمد ربنا أن اسرائيل لم تصادر الجامع الأقصى وقبة الصخرة فهم أكثر انسانية من غيرهم


3 - الفرق في النسبة
احمد ناشر ( 2011 / 4 / 25 - 06:34 )
نعم عندهم تطرف ديني قد تصل نسبته على أكثر تقدير الى 20% و المشكلة عندنا هي ان نسبة التطرف الديني تصل الى 90% وهنا يكمن الفرق.....هل تستطيع انت او غيرك ان تخفض نسبة التطرف عندنا الى 40% كي تفوز الأحزاب العلمانية في اي انتخابات قادمة وتتحالف مع احزاب ذات اقلية دينية ؟؟ ذلك هو يوم المنى


4 - ردود
عبدالله أبو شرخ ( 2011 / 4 / 25 - 13:08 )
السيد عدلي جندي المحترم
تشير إلى القبط والكلدان والأمازيغ باعتبارهم سكان البلاد الأصليين وتنسى أن الكنعانيين هم أهل فلسطين من قبل دخول اليهود لها بأمر من إلههم ؟؟! شكراً لك.
----------------------------------------------------------------
السيد صديق محروم المحترم
المسجد الأقصى سينهار لكثرة الحفريات الإسرائيلية تحته، ويجب أن تعرف أن المساجد التي عثرت عليها إسرائيل في حدود عام 48 قد استولت عليها الحركات المتطرفة بالفعل وحولوها إلى نواد للقمار ولشرب الخمور.
---------------------------------------------------------------
السيد أحمد المحترم
المشكلة يا أحمد أن التطرف العنصري الصهيوني هو من يتحكم بتشكيل الحكومة ويصوغ برنامجها ونحن نسمع ليبرمان من وقت لآخر يهدد بفك حكومة نتنياهو إذا لم يفعل كذا وكذا. وعموما كاتب السطور غير متضامن مع التطرف الديني لدينا وطالما دفعت ثمن انتقاده بصورة لاذعة. شكراً لمرورك.

اخر الافلام

.. الحكومة المصرية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية | #عاجل


.. إسرائيل تعرض خطة لإدارة قطاع غزة بالتعاون مع عشائرَ محلية |




.. أصوات ديمقراطية تطالب الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق الانت


.. انتهاء مهلة تسجيل أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابا




.. إيلي كوهين: الوقت قد حان لتدفيع لبنان الثمن كي تتمكن إسرائيل