الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة وتحالف السلطة فى سوريا

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 4 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ 18مارس الماضى وهناك واقع سياسى جديد يتشكل فى سورياعلى خلفبة تصاعد موجة الإحتجاجات الشعبية ضد حكم الأسد الذى يعتبرالأكثرأستقرارآ بين الأنظمة العربية .

ثمةحاجة لرصد نموذج الدولة الشمولية التى دشنها البعث بتوجهاته القومية منذ مطلع ستينات القرن الماضى والتى ترتكز قوتها فى الأساس على قاعدة من البرجوازية الكبيرة ( التجارية والإحتكارية ) بالإضافة إلى البيروقراطية العليا النافذة بجهاز الدولة , والمدعومة بتأييد من الجناح العسكرى للنظام وأجهزته الأمنية .

ففى ضوء معطيات المشهد السورى القائم يمكن القول بأن هذا التحالف الطبقى مازال يحافظ على وحدته وتماسكه وقوة قمعه , كما أن الآليات التى يعتمدعليها للهيمنة على السلطة السياسية وضبط المجتمع تبقى فاعلة ومنجزة على أرض الواقع .

فالنظام مستعد للضرب بلا هوادة وبالرصاص الحى وبنمط وحشى على المعارضين لبقاءه وأستمراره فى سدة الحكم , وقد نجح حتى الآن فى تجنيد التظاهرات المؤيدة له , وفى أجهاض ميلاد " الكتلة الجماهيرية الحرجة " القادرةعلى أسقاطه كما حدث فى تونس ومصر .

فالسوريون فى ( دمشق وحلب ) مازالوا يراقبون الحدث الإنتفاضى بالضواحى دون مشاركة , ولم يبدى ( السنة ) الذين يشكلون كثافة سكانية بهاتين المدينتن ممانعة جديدة للنفوذ التاريخى ( العلوى ) فى أدارة الحكم وعمليات النظام والأمن .

كما أن الأقليات العرقية لم تندمج فى المشهد الإحتجاجى , فالأكراد جرى منحهم الجنسية سريعآ وبالنظر إلى البعد الجيوسياسى الهام لهم بالمنطقة الشمالية الشرقية , كما أمتنعت الطائفة الدرزية عن المشاركة , فضلآ عن المسيحيين الذين يشكلون نحو 13% من السكان و الذين التزموا الصمت وفق منحى التقية السياسية التى التزموها منذ وصول البعث للحكم فى العام 1963 .

ومن هنا يثور الجدل بشأن مدى قدرة تلك الحركة الإحتجاجية الوليدة على أسقاط " آل الأسد " وفى ضوء غياب المعطى الخاص بتفسخ الطبقة الحاكمة وعجزها عن الإستمراروكشرط لازم لإنضاج موقف ثورى شامل فى مواجهتها .

فوفق قوانين الثورة الإجتماعية لا يكفى أن تتزايد معدلات القهرعلى الفئات المستغلة وأن ترفض العيش وفق الأسلوب القديم , ولكن أن يتداعى أيضآ الصمود الداخلى للطبقة الحاكمة وتبرز تناقضاتها وتفقد القدرة على البقاء بذات الأسلوب .

ومن البين أن الفئة المنتفضة التى تمردت على ثقافة الخوف تقدمت بفعل معطيات خاصة بالواقع الإقتصادى والإجتماعى السورى , وبمتغيرات الحالة المزاجية التى أضحت سائدة عقب تدافع موجات الإحتجاج العربى .

فهناك مخزون من الإحباط و الإحتقان ناتج عن تهميش قطاع واسع من الفئات الشعبية وكأثر للسياسات الإقتصادية التى أنتهجتها الحكومة السورية منذ العام 1986 .

فقد رفعت الدولة يدهاعن كفالة كثير من المستلزمات الضرورية للمواطنيين , وحيث توارى دورالقطاع العام والحكومى , وتوسعت فى تطوير قطاع السياحة والمقاولات والبنوك الداخلية ومنحت أمتيازات للإستثمارالخارجى وبما أدى لإثراء طبقة جديدة محدودة من التكنوقراط ورجال الأعمال المرتبطة به , فى وقت لم يكن له مردود أوعائد تنموى على المواطنين .

ولذلك تزايدت نسبة السوريين تحت خط الفقر لتصل لنحو 30% , وتراجع متوسط دخل الفرد لنحو 11 آلاف ليرة فى الشهر , فضلآ عن بطالة تجاوزت نحو 70% من الخرجيين ,ونزوح نحو مليون فلاح إلى أطراف دمشق وحوران بعد تدنى الأجور فى القطاع الزراعى , فى حين أستأثرت قلة محيطة بالسلطة والبيروقراطية الحكومية والمستمثرين الجدد بالنصب الأكبر من الدخل والثروة القومية .

وهكذا تآكلت الوفورات الإجتماعية للطبقة الوسطى فى ظل أقتصاد أتسم بصفة الريعية فى السنوات الأخيرة , و نتيجة لغياب التنمية والأنشطة الإنتاجية والإتجاه لتزكية رأسمال الخاص وحركة الإستثمار السياحى والإستهلاكى ,فضلآ عن شيوع الفساد وتراجع الخدمات التعليمية والصحية .

وتضافرمع التدهور الإجتماعى والإقتصادى تراجع سقف توقعات السوريين التى أرتبطت بصعود بشار( الشاب المنفتح صاحب الثقافة الأنجلوسكسونية ) على مسرح الحدث السياسى وكخليفة لوالده البعثى المحافظ .

تراجع بشار ناتج عن عجزه عن أجراء تحولات سياسية جذرية فى بنية النظام وأليات عمله وأدارته , ومن ثمة أنجاز شرعية جديدة لحكمه تحل محل واقعة ( التوريث السياسى ) التى اوصلته للسلطة .

ومن هنا فأن نموذج الأوليجاركية السورية ( نمط النظام البوليسى التعبوى مع الزمرة المالية والريعية المسيطرة على السلطة ) لم يعد قادرآ على أشباع الحالة العقلية ( State of mind ) أوالمزاج السائد لدى القاسم الأوسع من السوريين .

فمنطق النضال ضد الأمبريالية والصهيونية ورفع شعارات المقاومة والممانعة يضحده الفساد والواقع الإقتصادى الذى يخدم مصالح الإمبريالية ويوطد العلاقة مع الرأسمالية المعولمة وقيم السوق وجهاز الأثمان .

كما أن شراء الولاءات والقبول الشعبى من خلال ضخ أعانات ومكرمات وزيادة المرتبات لن يفيد البعث لأنه أعتمد منذ زمن منهج التعبئة الجماهيرية والإعلامية القائم على خطاب سياسى وأيديولوجى مجرد .

فضلآعن الأسد لن يراهن على دعم سياسى ومعنوى إيرانى مؤثر بعد أن نالت أحداث الإنتخابات الإيرانية الرئاسية من صورة جبهتها الداخلية ومن حضورها وتأثيرها داخل المشهد الأقليمى .

كما أن القيادة السورية لم تعول كثيرآ على التطمينات التى حملها رئيس المخابرات العامة المصرية – اللواء / مراد وافى – فى زيارته الأخيرة لدمشق لأنها لم تثق بعد فى نوايا المجلس العسكرى أوالجماعة الثورية المصرية الصاعدة .

ومن هنا أدرك التحالف السلطوى البعثى أن أوراقه صارت محصورة فى " الداخل السورى " , وفى أستمرار وحدة مصالح اجنحته وتماسكه الداخلى والحيلولة دون صراعها وتفسخها .

فقادة الجيش والأجهزة الأمنية – التى تجمعهم روابط الدم والعشيرة بالأسد و طائفته - يعلمون جيدآ أن المطالبة برأس الأسد تعنى المطالبة أيضآ برؤوسهم , وأنهم سيسقطون حتمآ فى حال سقوط البعث كحزب مندمج عضويآ فى بنية الدولة والنظام .

روابط التحالف السلطوى القائم فى سوريا هى الذى تصيغ مستقبل الصراع , وطالما أن الطبقة الحكمة تعتقد فى قدرتها على الإستمراربذات الأساليب البعثية المعتمدة – فلن يقدم النظام أية تنازلات جديدة , و سيجهض تطويرالحركة الإحتجاجية لموقف ثورى شامل , وسنكون أمام حمام دماء لا سابق له .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن