الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الهيبيزم إلى ثورة الهيب هوب..

محمد المراكشي

2011 / 4 / 25
كتابات ساخرة


في عز ثورة الهيبيزم ، وسنواتها التي لا تنسى و المحفورة في تواريخنا الشخصية والنفسية،لم يكن منا من يعتقد أن شيئا آخر أو تمظهرا مختلفا للشباب المتمرد على القيم البالية المتجاوزة سيظهر بعدها.. فأقصى ما يمكن أن نرى فيه شبابنا هو امتطاؤهم صهوة جواد الهيبيزم الجامح و الوصول إلى الوودستوك !!
ولازال الكثير من شباب الستينات و السبعينات ،يحن ،أو يذكر بالخير الأيام التي كان الواحد مهووسا بموسيقى البينك فلويد و بوب مارلي و البتلز و الرولينغ ستونز...إلى حد الإعتقاد أحيانا بأن لا موسيقى بعد كل هؤلاء.. و أحيانا يبوح لمجايليه أن الأمر فيه متناقضين :إما أن تلك هي الموسيقى أو أنه قد تجاوزه الزمن !
لكل زمان زمانه ، وموسيقاه ،و أفكاره و لباسه. فشباب الهيبيزم شباب ثائر على قيم رآها متجاوزة لوجوده ،فثار عليها بالابتعاد أو الإنعزال إلى عالم صنعه الهيبي لنفسه في خلوة جبلية يتأمل فيها دخان الماريخوانا أو رائحة لفافات النكعة الصافية ! ينصت بإمعان لكلمات الأغاني الأقرب إلى رومنسية الجنة ! ويحفظ عن ظهر قلب النوتات الموسيقية الحاملة للروح أبعد من رؤية القمع و التسلط الأبوي في المنزل و الشارع العام !
كثير من الشباب آنذاك اختاروا التمرد بالسراويل الضيقة الحزام و الواسعة من الأسفل،أما الشعر فقد كان يترك لحريته إلى أن يصل إلى ابعد نقطة في المستوى ! حين يرى الواحد منهم الآن صوره القديمة فهو لا يستطيع أن يخفي حنينا ممزوجا بضحكة يود لو تنطلق قهقهاتها إلى ابعد من جدار الصوت ! إن الصورة القديمة الآن مضحكة ، لكنها لم تكن كذلك حينها ! كانت ثورة اندمجت مع واقعها !
كانوا يريدون تغييرا ما ، لكنهم عبدوا الطريق بتغيير ذواتهم أولا !
و اليوم ، نفس الرؤية ربما أو أكثر ،و نفس التفكير أو أحسن ، نجده عند شبابنا الثائر من أقصى بلاد العرب إلى أقصاها. فثورة الشباب لها ما يكفي من حمولة الهيب هوب هذه المرة ! فمن يثور الآن شباب اختاروا السراويل الفضفاضة إلى درجة أنها لم تعد لها تلك الوظيفة ذات حمولة و ثقافة ستر العورة ! وقمصان كنا نعتقد في السابق أنها مخصصة لأناس لهم أجساد أسطورية ! ولم يعد للشعر مكان في الهواء الطلق بعد أن تخفيه قبعة مقلوبة الإتجاه !
إنها طريقة في الحياة ،و الأهم أنها تعبير عن شيء ما ،لم نفهمه و لم تفهمه الأنظمة فاندلعت الثورة ! فهؤلاء الشباب، أكثر نضجا في نظري على مستوى الفعل الذي لم يصل إليه ثوار الهيبيزم في العقود السابقة ..
هرب الهيبي من التسلط الأبوي والدولتي إلى دواخله ،وفضل الانكماش في مواضيع أشبه بالوحي منها إلى واقعه ! ظل يحلم بعالم مثالي يتصوره مع جون لينون ، ويدخنه مع الويلرز و صعقات الهارد روك ! إلى أن انتهى إلى ما يشبه الجنون و الابتعاد الكلي عن الفعل في مجتمعه !
إنه يتفوق ،فعلا، على شباب الهيبهوب في فعل القراءة و فهم ما يجري ،لكنه لم يفعل بالمقدار الذي يزعزع وثوقيات المجتمع و الدولة !
أما الهيهوبيون ،فهم انطلقوا بعد الملل الذي يصيبهم بالسرعة ذاتها لدى الشباب في كل زمن إلى الفعل ، و لم يقفوا عند حدود التكنو و الراب بل نزلوا للشارع في تحد صارخ لإفتراضية الفيسبوك ! هم أبناء السرعة و التكنولوجيا و الثورة العارمة ،لذلك رأينا أنظمة عتيدة تنهار في مصر و تونس تحت سراويلهم الفضفاضة و أحذيتهم الرياضية..أنظمة تنهار بلا كفاح مسلح أو خلايا ثورية أو حرب عصابات.. قتلتها فأرة الانترنيت و أغاني الراب !!
لا أخفي أني من إعجابي اطلعت على عوالم ثوار الهيبهوب ،و حاولت تقمصها و نجحت في كل شيء إلا في اللباس ! فجسدي لم يتوافق بتاتا مع سروال فضفاض و قبعة مقلوبة للجانب الأيمن أو الأيسر ! وصورتي المضحكة بعد اللباس جعلتني أعترف أن لكل زمان شبابه ،وما علينا إلا الإنصات لنبضهم حتى لا نجعلهم ينفرون إلى الانعزال و الثورة الداخلية التي أرسلت أغلب أحبابنا إلى قاعات العلاج الكيميائي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر