الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسيوط: قصة مدينتين

سعد هجرس

2011 / 4 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أسيوط ليست مدينة وا حدة وانما هي في حقيقة الأمر مدينتان متناقضتان كما لو انهما تنتميان إلي كوكبين مختلفين.
أسيوط الأولي مدينة ثورية محبة للحياة متذوقة للفن وعاشقة للحق والخير والجمال.
دخلتها بدعوة من الفنان التشكيلي الأسيوطي المرموق سعد زغلول بمناسبة تدشينه لمؤسسته الثقافية الأهلية علي ضفاف ترعة الإبراهيمية ومهرجانها الثقافي الأول الذي يضم معارض تشكيلية تستضيف أعمال الفنانين بخيت فراج وعدلي رزق الله وهبة عنايت وضيف الشرف عز الدين نجيب.
كما تضم معرضا للحرف التقليدية إلي جانب ندوة بالغة الأهمية عن مستقبل الفن المصري في ظل ثورة 25 يناير والمتغيرات التي يشهدها العالم العربي وقد أدارها باقتدار الدكتور محمد إبراهيم منصور الذي تدين له جامعة أسيوط والحياة الثقافية المصرية عموما بانشاء مركز للدراسات المستقبلية في جامعة أسيوط منذ سنوات وكانت مؤتمرات وندوات هذا المركز نقطة ضوء عندما كان الظلام الدامس الذي يشوه تحالف الاستبداد والفساد الذي حكم مصر ثلاثين عاما يخيم علي عقل الأمة ويحاول وضع أقفال من حديد علي أفواه المصريين.
وبعد حوار بالغ الأهمية حول التحديات والفرص التي تواجه ثورة 25 يناير قضينا أمسية بديعة مع فرقة الموسيقي العربية لقصر ثقافة أسيوط وهي مفاجأة سارة جدا لأنه بمثابة "خبيئة" مواهب مدفونة في الصعيد الجواني المحروم من أبسط حقوقه في كل المجالات.
فهذه الفتاة الصعيدية كريمة عثمان التي شدت بأغاني أم كلثوم أو ندي عبدالمنعم التي تقمصت دور شادية أو أحمد أبوغدير الذي يمتزج في صوته المدهش عنفوان صوت الطوخي وشجن صوت سيد النقشبندي خلقوا جميعا حالة فنية متوهجة أضاءت ليل أسيوط بقيادة المايسترو حسام الدين حسني الذي لم يكتف بذلك الوهج بل قدم أيضا موهبة فذة هي الطفلة نعمة هشام التي قدمت أغاني عزيزة جلال بأداء مبهر.
وفي مثل هذا المناخ لا يمكن أن يغيب الشعر والشعراء من أسيوط والقاهرة علي حد سواء فكان هناك درويش الأسيوطي وماجد يوسف وعزت الطيري ومحمد أبوزيد ومحمود فرغلي وسعد عبدالرحمن بصفته الشعرية قبل صفته كرئيس لهيئة الثقافة الجماهيرية.
وكان مسك الختام الموسيقار الجميل أحمد اسماعيل الذي أعاد إلي الأسماع ذكريات الغناء الجميل غير المغشوش.. شكلاً ومضمونا.
***
هذه الحالة الابداعية التي يمتزج فيها الفن التشكيلي والغناء الجميل والموسيقي العربية والحوار الثقافي الجاد وربات الشعر.. كانت كلها تذكرك في كل دقيقة أن أسيوط ومصر بأسرها تعيش نشوة ثورة من أعظم الثورات في تاريخ البشرية.
لكن هذا الشعور الجميل سرعان ما تبخر عندما توجهنا إلي بيت الضيافة بجامعة أسيوط لكي نقضي ليلتنا هناك.
في المدخل كانت لافتات الاحتجاج تغطي المكان والمعتصمون والمعتصمات من حملة الماجستير والدكتوراة يتشبثون بالبقاء في الردهة ليلاً ونهاراً لعل أحدا يستمع إلي شكواهم هذه الشكوي تبدو كما لو كانت من أوضاع تعاني منها مدينة أخري غير مدينة أسيوط التي تحتفل بالثورة.
ما هي مشكلتكم يا شباب؟
أجابوا: في إطار سياسة الدولة لتحسين اختيار من يعملون كأعضاء هيئة تدريس بالجامعة تم الاعلان عن وظيفة مساعد باحث بالجامعة بشرط التفرغ التام وألا يقل التقدير عن جيد في مرحلة البكالوريوس وأن يكون الخريج من جامعة أسيوط فتركنا وظائفنا الحكومية واستقلنا منها في مقابل العمل براتب 157 جنيها مصريا فقط لا غير وتم تعيينا بناء علي طلب الأقسام حيث عمل الكثيرون منا بجداول تزيد علي 40 ساعة أسبوعيا وبعدما حصلنا علي الماجستير رفضت إدارة الجامعة تعيننا بينما تم تعيين أبناء المحسوبين علي النظام السابق وأبناء أعضاء هيئة التدريس "لدينا قائمة بالأسماء ودرجة القرابة".
هذا الاعتصام ينقلنا إلي أسيوط الأخري أسيوط التي لم يصلها قطار الثورة بعد ومازالت محكومة بقواعد المحسوبية والفساد.
فما رأيك يا وزير التعليم العالي والبحث العلمي؟
ما رأيك يا دكتور عمرو عزت سلامة في هذه الكارثة وهل تترك أبناءك وبناتك ينامون في ردهات الجامعة انتظارا للإنصاف؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط