الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتراب الرؤية السلفية عن الواقع في مقال ثقافة الاحتجاج:

خالد عبد القادر احمد

2011 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


حين طالعت مقال الاخ صلاح حميدة, عن ثقافة الاحتجاج, وجدتني اتفق معه بقدر واختلف معه بقدر, غير انني وجدت في كلا الحالين فرصة لتعميق حوار حول ثقافة الاحتجاج وكيف تمارس بصورة خاطئة في المنطقة,
فعلى صعيد المبدأ لا ينكر احد من المتفقين والمختلفين, على حق المجتمع في الاحتجاج على النظام الاقليمي والسلوكيات الخاطئة فيه. وحتى الانظمة نفسها تقر وان بصورة لفظية وانتهازية بهذا الحق, في محاولة منها لاحناء راسها للعاصفة وتجاوز محنة علاقتها بالمجتمع.
كما لا ينكر احد ان الانتفاضات التي تحدث بالمنطقة ليست بالانتفاضات الطبقية التي تعتبر لا شرعية, في عرف النظام والثقافة الاجتماعية معا, فهي انتفاضات تتقاطع على الاشتراك بها كل الطبقات والشرائح الاجتماعية, الا رموز _ السلطة_ في حين تنال الانتفاضة رضى باقي _ شريحة النظام_ بل هي تشارك بها ولو من باب تخليص الثارات, ومن باب العودة لموقع الحكم من شباك الانتفاضة المجتمعية,
وايضا لا ينكر احد ان الانتفاضات الشعبية هي حالة مواجهة لا يهم اكانت سلمية او عنيفة, بين الحاكم والمحكوم, اذا حررنا وصف العلاقة من حيثياته وشروطه. وكل ذلك يقع في خانة الاتفاق مع الاخ صلاح حميدة, لكنه اتفاق مشروط حول ما هو بعد المبدئية,
ان الخلل الذي تعاني منه رؤية الاخ صلاح حميدة حول ثقافة الاحتجاج, انما تتمحور بالضبط حول خلل التجريد الذي يحصر علاقة المواطنة بالحكم فيه, وحول خلل مقارنة الواقع الراهن بمقياس واقع مضى وباد تاريخيا, وهو مختلف في محتواه وشروطه, وهذا هو خلل الرؤية السلفية, ليس السلفية الدينية فحسب بل ايضا حتى السلفية الماركسية والسلفية الليبرالية, فالخلل في كل سلفية هو التجريد عن شروط الواقع,
وحتى اوضح الامر, فانني استفسر من الاخ صلاح حميدة عن رايه في مطالبة عمال مصر بمضاعفة اجورهم مرات عديدة في بلد نام انهك اقتصاده ومحاولة ارضاء الطبقات الشعبية الى درجة ان مصر وجدت نفسها لا تستطيع تامين رواتب موظفيها وهي باتت بحاجة لاقتراض تسعة مليارات دولار للايفاء بمستلزمات الرواتب والالية الاقتصادية؟
ان هذا القفز عن رؤية الواقع هو سلفية نقابية ليبرالية, لا يحدث بمصر فقط, بل نجده ايضا يمارس في فلسطين وضد سلطة تعتاش على المساعدات الخارجية, وتبتز سياسيا في ثوابتها الوطنية تبعا لذلك.
لقد استحضر الاخ صلاح حميدة سلوك الرسول والخلفاء الراشدين, وجعل سلوكهم _ الديموقراطي_ مقياسا لمحاكمة سلوك حكام الواقع الراهن به, والمقايسة هنا خاطئة, دون المس باحترام السلف المذكور,
فمن الصحيح ان السلف المذكور كانت له مسئولياته الاجتماعية, غير انه لا يجب ان ننسى انها لم تكن مسئوليات _ قومية_ محددة وثابتة وراسخة, فمسئوليتهم القومية في تلك الفترة كانت بحسب ما تصل اليه ارجل خيولهم, كما ان انفاقهم القومي لم يكن بحجم الانفاق القومي الراهن, في مقابل دخل سعته بسعة توسع الغزو ومكتسباته, ولا ننسى ان الصيغة الطبقية للمجتمع لم تكن بحدة وشراسة المكون الطبقي لصيغة المجتمع الراهن,
ان هذا المقياس السلفي يختلف جذريا في شروط تحققه عن شروط الواقع الراهن, ويتناقض معه فورا مرحلة الدولة الاموية التي تلت مباشرة عهد الخلافة الراشدة, وزاد الاختلاف الى درجة التناقض وحدوث الثورات على الحكم في العهد العباسي, فكيف نقفز عن كل هذه الحقائق ونجبر الراهن على التقايس والمقارنة مع ما قبل 1400عام؟
جانب اخر يغيب عن الرؤية السلفية الاخذ به, هو تغييبها لواقع وحدة متناقضات واطراف وقوى وشروط الصراع العالمي, التي باتت لا تحتكم الى علاقة السيطرة المباشرة بل الى علاقة تلازم الوجود وتقاطع العلاقات وجدلها, ففي ايم السلف الصالح لم يكن لدولة الفرس والرومان من سيادة وسيطرة على الواقع الاغربي الاسلامي, إلآ, بتوفر شرط السيطرة العسكرية المباشرة, اما اشكال التبعية الاقتصادية والدوران في فلك النفوذ السياسي وصيغ الخرائط الجيوسياسية العالمية فلم يكن موجودا على عكس صورة العالم الراهن, حيث نجد الولايات المتحدة الامريكية ولمصلحتها الاقتصادية تناطح الصين الشعبية حول مسالة حقوق الانسان, والت لا تعني في حقيقتها سوى حث الصين على رفع تكلفة انتاج سلعها وتقليل فرص تنافس السلع الصينية في السوق الاقتصادية العالمية,
ما اود قوله في هذا المقال هو ان ثقافة الاحتجاج لم تعد تتعلق بمبدئيتها فقط بل باتت هي بذاتها مشروطة بوحدة المصير المجتمعي في صورة مصيره القومي الواحد. وشروط هذا المصير القومي في الصراع العالمي,
اخي صلاح حميدة انا وانت نرى نفس صور المكون الانساني الذي يمارس ثقافة الاحتجاج على الشاشات الفضائية’ وللحق اقول لك ان هناك ممارسة قمعية لاي وجهة نظر تنتقد هذه الانتفاضات, باتهامها بمحاباة الانظمة, لذلك اسالك ما هو الادراك الثقافي لممارسة الاحتجاج عند القصر المتواجدين في هذه المظاهرات والتي تتراوح اهمارهم من سن الطفولة الى سن السابعة عشر, وما هو حجمهم في هذا التواجد, وهل فعلا ومن باب المسئولية التربوية والكفالة الاسرية يحق لهم التواجد هناك او يحق لذويهم ان يحضروهم الى مثل هذه الاماكن الخطرة, لتعتاش بعد ذلك قناة الجزيرة والعربية على خبر استشهادهؤلاء الاطفال ولتتهم الانظمة بقتلهم؟ وهل فعلا يملك ذويهم الاحساس بمسئولية ثقافة الاحتجاج او يمتلكون ادراكها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخلاف لا يفسد للود قضية
صلاح حميدة ( 2011 / 4 / 27 - 17:57 )
ضرب الأمثلة عن مواقف للرسول والخلفاء، ما هو إلا ضرب للأمثلة بأنّ الأصل في العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي الاحتجاج والمساءلة، لمن يدّعون أنّهم من مقلدي السلف، ممن يقولون بأنّ طاعة الحاكم واجبة في كل الاحوال وأن الاحتجاج عليه فتنة، وليست حالة اسقاط تطابقية للماضي على الحاضر بدون دراسة المتغيّرات والأخذ بها بين زمانين.
أنا مع حرية وكرامة الشّعوب، وهي ثابت لا يتغير في قناعاتي، ولا فرق عندي بين ألوان ولا أديان ولا طوائف، فقاعدة عمر بن الخطاب ( متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحراراً، لم تقل من أجل مسلم، بل قيلت من أجل غير مسلم وفي موضع تأديب حاكم مسلم، وهي الآن القاعدة الأساسية والافتتاحية في الميثاق العالمي لحقوق الانسان، وبالتالي، لا اغتراب هنا بين الحاضر وقبل ما يقارب القرن والنّصف، بل تناصّ حقوقي أممي من الماضي الاسلامي، وإسقاطه على الواقع العالمي بحرفيته، ومن قاموا بهذا التّناصّ التاريخي ليسوا مسلمين بالضّرورة، فضلاً عن أن يكونوا متدينين ( سلفيين).
فيما يخصّ مطالبة عمّال مصر برفع رواتبهم، فهذه ليست جريمة، فإذا ك

اخر الافلام

.. بايدن يتهرب من الإجابة عن سؤال حول إرسال قوات أمريكية للقتال


.. مهند مصطفى: إسرائيل بدأت تدرك صعوبة وتعقيد جبهة الشمال




.. غارة إسرائيلية على شقة سكنية في طرابلس شمال لبنان


.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا




.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق