الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول الرهان الخارجى على الثورة المصرية

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 4 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أسئلة كثيرة تطرح بشأن حول الدور الأقليمى المنتظر لمصر فى مرحلة ما بعد الإطاحة بنظام مبارك , وآفاق التحول فى سياساتها الخارجية تجاه دول المنطقة والعالم .

صدى وتأثير التغييرالثورى المصرى على علاقات وتوازنات القوى بالأقليم أصبح مثارجدل على خلفية مؤشرات تشى بعودة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة ووطهران , فضلآعن النشاط الملحوظ للحكومة الإنتقالية فى الساحة السودانية والأفريقية , وتصاعد الإهتمام بالجولة الأخيرة لرئيس الوزراء المصرى فى دول مجلس التعاون الخليجى

ثمة أتجاه يرى سرعة أستعادة مصر لمكانتها الأقليمية , والعمل بشكل عاجل على أسترداد دورها القيادى , وأنه لم يعد مقبولآ صياغة قرارات تعتمد ذات الخط الذى ساد تفكير صانع السياسة الخارجية المصرية على أمتداد الثلاثين عامآ الماضية .

ويؤسس هذا التوجه منطقه على سند من أن التدهورالإجتماعى والإقتصادى الداخلى أرتبط بشكل أو بآخر بتراجع نفوذ مصر وعزلتها وفجوة الثقة بينها وبين كثير من دول العالم , لاسيما وأن بعض مواقفها الخارجية المتخاذلة كان يمس صميم " الأمن القومى المصرى " .

وأن المطلب الشعبى بأستعادة الهيبة والكرامة المصرية المهدرة فى الأقليم كان أحد أسباب قيام ثورة 25 يناير, وحيث شكلت قيادة المشروع التحررى العربى ومواجهة الهيمنة الأجنبية مقومآ رئيسيآ لشرعية الجمهورية الناصرية وحافزآ مستمرآ لممارسة هذا الدور من جانب المصريين .

فضلآ عن أن هناك قوى أقليمية تنتظر هذا الدور , وتعتبر الثورة أضافة لها , وتتحدث عن تحول فى طبيعة الإصطفاف تجاه نمو كتلة الممانعة العربية وأنتقال مصرلموقع راديكالى مضاد للأطماع والسياسيات الأمريكية و الصهيونية فى المنطقة .

هذا الرهان على دور ريادى وفاعل خلال الفترة القصيرة والمتوسطة القادمة من تطورحياة السياسية والثورة المصرية - ترد عليه تحفظات هامة .

فالنظام الجديد الذى يأمل المصريون فى تدشينه – بعد حقبة مبارك – سيكتسب شرعيته من الشعب رأسآ ومن مدى قبوله عن السياسات الداخلية المعتمدة ( وليس الرضا الخارجى ) فى الأساس .

كما أن الثورة المصرية لم تكرس " مفاهيمها الخاصة " فسمتها الرئيسى من حيث كونها ثورة تأسيسية Foundational Revolution - تساهم فى أنتاج نسق قيمى وأيديولوجى مغاير , أم ثورة أنتقالية Transformational Revolution - تدفع نحو حويل المجتمع لحالة أصلاحية جديدة – لم يتضح بعد .

كما أن الإقتصاد المصرى الذى يعد رافعة أساسية لإستقلال القرار السياسى الخارجى يعانى منذ فترة طويلة الكثير من الصعوبات والمشكلات القاسية والمزمنة .

فهناك عجز فى الموازنة العامة يبلغ نحو 9%، , وحيث وصل الدين العام الذي لأكثر من تسعمائة مليار جنيه مصري في شقه المحلي ، ونحو 32 مليار دولار في شقه الخارجي , وتكبد تلك الديون الموازنة العامة للدولة المصرية نحو 173 مليار جنيه سنويآ .

فضلآعن معدلات البطالة التى تتراوح بين 10% و15%, وحيث يرجع الجزء الأكبر منها لنظم التعليم التي لا تربطها بسوق العمل أية سياسات , وعليه يجد صانع السياسة الاقتصادية أنه مطالب بتوفير ما بين 700ألف و750 ألف وظيفة سنويا .

ولا تجسر هوة عجز ميزان المدفوعات إلا الإيرادات الريعية المتمثلة في البترول والذي يحقق نحو عشرة مليارات دولار سنويا ، والسياحة التي تحقق نحو ثمانية مليارات دولار، وعوائد العاملين بالخارج التي تقدر بنحو 6.3 مليارات دولار، وقناة السويس التي تقترب إيراداتها من 4.8 مليارات دولار.

وعادة ما كانت الصادرات لا تشكل سوى 50% من الواردات. ففي عام2009 /2010 بلغت الصادرات نحو 23.9 مليار دولار، بينما بلغت الواردات 49 مليار دولار. وحيث تستورد مصركافة المعدات والآلات ومستلزمات الإنتاج الأساسية وقطع الغيار.

هذه المؤشرات وغيرها مما يقطع بتدنى معدلات التنمية وحجم الإستثمارات والإدخاروالدخل والمستوى على درجات الشفافية ومناهضة الفساد– تؤكد جميعها أن الدعامة الإقتصادية المصرية اللازمة للعب دور أقليمى مؤثر تبدو غير متوافرة .

ثمة حاجة " لواقعية مصرية جديدة " تعترف – فى هذه المرحلة الإنتقالية على الأقل - بأن هناك فجوة ما بين الطموح السياسى المصرى المتزايد وأزمة القاعدة الإقتصادية الرافدة لهذا الطموح .

فلابد من الإكتفاء الذاتى أولآ بالنسبة للسلع الغذائية الضرورية للمواطن المصرى لاسيما " القمح " , وحيث كشفت أزمة أغسطس فى العام 2009 المتصلة بالقمح الروسى النتائج الكارثية لإعتماد الغذاء الأساسى للمصريين على تقلبات السوق العالمى .

كما أن الميلاد الحر والمستقل للبرنامج المصرى الذرى فى مجال الإستخدامات السلمية يعد شرطآ للعب دورمحورى فى الأقليم و لمواجهة أزمة نضوب مصادر الطاقة التلقيدية . فأنتزاع موقع للأمة المصرية على خريطة التكنولوجيا الذرية هو خيار مصيرى لتلبية تطلعات تطوير قطاعات عديدة للإقتصاد المصرى ولتعديل عوارمعادلة التوازن الذرى مع أسرائيل وأيران .

توافر الظهير الإقتصادى القوى حاسم للرهان على دور واعد - وبدون ذلك ليس علي مصر الإ أن تديرواقع التناقضات والتوازنات الأقليمية وفق فقه الإعتدال وبما يخدم مصالحهاالذاتية المباشرة .

ومع ذلك فأن هناك ضرورة لسرعة أيلاء " السودان ودول حوض النيل " الدرجة العاجلة فى سلم أولويات سياسية مصر الخارجية , خاصة بعد أنفصال جنوب السودان , والجورعلى الحصة المائية التاريخية الممنوحة لها فى مياه النيل . وهنا يبدو البعد الشعبي هوالمدخل الحقيقى والملائم لتفعيل العلاقة بين أبناء شعبى وادى النيل , وأنماء الجوانب الإيجابية لتلك العلاقة , ومن خلال البحث عن موحدات تؤسس لمصالح تنموية دائمة بين الجانبين .

ومن الواضح أن هناك ندية جديدة ستكتسبها العلاقة مع أسرائيل , ولكن لن تتخلى مصرعن خيار السلام كآلية لتسوية النزاع بين العرب وأسرائيل , فلم يعد هناك وقت للمغامرة ولمزيد من الخسائر.

وتبقى المعادلة الأساسية أنه من رحم دولة الديموقراطية والعدالة الإجتماعية والقوة الإقتصادية الحقيقة - و ليس من الشعارات والكليشيهات المستهلكة - سيعاد أحياء الدورالمصرى الريادى , وستكون سياسيتها الخارجية أنعكاسآ وترجمة لها فى الأقليم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحفظ عربي على تصورات واشنطن بشأن قطاع غزة| #غرفة_الأخبار


.. الهجوم الإسرائيلي في 19 أبريل أظهر ضعف الدفاعات الجوية الإير




.. الصين... حماس وفتح -احرزتا تقدما مشجعا- في محادثات بكين| #غر


.. حزب الله: استهدفنا مبنيين يتحصن فيهما جنود الاحتلال في مستوط




.. مصطفى البرغوثي: نتنياهو يتلاعب ويريد أن يطيل أمد الحرب