الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديموقراطيتنا.........المزعومة

لينا جزراوي

2011 / 4 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ديموقراطيتنا......... المزعومة

في عالمنا العربي ، تبرز تناقضات واضحة في التعاطي مع مفاهيم الحرية والديموقراطية ، ونحن على أعتاب حقبة جديدة ، يفترض أن يكون عنوانها ، الكرامة ، العدالة ، والحرية ، ثم نشهد في الوقت ذاته اغتيالات للرأي الآخر ، واعدامات للفكر الحر ...... لمجرد أنه يدور في فلك الثقافة المضادة.
فثورات الشعوب العربية ضد أنظمتها الشمولية ، وخطوتها الأولى نحو الاصلاح ، جاءت لرسم معالم مجتمعات حديثة ، مدنية ، ديموقراطية ، فاجتاحتنا رياح التغيير وبدأت الشعوب تفكر خارج صندوق الدولة ، وثقافتها، وتتحرر منها ، لكن لا يكفي أن نطالب باليموقراطية ونحن مازلنا نغتال حريات الآخرين، المختلفين معنا ، فالديموقراطية التي ترفض الآخر ، لمجرد أنه اختلف معها في الرؤيا والفكر والطرح ، ديموقراطية ناقصة ، فارغة من مضمونها فهل نصمم لمجتمعاتنا ، وتركيبتها ، ديموقراطية تختلف عن ديموقراطيات العالم الحديث؟
الديموقراطية ، حرية سقفها السماء ، حرية لا تتجزأ، لتناسب مجتمعا دون آخر ، وشعبا دون آخر، مظلتها واسعة تضم كل الأطياف السياسية والاجتماعية ، بدون تمييز .
عندما ثار الشعب المصري ضد جلاديه الذين ما فتئوا يغتالون حريات الآخرين ، ويعتقلون مخالفينهم في الرأي والتوجه ، وطالبوا بالحرية ومحاسبة الفاسدين ، برز على السطح توجهات مختلفة ، تحمل رأيا آخر، وهذا سلوك طبيعي وصحي برأيي، ،فبعض الفنانين المصريين مثلا لم يردوا التغيير ، لكنهم يدفعون الآن ثمن اختلافهم عن الثقافة السائدة، وثمن آراءهم ، ويتم اعدامهم فنيا ، وهذا لا يتوافق مع الطرح الديموقراطي ، فلماذا نشهد اغتيال لشخصيات فنية عريقة لطالما أتحفنا انتاجها الفني ؟، شخصيات كانت أكثر جرأة وصلابة في تجاوز الممنوع والتعبير عن المحرم ، وكسر الحواجز، يوم لم يتجرأ فيه الكثيرمن الفنانين على كسر تابوهات التقاليد والأعراف والعقائد.
فما يجري تجاه بعض الفنانين المصريين ، هو نوع من أنواع الاستئصال ، اسئصال للفكر وللحرية، واعدام لتاريخ فنانين مبدعين كان لهم بصمات هامة ومؤثرة على الساحة الفنية المصرية ، والعربية ، وهذا مخالف لجوهر الديموقراطية ومضمونها. ،فهل يجوز أن نحتضن مؤيدينا ونلفظ معارضينا ، ثم ندعي أننا ديموقراطيون!!!!
حالة بعض الفنانين المصريين ، وطريقة التعاطي معهم، بعد نجاح الثورة في مصر ، تبين أن مازال لدينا أزمة في طريقة تفكيرنا ، وفي مدى احترام العقل والخيال الحر في أنظمة يفضل معظمها أن يتحكم مباشرة في اتجاهات تفكير الناس ، أزمة متعلقة بطريقة تفكيرنا التقليدية ، فهل المفروض أن يتفق الشعب ، كل الشعب ، على رؤيا واحدة ، للاصلاح ؟ وهل المفروض أن نغتال ، مستقبل بعض المختلفين معنا ، وحريتهم في التعبير عن توجهاتهم؟ ان مبادىء الديموقراطية تقول بأن الحكم للأغلبية ، لكن من حق المختلفين معنا ، في أن يختلفوا .
تسعى الشعوب وتموت من أجل أن تنعم بالديموقراطية والحرية، لكن علينا أن نتعلم ممارستها من خلال قبول المختلفين معنا أولا، واحترام رأيهم ثانيا، بدون أن نستأصل فكرهم ، ونقصيهم لمجرد أنهم يحملون وجهة نظر أخرى ، وهذا برأيي أصعب خطوات المرحلة الجديدة ، وأهمها .
فما زلنا نعاني في العالم العربي من ازدواجية الشخصية العربية ، التي تظهر عكس ما تبطن ، وتبين عكس ما تخفي ، فتستخدم نظريات التحرر على المنابر السياسية والثقافية فقط، يرددون بلا انقطاع ، في كتبهم وندواتهم ومحاضراتهم عن أهمية الحرية والكرامة والحقوق ، ثم يركضون لاهثين الى منازلهم ، ليسحقوا ، وينتهكوا ، حق أقرب الناس اليهم ، والى مؤسساتهم ليقمعوا وينكلوا بمن هم أدنى سلطة منهم ، ويهاجمون المختلفين معهم ، لقد سئمت الشعوب العربية من هذه الكاريزمات السياسية ، وما نحتاجه فعلا هو جيل جديد، يدرك أصول اللعبة ويحترم العقول ، بغض النظر عن ما تتبنى هذه العقول من فكر وثقافة.
من الصعب على من لم يعتادوا تطبيق الديموقراطية ، أن يكونوا ديموقراطيين بين ليلة وضحاها ، لكن عليهم أن يتقنوا فن التعاطي مع قضايا الحريات ، وأن لا يكرروا من سبقوهم من أنظمة قمعية ، لأن أزمتنا الحقيقية بدأت عندما انعدمت الثقة بين الحاكم والمحكوم . يجب تحرير ثقافتنا من مفاهيم التبعية والخوف ، الخوف من الثقافة المضادة ، حتى لا يكون مجتمعنا القادم ، نسخة مكررة عن أنظمة القمع والاستبداد ، واغتيال الفكر الحر ، فنحن مطالبون بالتحرر من الثقافة الرسمية ، الثقافة التي تشرف عليها مؤسسات الدولة أو التي تدور في فلكها وأن نمنع اغتيال الثقافة المضادة ، ثقافة المعارضة ، فليس من الممكن بأي حال من الأحوال فصل الثقافة عن السياسة في التجربة الديموقراطية الحديثة في العالم العربي، أعرف أن الانسان يحمل معه تاريخه ، والفكر والممارسات أيضا تحمل معها آثار وبصمات الواقع الذي تشكلت فيه، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها ، لكن يترتب علينا في المرحلة القادمة مسؤولية تخفيف آثارها ، حتى لا نقع في مطب الأنظمة الساقطة.
لأننا ان لم ندرك أن الديموقراطية ، لا تفرق بين مؤيد ومعارض ، فاننا وللأسف نكون قد استبدلنا ، قمعا بقمع ، وسلطة بسلطة ، ومفسدة بمفسدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أية ديموقراطية؟؟؟؟؟؟
ندى علي ( 2011 / 4 / 28 - 09:15 )
العزيزة لينا , أن مفهوم الديموقراطية والحرية في مجتمعاتنا قد فات وقته وانقضى زمنه في دول مازالت تعتقد أن الدين والعقيدة هي التي تحدد سقف هذه الحريات ، لايمكن أن تعم الديموقراطية في مجتمعات تعاني من ازدواجية الشخصية وتعدد الوجوه ، لأننا لم نصل بعد لحالة الصدق مع انفسنا أولا لنكون صادقين مع غيرنا.


2 - ديمومة الكراسي
سامي السرياني ( 2011 / 4 / 28 - 09:23 )
ديمومة الكراسي ، هي الديموقراطية المناسبة لمجتمعاتنا ، والأمل في الجيل الجديد الشاب ، الذي قد يرسي مفهوم حقيقي للديموقراطية ويقبل اللآخر ، انظمة قمعية ، نشانا
وتربيناعليها ,أصبحت جزء من ثقافتنا

اخر الافلام

.. بوتين يعرض شروطه لوقف الحرب في أوكرانيا • فرانس 24


.. انطلاق مناسك الحج في مكة المكرمة وسط درجات حرارة قياسية




.. سلسلة هجمات لحزب الله على إسرائيل وواشنطن وباريس تسعيان لوقف


.. ما بين هدنة دائمة ورفع حصار.. ما هي تعديلات حماس على مقترح ب




.. جبهة لبنان وإسرائيل المشتعلة.. هل تحولت إلى حرب غير معلنة؟|