الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث في السياسة عن خليج النفط!

جمال الخرسان

2011 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


اثناء انعقاد مؤتمر فرساي عام 1919 فشل الشاه الايراني رضا بهلوي في اقناع المشاركين في المؤتمر بأن تكون مياه الخليج مياها اقليمية ايرانية .. لكن شيئا من هذا الحلم قد تحقق في عام 1971 على يد وريثه محمد رضا بهلوي حينما استصدر توصية من الأمانة العامة للأمم المتحدة تنص على استخدام مصطلح (الخليج الفارسي ) في الوثائق الرسمية، وحصل على تلك التوصية التي لازالت سارية المفعول حتى هذه اللحظة في الوثائق غير العربية للامم المتحدة. ذلك الحدث حصل في نفس المرحلة الزمنية التي قرر فيها الشاه السيطرة على الجزر الامارتية الثلاث، طنب الكبرى، طنب الصغرى وأبو موسى، وذلك في 30 تشرين الثاني عام 1971، ثم بعدها بسنوات أي عام 1975 وقّع محمد رضا بهلوي مع صدام حسين اتفاقية الجزائر التي تنص على تقاسم شط العرب بين ايران والعراق. حصل ذلك حينما كانت ايران شرطيا خليجيا بضوء اخضر من قبل الجبهة الغربية، ولم يكن حينها للعرب حظوة عند القوى العظمى كما هو حالهم الآن، لكن رغم تلك العلاقات الحميمية اضافة الى الوجود التاريخي للضفة العربية على الخليج فانها لم تستطع حتى استبدال ما اقر في زمن الشاه من تسمية الخليج بـ (الفارسي)! فما بالك لو وصل الى سدة الحكم في ايران نظام صديق لاعضاء مجلس الامن؟! حينها لن يجرؤ احد على فتح الملف من جديد! لا بل حتى المعارضة الايرانية بكل طيفها الواسع والتي بعضها يستمد دعما ماليا خليجيا حتى هؤلاء لايفاوضون على التسمية ويعتبرونها امرا مفروغا منه!
ان القيادات الخليجية تتعاطى مع الجانب الايراني بحسرة والم على نهاية النظام الملكي في ايران وكأنها فقدت حليفا استراتيجيا رغم ان الخليجيين اكثر من غيرهم يعرفون ان ايران في مرحلة مابعد الثورة مع كل ما تحمله من سوءات (وهي ليست قليلة بالمناسبة) فهي تبقى افضل بكثير للعرب من ايران الشاهنشاهية التي تمددت عسكريا في المناطق العربية. الوقائع على الارض تؤكد بأن ايران الحالية قدمت خدمات جمة من حيث تشعر او لاتشعر للبلدان الخليجية، لقد اقصيت العديد من الاصوات الناشطة في الخليج تحت لافتة الخطر الايراني وهكذا ما يحصل في البحرين وربما في بلدان اخرى! وكبحت جماح التوسع الايراني باستثمار الفجوة الحاصلة بين المجتمع الدولي وبين السلطات الايرانية اذ ان تلك الحالة وضعت ايران في موقف لاتحسد عليه امام المجتمع الدولي وبالتالي لاتجد دعما دوليا للعديد من الطموحات التي كانت تراود ملوك ايران وخصوصا الشاه محمد رضا بهلوي. ان ايران الحالية لها مشكلات سياسية كبيرة مع القوى العظمى ورغم ذلك فان لها حظوة في منطقة الشرق الاوسط، فما بالك لو كانت ايران على وئام مع مجلس الامن حينها لن يتوقع احد ما الذي يمكن ان يحدث لمنطقة الخليج!
العراق هو الاخر استفاد ايضا من ضارة ايران النافعة حيث ان هذه الاخيرة ورغم ما لها من ايادي غير خيرة تساهم احيانا في بعثرة الاوراق الامنية في العراق .. لكن طبيعة النظام الحاكم فيها وسياسته المعادية للغرب كان سببا رئيسيا في عدم استجابة مجلس الامن الدولي للمطالبات الايرانية المتكررة فيما يخص التعويضات عن حرب الخليج الاولى التي ادين فيها العراق من قبل الامم المتحدة خصوصا وان صدور تقرير الامين العام للامم المتحدة حول هذا الموضوع كان في فترة تصفية الحسابات مع صدام حسين على خلفية اجتياح الكويت. ففي هذا الصدد اكد تقرير الامين العام للامم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار عام 1991 فيما يتعلق بأسباب نشوب حرب الخليج الاولى: (حتى وإن كانت هناك بعض التجاوزات من إيران على الأراضي العراقية، فإن هذه التجاوزات لا تبرر العدوان العراقي على إيران ـ الذي أعقبه احتلال العراق المستمر لأراض إيرانية خلال النزاع ـ وانتهاك لحظر استخدام القوة، الذي يعتبر قاعدة من القواعد الآمرة).
وفيما يخص هذا الموضوع بالذات على الجانب العراقي استغلال التوتر الحاصل في العلاقات الايرانية مع بلدان مجلس الامن وبالتالي حسم موضوع التعويضات الذي لازال مفتوحا في المحافل الدولية، لان لا يكون ورقة للابتزاز ضد العراق من قبل هذا الطرف الدولي او ذاك فيما لو حصلت متغيرات سياسية تصب في صالح ايران، لذلك لابد من معالجة الموضوع في ظل ظروف الصدام بين ايران والمجتمع الدولي.
ان السياسة الايرانية في المنطقة لايمكن تبرئتها من النفوذ والتوسع، وهذا ارث امبراطوري سلبي لازال يفعل فعلته حتى الان تماما كما هو الحال مع مارد اقليمي آخر هو المارد التركي العثماني. سياسة النفوذ التي تلاحظ في تحركات ايران اليوم ليست جديدة كما يود تصويرها البعض، الامر ذاته ينطبق ايضا على ممارسات غير مقبولة من قبل بعض الاشقاء العرب الذين يمارسون وصايتهم على اشقائهم الصغار تحت لافتات التضامن او الوحدة او ماشابه ذلك! النفوذ السياسي للاسف الشديد اصبح هواية يمارسها كل من يشعر انه يمتلك الادوات المناسبة وليس ذلك مقتصرا على ايران. بالمجمل العام فان ايران دولة مؤثرة على الصعيد الاقليمي ولذلك يعنيها ما يحصل من متغيرات تحصل فيما حولها، وهذه سنة غير حسنة متعارف عليها في سياسة منطقة الشرق الاوسط، كما ان الخليجيين من جانبهم يعنيهم ما يحصل حولهم من ثورات عربية او حتى موجات الاحتجاج الجماهيري في ايران فالكل معني الى حد ما بما يحصل في ضفة الخليج الاخرى.
جمال الخرسان
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى النكبة.. -لماذا لا تستقيل الأنظمة العربية بعد فشلها


.. إردوغان: أكثر من 1000 عضو من حماس يتلقون العلاج في تركيا




.. مغامران يحلّقان لأول مرة عبر جسر البرج الشهير في لندن


.. شحادة: واشنطن أصبحت مقتنعة أنه لا حل لتهدئة الجبهة الشمالية




.. حشود عسكرية إسرائيلية على تخوم رفع استعدادا لهجوم واسع النطا