الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا, فوضى بفوضى, والباديء اظلم:

خالد عبد القادر احمد

2011 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


في كل مواقع عدم الاستقرار في المنطقة هناك ثلاث اطراف تحدد مستوى حدة تفاعلات الصراع به. فهناك اولا حراك الطبقة الشعبية ومدى انخراطها في الانتفاض, وهناك النظام ومؤسساته وكيفية استجابتها, وهناك الاجندة الاجنبية في صورة الموقف الدولي وربما بعض امتداداته المحلية وكيف توجه التفاعل,
لقد تباين مستوى وحدة الصراع بين موقع واخر تبعا لتفاعل هذه الاطراف الثلاث. فمن الانظمة من قضى نحبه بفعل اجندة الطرف الدولي مع اجندة الطبقة الشعية كما حدث في مصر وتونس, وهناك من كبحت حالة الانتفاض فيه كالاردن, وهناك من ترحل مصير الانتفاضة فيه من اطار الصراع المحلي الى اطار الصراع الاقليمي كالبحرين وترك تحديد نتاج تبعا لنتائج الصراع بصورته الاقليمية, وهناك من الانظمة من فرض حالة توزان قوى بين الاطراف ومراوحة على عملية التفاعل في ظل حسابات تكبح فاعلية الاجندة الدولية كما اليمن, وهناك من ذهبت الامور الى حالة انقسام وبدايات حرب اهلية كما ليبيا. فالى اين يتجه الوضع في سوريا؟
الغريب في الوضع السوري, ان النظام هو الذي يصعد ويزيد في حدة دموية علاقته بالانتفاضة الشعبية؟ غير عابيء بموقف وحركة الاجندة الاجنبية, فهل يحسب ذلك لذكاء او غباء النظام؟ حتى ان البعض ذهب للتساؤل, الم قرأ النظام تجارب مصر وتونس واليمن وليبيا والبحرين, فما الذي يدفعه باتجاه مفاقمة الصراع عوضا عن محاولة كبحه؟
ان هذا السؤال يجيب عليه لوجستية الدور السوري في تاريخ الصراع الاقليمي في المنطقة منذ حرب حزيران ومرورا بحرب تشرين وحتى الان, فقد استطاع النظام السوري ان يلعب دور صمام تحكم رئيسي في قرار السلم والحرب والعنف والهدوء في هذه المنطقة, قبل وبعد اخراج مصر من عملية تفاعل الصراع الاقليمي, بل ورغم ان حجم مقدرات مصر المنخرطة في الصراع اكبر من مقدرات النظام في سوريا وان لوزن قرارها السياسي اقليميا وزنا اعلى من وزن القرار السياسي للنظام المصري, الا انه لا يمكن عدم الاعتراف ان موقع مصر الجيوسياسي هو موقع جانبي لا موقع صدارة ولا يمكن لنفاذية قرارها في ارض الواقع الا ان تمر عبر بوابة النظام السوري, فسوريا تمتاز عن مصر بهذا الصدد بان لها اجنحة جيوسياسية كلبنان والاردن والعراق, وهي قادرة برفرفة هذه الاجنحة ان تثير اضطرابا رئيسيا في المنطقة,
ولو اخذنا مثالا على ذلك حالة ممانعة النفوذ الامريكي في المنطقة وتعطيل التسوية كرافعة للمشاريع السياسية الامريكية والنفوذ الامريكي في المنطقة لتلمسنا خطورة اهمية الموقع السوري,
فلسوريا يعود فضل كبح جماح الثورة الفلسطينية والتهيئة للاجتياح الاسرائيلي عام 1948م, واليها يعود ايضا فضل استمرار عجز استعادة الفلسطينيين لنهج الكفاح المسلح, ولسوريا يعود فضل انضباط عنف حزب الله وحركة حماس, وقد اعطت سوريا درسا في الاخلاق للولايات المتحدة الامريكية في العراق واثبتت ان حجم رئيسيا لاستقرار اوضاعه او اشاعة الفوضى فيه انما هو بيد القرار السوري.
ان النظام السوري يدرك كل ذلك, ويدرك ان الدول الغربية لا يمكن ان تسمح بان يستباح الوضع السوري كما هو حال الوضع الليبي, فيتحول لسوق مفتوح لمختلف القوى الشعبية الاقليمية كالاكراد والفلسطينيين واللبنانيين, وما يرتبط بها من امن لتركيا والعراق والكيان الصهيوني والاردن ولبنان, ويدرك ان بديل ذلك هو اما اجتياح صهيوني يحتل كامل سوريا او الحفاظ على وجود النظام.
ان النظام السوري يدخل في تحدي سافر للاجندة الاجنبية, وهو يهدد باحالة الوضع السوري الى حالة شبيهة بالوضع الليبي, وهو ما سترفض الاجندة الاجنبية حدوثه لذلك نجد النظام هو الذي يتجه بالصراع الى التصعيد لا الى التهدئة, ولسان حاله يقول نعم ساستجيب للمطالب الشعبية ولكن بحسب حسابات الخاصة لا يحسب مطلب انهاك محور الممانعة الذي يؤطر الاجندة الاجنبية في سوريا
فوضى بفوضى والباديء اظلم هكذا يبدوا ما يقوله لسان حال النظام السوري خاصة رسالة المبادرات التي قدمها الخطاب الرسمي السوري فهمت خطأ من قبل العنجهية المعهودة للعقلية الغربية, وتبعا لذلك اتوقع ان يبدر من النظام السوري ردا اعنف وتصعيدا اكبر على خطوات الحصار والعقاب الذي تسعى الدول الغربية ايقاعها على النظام,
من المؤسف طبعا ان يكون سفك دم الطبقات الشعبية هو وسيلة النظام في ايصال هذه الرسالة الى اوروبا وامريكا, التي لن تاخذ مسالة سفك الدم الشعبي هذه بعين الاعتبار, حيث باتت المسالة بين الطرفين السوري والعالمي مسالة تحديد مدخل لعلاقة مستقبلية استراتيجة على احد الطرفين ان يكون خاضعا للاخر بها, لذلك علينا ان نعي ان ما يحدث الان في سوريا يحمل اشد الخطر على الصراع الاقليمي وان دم الطبقات الشعبية السورية هو فاتورته المفتوحة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اراء
سامر الحسن ( 2011 / 4 / 27 - 15:51 )
عجيب امرك ايها الكاتب اثناء الثورة المصرية ساندت حسني مبارك باعتباره لازال يتكى على فكر قومي يسنده الجيش تفككه يقود الى الاضرار بالقضية الفلسطينية واليوم تهاجم النظام السوري باعتباره يخدم مصالح اسرائيل على الرغم من النظام لازال يسعى الى المقايضة بين السلام والجولان


2 - ليس من عادتي
خالد عبد القادر احمد ( 2011 / 4 / 27 - 20:20 )
الاخ سامر الحسن
تحية وبعد
اولا اشكر مرورك الكريم على ما اكتب ومتابعتك لي
ثانيا احب ان اوضح لك انني في كل كتاباتي حول الانتفاضات الشعبية لم اتخذ موقف من رمز للنظام او رمز للانتفاضة بل كنت دائما احاول قراءة علاقة الاطراف الثلاث وهي الموقف الشعبي والموقف الرسمي والاجندة الاجنبية _ بمعنى الموقف الدولي_ واحاول قراءة تفاعلاتها وصراعاتها
واليوم وفي هذا الموضوع هناك ايضا قراءة لهذا التفاعل مع تركيز على قراءة النظام السوري لوضعه الخاص وكيف يوظفه في الصراع
تحياتي مرة اخرى

اخر الافلام

.. بايدن يتهرب من الإجابة عن سؤال حول إرسال قوات أمريكية للقتال


.. مهند مصطفى: إسرائيل بدأت تدرك صعوبة وتعقيد جبهة الشمال




.. غارة إسرائيلية على شقة سكنية في طرابلس شمال لبنان


.. غموض يحيط بمصير هاشم صفي الدين بعد غارة بيروت.. ما هو السينا




.. مصادر طبية: 29 شهيدا في يوم واحد جراء القصف الإسرائيلي على ق