الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل هذه الخلافات

ساطع راجي

2011 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


من المقبول سياسيا وديمقراطيا تحديدا وجود أراء مختلفة لها سياقات تبريرية في قضية او اكثر من قضايا وطن ما، لكن لا السياسة ولا الديمقراطية بوسعهما تحمل وجود خلافات حادة وتناقضية في جميع القضايا المطروحة، خاصة عندما تكون الخلافات هي خلافات تقاطع على قاعدة ارفض ما تقبله، وليست خلافات بدائل تطرح حلولا متعددة لمشكلة واحدة، وهذه الخلافات تحديدا هي التي تسمى خلاقة.
الخلافات العراقية لا تشترك فيها مكونات السياسة فقط بل تمتد الى خلافات بين مفاصل الدولة ومؤسساتها، فهناك خلافات بين مجلس الوزراء ومجلس النواب، وبين كل من المجلسين مع الهيئات القضائية والهيئات الرقابية والاعلام، وكل هؤلاء لديهم خلافات مع المحافظين ومجالس المحافظات والاجهزة الامنية، والجميع يختلف مع الجميع في كل شيء وعلى كل شيء دون ان يطرح اي طرف حلا ما لأي خلاف.
مستوى الخلافات وحدتها وعمقها تجعل من العراق دولة غير متماسكة، وذلك يعني تقنيا، عدم قدرة الدولة على اتخاذ قرار حاسم وبصيغة شرعية غير مشكوك فيها للتعامل مع أي أزمة، ولا اظن اننا هنا بحاجة لاستذكار قائمة الازمات المركونة على نار التصعيد بلا حلول، ونيران التصعيد هذه قد لا تمنع من عقد صفقات اقتصادية ولا تمنع ايضا من اقامة معارض للكتب والزهور والسيارات والاثاث، ولا تتسبب نيران التصعيد في ايقاف عجلة المزايدات والمناقصات التي تجريها مختلف مؤسسات الدولة، وهي ايضا قد تسمح بتدفق ساعات قليلة من الكهرباء والحفاظ على مناسيب ضحلة من مياه النهرين واعتقال المزيد من المشتبه بهم واطلاق سراح مزيد من المعتقلين وتمرير بعض مكونات البطاقة التموينية للمواطنين، ونيران التصعيد لن تمنع عقد صفقات مصالحة مع مجهولين ولن تمنع نصب المزيد من السيطرات واجراء مناقلات يومية للكتل الكونكريتية، نيران التصعيد لا تمنع اشياء كثيرة يتفاوت العراقيون في تقدير اهميتها، لكن نيران التصعيد التي تؤجج أكثر من خلاف في عدة ملفات يمكنها باستمرار ان تهدم كل شيء وفي كل الاحوال بامكانها دائما أن تمنع قيام دولة حقيقية تتجاوز توصيف الفشل.
الخلافات في العراق قاسية وفجة الى درجة انها تمنع احيانا من محاسبة موظفين لصوص يعيثون في البلاد فسادا، واقسى ما في هذه الخلافات انها جامعة لا يخرج عليها طرف يمكن أن يكون فاصلة أمل في تفكيك كل هذا الخلاف او اخراج البلاد منه جملة وتفصيلا ببرنامج يتجاوز تعثرنا المستمر منذ سنوات، بل ان هناك من صار يرى بالمساهمة في الخلافات وتصعيدها فرصة مناسبة ليرفع رصيده الاعلامي بين جمهور يبحث عن الاثارة حتى لو كانت ملوثة بالدماء والفساد والكذب، حتى صار كل هذا الهرج تعريفا عراقيا خالصا وخاصا لفن السياسة.
هذه الخلافات تهدد الدولة والمجتمع وتتركهما نهبا لشطحات المتطرفين في الداخل ولنهش الطامعين في الخارج، ولن ينفع في مواجهة كل هذا الكلمات الرنانة مهما كانت قوتها وحجم صداها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟