الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة : رؤوس القبائل ملقية في السلال

مهدي بندق

2011 / 4 / 27
الادب والفن


رؤوس القبائل ملقية في السلال
شعر : مهدي بندق

(1)

الظباء الغواني الخرائد ُوالسمهريات ُ برق ُ الخـُزامى ،
الأقاح ُ ، القرنفل ُ، والياسمين اللواتي تجمـــّعن في امرأة ٍ ،
يتمطى بها المسك ُ في الإبطيـْن ِ،فتنهض من ُسرر السيسبان ِ
لتغسل خصلاتـِها الذهبية َ بالأرجوان ِ ، تفرّش ُ أسنانها
بحليب الجـُمان ِ ...... الخ الخ ....
أنا
لا أراها..
وهي من شرفة الوطن اللص ، تنكرني
ما لها والغلام الذي صار شيخا ً قبيل البلوغ ِ
فلا يتطلع للأعين ِ النـُجـْل ِ، أو
للشفاه ِ التي تتقطـّرُ في القيظ ِ بردا ً و ُشهدا ً ، أنا
أتطلع نحو رؤوس القبائل ملقية ً في السلال ِ،
نقيعا ً من العظم يشربه النمل ُمنتشيا ً في مساء الجحود ِ، إلى
أن تعود الجماجم ُ في الصبح فارغة ً
تتبادل ُ تحت الثرى الاصطكاك ْ

الجماجم ُ ؟!
ها كم رفاقي فأين القصائد ُ فيها وأين
الدساتير ُ والفلسفات ُ المقدس ُ والشهوات ُ ،
الخلافات ُ والاتفاقات ُ؟ ألغيتـَها كلـَّها ؟
كالبحار ِ التي ابتلعت ماءها ؟
والرمال ِ التي طمست كنزها ؟
والكهوف ِ التي حذفت صورا ً عن جدار ٍ
تراشق فيه المصيد ُ وصائده بالشـِـباك ؟

في الموانئ ِ
تأتي رياح ُ الغياب ِ على ُدسر ٍ للفجيعة ِ،
وهي تدق المسامير َ عاوية ً برؤوس القبائل
وتشق الهياكل َ غائرة ً بالمناشير، تقشط وجه َ الفضا
بجيوش ٍ من الميتين القدامى
يصيحون بي : الجليد ُ هنا واللهيب ُ هناك
ترى اخترتَ ماذا أيا قادما ً مثلنا للهلاك ؟
قلت ُ : هذا ..
وذاك

(2)

يا أخوتي المسلسلين في النوارج الجريحة
الغائصين في مزارب المدائن المفتوحة
إليكمو استراحة ٌ قصيرة ٌ بمهجتي
هنا ُتقام للثوى (1) المآتم ُ
فما لكم لا تحتسون قهوة الخذلان بالملوحة
والميتون أنتمو
والقادمون للعزاء أنتمو
أما أنا فمنشد ٌ أمامكم قصيدتي
وبحرها جهنم ُ

( 3 )

ساعة الـَغلس ْ
يقف المرء ُ على طلل ٍ بسيجارته ويبكي
يتذكر غرناطة .. وهو ينفث الدُخـَان
ما ضره لو جلس
وتذكر الجولان ؟

( 4 )

في رقدة الوفاة ِ ُبدّلت ْ أحوالي
فمزقت ْ رغائبي عـِقالي
رأيت نفسي في الندى
عروسَ نسمة الأوركيد
أميرة ً للتبغ ِ
مليكة ً على شواهق الضياء والظلال ِ
فمن ترى ذكـّرني بـ عِلـّة ِ الكـُلـَى
وعاطل ِ الطحال ِ
ومن ُترى أتى إلي تلالي
بمزنة ٍ ، الغيث ُ فيها للعدو القالي
وكل ما في الكون ِ من ظما .. لي

( 5 )

يقول لي شهاب ُ فحمة ِ الجلمود
- لا تبتئس فكلكم معي
في دورة الهبوط والصعود
فقلت ُ إني آخر الهنود
لعقت ُ في نهاية الميدان إصبعي (2)
ولوعتي تسبقني
لتنثر البغال والجمال في دمائي
وها أنا ممكيـَجا ً في ُمدخل المرناء ِ
أعـَدّ ُ للرواية الدورية
ممثلا ً يرائي
أو جالسا ً في مكتب الأمن كالجلمود
مراقبا ً بغير بندقية
فلا أموت ميتة الجنود
ولا أنا من جملة الأحياء ِ

فقال لي معزيا ً
- يكفيك أن ُذكرت َ في التوراة والتلمود
يكفيك أن نجوت َ بالركوع والسجود
مما رأت ثمود
فاقنع بهذا " البين ِ بين ْ "
وخذ من اللقاء ِ
زادا ً لعصر البيـْن

( 6 )

عن طاعتي لأولياء الأمر في تعاقب الدهور
كوفئت ُ بارتداء هامة ٍ تطير في الهواء
من قبل أن يحتزها "مسرور"
وجثة ٍ منزوعة ِ الحياء
تفر من لقائها القبور
فحاذري يا حدأة َ الأباطح
أن تلمسيها .. ربما يحل ُّ فيك الداء
... ... ...
لم تستمع لقولي َ الحمقاء
فأصبحت دجاجة ً ُتعد ُّ للعشاء



والقطط ُ المدربات ُ يرحن ويجئن
على نواصي وول ستريت
صائحات بنشوة ٍ :
Shock and Awe
يعرضن ريقهن للعلاقة الفموية
ثم يحلن إلى مجلس الأمن القضايا المعقدة
مثل :
هل الإنسان مسير أم مخير ؟
ومثل :
هل مص ّ بصاق ِ الصديق ِ ُيفسد الصيام ؟


(7)

عناكب المسلـّمات ِ في سرادب الدماغ
لا تستقيل ُ إنما تقابل الرميم
في دارنا ، بصيـّب الأصباغ
فننتشي بزهوة من زائف الصبا
ونشرب التمويه َ شرب الهيم
وفي فراش العهر والفراغ
نضاجع الموتى من الحريم
نساءنا المروعات ِ مثلــَنا
آه ٍ لنا من نسلنا الغريم

(8)

قرار بفصل أبي سعيد السيرافيّ
ويونس بن متـّى (3)
من وظيفتيهما بجامعة الدول العربية
وقرار بإلغاء المواد: الأولى والثانية والثالثة
وسائر المواد ( بالمرة )
من ميثاق حقوق الإنسان

(9)

قالت قصيدة ُ النثر ِ
للمتصابية ذات المصراعين:
أنا عملك الردئ ُ أنا بروليتاريا الشعر
وبثورتي عليك لم أخسر سوى أغلالي
فلماذا لم أربح العالم كما قيلا ؟
فجاء من أقصى المدينة رجل يسعى
بفائضِ ِ القيمةِ وتأتأة ِ الشغيلة ِ ومنتوجات ِ أودية السليكون
بماء ٍ كالمهل ِ ، ومدن ٍ كالعهن ِ
وشجر ٍ كالفروج

سألته ٌ فأين يا سليل َ "منشم "ٍ أخوالي (4)
سلافة ُ الإكرام والقـِرى ومنبع ُ الجلال ِ
فقال إن دجلة الذي يوضئ النجوم َوالنخيل َ والأعناب
أهريق في معتقل الرمال ِ
وهاجر الفرات ُ خلسة ً
كي لا يبول في قفاه الوالي
والنيل ُ ذاك السيد المهاب
قد صار كبش العيد في الحبال ِ
يبيعه التجار ُ رابحين
لـ "عازر" القصـّاب



(10)

يبدأ موسم الحج الثوري ّ من مدينة سياتل
حيث تطوف الجموع ملبية ً بميادين جنوا وديربان
وبورت إلليجري
ونحن نجاريهم بتكديس رؤوس قبائلنا في سلالنا القديمة
مضيفين لقاموسنا المحيط عبارة غامضة ً على سبيل الإبداع
مفادها أن الدولار يزداد زخـْما ً وزخـَما
فانتبهي يا عشيرتي لهذه الإشكالية الكتابية
فالزخـْم ُ– بتسكين الخاء – يعني الدفع الشديد
والزخـَم ُ– بفتحها اللعين ِ – معناه الرائحة ُ النتنة
... ... ...
فلتسكنوا وتزخموا شعوبكم ُتيسروا
أو فانظروا إلى اليسار ُتعسروا
فتشعروا وُتشعروا وُتقشعروا

(12)

هنا التنوير بالكُـلاب ِ كالأسنان مقتلع ُ
وتلك منازل الألباب
مجنزرة ٌ مجرفة ٌ مونشة ٌ
يحل ُ البوم ُ في الأركان، والغربان ُ والقمـَع ُ
وتلك مخادع الأفكار بالتفتيش تمتقع ُ
بها الأثداء ما ُسترت ْ ولا أطفالها رضعوا
وكل إشارة منا
مسامحة ٌ لمن صفعوا
مسافحة ٌ بمن دفعوا
مسالمة ٌ لمن بديارنا للحرب يندفع ُ
وتلك تفعيلات "الدولار" الوافر
وأنتم تعلمون
هللويا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



هوامش:
1- الثوى : البقاء
2- لعق الإصبع : كناية عن الإحتضار
3- مناظرة النحو العربي مع منطق أرسطو – أنظر أبا حيان التوحيدي
4- منشم : إمرأة عربية عطـّرت جيشا ً فأبيد جميعه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل هذه ثورة يناير
عادل صدقي ( 2011 / 4 / 28 - 16:29 )
قارئ هذه القصيدة لابد أن تعتريه الحيرة وتستبد به الدهشة . فهي في ظني كتبت في أعقاب ثورة يناير ، فكيف بها تحمل كل هذا الرعب والخوف والغضب ؟ هل لأنها لم تنجز مهامها وسلمت القرار للعسكر ؟ يجوز . ولكن ألم تسقط طاغية ؟ وألم تكشف عن روح التمرد عند المصريين ؟ ومتى كانت الثورات كلها ناجحة ؟ دعنا نحاول مرة أخرى يا شاعرنا ولا تسلط علينا بسهونا السلفيين وأضرابهم إنك أنت الشاعر الكبير


2 - نعم لشاعر بقامةالنيل
سلام ربيع ( 2011 / 4 / 28 - 22:24 )
الشاعر الرائع والكبير بندق
صوت بحفاوة الطيبين من ابطال روايات نجيب محفوظ ويوسف ادريس وكل شعراء مصر الحبيبة لقد قدمت صور تتجلى عن حب صادق تحياتي لك ايها الرائع

اخر الافلام

.. الفرق بين الحوار الداخلي والحوار الخارجي في الأدب


.. تفاعلكم | الفنانة اللبنانية هبة طوجي في حديث عن الأولمبيا وز




.. شاهد: -ربما يتحركون لإنقاذنا-.. شابة غزيّة تستغيث بالغناء فو


.. عمل ضجة كبيرة ومختلف.. أحمد حلمى حكالنا كواليس عرض فيلم سهر




.. بتهمة -الفعل الفاضح- والتـ.ـحرش.. شاهد أول حديث لسائق أوبر ف