الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يبرر ضعاف اليسار إخفاقاتهم

وديع السرغيني

2011 / 4 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


وحين تكون الحجة اللينينية ضرورية، فعليٌ وعلى أعداء اللينينية السافرين والمتنكرين، سواء بسواء.
"على الحزب البلشفي ألاٌ يخشى من الوقوف إلى جانب الديمقراطية البرجوازية في محاربة العدو المشترك، ولكن بشرط ألاٌ يقدم في أي حال من الأحوال على دمج تنظيمه بالتنظيمات الأخرى. لنسر على حدة ولنكافح معا. ولا نخفين الاختلاف في المصالح، ولنراقب الحليف بقدر ما نراقب العدو"
هذا ما قاله في يوم ما لينين العملي، توجيها لحزب عمالي منظم، له قواعده العمالية والشبابية والنسائية، متواجد بقوة في قلب المعامل والمصانع والأحياء الشعبية، وبداخل النقابات والاتحادات الشبيبية والطلابية.. والحال أن يسارنا المغربي، مجتمعا أو مفككا، متحالفا أو متنافرا.. بعيد بمئات الكيلومترات عن هذا الوضع التنظيمي الراقي، الذي على أية حال، ينشده الجميع، لكن شتان بين ما نعيشه في الأرض وبين ما ننشده من تطلعات وأحلام، ولا مجال للإسقاط ولغرس الرؤوس في الرمال.
ويبدو أن حنين التيار التروتسكي للعفوية، كاتجاه وكملاذ، ما زال قائما، ويبدو أن قوة جاذبيتها ما زالت لها تأثيراتها الواضحة في صفوف أنصار هذا التيار، وبشكل خاص على إحدى تمثيلياته اليمينية داخل المغرب، تيار "المناضلة" المتحلق حول جريدة بنفس الاسم.
وبدون أدنى مؤهلات نظرية وسياسية ونضالية عملية.. تذكر، أصبحت الجريدة، أو هكذا تموقع نفسها، بمثابة دارا للفتوى داخل الحركة اليسارية والاشتراكية، تنتقد الجميع، وتتحالف مع الجميع، وتعادي الجميع، وتمشي خلف الجميع.! مطبٌلة لجميع الهبٌات والاحتجاجات كيفما كانت مطالبها ومراميها.. هي دائما مع "الجموع" ممثلة بعنصر أو عنصرين، لا يهم، ممثلة ومتشبثة بالتمثيلية في القيادات ولو كانت بدون قاعدة تسندها وتستند عليها، "تحارب" البيروقراطية من داخل أعتى الأجهزة البيروقراطية، مشاركة مع الجميع مشاركة حزب "التقدم والاشتراكية"، الذي كنا نسميه لحظة ما بحزب "التقدم والمشاركة" تعبيرا عن لا مبدئيته، وعن براغماتيته الانتهازية.
ودفاعا عن حركة 20 فبراير الشبابية، ومن خلال عدد الجريدة الأخير 36 نصبت نفسها محاميا للحركة، منبهة بـ"الأخطار المحدقة" والمتربصة بمسيرة هذه الحركة. وكعادتها لم تتخلى الجريدة عن أسلوبها المعتاد في انتقاد الجميع، من مشاركين ومدعمين ومؤيدين ومتحفظين ومنتقدين.. إلاٌ تيار المناضلة صاحب الخط والرؤية السديدتين، مستعملة قاموسها الصدئ عن العصبوية واليسراوية، البعيد كل البعد عن المفاهيم الماركسية معمقة خطها الانتهازي، المقدس بشكل أعمى لجميع أشكال العفوية الجماهيرية.
وبغض النظر عن موضوع المقال، موضوع الاحتجاجات الشعبية والشبابية التي يعرفها بلدنا المغرب، والذي استعمل كأساس لنشر السموم الانتهازية، باسم الجذرية واليسارية والاشتراكية، من خلال إحدى مقالات العدد الأخير من الجريدة "أخطار محدقة بحركة 20 فبراير" لصاحبه "نعمان"، سنقتصر في ردنا المختصر هذا، على تقديم بعض الملاحظات النقدية الأولية، ردا على بعض المواقف وتصحيحا لبعض المغالطات، وهو الأمر الذي كنا سنتجنبه في هذه الظرفية الحرجة، لولا التمادي في هذه الممارسة الدنيئة التي كان واجب علينا الرد عليها وفضحها في حينها.
ولكي تشملك الجريدة بعطفها ورضاها، وحتى لا تكون عرضة لسياطها، وتسلم من سلاطة لسانها، وجب عليك أن تلتزم بتصورها الانتهازي والمنافق الذي يقول: "حفاظا على ديمقراطية الحركة وجماهيريتها كضرورة، ينبغي تفادي أي ضوابط غير تلك المتعلقة بأرضية الحركة ومطالبها.." فهي تشترط لتقبل من تشاء وتقصي من تشاء، نظريا طبعا، وفي نفس الوقت تعادي من اعتبرتها حركات ومبادرات موازية، وحكمت عليها بالهامشية!
بالنسبة لتجربتنا كجمعية احتجاجية مناهضة للرأسمالية ـ أطاك مجموعة طنجة ـ وكتيار اشتراكي ماركسي لينيني ينشط من داخل وإلى جانب هذه الجمعية، اعتبرنا أن هذا المقال المستفز، قد استهدفنا وتجنى علينا وعلى تجربتنا وعلى مجمل مبادراتنا النضالية.. بأن أصدر الأحكام القيمية الجاهزة دون أدنى عناء يبرر مغالطاته حول دواعي عدم ارتباطنا بهذه الحركة.
ولتعميم الفائدة، نذكر جميع الرفاق والرفيقات، وجميع مناضلي الحركة الاحتجاجية التقدمية المطالبة بالتغيير، بأن هناك سببين رئيسيين لتبرير عدم التحاقنا بحركة 20 فبراير، والاكتفاء بدعمها من بعيد دون الوقوف في وجه مطالبها ومبادراتها الميدانية.
السبب الأول والرئيسي هو أرضية الحركة وسقفها المحدود، وعكس المتملقين الذين يدعون للالتحاق بدون شروط، فلا يمكن اعتبار مواقفنا هذه بالجديدة، ويمكن في هذا الصدد مراجعة مواقفنا وانتقاداتنا في إطار الصراع الرفاقي والديمقراطي الذي نخوضه ضد التيارات اليسارية التي احترفت النضال الحقوقي منذ سنوات لهذا الغرض والأهداف المتصلة بإصلاح أو تغيير بعض فصول الدستور.
السبب الثاني، يتعلق بالائتلاف السياسي الغريب الذي أصبح يقود الحركة ويهيمن على قراراتها وشعاراتها ومبادراتها.. حيث سهلت هيمنة جماعة "العدل والإحسان" الظلامية على الائتلاف، الهيمنة على الحركة ككل، وهو الشيء الذي تنبئنا به منذ انطلاق الحركة، رغم معاندة وبراغماتية جميع التيارات التقدمية المنخرطة في الحركة وفي حركة دعم الحركة.
غابت المبادئ، وانتصبت التبريرية، والجري وراء الجموع والحشود طمعا في تأمل مؤخرتها لا غير، وبالرجوع للمقال المعني، يمكن للرفاق المعنيين بمستقبل الحركة اليسارية الاشتراكية في بلادنا، الحركة المناضلة من أجل تغيير جذري حقيقي لا يكتفي بتغيير الدساتير أو بتغيير شكل الحكم حتى.. بأن يلاحظوا كيف تحول الموقف من جماعة "العدل والإحسان" كقوة ظلامية إجرامية أعدمت طالبين في وضح النهار، المعطي وبن عيسى شهيدي الحركة الطلابية وخلفت العديد من العاهات في صفوف الطلبة المناضلين، ومن جماعة معادية لقيم وأفكار الأنوار، وللديمقراطية والحرية والاشتراكية.. إلى قوة ليست لها سوى الصفة الدينية، وكأن هذه القوة الإظلامية لا همٌ لها ولا دور لها سوى نشر الدين وسط مجتمع "الجاهلية" المغربي.
مظهر آخر من مظاهر الانتهازية، هو ما تناولته الجريدة باسم "جموع غير المتحزبين"، وستلاحظون كيف أصبحت هذه الفئة طليعة بالنسبة للبعض ومطية بالنسبة للبعض الآخر.. هذه الفئة التي يجب أن تحتل المواقع الخلفية كمكان طبيعي لها، بدون أدنى نظرة احتقارية لها تنقص من عطاءاتها وأدوارها.. لا يمكن لليسار الماركسي الثوري أن يغير نظرته وتعامله معها في إطار مهمة التعبئة والرفع من الوعي والتنظيم والتأطير..الخ وليس من الغرابة ألاٌ يخفي صاحب المقال نظرته الانتهازية "للجموع" التي لا يراها سوى جموعا غير متحزبة، وجب التطبيل والتزمير لشعاراتها ومواقفها، بنية خبيثة ومقيتة لاستمالتها واستقطابها..الخ
فكل من سوٌلت له نفسه نقاش أو تعديل هذه الشعارات، أصبح "بيزنطيا" في نظر أنصار "المناضلة" اللامبدئيين.. بعد أن قادهم عماهم وخبثهم لعدٌ نقاش شكل الحكم بالمغرب، وطريقة وضع الدستور، ومضمون الدستور.. نقاشا بيزنطيا! هكذا إذن تكون تعبئة الشباب وتطوير وعيهم السياسي ومحاربة البيروقراطية والعصبوية واليسراوية.. وإلاٌ فلا. فعوض المناظرة وصراع الأفكار والأطروحات والمشاريع المجتمعية.. ننهج سياسة جبر الخواطر حفاظا على الأرضية المقدسة للحركة الشبابية المقدسة!!
وفي سياق التقرير الذي بعث به مراسل الجريدة هذا، انتهت مخابرات "المناضلة" إلى ضبط بعض المدن "التي أقدم فيها البعض على مبادرات موازية لحركة 20 فبراير.." بتقدير "أن تلك المبادرات مضرة بالحركة، أيا تكن مبرراتها.." وهو افتراء وتجني في حق هذا "البعض" وفي حق مناصري "المناضلة" داخل هذه المدن "المشبوهة" التي شقت صفوف "الأمة" بشقها لصفوف الإجماع الائتلافي التقدمي الظلامي.. بل وكأنه كان لزاما على جميع الحركات الاحتجاجية المناضلة، النقابية والعمالية والطلابية، وحركة المعطلين وسكان البوادي والأحياء الشعبية.. توقيف دينامية الاحتجاج، للاصطفاف وراء حركة 20 فبراير رافعة شعار المَلكية البرلمانية.. حتى نتجنب الأخطار والمصائب والكوارث المحدقة بالحركة!
فنظرية "الحركة كل شيء" نظرية انتهازية بامتياز، قديمة ومعروفة لدى جميع التيارات الماركسية، وقد تم فضح مراميها داخل الحركة العمالية منذ أمد بعيد، أواخر القرن 19، ومن المعروف جيدا أن التيار التروتسكي ظل متشبثا ومولعا بها كنظرية أطٌرت ممارسته منذ بروزه في الساحة السياسية المغربية داخل الحركة الطلابية وداخل حركة المعطلين..
وتحت مبررات محاربة البيروقراطية والعصبوية، محاربة قولا وليس فعلا، تدعو "المناضلة" لمصادرة الحق في النقاش السياسي العميق لما يجري في بلادنا من احتجاجات وانتفاضات وإضرابات وعصيانات.. مفضلة الارتباط بـ"الجموع" دون قيد أو شرط، محاربة ومعادية جميع المنتقدين والمتحفظين من هذا المنحى العفوي.
فهي تتكلم دائما عن "الشباب عموما" و"الطلاب عموما" و"النساء عموما" و"المعطلين عموما".. لا يهم إن تبنت حركتهم وأرضيتها، الملكية البرلمانية أو الخلافة الإسلامية، أو الجمهورية الطالبانية.. المهم هو التواجد في الحركة وإعلان الانتماء إلى حشودها من أي موقع كان، الأمام، الخلف، اليمين، الوسط، اليسار، الهامش.. لا يهم، فالالتزام السياسي والطبقي وإعلان الهوية والتصور المجتمعي.. كلها بيزنطية تهدد الحركة في وجودها وكأن الصراع الطبقي في المغرب لم ينطلق إلاٌ في حدود العاشرة صباحا من يوم 20 فبراير 2011، فإياكم أن توقفوا مساره بانعزاليتكم وبانتقاداتكم التي ستخلق الضرر لا محالة لهذه الحركة الشبابية!
هكذا تحارب المناضلة البيروقراطية، وعلى هذا المنوال تؤسس لديمقراطيتها الأصيلة المعادية للعصبوية، عن طريق فتح الباب للجميع دون ضوابط ولا نقاش ولا محاسبة حتى، إذ اعتبر الكاتب المتبصٌر، أنه لا مجال لمطالبة شباب الأحزاب الحكومية بالضغط على قيادتهم من أجل الانسحاب من الحكومة والبرلمان، وفي نفس الوقت نجده يطالب بالالتزام بأرضية الحركة ومطالبها التي تدعو صراحة إلى حل الحكومة والبرلمان!! وهو نموذج من التناقضات الفاضحة التي يعج ها الخطاب التروتسكي الخطير، بالنظر لما ينم عنه من رؤية نفاقية لن تغدي سوى الأطماع الانتهازية وسياسة الركوب على الحركة.
وفي الحقيقة، فالأمر ليس بجديد عن التروتكسيين، فهم ظلوا منسجمين مع خياراتهم وخططهم المريبة، إذ أنه، وبنفس الطريقة التي يدعون لها الآن، تم تعاملهم مع الحركة المناهضة للغلاء، حين كانت بعض الأصوات اليسارية ترفض بمبدئية، انخراط الأحزاب الحكومية وكل الجهات والهيئات اليمينية المروجة والمبررة والمدعمة لسياسة الخوصصة والغلاء.. وفي ملتقيات ومؤسسات الحركة، انضمت حينها الأصوات التروتسكية إلى صف "تجمع اليسار الديمقراطي" الذي خطط لإغراق الحركة بمن هبٌ ودبٌ من جميع الاتجاهات اللبرالية، لغلق الستار على ملتقيات الحركة التنظيمية، مما ساهم بشكل كبير في تراجع وتقاعس تنسيقياتها المحلية، منذ ما يسمٌي حينها بالملتقى الرابع الذي تم تفصيله على مقاس نظرية "الجموع" و"الحركة كل شيء".
وباعتباري أحد الفاعلين المنتمين لتلك "المدن" التي عناها الكاتب بالتلميح، والتي ادعى أنها تقوم بمبادرات خاصة موازية لحركة 20 فبراير، والحال أنها ليست المدن هي التي تقوم بذلك، بل هي جمعية أطاك لمناهضة العولمة الرأسمالية ـ مجموعة طنجة ـ والتي يصعب على المحقق ذكرها بالاسم خوفا من اللعنة والذهاب إلى النار، وحتى لا تنفضح ادعاءاته ونواياه.
فالحقيقة التي يصعب عليك الجهر والاعتراف بها، هي أن الحركة التي تأسست داخل هذه المدن ـ طنجة نموذج ـ بمساهمة جميع نشطاء الحركة الاحتجاجية، اليساريين والتقدميين وبمن فيهم نشطاء أطاك.. كانت سابقة عن حركة 20 فبراير بكثير، ونشاط جمعية أطاك لا يدخل في باب المنافسة مع حركة 20 فبراير، فنحن ندعم الحركة ونؤيد جميع مبادراتها الميدانية من بعيد، دون أن ننخرط في ديناميتها ودون أن نلتزم بشعاراتها وأرضيتها وأشكال عملها الميدانية.. لنا الحرية في انتقاد سقفها وطموحاتها التي هي دون طموحات المناهضين للرأسمالية، والمناضلين ضد نظام القمع والاستبداد القائم بالمغرب.. وهذا حق لنا ولجميع حلفاءنا الميدانيين، بعضهم من مؤسسي حركة 20 فبراير، ومن نشطاء الفايسبوك، ومن طلائع الأحياء الشعبية الذين خبروا الاحتجاج ضد المنع والقمع بساحات المدينة وببوابات المعامل والمصانع.. ولن ينازعنا أحد في هذا الحق، خوفا على حركة 20 فبراير من الضرر.!
الغريب، هو أن بعض من أنصار الجريدة بالمدينة، والذين لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة، اصطفوا إلى جانبنا لحظة التأسيس للحركة ولحركة دعم الحركة، حينها تبيٌن ومن خلال أول لقاء، أن الحركة ليست سوى تنسيقية لأحزاب وتيارات سياسية لا تجمع بينها أية صلة أو تقارب يحميها من "الأخطار"، فمن الرفضويين اليساريين إلى القوى الظلامية المعادية للديمقراطية والتقدمية والاشتراكية.. مرورا بكافة الأصناف اللبرالية والقومجية وسائر مكونات الحركة اليسارية الإصلاحية الانتخابية وغير الانتخابية..الخ
انسحبنا معا، وشاركنا معا في خطوات 20 فبراير خارج هذا الإجماع.. لكن وكالعادة، تغير موقف المناضلة، دون سابق إنذار، في اتجاه "الجموع" بدون راية، وبدون رأي سياسي أو فكري، يميز حضور مناضليها أو يلمح حتى، لما تدعو له من تغيير وجذرية واشتراكية..الخ
"فالضرب معا والسير على حدة" هو ما ننهجه نحن في علاقتنا مع اليسار التقدمي الاشتراكي ومع جميع التيارات العمالية المناضلة، دليلنا في ذلك انخراطنا الإيجابي في جميع الحركات المناهضة للغلاء والخوصصة، وحركات الدعم لنضالات المعطلين والطلبة والعمال المسرحين وسائر الكادحين والمحرومين والمهمشين..الخ
مع التذكير، بأن أصل الفكرة اللينينية كانت موجهة للحزب البلشفي اللينيني، حزب الطبقة العاملة، وليس حزب أو حركة "الجموع".. والتوجيه خصٌ حينها مسألة التحالف مع الديمقراطية البرجوازية أثناء محاربتهم للعدو المشترك الذي لم يكن آنذاك سوى النظام الملكي القيصري، وفق النظرة الصائبة وغير المبتورة "لنسر على حدة ولنكافح معا. ولا نخفين الاختلاف في المصالح، ولنراقب الحليف بقدر ما نراقب العدو".
فأينكم من هذه التوجيهات، ألم تعتبروا الاختلاف في المصالح والتعبير عنه مجرد بيزنطية؟ ألم تستخفوا بشروط ومعايير الالتحاق بالحركة؟ بل واعتبرتم مطلب الوضوح والانسجام مع أرضية الحركة شرطا لا معنى له ولا يمت لديمقراطيتكم بصلة!
وأينكم من المراقبة، إذا كان لا بد منها، لحليفكم الظلامي، الذي أصبح في قناعتكم ومصلحتكم الحزبية الضيقة، تيارا دينيا وفقط، يدعو الجموع لاعتناق الإسلام لا أقل ولا أكثر!! والحال أنه لا يتأخر عن مهاجمة التقدمية والتقدميين، والديمقراطية والديمقراطيين، والاشتراكية والاشتراكيين.. من قلب مسيرات العشرين من فبراير، عبر خلط ممنهج ومبيت ما بين الأحزاب والتيارات والاتجاهات، خلط متعمد ما بين سياسات الاتحاد الاشتراكي كحزب حكومي طلـٌق التقدمية واليسارية منذ سبعينيات القرن الماضي دون أن يكون اشتراكيا عبر طول حياته السياسية والتنظيمية.. وما بين الحركات الاشتراكية المناهضة للرأسمالية والمعارضة للنظام القائم، والصامدة في جميع ميادين الصراع إلى جانب الجماهير العمالية والشعبية الكادحة.
فهل تراقبون حلفائكم من القوى الظلامية، بقدر ما تراقبون العدو، أم أن العدو هو من ضمٌكم تحت إبطه، ليضمن بالتالي صمتكم؟ فعجز "الجماعة" عن المغامرة بالدخول في صراع مفتوح مع النظام لوحدها، وفق شعاراتها وبتوجيه من مواقفها..الخ وجد من يبرره من خارج "الجماعة" ومن الصفوف اليسارية التي احترفت التزلف والتملق.. في محاولة بئيسة لتبرير ما لا يمكن تبريره من تحالف وائتلاف يدعون البعض بعدم الانشقاق عنه، والحال أننا لم ننخرط فيه أصلا، ولم نباركه، بل تعاملنا مع أفكار وشعارات ومواقف الحركة، بروح نقدية دون أن نقصد المنافسة أو الاحتكاك أو المزايدة مع أي كان من التيارات والفعاليات المساهمة.
فأزمة حركة 20 فبراير لها أسبابها الخاصة والداخلية، ولا يمكن إلاٌ لهواة الصيد في الماء العكر، الذين لا يقدرون على مواجهة "أزمتهم الدائمة" بمحاولة حلٌها عبر التجني على حركات وإطارات مناضلة معروفة بميدانيتها وببرامجها النضالية التي يعلم الجميع أنها خارج سياق حركة 20 فبراير.
ويكفي القول أن جمعية أطاك لمناهضة العولمة الرأسمالية ـ مجموعة طنجة ـ كانت سباقة للدعوة ولتنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية بساحة الأمم وبالأحياء الشعبية، المصلى، القصبة، دار البارود، كاصابراطا..الخ قبل تأسيس 20 فبراير، بل كانت الجمعية الإطار الوحيد الذي بارك انتصار الثورة التونسية والمصرية عبر التظاهر في ساحات المدينة وعبر المهرجانات الخطابية التي نظمتها الجمعية والتي لاقت إشعاعا ملفتا في الأوساط الاحتجاجية الشعبية بالمغرب وخارجه، بتونس، مصر، الأردن، فلسطين، إسبانيا، فرنسا، إيطاليا..الخ
فإذا كانت هذه هي الانعزالية، فنحن نحبٌذها وسنستمر في الدعوة لها، وفي تعبئة الشباب من أجلها.. ولن نكرٌس نظرية "أنا مع الجموع إذن أنا موجود!"، أو "أنا مع الجماهير إذن أنا موجود" بالنسبة لمن هم على يسار ويمين "المناضلة"، ولو ككمبارس متفرج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عمران محمد ( 2011 / 4 / 28 - 19:08 )
المقال المقصود بالنقد على الرابط التالي
وللقارئ واسع النظر


http://www.almounadil-a.info/article2310.html

اخر الافلام

.. طائرات بوينغ: لماذا هذه السلسلة من الحوادث؟ • فرانس 24 / FRA


.. رفح.. موجات نزوح جديدة وتحذيرات من توقف المساعدات | #غرفة_ال




.. جدل الرصيف الأميركي العائم في غزة | #غرفة_الأخبار


.. طلاب فرنسيون يطالبون بالإفراج عن زميلهم الذي اعتقلته الشرطة




.. كتائب القسام تقصف مدينة بئر السبع برشقة صاروخية