الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نارٌ يمكنها أن تحرق الجميع

فيدل كاسترو

2011 / 4 / 28
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تأملات الرفيق فيدل


يمكن للمرء أن يوافق القذافي أفكاره السياسية أو لا، لكن وجود ليبيا كدولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة هو أمر ليس من حق أحد طرحه على بساط البحث.

لم يصل العالم بعد إلى ما يشكّل من وجهة نظري مسألة أساسية بالنسبة لجنسنا البشري: وهو أن تكون الموارد المادية للكوكب بمتناول كل الشعوب. ليس هناك من كوكب آخر في النظام الشمسي تتوفر فيه الشروط الأساسية للحياة التي نعرفها.

الولايات المتحدة نفسها سعت دائماً لأن تكون بوتقة كل الأعراق وكل الأديان وكل الأمم: البيضاء والسوداء والصفراء والهندية الحمراء والخلاسيّة، من دون فوارق أخرى غير الفارق بين أسياد وعبيد، وبين أغنياء وفقراء؛ ولكن كل ذلك ضمن إطار الحدود: في الشمال، كندا؛ وفي الجنوب، المكسيك؛ وإلى الشرق، المحيط الأطلسي؛ وإلى الغرب، المحيط الهادئ. أما ألاسكا وبورتوريكو وهاواي فلم تكن إلا عوارض تاريخية لا أكثر.

الأمر المعقد في القضية هو أن المسألة ليست مسألة نية نبيلة عند الذين يكافحون من أجل عالم أفضل، وهو أمر يستحق من الاحترام ما تستحقه المعتقدات الدينية عند الشعوب. فيكفي أن تنبعث بضعة نظائر إشعاعيّة من اليورانيوم المخصّب الذي تستهلكه المحطات الكهرو-نووية بكميات قليلة نسبياً –أذ أنها غير متوفرة في الطبيعة- لكي ينتهي الوجود الهش لجنسنا البشري. الإبقاء على هذه النفايات بأحجام متزايدة في نواويس من الاسمنت المسلّح والفولاذ هو أحد أكبر التحديات التي تواجه التكنولوجيا.

بعض الوقائع كحادثة تشيرنوبيل أو زلزال اليابان دلّلت على هذا المخاطر القاتلة.

ليس هذا هو الموضوع الذي أودّ أن أتناوله اليوم، وإنما الدهشة التي غلبتني عندما رأيت يوم أمس، عبر برنامج التلفزيون الفنزويلي "دوسيير"، لوالتر مارتينيز، مشاهد مصوّرة للاجتماع بين وزير الدفاع الأمريكي، روبيرت غيتس، ونظيره البريطاني، ليام فوكس، الذي زار الولايات المتحدة لبحث الحرب الإجرامية التي يشنها حلف الناتو على ليبيا. كان أمراً يصعب تصديقه، لقد فاز الوزير البريطاني بجائزة "الأوسكار"؛ فقد كان كتلة من الأعصاب، متوتراً، يتحدث كالمجنون، وأعطى انطباعاً بأنه يبصق الكلمات.

طبعاً، وصل أولاً إلى مدخل البنتاغون، حيث كان غيتس بانتظاره باسماً. رايتا البلدين، راية الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية سالفاً، وراية وليدتها، إمبراطورية الولايات المتحدة، كانتا تخفقان في أعلى الطرفين، بينما كانت تُعزف أنغام النشيدين الوطنيين. اليد اليمنى فوق الصدر، والتحية العسكرية الصارمة والمهيبة لمراسم البلد الزائر. كان هذا احتفال الاستقبال. بعد ذلك دخل الوزيران إلى مبنى وزارة الدفاع الأمريكية. يفترَض أنهما تحدثا بإسهاب حسبما أوحت المشاهد التي رأيتها بعدما عاد كل منهما وهو يحمل خطاباً بين يديه، لا شك بأنه قد تم إعداده مسبقاً.

إطار هذه المشهد كله تمثّل بالطاقم العسكري. ظهر في الجهة اليسرى شاب عسكري طويل القامة ونحيف، يبدو أنه أصهب، حليق الرأس، يرتدي قبعة ذات قبال أسود، متدثر حتى الرقبة تقريباً، وهو يحمل بندقية ذات حربة، لا يرف له جفن ولم يبدُ بأنه يتنفّس، بمظهر الجندي الجاهز لإطلاق عياراً من بندقيته أو صاروخاً نووياً ذا قدرة تدميرية تبلغ مائة ألف طن من التي أن تي. غيتس تحدث بابتسامة وطبيعة صاحب الأمر. خلافاً لذلك، البريطاني تكلّم بالطريقة التي ذكرتُها.

نادراً ما رأيته شيئاً أكثر ترويعاً من هذا؛ بدا عليه الحقد والإحباط والغضب، وتحدث بلهجة تهديدية ضد الزعيم الليبي، مطالباً إياه بالاستسلام غير المشروط. بدا عليه الامتعاض لأن طائرات حلف الناتو الجبّارة لم تتمكن من إلحاق الهزيمة بالمقاومة الليبية خلال 72 ساعة.

لم يبقَ إلا أن يصيح: "دموع وعرق ودم"، على غرار ونستون تشرشل عندما كان يجري حساب الثمن الذي يتعيّن على بلاده أن تدفعه في عراكها ضد الطائرات النازية. في هذه الحالة، الدور النازي-الفاشي يقوم به حلف الناتو من خلال آلاف مهمات القصف بواسطة أحدث الطائرات التي عرفها العالم.

وبلغ السيل الزبى بقرار حكومة الولايات المتحدة السماح باستخدام الطائرات بدون طيّار من أجل قتل رجال ونساء وأطفال ليبيين، كما في أفغانستان، على مسافة آلاف الكيلومترات عن أوروبا الغربية، ولكن هذه المرة ضد شعب عربي وأفريقي، وأمام ناظر مئات الملايين من الأوروبيين، وكل ذلك باسم منظمة الأمم المتحدة.

رئيس الوزراء الروسي، فلاديمير بوتين، صرّح يوم أمس أن هذه الأعمال الحربية هي أعمال غير قانونية وتتجاوز إطار القرارين الصادرين عن مجلس الأمن الدولي.

الهجمات الفظة على الشعب الليبي، التي تكتسب طابعاً نازياً-فاشياً يمكن استخدامها ضد أي من شعوب العالم الثالث.

الحقيقة أنني مندهش من المقاومة التي أبدتها ليبيا.

الآن هذه المنظمة الحربية تعتمد على القذافي. فإذا قاوم ولم يخضع لمطالبها، سيدخل التاريخ بصفته واحداً من أعظم شخصيات العالم العربي.

حلف الناتو يسعّر ناراً يمكنها أن تحرق الجميع.

فيدل كاسترو روز

27 نيسان/أبريل 2011

الساعة: 7:37 مساءً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى الكبيركاسترو
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 4 / 29 - 17:59 )
سيد الكلم الشريف وسيد الموقف الشريف وسيد السلاح الشريف الذي بتلك الثلاث أذقتهم قاذوراتهم التي ارادوا ان يلطخوا بها جباه اسيادهم الشرفاء
الخزي لكل من عرقل مسيرتك ورفاقك او حاول والذل لأذنابهم من المنبطحين يلطعون احذية القذاره
المجد لك و لرفاقك وستبقى انت وتاريخك ورفاقك ومنهم حبيب الزمان والمكان وسيد الشباب الثائر جيفارا الذي لا يتمكن اليوم من حمل سلاحه لكنه يقض مضاجعهم بصورته
صورة القرون وصورة الحياة التي ترفع في كل زمان ومكان
لك المجد يا اكرم الكرماء ويا سيد الثوار


2 - السوبرمان
عماد النجار ( 2011 / 4 / 30 - 00:43 )
لكل عصر بطل شجاع ومقدام هكذا ومن ابطال التاريخ الاسلامي العباس بن علي بن ابو طالب حينما قطعت كفاه في ساحة القتال وضع السيف بفمه يذود به الاعداء عن عائلة اخيه الحسين وعن دين جده محمد النبي وديدن الابطال على هكذا منوال حينما تكل اليد من حملها للبندقية حملها السيد كاستروا ماهو اثقل وقعا من الاربجي حملها القلم والسان فلكم دوام الصحة والعافية ياشجاع عصرنا الجبان

اخر الافلام

.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي


.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط




.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص


.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل




.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري