الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين سمير قصير وعمر اميرلاي ..مثقفين بحالة انشطار

مسعود محمد

2011 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


قال عمر المختار قبل استشهاده بسبب رفضه الظلم والاستبداد ومطالبا بالحرية مفضلا الموت على الذل ، ننتصر أو نموت. لم يكد الرئيس السوري يطوي صوريا صفحة قانون الطوارىء، ويلغي محكمة أمن الدولة، ويجيز التظاهر باذن ، حتى خرج يوم أمس الجمعة الشعب السوري في جمعته العظيمة وقال النصر أو الشهادة، وسقى تراب سوريا عشرات الشهداء بدمائهم صارخين للحرية والوحدة الوطنية. بجمعته العظيمة انتفض الشعب السوري بكل طيفه، عرب واكراد وآشوريين، وامتدت تلك المظاهرات التي شارك فيها عشرات الآلاف من دمشق وضواحيها وريفها، الى القامشلي والرقة والحسكة (شمالا)، ودير الزور(شمال شرق)، ودرعا (جنوبا)، وحماه وحمص في (الوسط )، وبانياس والاذقية الساحليتين (غربا). سجلت حركة الاحتجاج تطورا مهما، وهو ظهور اول بيان سياسي لمنسقي الاحتجاجات ويطالب بوقف احتكار حزب البعث للسلطة، وتفكيك جهاز الأمن، والتوجه نحو نظام ديمقراطي منتخب من الشعب السوري. السؤال المطروح منذ اسبوعين على كل طاولات النقاش هو، هل النظام السوري جدي باصلاحاته؟ وما مدى عمق تلك الاصلاحات؟ أما بعد العنف الدموي الذي مورس بحق المواطنين العزل في الجمعة العظيمة السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي يستند اليه النظام السوري ليصعد بقمعه باتجاه المواطنين العزل؟ حول السؤال الأول ومدى عمق تلك الاصلاحات قالت مصادر حقوقية حسب جريدة الشرق الأوسط في عدد الجمعة 22 ابريل "ان قانون التظاهر هذا هو تحايل على رفع حالة الطوارىء ولمنع التظاهر، فبموجب القانون الجديد سيكون أي متظاهر لم يحصل على اذن مسبق، مخالفا للقانون وعرضة للملاحقة القانونية والعقوبة، أي ان القانون الجديد سيضفي شرعية قانونية على قمع السلطة للتظاهرات، في وقت ينزعها عن المتظاهرين." للاجابة عن السؤال الثاني سأعود لمقدمة كتاب الشهيد سمير قصير " ديمقراطية سوريا واستقلال لبنان" التي قال فيها " قبل ثلاثين عاماً، كان يمكن الاستبداد أن يبرر وجوده في سوريا بوجود أقران له بين المحيط والخليج، وحتى في مناطق أخرى من العالم الثالث، بل كان يمكنه التذرّع كغيره بمقتضيات التنمية أو بشرط التصدي الناجز للسياسات الاسرائيلية. لكن التنمية فشلت، والاشتراكية أُختزلت الى صنمية، والتصدي فقد مقوماته مع فشل التنمية. رغم كل هذا القصور، بقي النظام في سوريا هو هو، وان انتقلت مقاليده من جيل الى جيل...... فان استمراره (البعث السوري) على المنوال نفسه بعد النهاية البائسة للبعث في العراق أمر لا يكاد يصدقه عاقل. ولا مجال هنا للتميز بين تعقّل سوري وتهوّر عراقي. فالدرس العميق الذي يستخلص من محنة العراق يتعدّى التكتيك السياسي ليُضيء على قصور بنيوي في نمط من الحكم المخابراتي- الحزبي تشارك فيه البعثان وأفضى في الحالتين الى الغاء السياسة...." رحيل تلك الأنظمة رديف للفوضى المسلحة حسب ما يسوقون، فالسياسة تكون اما بهم، أو لا تكون، وبالتالي ليس غريب التصعيد الذي قام به النظام، ردا على التحركات السلمية في الجمعة العظيمة، فأنظمة الحزب الواحد، والقائد الخالد، والزعيم الأبدي تتميز بصفة الفرادة " أنا أو لا أحد". الا ان ما يجب أن يفهمه النظام السوري هو انه لن يستطيع هذه المرة أن يعيد مهزلة، التوريث، عندما فصل القانون على قياس شخص، وفرضه مرشحا وحيدا، وصولا الى المصادقة على ترشيحه باستفتاء يفتقر الى أي صدقية، لم تعد الخطب المورفينية تنفع، حين انتفض الشعب السوري بربيعه الدمشقي، وقمع النظام مثقفي الشعب ونخبه وزجهم بالسجون، شيئا ما تغير حينها، وظل عصيا على التدجين حسب الشهيد قصير " ما تغير هو المسعى الشجاع للنخب الثقافية السورية الى استعادة المبادرة، بدءاً ببيان ال 99 ثم من خلال المنتديات وفي الصحافة العربية الغير سورية. " ليت الشهيد قصير بيننا اليوم ليشاهد بأم العين تطور تلك الحركة النخبوية الى حركة احتجاجية في الشارع، ثبتت ربيع دمشق بدماء الشهداء.
في ظل حالة التمرد في الشارع السوري، يتجنب مثقفي وسياسيي لبنان الخوض في وحول التغييرات السورية، ويعيش معظمهم حالة انشطار في ما بين الرغبة الشديدة بمشاهدة النظام السوري يسقط، والخوف من اتهامهم بالعمالة في حال عبروا عن تلك الرغبة بسبب وجود سوريا على خريطة دول المواجهة والممانعة، ورغبة منهم بعدم اعطاء مبررات للنظام السوري، لمعاودة تدخله بالشؤون اللبنانية، وكأن النظام السوري مترفع عن ذلك التدخل. هذه النخب السياسية ما عدا كتابتهم لبعض التعليقات على الفيس بوك هنا وهناك نراهم يتفرجون على مشهد الانتفاضة السورية عبر شاشات التلفاز، منتظرين برعب وعجز حسم المعركة للتعبير، عن تشفيهم من هذا النظام الذي قبع مباشرة على صدور الشعب اللبناني لثلاثين عاما، وبالغير مباشر من خلال وكلائه منذ انسحابه من لبنان. ان الحب القسري الذي فرض على الشعب اللبناني لسوريا من قبل نظامها مما حوله كرها مرضيا، يجب أن لا ينسينا، ان الشعب السوري مغلوب على أمره وهو بريء مما مورس بحق لبنان واللبنانيين باسمه. حين قال الرئيس الراحل حافظ الأسد اننا شعب ببلدين، أظنه كان يتكلم عن المساواة بالظلم، فلبنان وسوريا وشعبيهما حكما بالحديد والنار، من قبل نفس النظام الذي فرض علينا وحدة المسار والمصير ونظّر لذلك المصير البائس مثقفي البلدين الذين دسوا رأسهم كالنعام بالتراب. يقول عمر اميرلاي حول هذا الموضوع في تقديمه لكتاب سمير قصير ديمقراطية سوريا واستقلال لبنان " هذا الوجه المؤسف تتحمّل مسؤوليته بشكل اساسي النخب السياسية والمثقفة في سوريا ولبنان، التي تميزت مواقفها وممارساتها بالالتباس والغموض خلال عقود تجاه ما يجري داخل بيت الشقيق الآخر من مصائب وأحداث جسام، وتحديدا منذ توسعت رقعة هيمنة النظام السوري لتشمل لبنان أيضا. لقد لذنا جميعا مفكرين ومثقفين وفنانين وصحافيين بالصمت المريب، والحياد، والسلبية، وتجنب المواقف الحرة والصريحة عند اشتداد الأزمات على شعبي البلدين في سوريا ولبنان خصوصا في ذروة الاستبداد والانتهان الذي كان يمارسه نظام دمشق على جبهتيهما الداخليتين......" ما يحصل في سوريا منذ عدة اسابيع هو يقارب الثورة، وحمايتها وتطويرها واجب على مثقفي البلدين لبنان وسوريا، لنساهم معا بتطوير مسارنا ودفع مصيرنا نحو الحرية والديمقراطية. لأنه كما قال الشهيد سمير قصير استقلال لبنان يكتمل بديمقراطية سوريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصائل المقاومة تكثف عملياتها في قطاع غزة.. ما الدلالات العسك


.. غارة إسرائيلية تستهدف مدرسة تؤوي نازحين بمخيم النصيرات وسط ق




.. انتهاء تثبيت الرصيف العائم على شاطئ غزة


.. في موقف طريف.. بوتين يتحدث طويلاً وينسى أنّ المترجم الصينيّ




.. قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا