الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عفوا ليست الثورة هي الحل

هاني محمد علي

2011 / 4 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


"ان الثورة قد تسقط طاغية ولكنها لا تستطيع ان تغير اسلوب التفكير بل على الضد من ذلك فان الثورة قد تولد سوء طوية تكبل الدهماء"

"ايمانويل كانط"



عندما خرجت جموع المصريين وتصاعدت اعدادها رافعة شعار اسقاط النظام ،مطالبة بدستور جديد كانت تلك الجموع في ظاهرها الذي يخدع متوحدة ، ثم سرعان ما تفككت وتشرذمت وتميزت بعد اسقاط النظام بين مؤيد للتعديلات ومعارض لها (وهو ليس انقساما على مستوى الاراء السياسية ) في مشهد يعكس استقطابا طائفيا بشكل واضح يفضح ما في نفوس المصريين من كراهية للاخر المختلف، كما أظهر المشهد ان غالبية الشعب المصري من مسلميه يساق كالقطيع ليصوت بنعم دفاعا عن الاسلام (المادة الثانية) وغالبية الشعب المصري من المسيحيين يساق كالقطيع للتصويت بلا حربا على الاسلام او دفاعا عن حقهم المهضوم معلنين عن مستقبل مظلم لهذا البلد في غياب تام للوعي وانغماس كامل في بحور الجهل والخرافات.

واذا كانت انتفاضة الشعب المصري قد نجحت في ازاحة نظام ديكتاتوري فاسد فان نجاحها في ذلك لا يعني التغيير الى الافضل بالضرورة ، فالمرجح ان يؤدي ذلك الى نشوء سلطة تراثية محكومة بالاساطير والخرافات ممثلة في اغلبية نيابية اخوانية واسلامية معطلة ومتحكمة في كافة مناحي الحياة ، تماما كما هو الحال في النظام الايراني برغم تميزه باطار ديموقراطي فيه ما فيه من تداول الحكم وحرية التصويت ونزاهة الانتخابات ........فماذا كانت النتيجة؟؟؟؟!!!



سيقبع الشعب عقودا يعاني من الفساد ذاته ليثور مرة اخرى مطالبا باسقاط ما يظنه علة المرض ولكنه يقضي في كل مرة على المريض ولا يقضي على جرثومة المرض التي ستصيب من بعده مهما تغير شكل النظام او تبدل وحتى لو تميز بادوات ديموقراطية.



فمجرد الثورة دون استباقها واتباعها بحركة تنويرية توقظ وعي الشعوب وتكسر القيود المفروضة على العقل هي بذلك مجرد حركة حول مركز التخلف وعلى محيط دائرته لا تلبث الا و تقع فيه وتنغمس ، ،فاذن فما تحتاجه الشعوب العربية ليست الثورة التي ظلت تتكرر مرات ومرات فتارة ضد المستعمر وتارة ضد الحاكم المستبد ولا فائدة من ذلك كله ، ان ما تحتاجه بلادنا العربية والاسلامية هو التنوير القائم على الحرية ، وهذه الحرية ليست لفظا يقال او شعارا يرفع انما هي منهج حياة تؤسس له الدولة من خلال التعليم الذي هو اداة التأثير على مستوى الافراد ومن خلال التشريع الذي هو اداة التأثير على مستوى الشعوب.

والتنوير الذي يعلي من العقل ويخلصه من اي سلطة هو الذي يقوم بتأسيس ثقافة ابداعية تتجاوز ثقافة الذاكرة التي تركز على التراث وتتعداها الى ابداع يقيم علاقات جديدة مع الواقع لتتغييره الى الافضل .

فاذا كان هدف اي أمة حية هو التقدم والرخاء فلا يمكن تحقيق ايهما الا بالابداع والذي بدوره لا يولد الا من رحم التنوير والذي لا يحتاج الا للحرية ،وعوائق التنوير تكمن في تغييب الوعي واسترجاعه يكون بازالة سلطتي الاسطورة والطبقة ولا يتأتى ذلك الا بثورة علمية وثورة اجتماعية.



والمتابع لاحداث الثورة المصرية وما ترتب عليها من انتشار مكثف للتيارات الاسلامية بل وتأثير هذه التيارات على قرارات وخيارات الشعب المصري يدرك ان العلة ليست في الانظمة الفاسدة بالرغم من اتفاقنا على فسادها انما هي في اسلوب التفكير الذي يتميز به الشعب المصري على مستوى العامة وعلى مستوى النخبة والذي سيفرز الفساد ذاته.





اذن فالحل هو التنوير وهو المهمة الاولى في المجتمعات المتخلفة والتنوير هو الطريق الوحيد المؤدي الى التقدم وانا هنا اعلن انني لست ضد الثورة ولكنني ضد من يقول ان الثورة هي الحل او حتى جزء من الحل الا اذا اختارت القوى السياسية الفاعلة التنوير خيارا اوليا لها وهو ما ليس موجودا بالطب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم افهم
محمود المنيف ( 2011 / 4 / 29 - 14:56 )
سيدي
من سيقوم بالتنوير اذا كان اغلب المثقفين يساندون علنا العائلات المستبدة في اوطاننا
ا لم ياتك نبا بعض كتاب الحوار المتمدن المختفين عن الساحة منذ اندلاع انتفاضات الشعوب المحرومة
متى سيقومون بواجبهم ان لم يكن ذلك في هذه الفترة الحاسمة
تحياتي

اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت