الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال الشتات الجغرافي والهامش الطبقي

دانا جلال

2011 / 4 / 29
ملف 1 ايار 2011 - تأثير ثورات العالم العربي على تقوية الحركة العمالية والنقابية


عملت الماركسية اللينينية وآليتها المتمثلة بالأحزاب الشيوعية على وضع اُسسها ومفاهيمها النظرية والعملية لعولمة خاصة بها ، عولمة يمكن تسميتها بـ "العولمة الثورية" من خلال طرح فكرة" الخندق المشترك" بديلا عن " السوق الموحدة " الذي طرحه الفكر والنظام الرأسمالي كخلية أساسية لإنشاء منظومتها . المفهوم الماركسي للوحدة ، وبالأخص في مجاله الثوري خلق أخوة إنسانية من طراز جديد بعد إزالته لحدود الأقوام، وتعريته لمفاهيم شكلية متمثلة بالعرق واللون والدين. إخوةً جعل من الانتقال إلى قارات الفقر الثائرة أو قارات الثروة المقفرة غير مقترنة بمضاعفةً لاغتراب طبقي للمهاجرين، فهناك دوما طبقة عاملة تضمهم من خلال مفهوم وخيمة " إخوة الطبقة " وأحزاب شيوعية تنتظرهم رفقةً في نضال مشترك .
وضع عمال الشتات أصبح تشتتاً وحيرة في مجال الوعي والهوية بعد انحسار المد الثوري واليساري على الصعيد العالمي ، فلا خيمة تضم العمال المهاجرين ولا خندق ثوري يكمل ثورتهم. فعلى سبيل المثال ، في وضع الطبقة العاملة المهاجرة إلى الإمارات العربية تتضح صورة المعانات في هامش رأسمالي، لن ينقذه الادعاء بشرف الحامل والمحول الإسلامي في تعامله الإنساني مع الآخر ، فالعمال الأجانب يعيشون كالعبيد الذين خلَّفوا للحضارة الفرعونية أهراماتها ، فهم يشكلون 95% من العاملين في الإمارة ولكنهم محرومين من حقهم في تنظيم أنفسهم في نقابات و من التفاوض الجماعي وحق الإضراب، بل ويتعرضون لما يشبه " الاخصاء " الذي مورس بحق العبيد من خلال مصادرة جوازات سفرهم . إنهم يدفعون ضريبة "الاختلاف" ولن ينفعهم مشترك الهوية الدينية أو الوطنية و القومية للتخفيف عن معاناتهم وهذا ما لمسته بالنسبة للعامل العراقيين من العرب الذين يعملون في جنوب كوردستان و الكورد الذي جاءوا إليها من بقية الأجزاء .
أما عمال الشتات في الحضارة الرأسمالية، في قسمها الغربي، فإن صدمة تبرجز الطبقة العاملة الأوربية أصبحت مضاعفة بعد تبرجز نقاباتها العمالية التي تدعي بأنها وريثة لأرث نضالات الكومونة الباريسية والكومونات التي أجهضت لاحقا. صدمة الوعي عند الطبقة العاملة في الشتات خلق إشكالية جديدة في الوعي والانتماء الهوياتي نتيجة لفشل النقابات العمالية بتحقيق مصالحهم الطبقية بل والعمل على ترويض جذور الثورة الاجتماعية قبل تشتتهم ووقوعهم في فخ ومجال الشتات .
عامل الشتات ليسوا بضحايا التشتت الجغرافي والهامش الاجتماعي فقط ، بل هم ضحايا الدولة القومية والفكر القومي الذي مازال مؤثرا حتى وسط العمال، فالبرجوازية وان عملت على اقتحام أسوار القومية على الصعيد العالمي فإنها تعمل على بعثها وسط العمال في دولهم القومية لمواجهة الآخر ومنهم العمال المهاجرين.
أي وطن ينتظر هؤلاء المشتتين والمهمشين؟ وطن اختاروه بجبر السياسة والاقتصاد ومن ثم العمل على دمقرطته وانسنته ، أم وطن مسكون في وعيهم وبقايا ذاكرتهم التاريخية؟ .
كيفما تكون الإجابات فان الطبقة العاملة تدرك أكثر من أي وقت مضى بأنها بلا وطن ، وان الجزر الذي دفع بهم للشتات الجغرافي وقبله للهامش التاريخي يلحقه مدٌ يحمل مركب الشعوب والطبقات صوب حضارة إنسانية وضفاف آمنة، لان الربان في المركب هو عامل، لم ولن ينتظر مَهديَّاً ولا مُخَّلِصاً لأنه آمن ويؤمن بالضرورة التاريخية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة