الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادباء المزاح والضحك والسخرية

عادل علي عبيد

2011 / 4 / 29
الادب والفن


أدباء المزاح والضحك والطرافة
عادل علي عبيد
قد يشكل عليّ البعض استخدام كلمة (نكتة) لأن هناك من يرجحها إلى الطعن في القول او الطرفة وأحيانا الحكمة .. ولكنني استخدمها هنا لتداولها اليومي بين الناس.. ولا اخالني مقدما للقارئ هنا شيئا جديدا ولكن أجد إن ما أقدمه لا يمكن أن يظل حبيس الروح .
في العام 1986 استوقفت شاعرنا الكبير كاظم الحجاج في ساحة ام البروم وكان حينها يُدّرس في معهد الفنون الجميلة ، وطلبت منه قصيدة إلى (المجلة البحرية) فأجابني على الفور :( يا أخي هي قصيدة وحدة بالسنة واعكطه بالبحر ).. و حينها لم يشكل لي جواب الشاعر شيئا ، ولكنني تعمدت إعادة رصد الجواب لأجده يحمل من الطرفة والنكتة وسرعة البداهة وتكثيف الخيال ما يحقق شخصية الشاعر الحقيقية ، وحينها أطلقت العنان لنفسي لأضحك حد الاستلقاء .. وفي نفس الأسبوع من تلك السنة خرجنا من اتحادنا القديم وكان معي الشعراء حسين عبد اللطيف وحسين فالح نجم وعبد العزيز عسير ، وجميعنا يحيط أستاذنا الكبير محمود عبد الوهاب والذي أصر على شراء رغيف خبز من مخبز يقع في زاوية من شارع الاستقلال ، ولقد طلب أستاذنا رغيف (مكسب ) وراح يأكله بتواضع ماشيا باتجاه مركز العشار .. ولا ادري فلقد انفتحت قريحته ، ليمطرنا بسيل من النكات الغريبة التي تنم عن سبك عجيب وطريقة في القص والروي تجعلك تقتنص حتى الهمس . وأشرت هنا إلى أن هذا الرجل يمتلك من الموهبة الكبيرة في عملية سرد النكتة ما يدلل على فطنته المعقودة بذاكرته الناجعة والتي ترصد كل شاردة وواردة .. وفي إحدى الدورات الانتخابية كنا في طريقنا إلى بغداد ، واجتمع كل من أستاذنا محمود عبد الوهاب والشاعر كاظم الحجاج والناقد عبد الغفور النعمة والشاعر علي الإمارة وهم جميعا لا يجارون في الطرافة والسخرية وأدب اللويذعيات ، فأبدى كل منهم فنا عجيبا في طريقة إلقاء النكتة ، حتى أنني كنت عازما على تسجيل تلك الأساليب ولكن قوة النكات وغرابتها وذكاء ساردها جعلتني لا التفت لغايتي في التوثيق . والمشكلة أن عبد الغفور النعمة كان يقص نكاته بطريقة تمتزج مع رخامة صوته ، فيضحك الجميع ، ولكنه يترك ابتسامة باردة وكأنه لم يقل شيئا . أما كاظم الحجاج فكان يترك النكتة ويرقب على استحياء ردود فعل العيون التي تدمع أثرها ، وهو لا يهتز ولو بنصف ابتسامة .. والعجيب ايضا أن هذا الرجل يوحي لمن يراه في الوهلة الأولى إلى انه مغلق حد الانتهاء ، ولكنك وسرعان ما تطرق أبواب مملكته المحصنة الأولى حتى تجد انفتاحا في النفس والطوية وعالما ضاجا بالمرح والضحك ، ولكن الذي يعتمده الحجاج هو الضحك غير التقليدي او الرخيص ، وهو يسبك نكاته بطريقة موضوعية يسقط من خلالها توقعك في التلقي المباشر ، ويحيلك إلى شيء من التحليل والتأويل لاسيما وهو دائما ما يوظف عبارات الرمز ضمن هذه النكات ، مما يجعلها ضربا أدبيا يضاف إلى سجله الفكري .. أستطيع أن أسجل أن ملوك النكتة من الأدباء هم أستاذنا محمود عبد الوهاب وكاظم الحجاج وعبد الغفور النعمة وعلي الإمارة ولكن هناك من أدرك هذا الركب وهو الشاعر والقاص فرات صالح ولكن السؤال هنا هل وظف هؤلاء هذا اللون ضمن كتاباتهم ؟ أقول: نعم فالحجاج يوظف نكاته بطريقة تجعل سامعه يتحين ضربته ما بين جمله الشعرية وعملية غلقه لنصه ، بل يصل أحيانا - وأنا شاهد على ذلك - أن يختم قصيدته بعاصفة من الضحك تسبق الأيدي . وهو ما فعله علي الإمارة في تراتيل خمسميل ، وكيف أرخ لبعض الشخصيات في مدينته بطريقة رائعة أستطيع أن أضعها في خانة الأدب الساخر العسير ، والذي اعتمده العراقيون في خمسينيات القرن المنصرم ، من خلال أكثر من سبعة إصدارات ومجلات معروفة . أما عبد الغفور النعمة فيرصد حياة الفنانين والموسيقيين بطريقة الإحالة ويعطفها ضاحكة على القارئ او من خلال محاضراته المتفردة في هذا المجال ، وهو ما فعله فرات صالح المولى في قصصه وما سمعته منه شخصيا في المشغل السردي ، حيث جعل المفارقة لعبة في قصته . ويخرج من هذا اللون استأذنا محمود عبد الوهاب فجل قصصه خالية من هذا التوظيف وكأنه يثقف إلى مهنية القص وسبكه إن لم اقل (وقفيته او قدسيته) والتي تنأى عن التوظيفات ، وكأنه يحسب الاستشهادات والتوظيفات والإحالات الخارجة وما يغذي أحداث السرد ضعفا وإحباطا في أدوات القص ، ولعله يطلق شعار (القص هو القص .. ولا شيء سواه) – وليعذرني على عجالة رأيي –
أستطيع القول : إن هنالك من الأدباء من يمتلك سرعة في النكتة وتلاعب في ألفاظ كلماتها وغرابة في أحداثها وسياقاتها وبراعة في إلقائها ، مثل الشعراء مجيد الموسوي وحسين عبد اللطيف وحسين فالح والقاص قصي الخفاجي وغيرهم . ولكن ما عنيته هو استخدام النكتة والطرفة والنادرة كصنف فكري يضاف إلى أصناف الأدب ويحقق امتدادا لعالمه وسعته ، إذا ما عرفنا آن هذا اللون ثقف له أدباء وعلماء من أمثال الجاحظ والتوحيدي والابشيهي والاصبهاني وشعراء كالحطيئة وابي نؤاس وابي دلامة وشخصيات كابي حية النميري وجحا التركي والبهلول . وهو ما وجدناه في مطارحات ومناظرات العديد من الأدباء العراقيين المعاصرين والعرب والاستشهاد هنا واسع وكبير تحددني به اوتوقراطية هذا العمود الجاثم على الخيال .
وفي الختام لا بد من الأمانة الإشارة إلى ذكر سيد هذه اللون وهو الشاعر النجفي المتبغدد الراحل حسين الحسيني وهو ما يؤيدني به كل الأدباء الذين عاصروه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ